يقع جامع سارية الجبل فى القسم الشرقى من قلعة صلاح الدين الأيوبى وشيد على الطراز العثمانى.
موضوعات مقترحة
أحمد عيسى: افتتاح المسجد يعظم الاستثمار فى مجال السياحة الدينية ويسهم فى تقديم تجربة سياحية خاصة
د. مصطفى وزيرى: مشروع الترميم عام 2018 استغرق 5 سنوات بتكلفة 5 ملايين جنيه
هشام سمير: أعمال الترميم شملت أعمال التدعيم الإنشائى والترميم المعمارى الدقيق
فى إطار خطة الوزارة لجعل مدينة القاهرة مقصدا سياحيا قائما بذاته، يستمتع فيه السائح بكل المقومات والأماكن السياحية والأثرية، افتتح وزير السياحة والآثار أحمد عيسى واللواء خالد عبد العال، محافظ القاهرة، والدكتور مصطفى وزيرى، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، جامع سليمان باشا الخادم بقلعة صلاح الدين الأيوبى، والمعروف باسم سارية الجبل، وذلك بعد الانتهاء من مشروع ترميمه، فقد بدأ الترميم وإعادة تأهيل كل المواقع الأثرية بنطاق القاهرة الكبرى خلال هذا العام.
فى هذا السياق تمت زيادة الإنفاق العام على مشروعات الآثار بنسبة بلغت نحو 3 مليارات جنيه للعام المالى الحالى، مقارنة بالعام المالى المنقضى، الذى بلغ فيه الإنفاق نحو مليار ونصف المليار، وحجم الإصلاح المالى الذى يشهده المجلس الأعلى للآثار، أسفر عن قدرة المجلس على تمويل كل المشروعات تمويلًا ذاتيًا، من خلال الارتفاع الذى تشهده إيرادات تذاكر الزيارة بنحو 5 أضعاف خلال عامين.
وفيما يتعلق بـ «سارية الجبل» كان الوالى العثمانى سليمان باشا، قد أنشأ هذا الجامع الشهير بمسجد «سارية الجبل»، ونحن لا نعرف لماذا سمى بهذا الاسم، حيث يعتقد البعض أنها نتيجة واقعة تاريخية من ضمن التراث الإسلامى، والقدرة على التخاطر، حدثت للصحابى سارية بن زنيم الدؤلى الكنانى ببلاد فارس أثناء خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب..
هذا المسجد تأثر بناؤه بروح وثقافة العمارة المملوكية، من حيث نسب المآذن، وتفاصيل الرخام والكتابات الكوفية فى الحوائط، ففى هذا المكان نجد بركة كبيرة لوجود أضرحة منذ أيام الفاطميين.. فهو مسجد مميز وفريد من نوعه فى كل شيء.
يقع جامع سارية الجبل فى القسم الشرقى من قلعة صلاح الدين الأيوبى، شيد على الطراز العثمانى، ويعتبر أول المساجد التى أنشئت بمصر على الطراز العثمانى، بعد القضاء على دولة المماليك.
وقد تولى سليمان باشا الخادم حكم مصر لفترتين، الفترة الأولى من عام 931ه /941هـ و 1525م 1535م ولمدة عشر سنوات، وقد تم بناؤه مكان جامع قديم يعود إلى العصر الفاطمى يعرف باسم مسجد أبو منصور قسطه، والى الإسكندرية فى العصر الفاطمى عام 535ه 1140م.
تم تجديد المسجد بعد أن تهدّم على يد سليمان باشا الخادم ليكون مقرا للجنود الإنكشارية، حتى لا يحدث صدام بطائفة العزب المتواجدة جنوب القلعة، وكما قلنا كان أول المساجد العثمانية، يليه جامع سنان باشا ببولاق أبو العلا، ثم جامع الملكة صفية بالداودية، ثم جامع محمد بك أبو الدهب بالأزهر، ثم جامع محمد على بقلعة صلاح الدين.
وللجامع ثلاث واجهات معمارية، تقع الواجهة الرئيسية بالجهة الجنوبية الغربية، أما من حيث التصميم الداخلى فالجامع مكون من قسمين، القسم الشمالى عبارة عن صحن مكشوف يحيط به أربعة أروقة مغطاة بقباب ضحلة، والقسم الجنوبى بيت الصلاة وتعلوه قبة حجرية حليت باطن قبتها بزخارف متنوعة ما بين هندسية ونباتية وكتابية، ولأول مرة فى المساجد العثمانية نشاهد الطراز العثمانى للمآذن فى مئذنة هذا الجامع، حيث صممت قمتها بشكل مخروطى ذي بلاطات خزفية تشبه القلم الرصاص.
والجزء المسقوف منه مغطى بقبة فى الوسط تحيط بها أنصاف قباب، حليت جميعها بنقوش ملونة جميلة، تتخللها كتابات منوعة ويكسو حوائطه من أسفل وزرة من الرخام، تنتهى بطراز مكتوب به بالخط الكوفى المزهر آيات قرآنية.
وبوسط جداره الشرقى محراب رخامى، وللمسجد منبر من الرخام الأبيض المحلى بزخارف محفورة فيه، وبالجدار الغربى باب يؤدى إلى صحن مكشوف، فرشت أرضيته بالرخام الملون، وأحيط بأربعة أروقة تغطيها قباب محمولة على عقود ترتكز عليها أكتاف بنائه، ويكسو حائط الرواق الشرقى منها وزرة من الرخام الملون، وقد ألحق بالصحن من الجهة الغربية قبة صغيرة، بها عدة قبور عليها تراكيب رخامية ذات شواهد تنتهى بنماذج مختلفة لأغطية الرأس التى كانت منتشرة فى ذلك العصر.
هذا، وقد كانت قباب المسجد جميعها مكسوة بالقيشانى الأخضر والمنارة أسطوانية ذات تضليع، ولها دورتان كل منهما تبرز عن البدن بواسطة مقرنصات متعددة الحطات، وتنتهى من أعلى بمخروط، تغطيه ألواح من القيشانى الأخضر، وهذا الطراز من المآذن العثمانية ساد استعماله فى أغلب المساجد التى أنشئت فى ذلك العصر.
وقال وزير السياحة أحمد عيسى، إن افتتاح المسجد يعظم الاستثمار فى مجال السياحة، ويسهم فى تقديم تجربة سياحية خاصة للزائرين من المصريين والسائحين من كل دول العالم، فى ضوء حرص الدولة على تحسين جودة التجربة السياحية بالمقاصد السياحية المصرية، لاسيما فى ظل النمو المتزايد فى الحركة السياحية التى تشهدها مصر فى الوقت الحالى، واستعادتها لنسبة السياحة بعد جائحة كورونا بشكل كبير، مشيرا إلى تطلع الوزارة من خلال التعاون مع وزارة الطيران المدنى إلى زيادة عدد المقاعد القادمة من بعض الأسواق السياحية الجديدة والمستهدفة، مثل سوق أمريكا اللاتينية، خصوصا بعد تشغيل خط طيران جديد مباشر مع البرازيل، والارتفاع الكبير فى أعداد السائحين القادمين منه، الأمر الذى يؤكد حرص الوزارة على فتح أسواق سياحية جديدة.
وحرص الوزير على تفقد منطقة خدمات الزائرين بمحيط قلعة صلاح الدين الأيوبى، والتى تم تجهيزها لتحتوى على عدد من البازارات والكافتيريات، وأماكن انتظار السيارات، بما يعمل على تحسين التجربة السياحية بالمنطقة، التى تعد أحد أهم المحاور الإستراتيجية الوطنية لتنمية السياحة فى مصر.
وأوضح د. مصطفى وزيرى، أنه تم البدء فى مشروع الترميم عام 2018، واستغرق نحو 5 سنوات بتكلفة بلغت نحو 5 ملايين جنيه، مؤكداً أن جميع الأعمال تمت تحت إشراف قطاعى المشروعات والآثار الإسلامية والقبطية واليهودية بالمجلس الأعلى للآثار، فإن افتتاح هذا المسجد يعد إضافة جديدة للأماكن الأثرية التى يمكن زيارتها بقلعة صلاح الدين الأيوبي، مما يعمل على زيادة الحركة السياحية داخلها.
ومن جانبه أشار العميد مهندس هشام سمير أن أعمال الترميم بالجامع شملت أعمال التدعيم الإنشائى والترميم المعمارى والدقيق، من أهمها معالجة واستكمال وتنظيف وعزل الواجهات الحجرية والمئذنة، والوحدات الزخرفية، والتكسيات الرخامية بجدران الجامع، بالإضافة إلى معالجة وتقوية طبقات الملاط بقباب الصحن المكشوف، ومعالجة الأحجار والقباب الأثرية بالضريح الملحق بالجامع، والوجهات الزخرفية، وكل العناصر الخشبية.
وأضاف: كما تم ترميم سقيفة الكُتاب المزخرفة والدكة أعلى السقيفة، وعمل طبقات العزل والحماية الطبق الخشبى المزخرف بالمواد المعروفة عالميا فى أسس الترميم، فضلًا عن أعمال تركيب البلاطات الخزفية لجميع قباب الجامع، وعددها 23 قبة, التى تم تدعيمها لحمايتها قبل تركيب البلاطات الخزفية، وتطوير شبكة الإضاءة الداخلية للجامع والكتاب.