تتبنى الدولة المصرية مخططًا استراتيجيًا للتنمية العمرانية، يستهدف ذلك زيادة مساحة المناطق المعمورة، وكذلك إنشاء التجمعات العمرانية والمدن الحضارية، بهدف تخفيف الازدحام عن المدن القديمة، ومجابهة الزيادة السكانية المطردة؛ حيث تم الانتهاء من العديد من مشروعات الإسكان والبنية الأساسية والخدمات بمناطق توسعات التجمعات العمرانية القائمة.
موضوعات مقترحة
كما تم البدء في تنفيذ 14 تجمعًا عمرانيًّا جديدًا في شتى أنحاء الجمهورية (العاصمة الإدارية الجديدة - العلمين الجديدة - المنصورة الجديدة - شرق بورسعيد - ناصر بغرب أسيوط - غرب قنا - الإسماعيلية الجديدة - رفح الجديدة - مدينة ومنتجع الجلالة - الفرافرة الجديدةـ - العبور الجديدة - توشكي الجديدة - شرق العوينات)، وتبلغ إجمالي مساحات هذه التجمعات الجديدة نحو 380 ألف فدان، تمثل 50% من إجمالي مساحات التجمعات العمرانية التي تم تنفيذها خلال الــ 40 عاما السابقة، ومن المخطط أن تستوعب التجمعات العمرانية الجديدة، عند اكتمال جميع مراحلها، نحو 14 مليون نسمة، وتوفر حوالي 6 ملايين فرصة عمل دائمة، ومع أن هناك مدناً جديدة حققت هذه المعادلة، فإن هناك مدناً أخرى تنتظر دورها في التنمية بما يخدم الطموح المصري لتوفير حياة كريمة للمواطنين.
تحسين ورفع جودة الحياة
وبهذا الصدد، يقول الدكتور عبد الرحيم قناوي، أستاذ التخطيط والتصميم العمراني جامعة الأزهر، أن هدف أي مشروع تنموي هو المساهمة في تحسين ورفع جودة الحياة؛ مما يعطي منطلق إيجابي أفضل، لذا علينا أن نفرق بين مصطلحات المدن الجديدة والتجمعات العمرانية الجديدة؛ حيث إن التجمعات العمرانية الجديدة لا يمكن أن يتم إنشاؤها بالصعيد والدلتا وذلك لأنها تخدم أهداف تنموية محددة مثل حي الأسمرات والذي كان أحد الحلول للتعامل مع العشوائيات.
وأضاف، هناك تجمعات عمرانية تلحق بالمدن الجديدة يدخل بها الجانب الاستثماري أكثر، وهذا الأمر أسهم في تطوير جودة الحياة لطبقات عديدة من المجتمع المصري، موضحًا أن المدن الجديدة قد نشأت في بداية سبعينيات القرن الماضي، من حيث الفكر والتنفيذ إلى أن استمرت على مر الأجيال؛ حيث تم إنشاء ما لا يقل عن 70 مدينة متنوعة ومختلفة القاعدة الاقتصادية للغرض المنشأ من أجله.
مدن الجيل الأول
وتابع: هناك مدن الجيل الأول مثل العاشر من رمضان؛ حيث نجد أنها تعتمد على قاعدة اقتصادية ألا وهي "الصناعة"، وهذا كان بهدف تدعيم ورفع الوضع الصناعي في مصر، مع توفير العديد من فرص العمل، وهناك أمثلة كثير مثل "مدينة الروبيكي ومدينة الأثاث بدمياط الجديدة"، مشيرًا إلى أن هذه التجمعات الصناعية التي تم إنشاؤها مؤخرا قد أسستها الدولة منذ فترة ليست بقليلة، وكانت "هيئة التنمية الصناعية"، هي المسئولة عن رسم السياسات الصناعية للدولة في المجتمع المصري وفقًا الموارد والإمكانيات المتناسبة بكل إقليم، فنجد أن هناك تنوع في المناطق الصناعية في أقاليم الجنوب مثل "إقليم جنوب الصعيد، وإقليم أسيوط، وشمال الصعيد" عن أقاليم الدلتا، وهناك أيضًا نقلة نوعية ليس من الممكن أن ننساها وهي ما حققته الدولة نحو بناء وتطوير المواني المصرية في أنحاء الجمهورية، والتي لا تعتمد على النقل البحري فقط ولكن تم ربطها بالمواني الجافة لسهولة الاتصال وتوفير الوقت وتحقيق معدلات إنتاج عالية.
المدن التوأم
وثمن قناوي، على دور الدولة وفكرها الإستراتيجي نحو بناء المدن التوأم مثل "أسيوط الجديدة، والمنيا الجديدة، وسوهاج الجديدة"، وذلك لتخفيف الضغط على وادي النيل وتوفير العرض المناسب من متطلبات الإسكان المختلفة للمواطنين على حسب قدراتهم المالية ومستويات الدخل المختلفة لهم.
الدكتور عبد الرحيم قناوي
المدن الجديدة دعمت النشاط الاقتصادي
واستكمل: هنا نستطيع القول بأن تلك المدن تخلق فرص عمل، وكذلك تحسين جودة الحياة، مع تدعيم النشاط الاقتصادي؛ مما يعود بالنفع على الدولة والمواطن في ذات الوقت، ذاكرًا أن بعض التجمعات العمرانية التي تم إنشاؤها من الجيل الربع -وهو ما يطلق عليه المدن الذكية-؛ حيث تتنوع هذه المدن وتتنوع القاعدة الاقتصادية لها فنجد أن العديد منها تحول إلى مدن سكنية خدمية، وأحيانا خدمية اقتصادية سكنية مثل "مدينة برج العرب"، والتي لا يقل عدد الجامعات بها ما بين أهلية وخاصة وحكومية، وهذا يدفع إلى تحسين جودة التعليم بالمجتمع وتنوعه، ومنها أيضا بعض المدن الجديدة التي أخذت شهرة محلية وعالمية مؤخرا وهي مدينة "العلمين الجديدة"والتي تتميز بأنها مدينة سكنية سياحية تدعم السياحة بكل أنواعها وأنماطها وتدعم السياحة الترفية بكل أنواعها مثل سياحة المهرجانات والمؤتمرات والترفيهية وغيرها، كل ذلك له مردود على تحسين جودة الحياة للمواطن المصري، بل ويسهم في تحسين صورة الدولة المصرية دوليا وعالميا.
المدن الجديدة حققت نقلة نوعية في العمران المصري
واستطرد أستاذ التخطيط العمراني قوله، أنه مما سبق يمكن القول بأن مصر من خلال المدن والتجمعات العمرانية الجديدة التي تم إنشاؤها خلال العشر سنوات الماضية، قد حققت نقلة نوعية في العمران المصري على عكس الماضي، وأسهمت أيضا في تحقيق أهداف الدولة نحو التنمية المستدامة ورفع لاقتصاد المصري إلى معدلات مقبولة، مؤكدًا أن الدولة لها فكر استراتيجي بعيد المدى بداية منذ انطلاق المدن والتجمعات العمرانية الجديدة، وذلك لتحقيق وتحسين جودة الحياة والعمران للمواطنين.
المدن الجديدة قضت على أزمة الإسكان في مصر
ومن الناحية الاقتصادية، يقول الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، أن مساحة مصر أكثر من 30 مليون متر مربع التعداد السكاني تخطى الـ100 مليون نسمة، بجانب 15 مليون لاجئ، بما نقارب الـ 120 مليون مواطن على أرض مصر، وبالتالي كان لا بد من العمل على استغلال باقي المساحة، لذلك بدأت الدولة منذ 10 سنوات ماضية في التوسع العمراني وإقامة المدن الجديدة ما يقرب من 25 مدينة جديدة، بخلاف المجمعات الصناعية والتي يقرب عددها من 17 مجمعا صناعيا، وبالتالي استطاعت الدولة أن تقضي على أزمة الإسكان في مصر، والتي عانى منها الشعب لعقود كثيرة.
الدكتور علي الإدريسي
التحرك نحو التصدير العقاري أصبح أمرا ضروريا
وأضاف، في خطوات الدولة للتوسع العمراني راعت جميع الفئات من طبقات محدودي الدخل، متوسطي الدخل، ومرتفعي الدخل؛ حيث استهدفت أن تكون المساحة المستغلة من المساحة الكلية من 6 % إلى 14 % وهذا يعتبر استغلال للموارد المتاحة وكذلك العمل على توفير فرص استثمارية واعدة للقطاع الخاص، وأن الدولة تحاول أن الاستمرار في جهودها لتنمية والتوسع والعمران، مطالبا بضرورة التحرك على خطوات "التصدير العقاري" لتوفير العملة الصعبة، وكذلك توفير أكبر قدر لقطاع التشييد والبناء من جانب المستثمرين العرب والأجانب والمصريين في الخارج.