الموانئ المصرية جاهزة .. والصوامع على أهبة الاستعداد
موضوعات مقترحة
اقتصاديون: خطوة لتسهيل حركة التجارة العالمية وضمان استقرار سلاسل الإمداد
الخبراء: مصر وجهة العالم “التجارية” .. والسكك الحديدية البديلة منافس ضعيف
التوسع في إنشاء صوامع التخزين يخدم أهداف مصر التنموية في القطاع الزراعي
خطوة جادة لإنهاء أزمة نقل الغذاء وتخفيض فاتورة الاستيراد
تعاونيون: القطاع الزراعي حقق إنجازات غير مسبوقة.. والانفتاح التجاري يحقق الأمن الغذائي
رجب شحاتة : الدولة تسعى لتحقيق الاستقرار في أسعار الحبوب
عقب النجاحات التي تحققت في مجال إنشاء صوامع تخزين الغلال والوصول بإجمالي السعة التخزينية إلى 5.5 مليون طن حاليًا، والتطوير الذي شهدته قناة السويس وموانئ دمياط وبورسعيد وغيرها ومشروعات البنية التحتية والطرق العملاقة، تسعى مصر لحصاد ثمار جهودها من خلال استضافة مركز عالمي لتخزين وتداول الحبوب بالتعاون مع شركاء التنمية في إطار التكامل مع الجهود المشتركة ودعما لمنظومة العمل الدولي متعدد الأطراف.
تلك هي الدعوة التي وجهها الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال كلمته أمام قمة العشرين في نيودلهي، بالإضافة إلى أن احتواء تحديات أزمة الغذاء المتنامية بشكل خاص في القارة الأفريقية، يستدعي وضع رؤية مشتركة لتعزيز حوكمة منظومة الأمن الغذائي العالمي، تكون مبنية على أساس محورية النظام متعدد الأطراف، واتساق جهود مؤسسات التمويل الدولية والأطراف الفاعلة في الاستجابة السريعة والفعالة لمعطيات الأزمة.
وتمتلك مصر موقعًا جغرافيًا استراتيجيًا على طول نهر النيل، والذي يوفر تربة خصبة وملائمة لزراعة الحبوب، وتشمل المحاصيل الزراعية الرئيسية في مصر القمح والأرز والذرة والشعير والقطن، ويتم تخزين وتصدير هذه المحاصيل من خلال الموانئ المصرية، وخلال الفترة القادمة تسعى مصر بقوة لتكون مركزًا عالميًا لتخزين وتداول الحبوب، خاصة في ظل الصراعات الدولية التي أثرت سلبًا على سلاسل الإمداد العالمية.
“الأهرام التعاوني” تتناول إمكانية استضافة مصر مركزًا عالميًا لتخزين وتداول الحبوب، سواء في منطقة قناة السويس أو ميناء دمياط، في ظل ما تتمتع به من مميزات جغرافية ومقومات تجعلها جديرة بالقيام بهذا الدور، والمردود الاقتصادي لهذه المشروعات العملاقة على الاقتصاد الوطني.
توفير الأقماح بأسعار مناسبة
أكد الدكتور شريف الدمرداش الخبير الاقتصادي، أن تطلع مصر لاستضافة مركز عالمي لتخزين وتداول الحبوب، خطوة غاية في الأهمية وذات مردود إيجابي قوي على الاقتصاد المصري كما يسهم ذلك في توفير احتياجاتنا من الحبوب بأسعار مناسبة كون مصر هي المتحكم في مركز تخزين وتداول الحبوب وعلى رأسها القمح والذرة الشامية، مضيفًا أن مصر نجحت خلال الفترة السابقة في تطوير منطقة قناة السويس وعدد كبير من الموانئ وهو ما يُسهّل عمليات النقل البحري من وإلى العديد من دول العالم.
ونوه الدمرداش، بأن استضافة مصر مركزًا عالميًا لتخزين وتداول الحبوب، سيضمن تدفق مختلف أنواعها ومنها القمح وبالتالي يتم القضاء على مشكلات الاستيراد سنويًا بأسعار مرتفعة، وهو ما يحقق الاستقرار في ملف الأمن الغذائي، فإلى جانب الجهود التي تبذل لتحقيق الأمن الغذائي محليًا هناك أيضًا جهود خارجية تسعى أن تكون مصر مركزًا إقليميًا لتخزين وتوزيع الحبوب في ظل امتلاكها الموقع الجغرافي المتميز.
صوامع الغلال
أما الدكتور محمود خلاف، أستاذ الاقتصاد الزراعي بمعهد بحوث الاقتصاد الزراعي، فأكد أن جهود التنمية الزراعية أثمرت في زيادة معدلات الإنتاج أفقيًا ورأسيًا وتحقيق الأمن الغذائي بمعدلات مرتفعة خلال الفترة السابقة فضلاً عن زيادة معدلات التصدير للخارج لمختلف الأسواق العالمية، مضيفًا أن إعلان الرئيس السيسي استعداد مصر أن تكون مركزًا عالميًا لتخزين وتداول الحبوب خطوة في طريق الانفتاح التجاري العالمي وأن تكون مصر مركزًا عالميًا للحبوب.
وأشار خلاف، إلى أن الدولة خطَت خطوات مهمة في مجال إنشاء صوامع الغلال وزيادة الطاقة الاستيعابية لها إلى ما يزيد على 5.5 مليون طن حاليًا، وتعد صوامع الغلال من المشروعات المهمة في مصر، حيث تهدف إلى تخزين الحبوب والمحاصيل الزراعية بشكل آمن وفعال، وتساهم صوامع الغلال في توفير الأمن الغذائي وتحسين إدارة المخزون الزراعي في البلاد، ويتم إنشاء صوامع الغلال بغرض تخزين الحبوب المنتجة محليًا وتأمين الاحتياجات الغذائية للمواطنين، بالإضافة إلى توفير مخزون استراتيجي لتلبية الاحتياجات في حالات الطوارئ أو الأزمات.
كما تعمل صوامع الغلال على الحفاظ على جودة الحبوب والحفاظ على قيمتها التجارية من خلال توفير ظروف تخزين ملائمة من حيث درجة الحرارة والرطوبة والتهوية، وتهدف جهود التوسع في إنشاء صوامع الغلال إلى تعزيز الاكتفاء الذاتي للحبوب وتحسين الأمن الغذائي في مصر، وكذلك توفير فرص عمل وتحفيز الاستثمار في قطاع الزراعة والتجارة، وتعتبر مشروعات صوامع الغلال في مصر تعتبر جزءًا من إستراتيجية الحكومة لتعزيز الزراعة وتحقيق التنمية الزراعية المستدامة في البلاد، كما أن التوسع في إنشاء الصوامع يخدم أيضًا أهداف مصر المستقبلية في أن تكون مركزًا عالميًا لتخزين وتداول الحبوب.
توافر الإمكانيات والخبرات
وعلى صعيد متصل، أثنى البنداري ثابت رئيس الجمعية العامة لمنتجي الحبوب، وعضو مجلس إدارة الإتحاد التعاوني الزراعي المركزي، على الجهود التي تتم لجعل مصر مركزا عالميا لتخزين وتداول الحبوب، واصفًا إياها بخطوة غاية في الأهمية في ظل المعاناة الكبيرة التي تشهدها حركة التجارة العالمية بفعل الحروب القائمة، كما أن الموقع الجغرافي لمصر كملتقى لثلاث قارات يجعلها أكثر قدرة على تسيير حركة التجارة العالمية وخاصة الحبوب، والعالم أجمع على ثقة تامة ومعرفة حقيقية بالأهمية الجغرافية التي تمثلها قناة السويس كشريان رئيسي لحركة التجارة العالمية.
وأضاف أن هناك جهودا كبيرة تمت خلال السنوات الماضية في مجال بناء الصوامع لتخزين الغلال، وتم بالفعل رفع الطاقة الاستيعابية للصوامع من 1.5 مليون طن في عام 2014 إلى حوالي 6 ملايين طن حاليًا خاصة بعد إنشاء صوامع دمياط، وهو ما يعني أن مصر لديها القدرة على تخزين كميات كبيرة من الحبوب وإعادة توزيعها على مختلف الدول سواء في القارة الأفريقية أو الآسيوية، كما أن مصر لديها الخبرات والإمكانيات اللازمة في هذا المجال فضلا عن البنية التحتية حيث تم شق الطرق وإنشاء الكباري والأنفاق بما يسهّل من حركة الحاويات من وإلى المواني.
وأشار البنداري ثابت، إلى أن هناك خططا توسعية في القطاع الزراعي المصري أفقيًا ورأسيًا للعمل على زيادة معدلات الإنتاج كمًا وكيفًا وخفض فاتورة الاستيراد من الخارج، وهو ما نجحت فيه الدولة المصرية بالفعل من خلال إضافة حوالي 3.5 مليون فدان جديدة للرقعة الزراعية ومؤخرًا تم الإعلان عن زراعة حوالي 4 ملايين فدان جديدة خلال عام من الآن وهو ما سوف يحدث طفرة كبيرة في الإنتاج الزراعي المصري سواء على مستوى محاصيل الحبوب أو الخضر والفواكه، وساهم التوسع الأفقي والرأسي في الإنتاج الزراعي في تحقيق استقرار السوق المحلي، ورفع معدلات التصدير للخارج لتصل إلى حوالي 6 ملايين طن في النصف الأول من العام الجاري 2023 مقارنة بـ 5 ملايين طن خلال العام الماضي 2022، وهو ما يؤكد حجم النجاح ومعدلات النمو المتحققة.
السيطرة على الأسعار
وفي اتجاه موازٍ، قال رجب شحاتة، رئيس شعبة الأرز بغرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات، أن تطلع مصر إلى أن تكون مركزًا عالميًا لتجارة الحبوب سيكون له تأثير إيجابي كبير على أسعار القمح والذرة الشامية والأرز، مضيفًا أن هناك استقرارا في أسعار الحبوب في السوق المصري في الفترة الحالية والمحاصيل العلفية، وتعمل الدولة جاهدة لزيادة معدلات الإنتاج محليًا لخفض فاتورة الاستيراد من الخارج وتلبية احتياجات مواطنيها.
الموقع الجغرافي المتميز
وفي السياق نفسه، أكد الدكتور عبد الفتاح صديق أستاذ الجغرافيا والاستشعار عن بُعد بجامعة عين شمس، أن اتجاه مصر لاستضافة مركز عالمي لتخزين وتداول الحبوب يعد حصاد لجهود التنمية التي تمت خلال الفترة السابقة سواء في تطوير الموانئ أو البنية التحتية، مضيفًا أن مصر تتمتع بموقع جغرافي متميز بين ثلاث قارات وهو ما يجعل حركة التجارة العالمية من خلالها أسرع وأقل من حيث التكاليف خاصة من خلال قناة السويس، كما أن سيناء تعتبر رابط جغرافي بين قارة أفريقيا وقارة آسيا ومن هنا نحتاج إلى طرق خارجية تصل إلى ميناء قسطل والسودان لتسهيل حركة التجارة البينية.
وشدد صديق، على ضرورة إنشاء مجمع لتخزين الحبوب للاستغلال الأمثل لميناء بورسعيد وميناء الحاويات، موضحًا أن هناك العديد من الروابط الجغرافية في مصر مع القارة الأفريقية وآسيا وأوروبا، فهناك البحر المتوسط الذي يربطنا بأوروبا وقناة السويس التي تربطا بثلاث قرارات هي أفريقيا وآسيا وأوروبا وكذلك البحر الأحمر الذي يربطنا بقارة آسيا، وهناك أيضًا رابط جنوبي وهو بحيرة ناصر ونهر النيل وهما روابط جغرافية قوية مع دول القارة الأفريقية، وخلال الفترة المقبلة لابد من سرعة الاستفادة من المواقع الجغرافية المتميزة في ظل التحرك العالمي السريع الذي نشهده في مجال إنشاء خطوط السكك الحديد الدولية والطرق البرية والعابرة للقارات.
وأشار الدكتور عبد الفتاح صديق، إلى أن مشروعات البنية التحتية التي نفذتها مصر خلال الفترة السابقة تعد بداية حقيقية لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية وتنشيط حركة التجارة العالمية، خاصة في ظل تشكل التكتلات الاقتصادية والتحركات الدولية لاستقطاب حركة التجارة العالمية، وآن الأوان لمصر أن تتحرك سريعًا في هذا الاتجاه واستغلال ما لديها من مقومات يمكن أن تجعل منها قبلة العالم التجارية.
وأوضح الدكتور عبد الفتاح صديق، أن إطلاق اتفاق مشروع ممر للربط بين الهند وأوروبا عبر الشرق الأوسط على هامش قمة مجموعة العشرين في نيودلهي، والذي يشمل مشروعات للسكك الحديدية وربط الموانئ البحرية، إلى جانب خطوط لنقل الكهرباء والهيدروجين، وكابلات نقل البيانات، لا يؤثر على حركة التجارة في قناة السويس، فالممر غير منافس لقناة السويس من حيث التكلفة أو الوقت، فحركة التجارة العالمية من خلال قناة السويس أسرع 100% من الممر وكذلك التكلفة، لكن ذلك لا يعني ترك السباق للدول الأجنبية ولابد لمصر من اتخاذ خطوات جادة لمواكبة هذه الأحداث السريعة والمؤثرة.
أهم الموانئ المصرية
وأوضح الدكتور عبد الفتاح صديق، أنه توجد العديد من الموانئ المهمة في مصر، ومنها ميناء الإسكندرية والذي يعتبر أحد أكبر الموانئ في مصر وأكثرها أهمية، ويقع في مدينة الإسكندرية على البحر الأبيض المتوسط ويعد مركزًا رئيسيًا للتجارة البحرية والشحن في المنطقة، وكذلك ميناء دمياط ويقع في مدينة دمياط على الساحل الشمالي لمصر ويعتبر من أهم الموانئ في البلاد، يتميز ببنيته التحتية المتطورة والقدرة على استيعاب السفن الكبيرة، وهناك أيضًا ميناء بورسعيد ويقع في مدينة بورسعيد على الساحل الشمالي الشرقي لمصر، ويشكل نقطة دخول لقناة السويس، ويعتبر ميناء بورسعيد مهمًا للتجارة الدولية ويحظى بحركة شحن كبيرة، وهناك أيضًا ميناء السويس ويقع في مدينة السويس على الساحل الشرقي لمصر، وهو أحد الموانئ الرئيسية التي تربط بين البحر الأحمر والبحر المتوسط عبر قناة السويس، ويتميز بتجهيزاته الحديثة والقدرة على استيعاب السفن الكبيرة، وميناء العين السخنة ويقع في خليج السويس بالقرب من منتجع العين السخنة، وهو ميناء متخصص في صناعة البتروكيماويات والشحن السائب.
وأشار الدكتور عبد الفتاح صديق، إلى أنه هناك أيضًا ميناء رأس غارب، وهو ميناء مصري يقع في مدينة رأس غارب بشبه جزيرة سيناء، ويعتبر من الموانئ المهمة في البحر الأحمر وله دور استراتيجي في تسهيل حركة الشحن والتجارة في المنطقة، ويتميز ميناء رأس غارب بموقعه الجغرافي المتميز على الساحل الشرقي لشبه جزيرة سيناء، ويعتبر نقطة اتصال مهمة بين آسيا وأفريقيا ويعد مركزًا للنقل البحري، ويتمتع الميناء ببنية تحتية قوية وتجهيزات متطورة لاستيعاب السفن الكبيرة وتسهيل عمليات التحميل والتفريغ، ويستخدم ميناء رأس غارب لتصدير البضائع والمنتجات المختلفة مثل البترول ومشتقاته، والمواد التعدينية، والمنتجات الزراعية. كما يعد الميناء مرجعًا رئيسيًا لصناعة الغوص والسياحة البحرية في المنطقة، حيث يشتهر بجمال مناظره الطبيعية والشعاب المرجانية الغنية، وبفضل موقعه وتسهيلاته، يلعب ميناء رأس غارب دورًا مهمًا في دعم الاقتصاد المصري وتعزيز التجارة والسياحة في المنطقة.
واستطرد الدكتور عبد الفتاح صديق، قائلاً إن هناك العديد من الموانئ التي تعتبر منافسة للموانئ المصرية في المنطقة، ومنها ميناء جدة الإسلامي في المملكة العربية السعودية والذي يعتبر من أكبر الموانئ في البحر الأحمر ويتمتع بتجهيزات حديثة وقدرات استيعابية كبيرة ويعد مركزًا رئيسيًا للتجارة والشحن في المنطقة، ويشتهر بتسهيلاته التجارية واللوجستية المتقدمة، وهناك أيضًا ميناء دبي في الإمارات العربية المتحدة ويعد من أكبر الموانئ في العالم، ويتميز بموقعه الجغرافي المهم كونه يعتبر نقطة تلاق للتجارة بين آسيا وأفريقيا وأوروبا ويحتوي الميناء على مرافئ حديثة ومتطورة تستوعب السفن الضخمة.
وتابع: هناك أيضًا ميناء جبل علي في الإمارات العربية المتحدة ويعد جزءًا من منطقة جبل علي الحرة في دبي، وهو مركز تجاري رئيسي ومركز لوجستي حيث يتمتع بتسهيلات حديثة وقادرة على استيعاب السفن الضخمة وتسهيل عمليات الشحن، وهناك أيضًا ميناء حاويات العقبة في الأردن ويُعد من أهم الموانئ الأردنية ويقع على ساحل البحر الأحمر، ويتمتع ببنية تحتية متطورة وقادرة على استيعاب حركة الشحن والتجارة الدولية، ويشتهر بخدماته المتميزة وفاعليته في تسهيل عمليات الشحن.