إن الاجابة الوحيدة على الهزيمة هي الانتصار"؛ هذا ما قاله "ونفذه" ونستون تشرشل رئيس الوزراء البريطاني أثناء الحرب العالمية الثانية ورفض كل "عروض" الاستسلام لهتلر رغم قسوة الهزيمة وقال: لا يمكنك التفاوض مع النمر ورأسه في فمك"..
وفعلته مصر؛ فرفضت هزيمة 1967 وتعاملت معها "كبقعة" سوداء يجب محوها تماما وعدم السماح باتساعها أو بقاءها بالطبع؛ كما رفضت مصر "كل" دعاوى السلام مع العدو الصهيوني فكما قال -عن حق- تشرشل: "الأمم التي تسقط وهي تقاتل تنهض مجددًا، والأمم التي تستسلم بخضوع تنتهي"..
فأي سلام من منطلق الضعف ومن باب الهزيمة "سيقضي" على كل فرص النهوض؛ وهو ما يجب علينا تذكره عند تعرضنا لأي فشل أو كبوة ونحن في طريقنا "للفوز" بنجاحات نستحقها؛ فلابد من رفض الهزيمة وليس إنكارها؛ فالرفض يأتي بعد "الوعي" بحدوثها ومعرفة دورنا في حدوثها لمنع تكرارها؛ والإنكار "خداع" للنفس ومساعدة للعدو على إنزال المزيد والمزيد من الهزائم بأنفسنا..
فلنعترف لأنفسنا بدورنا في صناعة أية هزائم بالدراسة وبالعمل وبالعلاقات بأنواعها وحتى بالمشاكل الصحية؛ لنضع الخطط المناسبة والواقعية والعملية لحصار الهزيمة وتوابعها أولا، ثم للسعي بجدية وبمثابرة "بعد" الاستعانة بالرحمن بالطبع، لصنع انتصارات وهو ما فعلته مصر "بامتياز"؛ فتم معرفة أسباب الهزيمة والفشل للتعلم منها والابتعاد عن الإنكار والتبرير،
ووضع خطط "لإعادة" بناء القوة العسكرية والقوة النفسية أيضًا؛ فكلاهما من أسباب النصر؛ وفي الطريق للنصر "العظيم" في الحروب وأيضًا في النجاح "المتميز" في الحياة لابد من صنع انتصارات صغيرة لإعادة بناء الثقة بالنفس وللتدريب على "تحمل" المشاق برضا وشحن الحماس الداخلي؛ وفعلته مصر في معارك صغيرة مع العدو وأبرزها إغراق المدمرة إيلات التي فاجأت العدو الصهيوني وساهمت في انتزاع بعض "جذور" الهزيمة من العقول والقلوب؛ ويجب علينا فعله في "معاركنا" للفوز بنجاحات وانتصارات تضاعف من أعمارنا وتمنحنا الرضا الجميل والإيجابي عن النفس وتؤهلنا بمشيئة الرحمن لانتصارات أكبر وأفضل وأجمل تسعدنا وكل من نحب..
من أهم أسلحة الانتصار في حرب أكتوبر التبرؤ "بصدق" من حولنا وقوتنا والاستعانة بحول الله وقوته، فأصبح شعار وهتاف "الله أكبر" يتنفسه كل المحاربين فمنحهم القوة "واليقين" بالنصر وضاعف من تحملهم للصعوبات..
يقدم تولستوي"معادلة" النصر في الحروب وفي الحياة أيضًا فيقول: "نجاح أي عمل عسكري لا يعتمد على القائد الذي يدير دفة المعركة، بل على الجنود الذين تخرج صيحة النصر أو الهزيمة من حناجرهم فإذا صادفت صيحات الاستبشار بالنصر قائدًا شجاعًا مقدامًا أصبح الفرق في عدد الجنود غير مهم فيقاتل الخمسة آلاف كما يقاتل الثلاثين ألفًا"..
وهذا ما حققه أبطال أكتوبر من الجنود والقادة؛ فتوحدت قلوبهم وعقولهم وقواهم على "ضرورة" طرد الهزيمة بكل أنواعها وصنع الانتصار؛ وفي النجاح الشخصي فليكن كل منا الجندي والقائد في الوقت نفسه ولا يبعثر طاقاته ولا يضيع عمره في انتظار من يسير على خطاه؛ فكل نجاح هو "مسئولية" شخصية للناجح وكما لم يعتمد كل جندي على دعم زملائه أو قادته "وزرع" في عقله ووجدانه أنه "مسئول" عن القيام بدوره على أفضل ما يمكن فلنفعل ذلك وسنحصد انتصارات "ترضينا" وتمنح أعمارنا ما يليق بها والعكس صحيح.
لم يأت نصر أكتوبر من فراغ أو صدفة؛ فلا نجاح بالكون يحدث كذلك؛ بل كان ثمرة لحسن الاستعداد "ورفض" الانحناء" أمام الصعوبات؛ وفي الخطة العبقرية لاجتياح خط بارليف المثل "الواقعي" لمن أراد تحطيم معوقات النجاح الشخصي بأنواعه ومراحله؛ بالتفكير خارج الصندوق ورفض الإنكسار أمام المعوقات الخارجية وعدم إضافة معوقات داخلية بالشعور بالعجز؛ بل البحث بجدية عن حلول غير اعتيادية ورفض شل الإرادة بأيدينا..
من أهم أسباب نصر أكتوبر بعد توفيق الرحمن بالطبع؛ تجنب بعثرة الطاقات بالدعايات المبالغ بها كما حدث قبل الهزيمة، وكتمان الاستعدادات وتعمد التمويه لإخفائها؛ ونود الحرص عليه في رحلة نجاحاتنا؛ بالتوقف وللأبد عن طرح أحلامنا وأفكار خططنا على الآخرين؛ فالبعض يفعل ذلك للزهو بنفسه، ولا يدري أنه يقلل من فرصه بتحقيقها "لضياع" بعض الطاقات في الكلام وأيضا قد "يستغل" البعض ما يقوله لمحاربته؛ ومن الذكاء تجنب ذلك.
نتوقف عند عنصر مهم لانتصار أكتوبر وهو بالغ الأهمية في كل الانتصارات الشخصية في التفاوض لإنهاء الأزمات أو لتحسين الظروف؛ وهو حسن اختيار موعد الهجوم ومباغتة الخصم؛ فدومًا اختيار "الوقت" المناسب لطرح ما نريده والانتباه لما يخطط له الخصوم وتجاهلهم حتى نستطيع الاستعداد لهم ومفاجأتهم هو أكثر أساليب الفوز نجاحًا..
نصل لأحد أسباب النصر في أكتوبر وفي الحياة الخاصة أيضًا؛ وهو عدم الكذب على النفس أو على الغير لتحقيق مكاسب "وقتية"؛ فدومًا الأذكى هو مصارحة الشعب بالحقائق أولا بأول من خلال البيانات العسكرية، وتحاشي رفع سقف "التوقعات" بما يخالف الواقع، وبما لا يمكن تحقيقه؛ فيخسر الجميع وتضعف الثقة، كما حدث في هزيمة يونيو 67..
من مقومات النصر "الانتباه" لما يحدث في أرض المعارك بعد النصر؛ فكثيرًا ما يستغل العدو أو الخصم في النجاح الفردي أي ثغرة لينفذ منها ليقلل من هزيمته؛ وهو ما حدث في حرب أكتوبر فكان الحرص على عدم تجاهل الثغرة والمسارعة بإنقاذ ما يمكن إنقاذه وطرد العدو منها؛ وهو ما يجب علينا الانتباه له؛ فنطرد "بحسم" وبقوة كل أسباب "وبذور" التراجع والهزائم أولا بأول.