من 100 مليون صحة إلى القضاء على فيروس سي .. كيف نجحت المبادرات الصحية في تقديم خدمة علاجية عالمية للمصريين ؟

21-9-2023 | 14:41
من  مليون صحة إلى القضاء على فيروس سي  كيف نجحت المبادرات الصحية في تقديم خدمة علاجية عالمية للمصريين ؟المبادرات الصحية
إيمان البدري

تشهد مصر تطورا مستمرا في مجال الصحة لم يحدث في العهود السابقة، حيث أولى الرئيس عبد الفتاح السيسي  اهتماما كبيرا بصحة المصريين، ووجه بتطوير منظومة الصحة  والوصول بخدمات مبادرات الصحة لجميع أنحاء الجمهورية، مع زيادة معدلات تقديم الخدمة في القرى والنجوع، والتوجيه  بتوفير الموارد اللازمة لتحسين الخدمة الصحية وقد انطلقت مبادرة 100 مليون صحة  التي تعتبر من أهم المبادرات الصحية  خلال السنوات الماضية حيث تتضمن المبادرة الاهتمام بالكشف عن كثير من الأمراض ومتابعتها.

موضوعات مقترحة

100  مليون صحة تناولت الكشف على عديد من الأمراض غير السارية والأمراض النفسية

 في البداية يقول الدكتور جمال عصمت تعد المبادرات الرئاسية " 100 مليون صحة " من أهم التدخلات الصحية التي قدمتها الدولة في السنوات القليلة الماضية، وقد  انطلقت المبادرة الأم للقضاء على فيروس سي والكشف عن الأمراض غير السارية في أكتوبر 2018 بالتزامن مع المبادرة الرئاسية للقضاء على قوائم الانتظار، وتبعها العديد من مبادرات الصحة العامة التي هدفت إلى رفع الوعي الصحي لدى المواطنين بهدف إرشادهم إلى  اتباع أنماط الحياة الصحية، مع تجنب عوامل الخطورة المسببة للأمراض غير السارية.

" كما تضمنت مبادرة 100 مليون  صحة على الكشف المبكر بهدف اكتشاف الإصابة بأحد الأمراض لتجنب المضاعفات. والعمل على التوعية والحد من أسباب انتشار العدوى الأمراض المعدية، بل اشتملت مبادرة 100 مليون صحة على العديد من الخدمات التى تهدف إلى الحد من انتشار الأمراض الوراثية للأطفال حديثي الوالدة وكذلك  تضمنت مبادرة 100 مليون صحة خدمات الدعم النفسي لبعض الفئات من المجتمع مثل المقبلين على الزواج وكبار السن.

ويكمل، أن مبادرة 100 مليون صحة التي يهتم بها رئيس الجمهورية  تضمنت أيضا الدعم صحة المرأة المصرية، وذلك بهدف سلامة الأسرة والمجتمع  والتي انطلقت في يوليو عام ٢٠١٩  في مبادرة رئيس الجمهورية لدعم صحة المرأة المصرية باعتبارها أهم شرائح المجتمع وأكثرها احتياجًا للتوعية والرعاية الصحية. حيث تجد المرأة المصرية معاناة خاصة في متابعة حالتها الصحية خاصة في الأماكن الأكثر احتياجا وفي بعض العائلات التي تحكمها أعراف عدم الذهاب وحدها منفردة إلى الطبيب وتنتظر في ذلك عائلتها حتى تذهب معه إلى الطبيب وقد تتأخر حالتها ، حيث تعاني المرأة المصرية منذ عقود من مشكلات صحية متراكمة في مقدمتها الأورام السرطانية، بنسبة تصل إلى ٣٥٪ من إجمالي الإصابات السرطانية للمرأة المصرية.

" وهنا تستهدف مبادرة 100 مليون صحة  الكشف المبكر عن أورام الثدي لنحو ٢٨ مليون سيدة بجميع محافظات الجمهورية بالفحص والكشف الإكلينيكي عن المرض وتوفير العلاج بالمجان، كما تضمنت المبادرة التوعية بالصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة والحياة الصحية والكشف عن الأمراض غير السارية (السكري، ضغط الدم، قياس الوزن والطول وتحديد مؤشر كتلة الجسم، ومستوى الإصابة بالسمنة أو زيادة الوزن)، بالإضافة إلى عوامل الخطورة المسببة للأمراض غير السارية، والتوعية بطريقة الفحص الذاتي للثدي.

القضاء على فيروس c وانخفاض تكلفة العلاج

يقول الدكتور جمال عصمت، أستاذ الكبد والجهاز الهضمي بجامعة القاهرة، نائب رئيس جامعة القاهرة الأسبق،ومستشار منظمة الصحة العالمية للفيروسات الكبدية، وعضو مؤسس للجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية، كان ينظر لمصر في السابق بأنها أعلى دولة في الإصابة بفيروس سي، حيث كانت تصل نسبه الانتشار لفيروس سي إلى 22% في عام 1996، وهي نسبة مرتفعة وكانت تنتشر أكثر في الدلتا نتيجة استخدام الحقن الزجاجية في علاج مرض البلهارسيا في فترة الأربعينيات والثمانينيات من القرن الماضي،  وذلك نظرا لعدم وجود الحقن البلاستيكية، ونظرا أنه  كانت توجد مشكلة أنه لا يوجد علاج لمرضى فيروس سي، غير حقنة "الانترفيرون" التي كانت نسبة نجاحها لا تزيد على 50% من الشفاء من مرض فيروس سي، وكان لها أعراض جانبية عالية، ولم تكن مناسبة لكل فئات المرضى، ونتائجها كانت غير مشجعه.

الدكتور جمال عصمت

"ولكن في عام 2014 ظهر تطور عالمي في علاج فيروس سي، عن طريق الحبوب التي يتم تناولها عن طريق الفم، التي تصل نسبة الشفاء فيها إلى أكثر من 90 %، ولا يوجد لها أعراض جانبية، وكانت تناسب معظم المرضى، لكن كانت المشكلة الكبيرة فيها أنها كانت غالية التكاليف، حيث كان يصل كورس العلاج لشخص واحد إلى مليون جنيه، مما يمثل عائقا كبيرا جدا في مصر وفي أي مكان آخر في العالم.  

ويكمل: إنه في 2015 تم التواصل مع الشركات العالمية المنتجة لدواء فيروس سي، للحصول على الدواء بسعر مخفض، وصل إلى 1% من ثمنه الأصلي أي يصل الدواء للمريض بـ 10 آلاف جنيه بدلا من مليون جنيه.

 شركات الأدوية المصرية تنتج دواء فيروس سي محليًا 

 ويشير الدكتور جمال عصمت، أنه تم التواصل مع شركات الأدوية المصرية، للبدء في إنتاج أدوية مصرية مماثلة لهذا الدواء الأجنبي لعلاج فيروس سي، وتم تنفيذ أدوية مصرية لها نفس الكفاءة والأمان، مما ساهم في خفض سعر دواء فيروس سي مرة أخرى من 10 آلاف جنيه إلى أقل من 1500 جنيه، وبالتالي أصبح علاج فيروس سي متاحا، لجميع المصابين بفيروس سي الذي تم ترددهم على جميع المراكز التي تم إنشاؤها في جميع المحافظات المصرية.

"وبذلك استطعنا في 2016 علاج 600 ألف شخص بالأدوية المصرية المنتجة محليا، ووصل عدد من تم علاجهم على مدار السنوات الماضية إلى 2 مليون شخص ممن يعلمون أن لديهم إصابة بالفيروس، ولكن من خلال الأبحاث التي قمنا بها، علمنا أنه يوجد حوالي 2 إلى 3 ملايين شخص مازالوا مصابين بالفيروس، ولا يعلمون بإصابتهم، وهي مشكلة لأن عدم علاجهم يؤدي إلى مضاعفات تصل إلى حالة متأخرة ويصعب علاجهم.

 كما أن عدم علمهم بإصابتهم بفيروس سي، يجعلهم أكبر مصدرا لنقل فيروس سي للآخرين، وبذلك يعتبرون المشكلة التي تقف عائقا في أننا نصل إلى المعدلات العالمية للقضاء على فيروس سي التي تحددها منظمة الصحة العالمية.

المبادرة الرئاسية للقضاء على فيروس سي والأمراض غير المعدية

وفي سياق متصل يقول الدكتور جمال عصمت، إن في حملة القضاء على فيروس سي، كان الدافع لنا فيها، أن الإرادة السياسية في هذا الوقت، كانت مهتمة بمشكلة فيروس سي في عام 2017، لأننا لم نكن قادرين على فعل ذلك، إلا من خلال الدعم السياسي المباشر من رئاسة الجمهورية، ولم يكن من السهل تحقيق ذلك إلا من خلال التعاون، ما بين جميع الوزارات بقيادة وزارة الصحة بتكليف من رئاسة الجمهورية.

 وبذلك تم فحص هذه الخطة وتنفيذها في 2018 باسم "المبادرة الرئاسية للقضاء على فيروس سي والأمراض غير المعدية"، وقد حدث هذا التطوير نتيجة وجود وسائل للاكتشاف السريع لفيروس سي، التي تسرع من إدخال بيانات المريض على المنظومة الصحية المتطورة، التي توضح إصابته بفيروس سي، وتدوين أنه قد تم تشخيصه وعلاجه في مكان آخر، آو أنه مصاب بفيروس سي، ولكن لم يتم علاجه من قبل، وهذه القصة استغرقت حوالي 7 شهور، بدءا من أكتوبر 2018 وحتى أبريل 2019، وقد وصلنا في بعض الأيام، أنه كان يتم فحص نص مليون شخص يوميا، في جميع الأماكن وبذلك استطعنا إنهاء المشكلة في فترة وجيزة.  

 وبعد ذلك يتم تحويل المريض للوحدة المعالجة الأقرب لسكنه بميعاد محدد، لتلقى العلاج لمدة 3 أشهر وتصل نسبه الشفاء إلى 95% من هذه الأدوية الحديثة، وجميع الفحوصات تتم بالمجان.

ولم نكتف بتحليل فيروس سي، ولكن امتد الكشف في المنظومة الصحية على السمنة والضغط والسكر، بهدف تشخيص المشاكل الطبية الغير معدية، وبذلك في 2018 و2019 تم فحص 60 مليون شخص مصري، أدخلنا نتائجهم على المنظومة الصحية، وبذلك أصبح لدينا معلومات عن كل شخص أكثر من 18 سنة، نعرف عنهم هل مصابون بمرض مزمن آخر أو بفيروس سي أم لا، وتحديد أن المصابين منهم تم علاجهم مباشرة.

 ومن خلال هذا الإنجاز انخفضت نسبة انتشار فيروس سي بنسبة أقل من 5%، بعدما كانت تصل إلى 22%، وبذلك وصلنا للمعدل المطلوب التي كانت تستهدفه منظمة الصحة العالمية في 2030، ولكننا حققناه سريعا في 2020، كما أن هذا الإنجاز تم تسجيله، في أكبر فحص طبي يجرى في العالم، ولم تتمكن دولة إجرائه حيث تم فيه تنفيذ فحص 60 مليون شخص، يليه نيجريا تم بها فحص 30 مليون شخص بهدف البحث على فيروس الإيدز.   

البنك الدولي ومنظمة الصحة العالمية أعلنا ريادة مصر في علاج فيروس سي

ويضيف الدكتور جمال عصمت، العضو المؤسس للجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية، أن منظمة الصحة العالمية والبنك الدولي، اعترفوا أن مصر أصبحت القائدة في فكرة علاج فيروس سي على مستوى العالم.

كما أن مصر تمكنت من تدريب القيادات الصحية والوحدات الصحية المختلفة، لكي يستطيعوا أن يتعاونوا في نظام متكامل، ينتج عنه منظومة نجاح، وهذا ساعدنا في وقت أزمة كورونا أن القيادات والوحدات الصحية، كانت مدربة في وقت سابق في 2018، على التصدي لفيروس سي، حيث كانت منظومة متكاملة تستطيع العمل في القضاء على كورونا وكوفيد، بنفس المنظومة التي كانوا يعملون بها في 2018 و 2019 للقضاء على فيروس سي.

 ونتج عن ذلك أننا نفذنا مبادرة، بهدف توصيل الفكرة والمعلومة والمنظومة للدول الأفريقية المحيطة بنا، وبالفعل تم التواصل مع أكثر من 10 دول أفريقية لنقل التجربة لهم، ومساعدتهم في كيفية القضاء على فيروس سي في بلادهم، وبالفعل هذا التعاون أثمر عن تقدم في كثير من الدول الأفريقية المحيطة بنا.

منظمة الصحة العالمية تتحقق من المبادرة

يقول الدكتور وحيد دوس، أستاذ أمراض الكبد والجهاز الهضمي بجامعة القاهرة، ورئيس اللجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية، في إطار تشكيل اللجنة الفيروسية الكبدية في 2006، كانت توجد كثير من أعضاء الجهات الدولية، ووجود تعاونا وثيق مع هذه الجهات الدولية، وكان أهم تعاون تم، جاء من خلال المبادرة الخاصة بالمسح الشامل لفيروس سي، والتي تعتبر الأساس في القضاء على فيروس سي، حيث قامت منظمة الصحة العالمية في مصر من التحقق بمراجعة كل شيء في المبادرة، لكي توجد جهة دولية تقوم بمراجعتنا، وبالفعل قد خرجوا بتقرير أنهم تحققوا من النتائج التي أصدرناها في المسح والعلاج والشفاء،عند تواجدهم الميداني في الفروع ومن خلال الاتصالات الهاتفية بالمرضى ممن تناولوا العلاج.

الدكتور وحيد دوس

"كما توجد جهات دولية كثيرة أخرى أشادت بالتجربة المصرية، وقمنا بالتعاون معهم من خلال كثير من الخبراء في الجامعات الأوروبية والأمريكية.

وحول مراكز العلاج وإنشائها، قد تم إنشاؤها بتمويل كامل من لجنة قومية تابعة لوزارة الصحية المصرية، أما المبادرة كانت بالتعاون مع البنك الدولي في تمويل بعض نقاط المبادرة، علما بأن بعد التجربة المصرية في إنتاج دواء فيروس سي محليا فإن الفرد في مصر يتكلف 700 جنيه في العلاج مقارنة بحوالي 80 ألف دولار في علاج المريض في أمريكا، وهذا أكبر إنجازا في تقديم دواء محلي لعلاج فيروس سي وبذلك نخفض من تكلفة العلاج على نفقة الدولة.

إستراتيجيات آمنة للقضاء على فيروس سي في مصر

تشير الدكتورة منال حمدي السيد أستاذ ورئيس قسم طب الأطفال بجامعة عين شمس، وعضو مؤسس للجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية، أن الشق الخاص المتعلق بفيروس سي لمصر، لها إستراتيجية تم نشرها في 2014 مع بداية العلاجات الجديدة، تضم بها الشق الوقائي ومكافحة العدوى، وما يخص التوعية المجتمعية على مستوى الدولة وما يخص الأمان دم، ويمتد إلى الحقن الأمن.

الدكتورة منال حمدي السيد

بالإضافة إلى وجود الشق الخاص بالمسح وتشخيص العلاج، وهذه الإستراتيجية كانت بالتعاون والدعم التقني والتعاون مع منظمة الصحة العالمية ومركز التحكم في الأمراض في الولايات المتحدة الأمريكية، وتم نشرها في 2014 مع بداية دخول العلاجات الجديدة لعلاج فيروس سي في مصر، وهي قد أحدثت طفرة كبيرة جدا، وكانت المحور الرئيسي الذي تم الاعتماد عليه، إلا أن تصل مصر إلى النسب العالمية لفيروس سي.

أما الشق الخاص بوضع أمان للدم، تم وضع إستراتيجية كاملة لبنوك الدم المصرية، ليصبح الدم أكثر أمانا عن السنوات الماضية، لكي نضمن أن الدم لا ينقل أي أنواع من العدوى الفيروسية للأشخاص الذي يتم لهم نقل الدم المتكرر أو على الأقل نقل الدم عامة، وهذا عكس ما كان يحدث في الوقت السابق، حيث كان نقل الدم يقوم بنقل العدوى بفيروس سي وفيروسات أخرى، وهذا كان أحد أسباب الإصابة المرتفعة بفيروس سي.

أما الشق الثاني الخاص بالحقن الأمن في مصر، قامت مصر كأول دولة تدخل في منظومة الحقن الآمن مع منظمة الصحة العالمية، وترتب عليها نقل الملكية الفكرية لتصنيع الحقن الآمنة ذات الاستخدام الواحد وذات التدمير الذاتي، التي تختفي فيها الإبر ذاتيا حتى لا يتمكن أحد من استخدامها مرة أخرى، وهي تحمي الأطباء والعاملين بقطاع الصحة من شكة الإبر المتكرر الذي كان ينقل العدوى في القطاعات الصحية، وبذلك أصبح في مصر شركات تصنع الحقن الآمنة، وأصبحت المستشفيات الحكومية على مستوى الدولة جميعها تستخدم بنسب مرتفعة الحقن الآمنة

منظومة الغسيل الكلوي وعلاج الأطفال

 وتضيف الدكتورة منال حمدي السيد، أن منظومة الغسيل الكلوي، منظومة قوية الآن، ومعمول لها إستراتيجية قومية أيضا، وتوجد متابعة من وزارة الصحة لكافة مراكز الغسيل الكلوي على مستوى الجمهورية، وتم عمل توعية في الأماكن الأخرى التي من الممكن أن تنقل العدوى، مثل الحلاقين تم عمل منظومة كاملة لهم، وتم عمل توعية في القرى لكي يتم استخدام الأدوات المستخدمة في الحلاقة مرة واحدة.

 وكذلك على مستوى أطباء الأسنان في الأماكن النائية، وهي تعتبر إستراتيجية وقائية تم تنفيذها، ومازال يوجد الترصد والمتابعة للمنظومة الوقائية لأنها أهم جزء، لأن بعد المسح لفيروس سي وتقديم والعلاج على مستوى الدولة، كان لا بد من وجود المتابعة والتأكد من أنه لم يتم رصد حالات جديدة، وإذا تم رصد حالات جديدة يتم التأكد من أين جاءت لكي يتم متابعتها، لحل هذه المشكلة فورا وهذا كله يوجد في المنظومة والإستراتيجية.

أما الجزئية الخاصة بالأطفال، نعلم جميعا أنه تم تنفيذ حملة 100 مليون صحة كمبادرة رئاسية، وهي كانت تتضمن جميع القطاعات ووصلت إلى رأس الدولة، التي حققت أهدافها في عام 2020 بدلا من 2030، حيث كانت منظمة الصحة العالمية كانت وضعت تاريخ 2030 لكل دول العالم للتخلص من الفيروسات الكبدية، وبالفعل قد وصلنا إلى النسب الدولية، وقد تم النزول من 10 % في المجتمع إلى 7% ثم 4% ثم وصلنا إلى أقل من 1%، على مدى السنوات الماضية، وبذلك قد نكون وصلنا إلى النسب العالمية.                                                

أما المنظومة التي تم تنفيذها بالتوازي مع منظومة الكبار والبالغين، ومسح الـ100 مليون صحة الذي تم تنفيذه للبالغين لمدة 7 أشهر،وكانت بالتوازي معه حملة المدارس للأطفال م 12 إلى 18 عاما، أخذنا معها كل أنواع المدارس بأنواعها، مع ضمان السرية لنتائج المسح حفاظا على الطفل حتى لا يتم التمييز ضدهم بناء على أنه مصاب بالفيروس، هنا وضعنا في ديسمبر 2018 عمل مسح في المدارس من خلال الاختبار السريع مثلما كان يحدث للكبار، الذي تم التحليل لهم في حملة 100 مليون صحة للكبار والبالغين.

وتكمل: إنه تتم مراجعة ملفات الطلاب المصابين، من خلال تدريب لأطباء على البروتوكول العلاجي في هيئة التأمين الصحي، وهذا البروتوكول تم تنفيذه على المستوى القومي بنفس البروتوكول العلاجي، وتم علاج جميع الأطفال الذي تم اكتشاف إصابتهم، ويتم عمل تحليل "البي سي أر" لهم مع التأكيد على باقي التحاليل المطلوبة، ثم يتم البدء في العلاج وفقا لوجود أمراض أخرى مصاب بها أم لا.

المسح القومي للأطفال 

وتقول الدكتورة منال حمدي السيد، إن نسبة العلاج من فيروس سي، وصلت إلى حوالي 99% في الأطفال، ومازال المسح للأطفال يتم سنويا، مع متابعة إجراء المسح لهم في العام التالي، وهذه تعتبر المنظومة الأولى والوحيدة في العالم، حيث لم يتم عمل مسح قومي للأطفال في أي دولة في العالم.  

وبذلك تراجعت مصر بعد أن كانت أعلى دولة من الإصابة بفيروس سي، وبذلك أصبحت الدول الأكثر إصابة بفيروس سي، هي دولة باكستان وهم الآن يحاولون تنفيذ برنامج مماثل لمصر، وقد تم تدريب الكثير من الدول على البرنامج المصري، مثل دولة جورجيا وهي في طريقها إلى الحصول على شهادة التخلص من فيرس سي، ثم دولة رواندا، ودول أفريقية كثيرة.                        

التدريب على البرنامج المصري ومبادرة الرئيس لعلاج مليون إفريقي

وفي سياق متصل تقول الدكتورة منال حمدي السيد، إن مصر تعمل مع كثير من الدول الإفريقية، ويشهد على ذلك مؤتمر صحة أفريقيا، حيث كان يضم جلسات حول الفيروسات الكبدية على مدار يومين، كما تعتبر جميع الدول المشاركة عن طريق مركز التحكم في الأمراض الأفريقي، جزء منها سيبدأ لمصر بالتدريج، لكي يتم التدريب على البرنامج المصري والدعم من مصر حسب مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي" لعلاج مليون أفريقي" سواء للدعم التقني كإستراتيجية، ودعم تدريب الأطباء على إدخال البيانات وقاعدة البيانات الموجودة، والتدريب عليه، والتدريب على نظم العلاج ونظم مراكز العلاج، وكيف تم إنشاؤها، وكيف تم ربط هذه المراكز معا، وهذا نوع من التدريب ينفذ حاليا للدول الأفريقية.

خريطة صحية واضحة 

 وتضيف عضو اللجنة الفيروسية الكبدية، أن مبادرة فيروس سي، تمت مع الأمراض غير السارية مثل أمراض والضغط والسمنة، وهو مهم جدا لأنه يسمح لوزارة الصحة برسم خريطة صحية واضحة، على الأمراض الأكثر احتياجا للدعم، ووضع إستراتيجية واضحة للوزارة في الفترة القادمة.                     

أسباب انتشار فيروس سي

وتوضح الدكتور منال حمدي السيد، إنه كان لحقن البلهارسيا دور في نشر فيروس سي، باعتبار أنها حقن كانت غير آمنة في هذا الوقت، حيث كانت تستخدم أكثر من مرة لأكثر من شخص بعد غليها، ولا يتم تعقيمها بشكل، جيد مما سبب في نقل العدوى أكثر في العائلات.

ولكن في هذه الخطوة كان لمصر في مواجهة البلهارسيا نجاحات أخرى في الصحة على مستوى البلهارسيا، وهذا ما أعلنته منظمة الصحة العالمية في المؤتمر في أفريقيا، وأعلنت أن مصر كان لها نجاح سابق للبلهارسيا ماعدا بؤرا لم تعد تذكر حاليا، وذلك على مدى ال30ـ سنة الماضية من خلال عقار عبارة عن أقراص، بدلا من الحقن التي كانت تسبب فيروس سي، مع تطهير الترع من القواقع.

وتكمل: رغم أن مصر محدودة الدخل، إلا أنها حققت نجاحا ضخما باعتبارها أول دولة في العالم، تستطيع أن تفرض نفسها على المنظومة الصحية الدولية ببرنامج لم تقم به دول كبرى، ذات دخل كبير مثل الولايات المتحدة الأمريكية لأول مرة تعمل في هذا المجال، ولكن مصر انطلقت بناء على إحساسها بالمسؤولية تجاه المشكلة الصحية الكبرى التي كانت تواجه مصر على المستوى الصحي والاجتماعي والاقتصادي.   

لأن قضية علاج فيروس سي لها مردود اجتماعي واقتصادي، لأن المصاب بفيروس سي كان لا يعمل في أي مهنة، وكان يوجد تمييز في المجتمع ضد المصابين بفيروس سي وكانت توجد مشاكل كبيرة ليس لها حساب مادي، وقد تم تنفيذ دراسة رياضية، أثبتت أن ما تم فعله الآن، أكد أن كل دولار تم صرفه على مريض، قد وفر على الدولة 10 آلاف دولار، لهذا المريض على مدى الـ10 سنوات القادمة.

الاهتمام بالأطفال  في المنظومة الصحية

تقول الدكتورة إيمان فوده أستاذ طب الأطفال جامعة عين شمس، "أن  القيادة السياسية  وضعت أولوية للارتقاء بالرعاية الصحية الشاملة في إطار خطة الدولة للنهوض بالصحة العامة للمواطنين، وإقرار نظام تأمين صحي شامل لكل المصريين، بالارتكاز على بناء وتأهيل المستشفيات وإطلاق المبادرات الرئاسية الخاصة بالصحة العامة لتوفى الخدمة بشكل سريع والتي نجحت في تغيير شكل ومضمون المنظومة الصحية، فضلا عن إقرار قانون واضح المعالم للتأمين الصحي.

الدكتورة إيمان فوده

وتكمل، أن الرئيس السيسي حريص على تقديم جميع أنواع الدعم والمساندة لتشجيع القطاع الطبي الخاص للمساهمة مع القطاع الطبى الحكومي في تقديم الرعاية الصحية الشاملة لجميع المواطنين، موضحا أنه أرسى قاعدة تمتع جميع المواطنين وفي مقدمتهم محدودي الدخل وغير القادرين بالرعاية الصحية وجعلها حقاً رئيسياً من حقوق الإنسان من بينها مبادرة إنهاء قوائم الانتظار للحالات الحرجة وتخفيف الأعباء المادية على محدودي الدخل.   

وأشارت  إلى أن الواقع أن الرئيس عمل على مدار الـ9 سنوات الماضية على تحقيق الرعاية الصحية الشاملة لجميع المواطنين وتسخير كافة الإمكانيات لتحسين المنظومة وتغييرها للأفضل بإطلاق العديد من المبادرات الصحية وفي مقدمتها إطلاق المبادرات الرئاسية المختلفة والمتنوعة تحت مظلة " 100 مليون صحة" والعمل على رفع كفاءة البنية التحتية وتزويد المستشفيات بالمستلزمات اللازمة، حيث يعتبر الاستثمار في الصحة إحدى أهم الأولوليات على المستوى الدولي.

100 يوم صحة

وتضيف الدكتورة إيمان فودة، أن الاهتمام بالصحة لم يقتصر على المبادرة الرئاسية 100 مليون صحة ولكنه امتد إلى وجود مبادرة 100 يوم صحة وهي الأكثر سرعة في تحدي المرض وسرعة علاجه ويعتبر  المستهدف من مبادرة 100 يوم صحة، هو الـ104 ملايين مواطن والمقيمين على الأراضي المصرية وهم 9 ملايين، أي المستهدف هو كل من هو موجود على الأراضي المصرية بمختلف الأعمار، والهداف الحفاظ على الصحة العامة وأن يعيش المواطن حياة كريمة.

 كما أكد أن المبادرة تقدم كل الخدمات التي تقدمها وزارة الصحة، ليس فقط بهدف أن تعالج الإنسان حين يمرض ولكن الحفاظ على صحته، حيث تقدم المبادرة الخدمات الصحية التي تضمن الحفاظ على صحة المواطن بشكل مكثف جدا خلال 100 يوم.

 وذكرت، أن ذلك يتم على التوازي مع تطبيق منظومة التأمين الصحي في المحافظات التي تم البدء فيها، ويكون في بقية المحافظات مسارعة لتقديم خدمات صحية لا تنتهي إلا بدخول منظومة التأمين الصحي الشامل كل مصر، وأضافت  أنه من أول يوم تم البدء في مبادرة صحة الأم والجنين، ثم مبادرة الكشف عن الأمراض الوراثية عند حديثى الولادة، ثم الكشف المبكر عن ضعف السمع عند الأطفال، والكشف عن السمنة والأنيميا والتقزم، ومبادرة صحة المرأة والكشف عن أورام الثدى، والكشف عن الأمراض غير السارية، والقضاء على قوائم الانتظار، ومبادرة الكشف عن الاعتلال الكلوي، والكشف عن الأمراض عند المسنين، وكذا مبادرة الكشف عن الأمراض النفسية.

 مبادرة " 100 يوم صحة"

يقول الدكتور وليد هندي، استشاري الصحة النفسية، مبادرة 100 يوم صحة فكرت خارج الصندوق حيث لم تهتم فقط بالأمراض العضوية بل امتد الاهتمام بالأمراض المستوطنة والأزمات الصحية والاضطرابات النفسية، حيث إنها أمراض متوطنة في جسد وعقل المواطن المصري عبر عشرات السنين، فلذلك فهي كانت تحتاج حلولا خارج الصندوق.

الدكتور وليد هندي
 

 وقديما كان يتم التعامل مع الأمراض النفسية بطرق تقليدية، كما كان الوضع في التعامل مع منظومة التأمين الصحي كانت محدودة، وبالتالي عدد المستفيدين منها كان قليلا جدا مما كان لا يجعل هناك استطاعة في مواجهة المشكلات الصحية والنفسية والعقلية المتطورة التي تقابل الإنسان المصري في العصر الحديث، ولذلك من 2014و2015 وجدنا حلولا كثيرة مبتكرة مثل 100 مليون صحة على سبيل المثال، ومثل بعض المبادرات للكشف عن الأورام لدى السيدات وأشياء أخرى تم تنفيذها خارج الصندوق بحيث إنها  ترفع من كفاءة المواطن المصري من الناحية النفسية والعقلية.

 ويضيف الدكتور وليد هندي لكن الأجمل هي مبادرة ال100 يوم لأنها أهم كثيرا لأنها مركزة جدا ومحددة للفئة المستهدفة، وتوسعت مع نطاق التعامل مع صحة المواطن المصري حيث إنها شملت الجوانب النفسية والصحة النفسية والعقلية، التي لا تقل عن الصحة الجسدية، ولاسيما إن جميع الإحصائيات تقول إن المشاكل النفسية أصبحت أشد وطأة من المشاكل الجسدية.

لذلك فإن مبادرة 100 يوم صحة هدفها رفع الوعي لدى الناس، حيث إن الكثير يصاب بأعراض عضوية ولا يوجد لها تشخيص أو علاج، فيضطر للجوء للطبيب النفسي لأن يتأكد فيما بعد أن الأعراض العضوية نتيجة ضغوط نفسية ناتجة عن الضغوط الحياتية المختلفة، ولذلك الأعراض الصحية العضوية قد يكون سبها الأساسي الأمراض النفسية لذلك جاء اهتمام مبادرة 100 يوم صحة بالصحة النفسية.

 

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة