المزارعون: نأمل فى تكثيف الرقابة على منافذ بيع المبيدات المغشوشة
التغيرات المناخية ونقص الإنتاجية وراء ارتفاع أسعار العنب فى السوق المحلى
«دفش» إحدى قرى مركز سمالوط بمحافظة المنيا يبلغ عدد سكانها نحو 13 ألف نسمة نجحت القرية فى هزيمة الفقر والبطالة بزراعة العنب وتصديره للخارج. تصل نسبة الأغنياء فى القرية حوالى 70 % من سكانها بينما نسبة الـ30 % المتبقية تمثل العمالة فى مجال زراعة وتسويق العنب.
« الأهرام التعاونى» قامت بزيارة إلى القرية وتجولت فى شوارعها.. فوجدت قصص نجاح وصبر ومثابرة جديرة بتصديرها إلى كل شباب القطر المصري، وفي السطور تكمن التفاصيل..
سألنا رشاد نصر، واحد من المزارعين أبناء القرية، فقال إن قرية دفش من القرى الغنية لأن كل أبنائها يعمل فى مجال إما زراعة العنب أو تجارته وموسم العنب فى القرية طوال العام وليس فقط أثناء جمع المحصول. وهناك قصص كثيرة من داخل مزارع العنب منها مثلا بعض الأشخاص كانوا مجرد عمال فى مزارع الغير وبعد مرور الوقت أصبحوا أصحاب مزارع وأملاك نتيجة كفاحهم. وهناك أشخاص كانوا من أصحاب الأملاك وبسبب زراعة العنب كثيرون باعوا مزارعهم وبيوتهم ومنهم من دخلوا السجون نتيجة الخسائر التى لحقت بهم، ومحصول العنب له فرحة عارمة عند المزارعين لانهم دفعوا طوال العام أموالا طائلة كمصروفات على المحصول، وهناك من ينتظر المحصول لتزويج أبنائه أو تجهيز بناته أو سداد مبالغ مستحقة عليه.
أما الحاج اسماعيل أحد المزارعين فقد تحدث إلينا عن العمالة قائلا نحن نواجه أزمة حقيقية بسبب العمالة وقد نستعين بعمالة من كل البلاد المجاورة ومدة العمل فى اليوم لا تتجاوز الأربع ساعات من الساعة السادسة صباحا وحتى التاسعة والأجر 100 جنيه فى الثلاث ساعات وكذلك يعمل كل الفئات العمرية ما بين رجال وشباب ونساء وشيوخ وأطفال كل على حسب ظروفه، ولم يتوقف العمل على وقت الحصاد فقط فهناك عمالة مطلوبة طوال العام مابين عزق ورش والتخلص من الحشائش وغيرها. ويضم العمل فى قطاع العنب أيضا بائعي البرنيكات أو العبوات البلاستيكية وكذلك السائقون وتجار الجملة والسماسرة وغيرهم، وبذلك يكون العنب هو مصدر دخل الأسر فى القرية.
ويضيف المهندس مرقص حنا حنين أحد المزارعين للعنب قائلا: أبناء قرية دفش منتشرون فى محافظات المنيا وبنى سويف وأسيوط حيث يتم استئجار مساحات لزراعتها عنب خاصة المناطق الصحراوية لأن هذه الأراضى تصلح لزراعة الأصناف الجديدة من العنب.
وحول تكلفة زراعة العنب قال المهندس مرقص الفدان يتكلف نحو 25 ألف جنيه من بداية تمهيد وتجهيز الأرض للزراعة والشتلات والسماد والأيدى العاملة والميكنة الزراعية حتى الثمار فى السنة الثالثة للزراعة والشجرة المطعومة تبشر بعد سنة أما الشتلة المنزرعة فإنها تثمر فى السنة الثالثة وأشهر أنواع العنب هو العنب البلدي أو الرومى الاحمر وان كان قد أوشك أن ينقرض بعد أن زادت المساحات المنزرعة فى الأراضى الصحراوية ومن أشهر الأنواع المزروعة عنب فى الظهير الصحراوى البنات الابيض والكريب سنة.
وأضاف: لا شك أننا نقوم بتغطية السوق المحلى من العنب البلدى وهو متميز فى أرضنا الطينية ونقوم بتصدير الأنواع الأخرى بحيث يتم تصدير المزارع المكودة فى أوروبا بينما المزارع غير المكودة تصديرها إلى الدول العربية وان سبب ارتفاع سعر العنب فى الأسواق هذا العام يرجع لعدة عوامل أهمها فتح أسواق التصدير للخارج، حيث تم تصدير كميات كبيرة من العنب المصرى والذى يحظى بإقبال دولى غير مسبوق فضلا عن ظروف التغيرات المناخية التى أثرت كثيرا على الإنتاجية مثلما حدث العام الماضى بهطول أمطار شديدة أثرت فى تراجع المحصول فضلا عن تكلفة وسائل الإنتاج مثل ارتفاع أسعار الأسمدة بشكل باهظ فمثلا شيكارة نترات البوتاسيوم كانت تباع من قبل بـ600 جنيه وهى عبارة عن 25 كيلو واليوم أصبح السعر 2600 جنيه والفدان فى السنة يحتاج إلى شيكارتين وهذا النوع هو واحد من بين 10 أنواع أو يزيد كما أن الفدان فى السنة يكلف المزارع عمالة تصل إلى 10 آلاف جنيه.
وناشد الدولة أن تحدد سعر السماد وان تحاول القضاء على السوق السوداء وجشع التجار بالإضافة إلى اهمية الرقابة الفعلية على اسواق المبيدات التى فى كثير من الأحيان تضخ أصنافا من المبيدات غير صالحة مما يضر بالمحاصيل ولهذا اقترح عمل منافذ للبيع تحت إشراف الدولة، متمنيا ان توفر الدولة طرقا للتصدير ميسرة على المزارعين وفى هذه الحالات تحدث حالة من التشجيع والمنافسة وزيادة الإنتاجية.
واستطرد قائلا: رغم أننا قرية منتجة للعنب إلا أنه لا توجد جمعية أو كيان يجمع المزارعين ويساعدهم فى تسويق وتصدير العنب وكلها أنشطة فردية، كما أننا لم نتلق اى نوع من أنواع الدعم على الاطلاق. وقد عرفت دفش زراعة العنب عام 1965 وتعتبر من اول البلاد فى المنيا معرفة بالعنب وقد تحول أهلها إلى خبراء فى الزراعة وينتشرون فى كل البلاد.
ويضيف رفيق الشيخ، رجل اعمال فى مجال تسويق الحاصلات الزراعية قائلا: هنا فى القرية لا توجد مشكلات بين الناس رغم أننا فى الصعيد المعروف عنه بالطباع الساخنة والثأر لأننا قرية منتجة واهلها جميعا فى حالة انشغال دائم سواء كان مزارعا أو عاملا باليومية أو خدمات معاونة لمزارعى العنب وفى الصباح تجد القرية بأكملها كخلية نحل منتشرون فى المزارع وقد تكون الأسرة بأكملها نساء ورجال وأطفال فى المزارع سواء كانوا أصحاب مزارع أو عمال فيها وهو ما يؤدى لحالة من الاستقرار والتجانس بين أبناء القرية سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين ولدينا كنيسة ومسجد وتعاون مثمر وألفة بين أبناء البلد على اختلاف ديانتهم قد لاتتوافر فى قرية أخرى لهذا فإن هناك استقرار ونجاح.
وتابع: لعل الوصول إلى درجة صفر بطالة فى القرية والاستعانة بعمال من قرى مجاورة فإن هذا هو النجاح بعينه، خاصة فى ظل هذه الظروف الاقتصادية التى تمر بها البلاد فالناس هنا فى حالة اكتفاء ذاتى من كل شئ وبالتالى فإن تعامله مع الأزمة الاقتصادية تمر دون محن شديدة وهناك حالة من التكافل الاجتماعى غير المسبوق فى القرى بسبب محصول العنب.
أما عمرو نصر عامل متخصص فى تقطيع وتعبئة العنب فقال: نحن مهمتنا فى العمل تقطيع العنب وتعبئته لأن التقطيع يحتاج إلى خبرة خاصة وأن العنب الذى يعد للتصدير يحتاج إلى طريقة خاصة فى التقطيع على العكس من العنب المحلي فلا يحتاج الى خبرات وكذلك طريقة التعبئة تحتاج إلى شكل معين ونحن فى قرية دفش نعيش من خير محصول العنب وننتظر موعد المحصول على احر من الجمر نقضي حوائجنا منه فمنا من يزوج ابنائه ومنا من يسدد ديونه ومنا من يكمل بناء بيته.
اما فى غير موسم الحصاد فإننا نضطر لأعمال أخرى لكن فى نفس مزارع العنب سواء كان فى التسميد أو تنقية الأرض من الحشائش لكن عملى الاصلى هو تقطيع وتعبئة العنب.
ويضيف على يونس سائق من أبناء قرية دفش قائلا: نحن نعتز بقريتنا كقرية منتجة فى مجال زراعة وبيع العنب ونحن كسائقين نتفرغ لحمل المحاصيل سواء لتوصيلها الى محطات التصدير أو الأسواق وكل حياتنا ومصدر دخولنا من هذا العمل ونحن كسائقين لا نتوقف أبدا سواء من حيث نقل المحاصيل أو من حيث نقل السماد أو العمالة القادمة من بلاد مجاورة. ونحن لا نعمل إلا فى مجال العنب ولله الحمد فإن حياتنا مستقرة ماديا. نحقق الاكتفاء الذاتى من العمل.
أما محمود على تاجر عنب فيرى أن قرية دفش تعد واحدة من أشهر البلاد زراعة وتجارة للعنب فى الصعيد وأنها معروفة فى كل الأسواق وتتميز بالعنب ذو الجودة العالية لأنه يعتبر خاليا من المبيدات وبالتالى فإنه مميز فى التصدير ويتم طلبه من قبل المتخصصين فى التصدير وعندما نقوم بتحميل سيارة عنب من دفش لاتعود لانها مطابقة للمواصفات القياسية المطلوبة للتصدير حتى فى السوق المحلى فإن عليه اقبال شديد.
ويضيف شلبى على تاجر بلاستيك عبوات تعبئة العنب قائلا: نحن نبيع البرنيكات الخاصة بتعبئة العنب باعتبارها تمثل أهمية كبيرة فى تسويق المحصول ونحن نحصل عليها من مصانع نتعامل معها ثم نبيعها للمزارعين والتجار وجميعنا يكمل بعضنا البعض لأن المسألة عبارة عن سلسلة لكل منا حلقة فيها.