بعد الجدل الكبير الذى أثير فى رمضان الماضي حول ملف الوصاية على المال الخاص بالقصر بسبب تناول الموضوع في مسلسل «تحت الوصاية» مما أدى إلى تحركات كثيرة من قبل المسؤولين لاتخاذ خطوات جادة لدراسة القضية وإيجاد حلول لها لما فى ذلك من أثر كبير فى استقرار الأسر التى تعانى من هذه المشكلة وفى خطوة جديدة نحو الحل النهائى سادت حالة من الارتياح والدعم داخل المجتمع المصرى للحوار الوطنى والتوصيات النهائية التى أعلنتها لجان المحور المجتمعي فيما يخص قضية الوصاية على المال التى نوقشت داخل لجنة الأسرة والتماسك المجتمعى.. تفاصيل التوصيات نتعرف إليها في هذا التحقيق.
موضوعات مقترحة
أعلنت لجان المحور المجتمعى للحوار الوطنى التوصيات النهائية فيما يخص قضية الوصاية على المال التى نوقشت داخل لجنة الأسرة والتماسك المجتمعي، وكانت أهم هذه التوصيات: تعديل المادة (1) من قانون 119 لعام 1952 الخاص بأحكام الولاية على المال لتصبح الأم في المرتبة التالية مباشرة للأب في مسألة الوصاية على أموال القاصر متقدمةً على مرتبة الجد، لتصبح المادة (1) كالآتى: «للأب ثم الأم إذا لم يكن الأب قد اختار وصيًا للولاية على مال القاصر وعليه القيام بها ولا يجوز أن يتنحى عنه إلا بإذن المحكمة».
ثانيا: إعادة النظر ومراجعة جميع القيم المالية الواردة في قانون تنظيم الوصاية على المال التي وضعت منذ 70 عاما وطرأت متغيرات اقتصادية كبيرة عليها فأصبحت غير متناسبة مع الوضع الاقتصادي الحالي، ومن أمثلتها:
• عدم جواز التصرف في عقار القاصر أو المحل التجاري أو الأوراق المالية، إذا زادت قيمتها على 300 جنيه (تعادل حاليًا نحو مليون و450 ألف جنيه).
• عدم جواز قيام الوصي بالصلح أو التحكيم إلا فيما يقل عن مئة جنيه (المادة 38)
• إعفاء الوصي من تقديم كشف حساب إذا كانت أموال القاصر لا تزيد على 500 جنيه إن لم تر المحكمة غير ذلك.
• وأخيرًا عقاب الوصي بعقوبة الغرامة التي لا تزيد على مئة جنيه عند الامتناع عن تسليم أموال القاصر (مادة ٨٨).
• تحديد مبلغ مالي مناسب يضمن مرونة الإنفاق على شئون القاصر من دون اشتراط الحصول على إذن سابق من القاضي المختص، ولكنه يخضع لرقابة لاحقة بما يحقق سرعة التصرف وشفافيته، مع وضع تنظيم قانوني خاص للإنفاق في الحالات الحرجة والعاجلة.
• رقمنة النيابة العامة المختصة وتيسير التعامل إلكترونيًا في بعض الموضوعات وإنشاء تطبيق إلكتروني أو عن طريق موقع إلكتروني لاستقبال الطلبات والشكاوى من الوصي للتسهيل عليه وتوفير الوقت والجهد له وضمان سرعة وسهولة الإجراءات.
• المحافظة على القيمة المالية لأموال القصر لانخفاض قيمتها بمرور الوقت واستثمارها استثمارًا آمنًا لا مخاطرة فيه من خلال إنشاء صندوق استثماري مناسب، تتم إدارته إدارة اقتصادية مستقلة، تحقق العائد والغرض من وراء إنشائه.
• النظر في تغيير نظام الولاية على أموال القصر، بإنشاء هيئة مستقلة للولاية على أموال القصر وفقًا لما جاء في المادة (215) من الدستور المصري.
تقول د. كريمة الحفناوي عضو الحزب الاشتراكي المصري وعضو الجبهة الوطنية لنساء مصر: إذا تحدثنا عن الأسرة والتماسك المجتمعي، فقد اجتمعت المنظمات النسائية والمرأة في الأحزاب لتحدد المطالب والأولويات التي نطالب بها في التشريعات والقوانين من أجل استقرار الأسرة المصرية ومن أجل المصلحة الفضلى للطفل وأضع ملايين الخطوط تحت استقرار الأسرة المصرية والمصلحة الفضلى للطفل، وبالتالي كنا منذ خمس سنوات تناقش المنظمات والأحزاب وعدد من الشخصيات ما سمي بقانون عادل للأسرة المصرية، وهذا القانون كان يشمل جميع القضايا ليس الوصاية فقط وإنما الزواج والطلاق وما ينشا عنهما والرؤية وغيره فكنا نطالب بقانون أحوال شخصية كامل لأنه آن الأوان لهذا القانون حيث أننا مازلنا نحتكم إلى قانون 1920 في بداية عشرينيات القرن الماضي ولكن هناك متغيرات كثيرة في المجتمع من متغيرات ثقافية واجتماعية واقتصادية وسياسية تؤدي إلى أنه لا بد من تغيير هذا القانون بشكل كامل وليس فقط الوصاية والولاية أو الرؤية فقط لكن فوجئنا بأن لجنة الأسرة والتماسك المجتمعي جزأت الموضوعات إلى جزئيات ورغم أهمية هذه الأجزاء مثل الجزء الخاص بالوصاية والجزء الخاص بالمخاطر الإلكترونية بالنسبة للعنف ضد المرأة والجزء الخاص بالطلاق نحن نثمن ونقدر ونرحب بأي تشريع من أجل استقرار الأسرة المصرية ولكن في إطار أن يكون لدينا استراتيجية لقانون متكامل وليس حلول جزئية لأن الحلول الجزئية بالتأكيد تعمل على بعض الاستقرار ولكن علاج كل المشكلات في قانون موحد مهم سواء كان قانونا موحدا للأسرة يشمل جميع القضايا بداية من الخطبة والزواج والأسرة والولاية المشتركة حتى الطلاق والمشكلات التي تنتج عنه فيكون كاملا ومتكاملا وأيضا قانون العنف الموحد فالقانون الموحد للعنف ضد المرأة بدلا من أن نناقش المخاطر الإلكترونية بمفردها أو التحرش بمفرده ولكن نناقش قانونا موحدا للعنف ضد المرأة بجميع أشكاله من عنف أسري ومجتمعي لذلك نرحب بهذه القضايا الجزئية ولكننا بالتأكيد نريد حوارا كاملا ولجان استماع لقوانين كاملة ومتكاملة فى مجلسي النواب والشيوخ.
وتضيف نهى سيد المحامية الحقوقية ومؤسس مبادرة صوت لدعم حقوق المرأة: نعتقد أن النهج الذى تنتهجه اللجان المعنية بنظر التشريعات القانونية بغرض التطوير في نصوص مواد قانونية باتت غير ملائمة للأوضاع والظروف المجتمعة الحالية، سيسري نتائج وحلولا منصفة لصالح الأفراد كافة، وهذا ما لاحظناه وقت طرح مشروعي قانون مناهضة العنف الموحد وقانون الأحوال الشخصية الجديد للبرلمان المصري، وبعد تسليط الضوء على إشكالية الولاية على أموال القاصر بموجب القانون رقم 119 لسنة 1952 التى تنص على منح الجد من الأب الوصاية أصبح من الضروري تحديث التشريعات القانونية لما ينصب في مصلحة الأبناء، فالأم تستحق أن تكون الوصي الأصيل بعد وفاة الزوج، فالصلة القوية بين الطفل والأم هى درجة أولى من درجات القرابة، وإذا تمت الموافقة على هذا التعديل ستمنح النساء حقوقهن المستولى عليها أحيانا من أقارب الزوج فضلا عن كونها المتحكم الرئيسي في أموال القصر ولها حرية التصرف في ذلك.
وجدير بالذكر أن القانون بدوره يستوجب وضع رؤية بعيدة الأمد لمصلحة الفرد والمقصود به هنا «الأطفال القصر»، وانظلاقا من ذلك راعت التوصيات المطروحة من قبل لجان المحور المجتمعى بالحوار الوطنى قضية «الوصاية على أموال القصر» بشكل جيد حيث طرحت عدة مقترحات وتم عرضها على فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي وتلخصت في ثلاثة محاور غاية في الأهمية وهى منح الأم الوصاية المباشرة على أموال أبنائها القصر بعد الأب وسنت عقوبة على الوصي بالغرامة التي لا تزيد على مئة جنيه عند الامتناع عن تسليم أموال القاصر، وأكدت أهمية إنشاء هيئة مستقلة للولاية على أموال القصر على الرغم من وجود المجلس الحسبي في القانون الحالي إلا أنه ليس فعال كقوة هيئة مستقلة للولاية على أموال القصر، ومن منطلق التيسير على المواطنين جاء بالتوصيات أهمية تطبيق آلية الرقمنة للنيابة العامة المختصة وتيسير التعامل الإلكتروني عن طريق إنشاء تطبيق إلكتروني وموقع إلكتروني لاستقبال الطلبات والشكاوى من الأوصياء للتسهيل عليهم وضمان سهولة وسير الإجراءات بعد تلقي الشكوى والبت فيها في وقت ملائم يراعى فيه مصلحة القاصر في المقام الأول.
ونشيد بدور الإعلام الإيجابي في طرح وتناول معاناة النساء الأرامل والصعوبات التى تواجهن في الحياة، إضافة إلى الوقائع المخالفة والأحداث المجتمعية التى كانت المحرك الرئيسي للمياه الراكدة ونتجت عنها تلك التوصيات والمقترحات التى نأمل أن تتم الموافقة عليها وتدخل حيز التنفيذ في الأيام المقبلة من أجل منح الأم والأبناء القصر حياة أفضل بعد فقدان الأب بوفاته ورحيله عنهم..
وتقول د. هالة يسرى أستاذ علم الاجتماع بمركز بحوث الصحراء: خطوة مهمة واقتراح سديد من متخصصين ومعايشين لقضايا الأحوال الشخصية ومعاناة الأسر والأبناء الذين حدث طلاق في محيط أسرهم وأنا سعيدة بتناول موضوع الوصاية المالية من قبل الأم بدلا من الجد وهذا منطقي للغاية فالأم هي المسؤولة عن تربية وتنشئة أبنائها وهي المسؤولة عن توفير الاحتياجات المالية لهم وهي التي تعايشهم في منزل واحد فكيف لها أن تطلب من الجد تمويلا مستمرا بمبررات قد لا يقتنع بها لاتساع الفجوة المعرفية والفكرية بين الأبناء والجد وأنا أتعجب من كيف يتم إلى الآن تربية الأبناء في منزل والمسؤولية المالية في منزل آخر وأعتقد أن هذه الخطوة آن الأوان أن تفعل لكي نقلل كم الضغوط النفسية والاقتصادية والاجتماعية غير المبررة في تعامل الأم المالي تجاه أولادها وتحقيقا لمبادئ الشفافية واتقاء الشبهات يطلب من الأم تقديم أوراق ومستندات رسمية عن كل مصروفاتها على الأبناء القصر حتى نضمن سلامة القنوات ورشادة القرارات المالية التي تتخذها الأم تجاه أولادها.