Close ad

القطاع الخدمى يسهم بـ 60% من حجم الاقتصاد الهندى

23-9-2023 | 21:41
القطاع الخدمى يسهم بـ  من حجم الاقتصاد الهندىالهند - صورة أرشيفية
حنان البيلى
الأهرام العربي نقلاً عن

 

موضوعات مقترحة

جذبت الهند 49.9 مليار دولار استثمارات أجنبية عام 2022
تبنت الحكومة الهندية برنامج تصنيع باسم الحوافز المربوطة بالإنتاج

تحالفات الهند تشكل عامل حسم فى النمو الاقتصادى

صندوق النقد الدولى: حققت أفضل تدفق للاستثمارات الأجنبية فى تاريخها

الهند ادخرت 3.6 مليار دولار من استيراد النفط الروسى  في السنوات الأخيرة أصبح الهنود من مصممى برامج الحاسوب
الشركات العالمية تنظر في توسيع عملياتها إجراءات الإصلاح بدأت عام 1991 وفئة الشباب عامل مهم فى الصعود
 

تشهد الهند تقدما اقتصاديا بدأ منذ عام 1991، ومنذ ذلك التاريخ تسعى القيادات السياسية الهندية المتعاقبة، إلى اكتساب مكانة القوى الكبرى إقليميا ودوليا، سواء على المستوى الاقتصادى أم  السياسى.

تسعى جاهدة للدخول فى تكتلات تقيها من التوترات الجيوسياسية التى تموج بها منطقة جنوب شرق آسيا، وكان أول تلك التحالفات حركة دول عدم الانحياز، ودخلت الهند فى مجموعة العشرين، وكذلك فى مجموعة البريكس، وفى محاولة منها للاستفادة من علاقاتها القوية مع روسيا الاتحادية، وللبعد عن التشاحن الأمريكى- الصينى.
وبعد اندلاع الحرب الروسية - الأوكرانية سعت الولايات المتحدة الأمريكية جاهدة لاستمالة الهند إلى جانبها، وتعزيز مكانتها فى مجموعة العشرين، فى مقابل دفع نيودلهى إلى تخفيف اهتمامها بالبريكس، وأيضا لاتخاذ موقف معارض لروسيا، وقدمت الولايات المتحدة فى سبيل ذلك العديد من المغريات، التى تبدأ بزيادة التجارة البينية، ولا تنتهى بالعلاقات العسكرية.


تعد قصة صعود الاقتصاد الهندى، ووصوله إلى المرتبة الخامسة عالميا بناتج محلى إجمالى قيمته 3.39 تريليون دولار، من النماذج الملهمة للعديد من الاقتصادات الساعية للخروج من زمرة الاقتصادات النامية، والدخول فى ركب الاقتصادات الصاعدة .


وقد أظهرت بيانات البنك الدولى عام 2022، أن الناتج المحلى الإجمالى للهند فى صعود على مدار السنوات العشر الماضية، باستثناء عام 2020، الذى شهد أزمة جائحة كورونا، وصاحَب ارتفاع قيمة الناتج المحلى أداء إيجابى لمعدلات النمو الاقتصادى، ففى عام 2013، كان معدل النمو 6.4 ٪، وارتفع إلى 8.3 ٪ عام 2016. وبعد تراجع بسبب كورونا، حقق الاقتصاد الهندى عامى 2021 و2022 نموا بنسبة 9.1 ٪ و7 ٪ على الترتيب، ويعزز  من قوة صعود الاقتصاد الهندى وجود معدلات ادخار قومى مرتفعة.


وقد أظهر تقرير "رؤية عامة"، للبنك الدولى الصادر عام 2023، أن الهند استطاعت من خلال معدلات النمو المرتفعة أن تخفض من حدة الفقر بنسبة 50 ٪، وارتفع متوسط نصيب الفرد من الدخل القومى عام 2022 إلى 2380 دولارا بعد أن كان 1500 دولار عام 2013. ويعد معدل النمو الاقتصادى للهند عام 2022، من المعدلات الأعلى عالميا  فى ضوء الظروف العالمية التى مر بها الاقتصاد العالمى، خصوصا بعد جائحة كورونا، والحرب الروسية - الأوكرانية، وقد مثل الناتج المحلى الإجمالى للهند عام 2022، نسبة 3.37 ٪ من الناتج المحلى العالمى البالغ 100.56 تريليون دولار.
 
بداية الصعود


بدأت الهند فى إجراء الإصلاحات الاقتصادية بعد الأزمة المالية، عام 1991، وهو العام الذى شهد بداية التحول الهندى نحو الانفتاح والاندماج فى الاقتصاد العالمى.
على يد وزير المالية الدكتور مانموهان سينج، رافق هذه الاصلاحات الاقتصادية، اهتمام قوى وواسع النطاق، بتطوير البنية التحتية مثل مشروع إنشاء شبكة من الطرق السريعة، لربط المراكز الصناعية والزراعية والثقافية الرئيسية على مستوى البلاد، سمى هذا المشروع بـالرباعى الذهبى، وبدأ التخطيط له فى عام 1999، وأطلقه رئيس الوزراء الهندى  السابق، أتال بيهارى فاجبايى، فى عام 2001، واكتمل تنفيذه فى عام 2012.

وأفضت هذه الإصلاحات إلى تسارع معدلات النمو الاقتصادى فى البلاد، التى أخذت فى الارتفاع من القاع الذى بلغته عام 1990، عند معدل 1.06 ٪، لتصل إلى نحو 8.85 ٪ عام 1999، بحسب إحصائيات البنك الدولى، وباستثناء بعض الانخفاضات الاستثنائية المرتبطة بأزمات اقتصادية إقليمية أو عالمية، مثلما حدث فى الفترة بين عامى 2000 و2002، أو خلال عام 2008 إبان الأزمة المالية العالمية، فإن معدل النمو الاقتصادى السنوى فى الهند، ظل يتراوح بين 7 ٪ و8 ٪. وأضحت الهند من الاقتصاديات الكبرى التى يتجاوز ناتجها المحلى الإجمالى التريليون دولار سنويا، من حيث معدلات النمو الاقتصادى السنوية فى عام 2018.

وتشير مختلف التقديرات الاقتصادية، إلى أن النمو الاقتصادى السنوى فى الهند، سيحافظ على معدلاته تلك خلال السنوات الخمس المقبلة على الأقل.
ونتيجة تسارع معدلات النمو الاقتصادى الهندى تلك، ارتفع الناتج المحلى الإجمالى للبلاد من نحو 316.7 مليار دولار فى عام 1990، إلى نحو 462.1 مليار دولار فى عام 2000، قبل أن يتضاعف هذا الناتج المحلى الإجمالى بضع مرات ليصل إلى نحو 2.6 تريليون دولار، فى عام 2017. وأضحت الهند بذلك سادس أكبر الاقتصادات العالمية فى عام 2018، بفضل النمو المتسارع وحجم الإنتاج والصادرات، لتحتل مكانة متقدمة إلى جانب الصين فى قيادة اقتصاد القارة الآسيوية.
 
دعائم الصعود

تتمثل أهم دعائم النمو الاقتصادى الهندى، خلال العقود الثلاثة الماضية فى التحول المتسارع من النمط الزراعى التقليدى، إلى الاقتصاد الصناعى والخدم، المتطور نسبيا، ووفقا لبيانات البنك الدولى، يعد قطاع الخدمات الهندى حاليا هو الأسرع نموا على مستوى العالم، ويسهم بنحو 60 ٪ من حجم الاقتصاد الهندى، فيما يستوعب نحو 28 ٪ من القوة العاملة الهندية.
وقد أخذاً قطاعياً الصناعة والتشييد اتجاهاً تصاعديآً بشكل ملحوظ، منذ مطلع الألفية الجديدة حتى عام 2008، حين بلغ إسهامهما  فى الناتج المحلى الهندى نحو 31.1 ٪ من الناتج المحلى الإجمالى، ومنذ عام 2010، بدأ نصيب قطاعى الصناعة والتشييد فى الناتج المحلى الإجمالى فى الهند يتراجع ويقترب من المعدل العالمى، وبلغ هذا الإسهام نحو 26.5 ٪ عام 2017.
 
شعار "صنع فى الهند"

منذ أن أطلق  ناريندرا مودى - رئيس الوزراء الهندى -  برنامج "صنع فى الهند"  والتى أعلن عنها فى 25 سبتمبر  2014. وقد أصبحت الحكومة الهندية دعما قويا للقطاع الصناعى، ويستهدف هذا البرنامج أن يصبح قطاع الصناعة الهندى، أكبر مستقبل للاستثمارات الخارجية المباشرة فى العالم، وفى المقابل تراجع إسهام القطاع الزراعى فى الناتج المحلى الإجمالى للهند من نحو 26.9 ٪ عام 1990، إلى نحو 15.6 ٪ عام 2017.

وبالفعل استطاعت الهند، وفقا لبيانات البنك الدولى لعام 2022، جذب تدفقات استثمارية أجنبية تصل إلى  49.9  مليار دولار، وللمفارقة، حققت الهند أفضل تدفق للاستثمارات الأجنبية فى تاريخها بأكثر من 64 مليار دولار خلال 2020، عام بداية جائحة كورونا. بينما كانت تلك التدفقات عام 2013، لا تزيد على  28.1 مليار دولار.
وانصب تركيز الحكومات الهندية المتعاقبة على قطاع الصناعة، كأحد أهم القطاعات الجاذبة للاستثمارات المباشرة من جميع دول العالم، وتستهدف الحكومة ليكون قطاعها الصناعى واحدًا من القطاعات المنافسة لأمريكا والصين، بحيث تكون الهند مركزًا صناعيا واعدا على الصعيد العالمى، ويقدم برنامج التصنيع الذى تتبناه حكومة رئيس الوزراء الهندى، ناريندرا مودى، والمعروف باسم الحوافز المرتبطة بالإنتاج، حوافز نقدية للشركات فى مجموعة من الصناعات المستهدفة، التى حققت معدلات نمو سريعة، مثل صناعات  الأدوية والمنسوجات والإلكترونيات. وبموجب هذا البرنامج، تحصل الشركات المؤهلة على حوافز نقدية إذا كانت قادرة على زيادة مبيعاتها فوق سنة الأساس، كل عام، على امتداد خمسة أعوام.

كوادر بشرية

عملت الحكومات المتعاقبة بداية من نهرو، على خلق طبقة متميزة من الكوادر البشرية تكون بمثابة القوى الرافعة للصناعة الهندية، وحظيت بعض المجالات  بالتفضيل والدعم من قبل تلك الحكومات .
ومنذ خمسينيات القرن الماضى، اتبعت وزارة التعليم العالى سیاسة النخبوية، حيث قامت بتعليم شريحة واسعة نسبياً من نخبها فى العلوم والهندسة والطب والمحاسبة، والإعلام الآلى وإدارة الأعمال، وكانت بداية المعاهد التكنولوجية منذ عام 1951، حيث  أنشأ جواهر لال نهرو المعاهد الهندية السبعة الأولى فى التكنولوجيا، وفى خمسين عاماً تنافس مئات الآلاف من الهنود للفوز بالدخول، ثم التخرج فى تلك المعاهد التقنية، إضافة إلى المعاهد الهندية الستة فى إدارة الأعمال، فأنتجت نخبة علمية استثنائية.

مثلت تلك النخبة عدداً كبيراً من الطيور المهاجرة القرن، التى بدأت فى التاسع عشر، واستمرت على مدار القرن العشرين، حيث بدأت تتغير نوعية هؤلاء المهاجرين، فارتفعت نسبة الذين تلقوا تعليماً عالياً، ويمتلكون  مهارات مرتفعة، وفى السنوات الأخيرة أصبح الهنود من مصممى برامج الحاسوب، وعملوا فى شركات وادى السيليكون فى الغرب الأمريكى.
وقد أسهمت تلك الزيادة السكانية، ونوعية التعليم العالى النخبوى  فى جذب الاستثمارات الأجنبية، وجعل الغرب ينظر إلى الهند باعتبارها العملاق السكانى الوحيد فى القرن الحادى والعشرين، الذى يمكن أن يكون حليفاً له وموازياً للصين من حيث الثقل.
 
تحالفات الهند

تشكل علاقة الهند بكل من الولايات المتحدة الأمريكية، والصين وروسيا عاملاً حاسماً فى مسار التقدم الاقتصادى، وخلق مناخ عام من السلام والاستقرار فى المنطقة، يشجع على جذب الاستثمارات الأجنبية، شريطة أن تبنى الهند سياسة خارجية أكثر براجماتية، يتم تحديد توجهاتها بناءً على أولويات الاقتصادية، أى إن استمرار النمو الاقتصادى المطرد للهند مرهون بكيفية إدارة علاقاتها بالولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك بكل من الصين وروسيا.

وقد استفادت الهند من استيراد النفط الروسى، فمع تسارع  العقوبات الغربية ضد روسيا، وتفاقم الضغوط الهادفة إلى تجفيف مصادر عائدات موسكو المالية، قاوم ناريندرا مودى هذه الضغوط، وعمد إلى تعزيز روابطه التجارية مع روسيا، وقال وزير الخارجية الهندى، سوبرامانيام جايشانكار، فى نوفمبر الماضى  فى موسكو، إنّه بصفتنا ثالث دولة مستهلكة للغاز والنفط، دولة مستهلكة ذات مستوى دخل غير مرتفع كثيراً، من واجبنا الأساسى أن نؤمن للهنود الحصول على أفضل الشروط فى الأسواق الدولية.

مما مكن الهند من تحقيق مدخرات كبيرة، ساعدت فى إبقاء مستوى التضخم فى البلاد تحت السيطرة، واستوردت الهند، فى مارس الماضى، كميةً قياسيةً من النفط الروسى بلغت 1.62 مليون برميل فى اليوم، التى تمثّل 40٪ من وارداتها، بالمقارنة مع 70 ألف برميل فى اليوم قبل الحرب، وهى الكمية التى كانت تمثّل 1٪ من وارداتها، وادّخرت الهند 3.6 مليار دولار، باستيرادها النفط الخام الروسى المنخفض الثمن، وذلك خلال الأشهر العشرة التى تلت بدء العملية العسكرية الروسية فى أوكرانيا، بحسب ما أفاد نائب هندي، فى ديسمبر الماضى.

وتستورد الهند الخام الروسى بسعر أقلّ بكثير من 60 دولاراً للبرميل، وهو السقف الذى حددته دول مجموعة السبع، لسعر النفط الروسى فى ديسمبر الماضى، ويخصّص قسم كبير من النفط المكرّر فى الهند للسوق المحلية، لكن النفط الروسى بتكلفته المنخفضة سمح للهند  أن تصبح مزوّداً مهماً للدول الأوروبية بمادتى البنزين والديزل.

تتميز العلاقات الهندية - الصينية بالتشابك والتعقيد، فالصين هى أكبر شريك تجارى للهند، والهند تتعامل مع تلك الحقيقة الراسخة المتمثلة فى أهمية الصين للاقتصاد الهندى، بغض النظر عن أية توترات فى بعض الملفات، خصوصا الخلاف الحدودى بينهما، والصين هى أكبر شريك تجارى للهند، حيث بلغ حجم التجارة 89.71 مليار دولار، بين عامى 2017 و2018، لكن اتساع الفجوة التجارية أثار قلق الهند، وبلغ عجز الهند التجارى مع الصين 63.05 مليار دولار، بين عامى 2017 و2018 لصالح الصين.

بحسب صندوق النقد الدولى، من المقرر أن يصبح الاقتصاد الهندى الأسرع نموا فى العالم عام 2023، ومن المتوقع ارتفاع الناتج المحلى الإجمالى للبلاد بنسبة 6.1 ٪، وهى نسبة أعلى من متوسط نمو الأسواق الناشئة الذى يبلغ 4 ٪، وأعلى بخمس مرات من معدل النمو الصناعى عالميا البالغ 1.2 ٪. وعلى خلفية تباطؤ الصين الطويل، وعثراتها بسبب سياساتها حيال جائحة كوفيد-19، وارتفاع تكاليف العمالة فيها. فإن الشركات العالمية التى أبدت اهتماما بإعادة توزيع مصانعها، تنظر فى توسيع عملياتها فى الهند.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة