ليبيا لم تسهم فى ارتفاع نسبة غازات الاحتباس الحرارى ودمرها «إعصار دانيال»
موضوعات مقترحة
2023 العام الأبرز حيث لم تنج دولة فى قارات العالم من ظواهر جوية غير مسبوقة
التغيرات تأتى متنوعة طبقًا لتضاريس كل دولة.. نجد دولًا بها فيضانات وسيول.. وأخرى بها أعاصير وجفاف وحرائق
عند البحث عن التغيرات المناخية، التى أثرت على العالم أجمع يجب التعرف على الآتى: ما التغير المناخى؟ أسباب التغير المناخى، والدول المتسببة فى التغير المناخى؟ وما تأثير التغير المناخى على العالم وكيفية التكيف معه؟ وهل يمكن عودة المناخ إلى ما كان عليه قبل الثورة الصناعية؟ وأخيرا هل يمكن إطلاق عام التغيرات المناخية على 2023؟
بداية تعريف المناخ: هو تغير غير نمطى للظواهر الجوية، ولدرجات الحرارة، وقبل الحديث عن مفهوم التغير المناخى، دعنا نتعرف على الفرق بين الطقس والمناخ، فالطقس هو التنبؤ بحالة الجو لمدة قصيرة، تبدأ من ساعة إلى يوم إلى شهر، بينما المناخ هو التعرف على حالة الجو فى فترة سابقة، تبدأ من سنة إلى أكثر من 100 سنة فى حالة توافر البيانات.
عند الحديث عن أسباب التغيرات المناخية، يمكننا القول: إنه منذ بداية الثورة الصناعية فى القرن الثامن عشر، بدأ الإنسان فى استخدامه المفرط للوقود الأحفورى (الفحم ومشتقاته والبترول ومشتقاته)، مما تسبب فى تكون غطاء من الملوثات حول الكرة الأرضية، ( ثانى أكسيد الكربون – الميثان – وغازات أخرى)، والتى أدت بدورها إلى حبس الحرارة داخل الأرض، بدلا من خروجها إلى الفضاء، ولذلك سميت غازات الاحتباس الحرارة (أو الغازات الدفيئة)، التى أدت إلى تغير مناخ العالم، مسببة الظواهر الجوية العنيفة، وارتفاع درجات الحرارة بدرجات غير مسبوقة، علما بأنه لا توجد ظاهرة واحدة معينة، تؤثر على العالم كله بسبب التغيرات المناخية، لكن تتأثر كل دولة بظواهر جوية مختلفة عن الأخرى وفقا لتضاريس هذه الدولة وموقعها الجغرافى، نجد دولا يحدث بها فيضانات وأخرى جفاف، ودول يحدث بها سيول وأخرى عواصف وأعاصير، وأخرى تحدث بها حرائق للغابات وهكذا، علما بأن كل هذه الدول تصف ما يحدث لها من ظواهر مناخية، بسبب التغيرات المناخية بكلمة واحدة، وهى أن هذه الظاهرة، لم تحدث من قبل وهنا نضع خطوطا كثيرة تحت هذه الكلمة، لأن معناها أن التغيرات المناخية نتج عنها ظواهر جوية جديدة وعنيفة.
وعند البحث عن الدول المتسببة فى تغير المناخ، وتأثير هذا التغير على دول العالم، نجد أن الدول الصناعية الكبرى فى كل قارات العالم، التى تستخدم البترول ومشتقاته والفحم، ومشتقاته استخداما مفرطا مسببة غازات الاحتباس الحرارى، والمسبب للتغيرات المناخية، بينما دول العالم الثالث (الدول الفقيرة)، لا تسهم فى غازات الاحتباس الحرارى إلا بقدر ضئيل جدًا، على سبيل المثال تسهم الدول الإفريقية مجتمعة فى غازات الاحتباس الحرارى بنسبة 4 % فقط، بينما دولة مثل الصين تسهم بغازات الاحتباس الحرارى بنحو 19 %، والهند بنحو 17 %، هذا بخلاف أمريكا والدول الأوروبية)، ومع ذلك فإن الدول الإفريقية، وبرغم مساهمتها الضئيلة جدا، فإنها تتأثر بالتغيرات المناخية أكثر من الدول التى تتسبب فى إطلاق غازات الاحتباس الحرارى، ويرجع ذلك إلى أن الدول الكبرى لديها القدرة المالية الكبيرة، والتكنولوجيا المتطورة التى تساعدها على التكيف مع التغيرات المناخية، بينما الدول الفقيرة، لا تملك شيئا يساعدها على التكيف مع التغيرات المناخية. ولذلك نجد تأثير التغير المناخى على هذه الدول مدمرا، ونعطى مثالا بسيطا لتكيف الدول الكبرى مع التغير المناخى فى أمريكا مثلا: عند تعرض أى ولاية لإعصار من الأعاصير المدمرة تقوم الحكومة، بنقل سكان هذه الولاية لأماكن آمنة وتترك الولاية للإعصار يدمر الولاية، ثم تقوم بإعادة بناء الولاية وعودة سكانها إليها مرة أخرى، لاحظ هنا القدرة المالية والتكنولوجيا ساعدت أمريكا على التكيف مع التغيرات المناخية وتقليل الآثار المدمرة، ومن هنا كان يجب على الدول الكبرى، والمتسببة فى هذا التغير المناخى، مساعدة الدول الفقيرة للتكيف مع التغيرات المناخية.
والسؤال الجوهرى الذى يطرح نفسه بقوة: هل يمكن عودة المناخ إلى ما كان علية قبل الثورة الصناعية؟ لقد أعطى الله سبحانه وتعالى للإنسان البديل الأمن والمتوافر بكثرة فى الطبيعة، دون أن يدفع أى أموال، ألا وهى الشمس والهواء والماء، هذه العناصر الموجودة بوفرة فى الطبيعة، يستطيع الإنسان أن يحصل منها على الطاقة اللازمة، التى تدعى الطاقة الجديدة والمتجددة، فيجب على دول العالم أجمع، خصوصا الدول الصناعية الكبرى، اللجوء لاستخدام الطاقة الجديدة، والمتجددة فى أسرع وقت وقبل فوات الوقت وانهيار كوكب الأرض، أو قد يتحول جزء منه إلى العصر الجليدى والآخر إلى عصر التصحر، وإن كانت بعض الدول بالفعل، بدأت تعانى تصحر أراضيها بسبب التغيرات المناخية.
«الإنسان حارب الطبيعة فحاربته الطبيعة»، أطلقت هذه المقولة لاقتناعى الشخصى بها، ومما أشاهده فى العالم من حرب قائمة بين الإنسان والطبيعة، وأقولها دائما لعل الإنسان يعى ما فعله مع الطبيعة، ورد فعل الطبيعة عليه حتى يرجع الإنسان عن أفعاله، ويحافظ على الكوكب الذى يعيش عليه.
لقد حارب الإنسان الطبيعة، باستخدامه المفرط للفحم ومشتقاته والبترول ومشتقاته، والذى نتج عنه غازات الاحتباس الحرارى، وأيضا القضاء على المساحات الخضراء، وحرق الغابات (أسباب التغيرات المناخية) هذا هو دور الإنسان فى محاربة الطبيعة، أما الطبيعة فقد حاربت الإنسان بالظواهر الجوية العنيفة والمدمرة، والتى لن يستطيع الصمود فى مواجهتها.
ولنا أن نتساءل، هل يمكن اعتبار عام 2023 عام التغيرات المناخية؟ ولماذا؟ نعم عام 2023، هو بالفعل عام التغيرات المناخية، وذلك لأن فى هذا العام لا توجد دولة فى قارات العالم الست، لم تتأثر بظواهر جوية عنيفة وغير مسبوقة من ظواهر التغيرات المناخية، فهناك درجات الحرارة العالية جدا فى صيف هذا العام، أثرت على أغلب دول العالم، حيث وصلت درجة الحرارة فى إسبانيا على سبيل المثال 46 درجة مئوية، وفى إيطاليا 47 درجة مئوية، كما وصلت درجات الحرارة على الكويت والعراق، لأكثر من 55 درجة مئوية، وفى بعض الولايات فى أمريكا لأكثر من 45 درجة مئوية، وفى بعض مقاطعات الصين، لأكثر من 52 درجة مئوية، ناهيك عن الظواهر الجوية العنيفة والمدمرة، مثل الأعاصير التى ضربت بعض ولايات أمريكا فى الغرب، وبعض مقاطعات الصين فى الشرق، مرورًا بدول أوروبا من فيضانات وحرائق للغابات، وأيضا بعض الدول الإفريقية التى تأثرت بالتغيرات المناخية، وبالظواهر الجوية العنيفة والتى دمرت بعض البلدان تدميرا كليا، بل اختفت مناطق من هذه الدول كليا غير آلاف الموتى، على سبيل المثال لا الحصر الدولة الليبية، حيث ضربتها «عاصفة دانيال»، والتى دمرت الساحل الشرقى للدولة الليبية، واختفى جزء كبير من مدينة درنة غير آلاف الموتى، وآلاف المفقودين وآلاف المشردين بلا مأوى، هذه إحدى دول القارة الإفريقية التى لم تشارك فى غازات الاحتباس الحرارى، لكنها دمرت من آثار التغيرات المناخية، التى تسببت فيه الدول الصناعية العظمى.
وختاما، أذكر الدول الصناعية الكبرى، بأن الإحصائيات العالمية تقول إن عدد قتلى التغيرات المناخية أعلى بكثير من قتلى الحروب، حتى إن هذا الدمار طال كل دول العالم.