انتصار أكتوبر .. في وثائق إسرائيل وأمريكا.. ورسالة 50عامًا

5-10-2023 | 16:45

رغم مرور نصف قرن على نصر أكتوبر المجيد إلا أن هذا النصر التاريخي سيظل ملهما للكتّاب والباحثين والمؤرخين للبحث عن أسرار هذه المعجزة العسكرية , التي حققها جيش مصر العظيم , رغم محاولات العدو وأنصاره التقليل من هذا النصر عبر التزييف والتضليل المعلوماتي إلا أن الحقائق التاريخية التي لا يمكن تزييفها , ولا تزويرها تؤكد أن نصر أكتوبر كان انتصارا بكل ما تحمله الكلمة من معني بشهادة الخبراء العسكريين , ومراكز الأبحاث الدولية المتخصصة في الشئون العسكرية بل تؤكدها الوثائق والشهادات التاريخية حتى إن الوثائق الإسرائيلية التي أفرج عنها مؤخرا تحمل في مضمونها أدلة الهزيمة لجيش إسرائيل على يد الجيش المصري، إذ تكشف عن  أن الجيش المصري نجح من خلال خطة التمويه والخداع مفاجأة العدو في السادس من أكتوبر، وحطم كل تقارير الموقف الإسرائيلية التي كانت تؤكد أن مصر لن تقوم بحرب ضد إسرائيل بزعم أنها تخشى قوة الجيش الإسرائيلي فجاءت المفاجأة حين دقت الساعة الثانية وخمس دقائق ظهر السادس من أكتوبر فإذا بالقوات المصرية برا وجوا وبحرا تدك حصون العدو وتنسف خط بارليف الحصين وتعبر قناة السويس .


خطة الخداع والتمويه وسريتها التي اعتمدت عليها إستراتيجية الهجوم المصري على العدو هي التي كانت مفتاح النصر , فقد كانت كل الحسابات والتقديرات الإسرائيلية تؤكد أن الجيش المصري لن يهاجم إسرائيل ففي الوثائق التي أفرجت عنها إسرائيل قبل أسابيع – وفق ما نشرته صحيفة الشرق الأوسط -  عن حرب أكتوبر وتضم محتويات 1400 ملف وثائقي ، ونحو 1000 صورة، و850 تسجيلاً صوتياً ومقطع فيديو، وأكثر من 250 ملاحظة مختصرة.وجميعها يحوي مئات الآلاف من الصفحات أفاد رئيس الاستخبارات العسكرية إيلي زعيرا خلال جلسة مشاورات مع رئيسة الحكومة، قبل 28 ساعة فقط من الحرب أن الجانبين المصري والسوري لا ينويان الحرب ووفق الوثائق الإسرائيلية، فقد كان زعيرا، مُصرّاً على أن الرئيس  الراحل أنور السادات، ونظيره السوري الراحل حافظ الأسد، لا ينويان محاربة إسرائيل، وأن كل التحركات العسكرية التي يقوم بها جيشاهما بمثابة استعراض عضلات أمام إسرائيل، التي تستعد للحرب، والرسالة التي يوجهانها لإسرائيل أنهما "جاهزان للقتال في حال تعرُّض بلديهما لهجوم".


وما يؤكد أن سرية قرار الحرب وخطة الخداع  واختيار ساعة ويوم الهجوم كانت بالفعل ناجحة ومباغتة للعدو وأربكت قواته، تكشف الوثائق أيضا فشل إسرائيل في معرفة موعد الهجوم فعقب ساعات أخرى من تقليل زعيرا من التحركات المصرية - السورية، تقول الوثائق، إن القادة الإسرائيليين السياسيين والعسكريين، راحوا يتحدثون في اجتماع آخر صبيحة يوم السادس من أكتوبر، وتحديداً في الساعة الثامنة، أي قبل ست ساعات من اندلاع الحرب، عن إمكانية توجيه ضربة استباقية لمصر وسوريا. والسبب هو توافر معلومات غير مؤكدة تقول إنهما ستشنان هجوماً على إسرائيل في الخامسة أو السادسة مساء، وظهر اتجاه في الاجتماع الذي قادته رئيسة الوزراء جولدا مائير أن تشن إسرائيل حرباً على سوريا ومصر في الرابعة بعد الظهر .لكن انتهى الأمر برفض هذا التوجه وفق هذه الوثائق حيث اعتبرت مائير ان القيام بشن هجوم استباقي يعد مغامرة خصوصا في ظل عدم توافر معلومات مؤكدة عن هجوم الجيش المصري .الذي نزل عليهم كالصاعقة  ليتحقق النصرالمجيد في ملحمة تاريخية سجلها التاريخ في أروع صفحاته .

الخداع الذي قام به الجيش المصري فاجأ أيضا الولايات المتحدة الصديق المخلص لإسرائيل التي أقامت حساباتها على عدم تحرك الجيش المصري , فقبل أيام أدلى وزير الخارجية الأميركي الأسبق، هنري كيسنجر، والذي كان وزيرا للخارجية أثناء الحرب في إدارة نيكسون بحديث لصحيفة "معاريف" الإسرائيلية بمناسبة مرور 50 عاما على الحرب ورغم أن الحوار حمل مغالطات ومحاولات من هذا الرجل الذي يبلغ من العمر 100عام  لتزييف الحقائق مثل قوله إن الولايات المتحدة منعت نصرا للعرب على إسرائيل  في حرب أكتوبر , وهو خطاب مزيف يتسق مع الخطاب الإسرائيلي الذي لا يعتبر ما تحقق نصرا ورغم إن كيسنجر نفسه في تصريحات ووثائق أخرى يسميه انتصارا – رغم ذلك – كشف الحوار عن صدمة أمريكية لما قام به الجيش المصري على الأرض إذ قال : "  إن صورة المعركة كانت مختلفة تماماً عن تلك التي رسمها الخبراء الأميركيون في مخيلتهم عندما نشر خبر الهجوم المصري. فقد دارت كل المناقشات حول الحرب على افتراض أن التفوق العسكري كان لصالح إسرائيل. ولكن تبين أن المصريين نجحوا في ضرب خط بارليف والدفع بأكثر من 100 ألف جندي ونحو 400 دبابة ووحدات كوماندوز إلى سيناء، وبناء عدة جسور فوق القناة. وفي الأيام الأولى من الحرب فقدت إسرائيل يومياً ما يقرب من 200 مقاتل. وأُسر الكثير من جنود الخط الأول الإسرائيلي على أيدي الجيش المصري.ولم يكن لدى سلاح الجو الإسرائيلي رد حقيقي على أنظمة الصواريخ المصرية  وانضم الطيارون  الإسرائيليون الذين أصيبوا، وتمكنوا من الهروب بواسطة مقاعد النجاة إلى رفاقهم في الأسر". 


وقال كيسنجر أيضا تعرضت طوابير المدرعات الإسرائيلية التي كانت في سيناء وسط حالة من الفوضى، إلى هجوم جوي مصري شديد وفي الأيام الثلاثة الأولى من الحرب، خسر سلاح الجو الإسرائيلي 49 طائرة مقاتلة، وتضررت 500 دبابة إسرائيلية في سيناء وكان هناك نقص في ذخيرة المدفعية الإسرائيلية  بمستودعات الطوارئ، وتم اكتشاف معدات قتالية صدئة جزئياً وغير صالحة للاستعمال" ..


تلك هي أحدث شهادة أمريكية في صحيفة إسرائيلية عن ملحمة الجيش المصري في أكتوبر والنصر العظيم الذي تحقق وسيظل مصدر فخر وعزة لكل عربي .والمؤكد أن هذا النصر العظيم هو الذي فتح أبواب السلام , ..سلام الأقوياء المنتصرين , السلام الذي يحميه اليوم جيش قوي يمتلك أقوى سلاح في العالم ..جيش يحمي ولا يهاجم , لديه من قوة الردع ما يجعل العدو يفكر مائة مرة قبل أن يحاول الاعتداء بأي شكل على هذا الوطن , فالعقيدة العسكرية المصرية لديها ثوابت راسخة في الجاهزية القتالية الدائمة , عبر التسليح والتدريب ورفع القدرات العسكرية في كافة المجالات وفي كل الأوقات ورأينا مؤخرا تدريبات النجم الساطع , وغيرها من تدريبات عسكرية على مدار الأيام والشهور يقوم بها جيش مصر العظيم للحفاظ على قدراته وجاهزيته للتصدي لأي محاولات تهدد الأمن القومي لمصر .


وتلك هي الرسالة الأهم في العيد الخمسين لذكرى النصر العظيم , والعنوان الأبرز للجمهورية الجديدة التي يقودها الرئيس السيسي 


حفظ الله مصر وجيشها العظيم 

كلمات البحث