جميع السيدات أعلن اعتراضهن على القانون تحت أى ظرف، فالسيدة سلمي عمر تعرضت للتجربة منذ عشر سنوات تروي: تزوجت فى سن صغيرة ومن دون معرفة جيدة لوالد أولادى واكتشفت الكثير من الأمور بعد الزواج يصعب التعايش معها وتصاعدت الخلافات وتم طردى من بيت الزوجية، وفي أثناء جلوسى عند أهلى فوجئت بإعلان بيت الطاعة واعتبارى ناشزا وبالفعل رجعت بيت الزوجية وكانت معاناة شديدة حتى تم الطلاق.
وترى أن القانون مهين لأى امرأة وسلاح يستخدمه الرجل لإذلال الأم ويجب أن يلغى بالقانون الجديد لأنه يساء استخدامه ويزيد من حدة الخلافات بين الزوجين وليس حلا.
وتؤيدها فى الرأى داليا عبدالله أم لطفلين:»أرى أن فكرة إجبار الزوجة على العودة إلى الزوج بقانون ظلم لأى امرأة وتزيد من حدة الخلافات ويمكن أن تتسبب فى جريمة فيجب أن يسقط القانون ولا يتم تطبيقه، فهو إهانة للرجل قبل المرأة».
بعيد عن الإنسانية
المهتمون بقضايا المرأة يرون أن القانون يتعارض مع أى عرف إنسانى فتقول عبير سليمان، باحثة فى شئون المرأة ومدير مركز ضد التمييز، إن الرجل القيم صاحب القوامة لا يطلب زوجته ببيت الطاعة، فلا الدين ولا العرف الإنسانى يسمحان بذلك ، موضحة أن جميع البشر متساوون فى الحقوق والواجبات وأيضا العقاب والثواب.
وأوضحت عبير سليمان أن التربية القديمة لم تقل أبدا أن يقوم الرجل بأخذ زوجته غصبا وإجبارا ووصفت القانون بأنه «عقيم»، حيث أن اسم قانون بيت الطاعة مهين للرجل أكثر من المرأة، موضحة أن الرجل المثقف لن يقوم أبدا بجلب الزوجة بالإجبار لتعيش معه، ولكنه سيترك لها حرية الاختيار لتختار ما تريده.
وترى أنه فى ضوء تكدس المحاكم بأعداد هائلة من القضايا، وتكاثر حالات الطلاق وتأخير الفصل فى القضايا، لا بد من إعادة النظر فى كل أمور محكمة الأسرة بقانون الأحوال الشخصية، مؤكدة أن حق المرأة ضائع بمحاكم الأسرة سواء طلاق أو خلع أو حضانة أو نفقة أو رؤية،مؤكدة أننا نحتاج إلى ثورة حقيقية على النصوص القائمة والإجراءات التى تتبع للحفاظ على حقوق المرأة المصرية التى تمثل حقوق الأسرة كلها.
حالات لا تعرف الطاعة
في القانون هناك حالات لا يطبق بها قانون الطاعة وهذا ما يوضحه محمد حسن محامى أحوال شخصية قائلا إن بعض الرجال بعد الاختلاف مع زوجاتهم وترك الأخيرة مسكن الزوجية يحاولون إجبارهن بالانصياع لأوامرهم عن طريق طلبهن فى بيت الطاعة، وفى حالة رفض الزوجة تنفيذ الطاعة تكون ناشزا ولكن هناك حالات تسقط الطاعة مثل أن يكون مسكن الزوجية غير صالح للسكن ،وإذا كانت الزوجة شرطت فى عقد زواجها ألا ينقلها من البلد الذى تعيش فيه، وإذا كانت خرجت من مسكن الزوجية لرعاية أحد أبويها أو لقضاء حوائجها التى يقضى بها العرف أو الضرورة، وإذا طلبت الزوجة نقلها من بيتها الذى يقيم معها فيه إلى منزل آخر ولم يفعل.
ويوضح أن هناك الكثير من المحاضر التى تحررت بسبب بيت الطاعة وهذا ليس فى صالح الزوجين،ومن الأفضل أن ينتهى هذا القانون مع الحفاظ على محاولات الصلح التى تتم بين الزوجين قبل حكم الطلاق لأنها مجدية وتقلل نسب الطلاق لتدخل علماء الأزهر فى حل الخلافات وهذا السبيل لحل الخلاف ليس قانونا مهينا يزيد من الاحتقان.
طغيان على الزوجة
ووصفت الدكتورة آمنة نصير- أستاذ العقيدة والفلسلفة بجامعة الأزهر - بيت الطاعة بـ»طغيان من قبل الزوج على الزوجة»، حتى يخضعها لما يريد ويقتل شخصيتها،مؤكدة أن هذا الأمر مخالف لما أقره الله للحياة الزوجية، مستعينة بقوله تعالى «وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا».
وتوضح أن الميثاق الغليظ قائم على المودة والرحمة والسكن وليس الطاعة أو الإجبار،موضحة أن الطاعة التى يشير إليها القانون بعيدة تماما عن الشرع، وبعيدة عن متطلبات الميثاق الغليظ بين الزوج والزوجة، مشددة على أنه لا يمكن أن يعمر بيت بعيد عن المودة والسكن والرحمة وقائم على الإكراه.
محرم شرعا
ويقول الشيخ محمد أمين من علماء الأزهر: إن بيت الطاعة يقصد به فى الأساس منزل الزوجية، حيث يطلب الزوج من زوجته العودة إلى منزلهما فى حالة مغادرتها ولكن ما يحدث من قبل بعض الأزواج هو استغلال هذا القانون لإخضاع الزوجة وإذلالها وتضييع حقوقها، وهذا أمر محرم ولا يجوز شرعا.
ويؤيد رأى شيخ الأزهر فى أن المرأة يجوز لها تولى الوظائف العليا والقضاء والإفتاء، والسفر من دون محرم متى كان آمنا،ولا وجود لبيت الطاعة فى الإسلام.
ويرى أن القانون الجديد يجب أن يحمى المرأة ويمنع إجبار الزوجة وإذلالها بهذه الطريقة موضحا أن أهم خطوة بقضايا الطلاق تكون محاولة الصلح بين الزوجين وهى الأهم وليس بقانون يزيد من احتقان وشدة الخلافات.
وفى النهاية فالقانون الهدف منه الحفاظ على الحقوق ورد الحقوق لأصحابها وليس الإجبار أو التعرض لإهانة وحماية حقوق المرأة هدف أصيل للمحافظة على كيان الأسرة ككل وهذا ما نسعى إلى أن يقدمه قانون الأحوال الشخصية بأن يحميها ويعالج المشكلات التى عانت منها المرأة في القانون الحالي.