Close ad

لأنها مصر ولأنه المصري

5-10-2023 | 13:54

حين أقف أمام نصر أكتوبر، يأخذني فخري بعظمته إلى فخر أكثر عمومية وشمولًا وهو الفخر بهذه البلد صانعة هذا النصر وكل نصر، وأنا واحد ممن لديهم قناعة بأن النصر جاء على قاعدة منظومة القيم المصرية، بل وسمات الإنسان المصري الأصيل صانع التاريخ، وإذا كان ما أجملته من حكم يحتاج تفصيلَا يوضحه فليكن في النقاط التالية:-

أولاً: أن مصر لا تعتدي ولا تحارب إلا لحق، وأكتوبر كانت حربًا لاسترداد الحق، فمعروف أن دولة الاحتلال قد اعتدت واحتلت شبه جزيرة سيناء من مصر ومرتفعات الجولان من سوريا والضفة الغربية من فلسطين، وبالتالي كانت الحرب مشروعة مشروعية كاملة.

ثانيًا: أن المصري قادر دائمًا على استيعاب الجديد من المعرفة والعلم وتوظيفه، وكما كان فجر تاريخ الإنسانية شاهدًا على هذا فإن نصر أكتوبر العظيم جاء متسقًا مع هذه الحقيقة التاريخية، واتصالًا بهذا فقد جسد المصري حالة وجدانية خاصة في الارتباط بأرضه ووطنه، فمعروف أن مصر فقدت خلال هزيمة يونيو أكثر من 85% من السلاح الجوي، بخلاف خسائر كبيرة في الأفراد والمعدات،ورغم كل هذا انتفض المقاتل لمصري من جديد بادئًا حرب الاستنزاف ومنتصرًا في سلسلة معارك منها ما كان بعد أيام من الحرب كمعركة رأس العش التي وقعت في الأول من يوليو عام 1967، ومنفذًا عمليات نوعية من قبيل إغراق المدمرة إيلات في 21 أكتوبر عام 1967، أي بعد أشهر قليلة من الهزيمة.
 
ثالثًا: أن في مصر حالة غير قابلة للتغيير أو حتى المساس، وهي علاقة الشعب بجيشه، حقيقة مثلت واحدة من مكونات مراحل الانتصار بمختلف مراحله، فلم تكن تلك الحرب حدثًا حربيًا وفقط، وإنما كانت حالة عامة من البطولة العسكرية والصمود والقيم الإنسانية، بقي فيها الشعب سندًا لجيشه بكل ما في العبارة من معانٍ، ورغم محاولات النيل من هذه العلاقة، التزم الشعب دعم جيشه في لحظات الهزيمة، بل خرج طالبًا من الرئيس عبدالناصر عدم التنحي في تلك اللحظة الحزينة، واحتمل المصريون اقتصاد الحرب بكل ما فيه من قسوة العيش.

رابعًا: أن مكانة مصر المعنوية لدى أمتها العربية، حالة يصعب تفسيرها بمتغير أو أكثر، فحين تنتصر مصر يكون العرب قد كتبوا لأنفسهم نصرًا، وحين هزمت تجرع الجميع طعم هذه الهزيمة فغير الجميع مواقفهم وتراجعت الخلافات، والتقوا جميعًا بالخرطوم في شهر أغسطس عام 1967، أما في ميدان المعارك فمعروف الآن لدى الجميع تفاصيل التنسيق الأسطوري بين الجيشين العربيين المصري والسوري.

خامسًا: أننا نمتلك عقولًا وطاقات قادرة على مجاراة والتفوق على أرقى الطاقات والقدرات العالمية، وفي بلوغ النصر العظيم كثير من الشواهد التي تؤكد هذا، ويكفي أن مصر استطاعت التلاعب بأهم أجهزة الاستخبارات العالمية والإقليمية، ونفذت خطة خداع للجميع بمهنية رفيعة وسرية تامة.

جوانب في مجموعها تؤكد أن في وطننا ما يمكننا البناء عليه، وأن في مصر قدرات وطاقات متى أدارتها قيادة واعية وتوافرت لها بيئة صحية، أعطت مخرجات مبهرة، وهذا نراه فيما تفعله القيادة الآن، وربما معدلات الإنجاز الكبيرة غير المعهودة هي التي تفسر عدم قدرة البعض على استيعاب ما تنجزه القيادة والإنسان المصري في المرحلة الحالية.

أذكر هنا مثالا على ما حدث من تغيير وهو مضاعفة عدد الجامعات منذ 2014 لاستيعاب الزيادة السنوية في أعداد الطلاب، وأشير إلى هذا المثال لكونه يرتبط بما نسعى إليه جميعا؛ وهو تحصين الجيل الجديد بالعلم الحقيقي والمعرفة، ولو انتقلنا إلى مجالات أخرى، لوجدنا ما يؤكد ضخامة التغيير الذي نعيشه.

هذه هي مصر التي ينطق التاريخ باسمها، وهي الآن في مرحلة استعادة ذاتها.

* وكيل مجلس النواب

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة