عمرها يزيد على 1000 عام.. «حلوى المولد» قصة تتوارثها الأجيال.. كيف بدأت وما سر احتفال المصريين بها؟

26-9-2023 | 15:15
عمرها يزيد على  عام ;حلوى المولد; قصة تتوارثها الأجيال كيف بدأت وما سر احتفال المصريين بها؟صورة أرشيفية
شيماء شعبان

يحتفل الملايين حول العالم  بذكرى "المولد النبوي الشريف"، ونجد الشوارع مليئة بالشوادر الخاصة بعلب الحلوى المعروفة بـ "حلوى المولد"، وبمجرد أن تُشاهدها تشعر بالبهجة وتجد الفرحة والبسمة على أوجه المتردين على هذه المحال وتلك الشوادر، خاصة الأطفال الصغار.

موضوعات مقترحة

وبدأت قصة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، منذ أكثر من 1000عام تقريًبا، وتحديدًا في القرن الرابع الهجري مع دخول الفاطميين لـ"المحروسة"، وأجمعت أغلب الروايات على أن صناعها استوحوا الفكرة والأشكال من موكب الخليفة الفاطمي الذي كان يجوب الشوارع ويوزع الحلوى بكميات كبيرة على الناس والجنود يوم المولد النبوي الشريف.

وهناك رواية أخرى، تقول إن الحاكم بأمر الله كان يحرص على الخروج في موكب يوم المولد النبوي بصحبة زوجته التي كانت ترتدي ثوباً أبيض، ما أهدى مبتكريها فكرة صنع حلوى على هيئة عروس وفارس على الحصان توزع في توقيت مرورهما كل عام، حتى أصبحت عادة مصرية وطقسًا يرتبط بالمولد النبوي.

مع مرور الأيام أصبحت صناعة الحلوى جزءً من التاريخ والثقافة والفلكلور المصري، ورغم أنها شكلت في البداية على هيئة حصان أو عروس توزع على الأطفال، فإن المصريين أدخلوا عليها تعديلات وأضافوا الألوان لتلاءم كل فئات الشعب.

 وكانت السمسمية والحمصية والفولية والملبن حلويات المولد الأشهر على مر العصور، لكن حاليا تطورت الصناعة وأصبحت هناك أصناف مستحدثة مصنوعة من المكسرات مثل البندق والفستق والكاجو أو مضاف إليها قمر الدين والمشمش المجفف والكريز والقراصيا.

وفي كل مرة نحتفل بالمولد النبوي الشريف، تدور التساؤلات داخل أذهاننا، ليكون أبرزها كيف عرف المصري حلاوة المولد، ومن هو مخترع هذه الطقوس في الاحتفال بالمولد النبوي؟، وما هي قصة حصان المولد وعروسة المولد؟، ويبدو أن الأمر له حكاية طويلة تستحق أن نسردها بتفاصيلها لتزيد من حلاوة فرحتنا بالاحتفال كل عام.

الاحتفال بالمواليد الستة

ويروي الدكتور أيمن فؤاد، أستاذ التاريخ الإسلامي، لـ"بوابة الأهرام": قصة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف بأنه يرجع إلى العصر الفاطمي والفاطميون؛ حيث احتفلوا به طوال الـ210 عام بما يسمى بـ«المواليد الستة» وهم: مولد الرسول صلى الله عليه وسلم، ومولد الإمام علي، ومولد الإمام الحسن، ومولد الإمام الحُسين، ويضاف إليه مولد الإمام الحاضر- الحاكم في هذه الفترة آنذاك".

احتفال المصريون  بالمولد النبوي الشريف بين الماضي والحاضر

وأوضح أستاذ التاريخ الإسلامي، كيفية احتفال المصريون بالمولد النبوي، اشتهر الاحتفال بالمولد آنذاك بتوزيع الحلوى وهي عبارة عن فطائر، وحلوى خشكاننج وهي حلوى كانت مشهور في العصر الفاطمي، إلى أن تطور الأمر في القرنين الـ19، القرن الـ20 إلى الشكل الذي نراه الآن وهو الاحتفال بالمولد النبوي الشريف فقط لأن المصريون يحبون الرسول صلى الله عليه وسلم ولكن ليسوا شيعة، لذلك استمر احتفالهم بالمولد النبوي الشريف وتركوا الاحتفالات الأخرى، مشيرًا إلى أن الحلوى التي نراها الآن هي حلوى مُحدثة.

الدكتور أيمن فؤاد

مصر أولى الدول التي بدأت صناعة عروسة المولد

وبحسب ما يقول الخبير الأثري والمتخصص في علم المصريات الدكتور أحمد عامر إن مصر تعتبر من أولى الدول التي بدأت صناعة عروسة المولد خلال عصر المصريين القدماء، فهي مصرية خالصة؛ حيث ارتبطت لدى المصريين القدماء بـ"إيزيس"، ثم بعد ذلك تجدد شكل العروسة خلال العهود والعصور المختلفة، مرورًا بالعصر الإسلامي، فتحدثت وأصبحت مظهرا من مظاهر الاحتفال بالمولد النبوي، وتطور شكلها فأصبحت جزءا لا يتجزأ من الفلكلور الشعبي المصري، مؤكدا أن عروسة المولد تتميز بأنها تلقى قبولًا كبيرًا في أماكن بعينها عن غيرها من الأماكن، وخاصة المناطق الشعبية والريفية، مشيرًا إلى أنه لا صحة إلى ما ينسب حول أن أصل عروسة المولد يعود إلى عهد الفاطميين، لأن تلك الشائعات التي انطلقت من الدولة الفاطمية كانت من أجل إزكاء لمذهب الشيعة، حينما جاءت الخلافة الفاطمية الشيعية داخل مصر.

قصة حصان المولد وعروسة المولد

وعن قصة حصان المولد، يوضح الخبير الأثري، أن  قصة حصان المولد لها روايتان حول أصل حصان المولد، الرواية الأول أنه يمثل الخليفة صاحب الفتوحات والانتصارات، وهو يجلس فوق الحصان ويحمل السيف، أما الرواية الثانية في وقت الحاكم بأمر الله، منع جميع الاحتفالات في مصر لمدة طويلة وأبقى الاحتفال بالمولد النبوي فقط، وقد أستغل المصريون يوم احتفالات المولد النبوي لإقامة حفلات زفافهم، أما عن عروسة المولد فنجد أن المؤرخين، قد أرجعوا أنها كانت تمثل زوجة الخليفة، وكان الفاطميون هم أول من صنعوا العروس من الحلوى في المولد، وتجمل بالأصباغ، ويداها توضعان في خصرها، وتزين بالأوراق الملونة والمراوح الملتصقة بظهرها، ومنذ ذلك الحين أصبحت الحلوى من المظاهر التي ينفرد بها المولد النبوي الشريف في مصر، وكان هناك أكثر من 1000 شكل لحلويات المولد، ولكن العروسة والحصان هم الأشهر لما يمثلون من فرحة.

متى عرف المصريون الاحتفال بالمولد النبوي؟

وتابع: أن المصريين عرفوا الاحتفال بالموالد بداية مع حكم الفاطميين لمصر، وقد شهد الاحتفال بالمولد في عام 973هـ في عهد الخليفة الفاطمي المعز لدين الله، وكانت الدولة مكتملة في تلك الفترة "الخليفة والوزراء وعامة الشعب" حيث كان يتم استقبال هذه المناسبة بدايةً من أول ربيع الأول حتى 12 من الشهر نفسه، وقد كان الاحتفال بالمولد النبوي الشريف من سمات عصر الفاطميين؛ حيث بالغوا في الاحتفال به وأفرطوا في ذلك ولم يحتفل الفاطميين بالمولد فقط، بل كان للخلفاء الفاطميين أعياداً آُخري ومواسم على مدار العام، وهى مواسم "رأس السنة، وأول العام الهجري، ويوم عاشوراء".

أماكن بيع عرائس وحصان المولد

وأشار عامر إلى أن أماكن بيع العرائس تتمركز داخل المناطق الشعبية، خاصة داخل محافظة القاهرة التي يوجد بها مراكز صناعة عرائس المولد بالقرب من تمركز القاهرة الفاطمية القديمة في مناطق مثل باب البحر، وباب الشعرية، والموسكي، وحارة اليهود، وغيرها من الأماكن القريبة من القاهرة الفاطمية القديمة.

الدكتور أحمد عامر

 

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: