طفرة تنموية كبيرة حققها الاقتصاد المصري، من خلال إقامة المشروعات القومية الكبرى وتحدي الأزمات العالمية، على الرغم الصعوبات التي واجها خاصة في ظل تداعيات كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، إلا أن المشروعات القومية كانت صاعدة على سلم الأزمات الهابط؛ وضعت الحكومة رؤية جديدة لبدء مرحلة نمو جديدة في الاقتصاد المصري لإعادة دور القطاع الخاص ليكون المحرك الأساسي في كل المشروعات التنموية.
موضوعات مقترحة
وتبنى الحكومة سياسة واضحة من خلال تنفيذ عدد من المشروعات القومية التي تركز في الأساس على تطوير شامل في كافة القطاعات تمكن المستثمرين والقطاع الخاص على المشاركة وتجذب استثمارات أجنبية مباشرة.
كما تنفذ مصر رؤية واضحة لمضاعفة الصادرات المصرية؛ خلال السنوات القادمة لتصل إلى الهدف 100 مليار دولار وهو هدف محوري للحكومة ما يدعم موارد النقد الأجنبي بزيادة الصادرات.
معدل نمو إيجابي
وبحسب ما يقول الدكتور ياسر شحاتة، أستاذ إدارة التنمية البشرية والتنمية المستدامة، لـ"بوابة الأهرام": مع بداية الإجراءات الاحترازية في 28 فبراير 2020 والتي قامت بها الدولة المصرية لمواجهة فيروس كورونا كان معدل النمو المصري 5.6% ، وبعد مرور 3 أشهر أي في نهاية يونيو من نفس العام انخفض معدل النمو ليصبح 5.1% ، في الوقت الذي كانت الدول في ظل هذه الأزمة تعلني من معدل الحالة انكماش اقتصادي كانت الدولة المصرية تحقق معدل نمو إيجابي، مضيًفا أن هذا الأمر له "مدلول قوي" ويرجع إلى النصف الثاني عام 2014 من خلال إعداد "خطة إستراتيجية قومية" انتهجتها الدولة المصرية تتضمن المشروعات القومية العملاقة، والتي استطاعت من خلالها زيادة قدرة الاقتصاد المصري في امتصاص الأزمات والتصدي لها؛ حيث خططت لمشروعات قومية عديدة على سبيل المثال لا الحصر: "المشروع القومي لقناة السويس الجديدة، وتنمية سيناء وزراعة المليون ونصف مليون فدان، والمدن الإدارية الجديدة، وتطوير العشوائيات واختفائها، ومجهودات الدولة في قطاع الكهرباء والطاقة، وحزمة مشروعات بناء الإنسان المصري التي تضمن مشروع تكافل وكرامة وحزمة الإجراءات الحماية الاجتماعية المتعددة".
تحقيق قيمة مضافة
وتابع: وبعد أزمة كورونا أتت إلينا الأزمة الثانية وهي "الحرب الروسية الأوكرانية"، استطاع أيضا الاقتصاد المصري من خلال الإعداد المسبق تحسبا لأي أزمات أن يخفف من حدتها؛ حيث زادت إيرادات الدولة من خلال تلك المشروعات واتبعت الاستراتيجيات التي نستطيع من خلالها تحقيق قيمة مضافة وامتداد للخطة ظهر مشروع القرن وهو مبادرة "حياة كريمة" فهو مشروع متعدد الأركان، والتأثير استطاع أن يلبي احتياجات المواطن بشكل عام والريف المصري على وجه الخصوص ومن ثم رفع مستوى المعيشة .
برامج تنمية الصعيد
وأشار أستاذ إدارة التنمية البشرية والتنمية المستدامة، أن الدولة المصرية بدأت منذ عام 2018 معالجة أمر غاية في الأهمية وهو الفجوة في الميزان التجاري استطاعت من خلال خطتها أن تقلل مصر هذه الفجوة عبر الاهتمام بالصناعة وتوطين المنتج محليا من منطلق أن التنمية الصناعية الشاملة هي الأساس المحرك لزيادة معدل النمو ومن ثم رفع مستوى المعيشة.
كما واصلت الدولة المصرية مشروعاتها القومية العملاقة من خلال برامج تنمية الصعيد والاهتمام بالقرى الأكثر احتياجا استطاعت من خلالها وعن طريق محافظة أسوان بالتحديد الربط بين الدولة المصرية وإفريقيا كتبادل تجاري.
مشروعات النقل العملاقة
ونوّه شحاتة، أن الدولة المصرية استطاعت من خلال مشروعات النقل العملاقة، والتي تشير إلى حداثة في الفكر المصري من خلال الربط بين كافة محافظات الدولة هي إحدى الأدوات، التي استطاعت تسيير ورعاية الاستثمار المحلي والأجنبي، ذاكرًا المشروعات القومية الخاصة بالتعليم؛ حيث استطاعت مصر أن تواكب التطورات الحاصلة في بيئة الأعمال الحديثة والتطورات مثل التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي وذلك بإضافة بعض الكليات والجامعات الخاصة بالتكنولوجيا.
مجهودات الدولة في القطاع الصحي
وأضاف، أما عن مجهودات الدولة في القطاع الصحي، فالدولة وضعت خطة في النصف الثاني من 2014 من تطوير واستحداث وإنشاء وحدات صحية بالقرى ومستشفيات في كافة ربوع الدولة المصرية، الأمر الذي ساعد على الاهتمام بصحة المواطن، فضلا عن المبادرات الرئاسية للاهتمام بصحة المواطن منها على سبيل المثال لا الحصر" 100 مليون صحة، مكافحة فيروس سي، المشروع القومي للتأمين الصحي الشامل".
الاستثمار البيئي
واستكمل: وفي ظل التحدي الأخطر الذي يواجه العالم وهو التغيرات المناخية كانت للدولة المصرية مجهودات للتصدي لهذه المشكلة التي تؤرق الدول النامية فبدأت بإعداد خطة لمواجهة التغيرات المناخية وبدأت بخطة إستراتيجية للتغيرات المناخية بدأت من خلالها التطبيق في كل القطاعات لتحويلها بأن تكون صديقة للبيئة فبدأت لدينا المدن المستدامة، والاستثمار البيئي من خلال الاقتصاد الأخضر والهيدروجين الأخضر ومشروعات النقل الأخضر، مضيفًا أن هذه المشروعات القومية العملاقة التي تم الإعداد لها؛ حيث كانت للدولة رؤية ثاقبة مستقبلية بحلول 2030، وبدأ التنفيذ المباشر من خلال الدولة المصرية بكافة مؤسساتها الحكومية الخاصة والتي تشير إلى أن البطل الحقيقي لهذه الملحمة هو المواطن المصري الذي استطاع إنجاز تلك المشروعات التي عملت على قوة الاقتصاد المصري واستعداده لتصديه لأي أزمات تطرق وأكبر دليل على قوة الاقتصاد المصري هو أزمتي "جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية" وهما أزمتي عانت منها كل دول العالم بلا استثناء، لذلك نستطيع أن نؤكد أن الاقتصاد المصري صاعد على سلم الأزمات الهابط.
الدكتور ياسر شحاتة
مشروع التنمية المصري
ومن جانبه، يضيف الدكتور وليد جاب الله، خبير الاقتصاد والمالية، وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع، أن مشروع التنمية المصري هو مشروع شامل ومتنوع يشمل كافة البقاع الجغرافية للوطن وكامل القطاعات الاقتصادية وذلك من خلال إستراتيجية تتضمن المشروعات بكافة أحجامها الكبيرة والمتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر ولكن إذا كانت الدولة تشجع المستثمرين ورواد الأعمال على ممارسة النشاط الاقتصادي إلا أنها تصدرت خلال السنوات الماضية للمشروعات الكبرى التي لم يكن للقطاع الخاص القدرة على القيام بها لاسيما وأن مردودها هو مردود بعيد المدى إلا أن وجودها كان حتميا لتأسيس صناعة التنمية وتشجيع القطاع الخاص على استكمال المسار.
تعزيز تنافسية السوق المصرية
وأوضح، أن مصر انطلقت في إنشاء آلاف من المشروعات الكبرى في كافة القطاعات وهو الأمر الذي خلق مئات الآلاف من فرص العمل ونجح في تحفيز الاقتصاد وخفض معدلات البطالة إلى نحو 7% ، وتحقيق معدلات نمو أكبر من توقعات المؤسسات الدولية لمصر ولعل أبرز نتائج تنفيذ تلك المشروعات هو تعزيز تنافسية السوق المصرية في جذب استثمارات أجنبية ومحلية بعد أن تم توفير كافة البنية الأساسية للمستثمرين وتهيئة بيئة الاستثمار بصورة كبيرة من خلال تلك المشروعات.
الدكتور وليد جاب الله
سياسة اقتصادية توسعية
وفي السياق ذاته، يشير الدكتور مصطفى أبو زيد، الخبير الاقتصادي، ومدير مركز مصر للدراسات الاقتصادية والإستراتيجية، أن الدولة المصرية انتهجت منذ ٢٠١٤ سياسة اقتصادية توسعية كان هدفها الرئيسي هو تنشيط الاقتصاد المصري بعد فترة شاهدتها مصر من الاضطراب السياسي الذي أثر بشكل مباشر على المؤشرات الكلية للاقتصاد المصري من تراجع في معدل النمو، وتزايد عجز الموازنة وارتفاع معدل البطالة، وبالتالي كان ضروريا التدخل من جانب التدخل سريعا بتنفيذ المشروعات القومية، مؤكدًا على أن لها عدة أهداف متوازية وهى هو زيادة حجم الناتج المحلى الإجمالي، وبالتالي زيادة معدل النمو الاقتصادي إلى جانب توفير فرص عمل مباشرة وغير مباشرة تسهم في تراجع معدل البطالة بالإضافة إلى تأسيس بنية تحتية قوية التي تعتبر أهم المحددات الرئيسية في عملية جذب الاستثمار الخاص المحلى والأجنبي.
الحوافز الاستثمارية
وأكد الخبير الاقتصادي أن المشروعات القومية كان لها تأثير على نجاح تنفيذ المرحلة الأولى من برنامج الإصلاح الاقتصادي في نوفمبر ٢٠١٦ والذي حقق فيه الاقتصاد المصري في العام المالي ٢٠١٨/٢٠١٩ معدل نمو اقتصادي بلغ ٥.٦% وتراجع معدل البطالة إلى ٧.٤% ؛ حيث أسهمت تلك المشروعات بأكثر من ٥ ملايين فرصة عمل، وتراجع نسبة الدين إلى الناتج المحلى الإجمالي إلى ٩٠.٥%، وبالتالي كانت المشروعات القومية ومازالت هي العمود الفقري في تنشيط عجلة الاقتصاد المصري إلى جانب التيسيرات والحوافز الاستثمارية التي تكفلها الدولة لجذب الاستثمار الخاص المحلى والأجنبي لزيادة مساهمة ومشاركة القطاع الخاص في عملية تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
الدكتور مصطفى أبو زيد