أنا وأنتم وهؤلاء

3-10-2023 | 17:55

يصفك البعض بالغرور لمجرد اختلافك عنهم وإصرارك الدائم على تمسكك بتقاليدك وعاداتك التي نشأت وتربيت عليها دون أن تكترث لقولهم، يقتلهم رفضك الاقتداء بهم ومشاركتهم أقوالهم وأفعالهم، يرهبهم صمتك وهم يحاولون بكل السبل استمالتك إليهم وسلب إرادتك والدفع بك في طرق لم تُعد لك فتلجأ للتمرد عليهم لتشتعل فجأة حربهم عليك وتتأجج بداخلهم نيران أحقادهم. 

إنهم يخططون للإلقاء بك في وجه عاصفة سفاهتهم وضيق أفقهم، إنك تتشكل كل يوم وتتقدم رغمًا عنهم، وهذه الأنوار الساطعة التي تنبعث من قلبك النقي تلوح لهم بحلول ظلامهم، عنادك يزعجهم ويدمر مخططاتهم.

لم أشعر يومًا بالندم على لحظات شرودي عنهم وغيابي الافتراضي عن محيطهم وأنا قابعة أنظر إليهم أو أستمع إلى حديثهم، كم تعمدت الإبحار داخل دوامة أفكاري والمكوث في منطقة الاهتمام بأدق تفاصيل المكان وحسب؛ كي أنصرف عن لغو حديثهم.

لم أشعر يومًا بالغربة حينما كنت أنشغل عنهم بالبحث عن ذاتي، كنت وسط زحامهم أقاوم ارتفاع أمواجهم التي تأتي محملةً بكل ما يتنافى مع مبادئي وقيمي التي تدعوني وتوجهني بعدم الاستسلام إليهم، كانوا ينتقدون طباعي لكني لم أكن لأبالي بحديثهم، فالأمر بالنسبة لي قد قُضى وقد حُسم.

أحيانًا تضطرك ظروف الحياة وترغمك على مجالسة من لايشبهونك، بل ومشاركتهم حديثهم تحول هذه الظروف والأسباب بينك وبين المغادرة أو الابتعاد، لقد عانيت من قبل مثلك من كل هؤلاء وخرجت أعلن التمرد عليهم والتبرؤ منهم وأقسمت على عدم الإتيان بمثل شرورهم.

ألقيت نفسي بين طيات الكتب وتجولت في ميادينها الرحبة نهلت من مختلف علومها، أمسكت قلمي وكتبت، حلقت نحو الأفق ممسكة بلوحاتي وفرشاة ألواني وذهبت في رحلة طويلة لمطاردة أحلامي، اعتنقت هواياتي ومارست شعائرها بهدف البعد عنهم.  

ترغمنا الأقدار أحيانًا على الدخول في ساحات معاركهم لتختبرنا وتمتحن إيماننا في مواجهة هذا الكم الهائل من الأحداث والفتن، نتعرض أحيانًا لسخرية، سخرية هؤلاء الذين ظنوا أنهم قد أحرزوا النصر علينا في معركة صبرنا عليهم، أخذهم الغرور ظانين أننا كنا ضعافًا حينما آثرنا السلم وواجهنا بصمتنا هذا الضجيج النابع من لغو حديثهم رافضين الاندماج معهم في ضحالة فكرهم موقنين بعجزهم وضآلة حجمهم.  

كم عبرّت نظرات عينيك عن رفضك لهم، كم نطق صمتك بعدم قبولك لما يدور على ألسنتهم، كم تمنيت أن تسبقك خطواتك نحو الرحيل. إنها حياتك أنت فلا تعبأ بهم اختر مايعينك على السير في دروب الحياة بثبات دونما ارتباك أو تعثر أو زلات، اسع قدر استطاعتك لتحقيق ذاتك دون التفات لأوامر أو إملاءات، كن كما تشاء ولا تتبع أهواءهم.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: