6 خطوات لحماية النحل من التغيرات المناخية

20-9-2023 | 14:47
 خطوات لحماية النحل من التغيرات المناخيةتربية النحل
وفاء عبد الرؤوف -عمر العربي
بوابة الأهرام الزراعي نقلاً عن

تُعتبر تربية النحل فرعاً من الفروع الأساسية للإنتاج الزراعى لأى دولة، فحشرة نحل العسل من الحشرات الهامة اقتصادياً إذ تُعد تربية وإكثار نحل العسل من الصناعات الزراعية التى تدر ربحاً وفيراً، كما أن لنحل العسل دوراً هاماً فى زيادة الناتج من المحاصيل الزراعية المختلفة من خلال مساهمته فى عملية التلقيح الخلطى بين مختلف أنواع النباتات، حيث يرجع ثلث الإنتاج من النباتات التى يستخدمها الإنسان للغذاء إلى التلقيح الخلطى للمحاصيل، ويعتبر نحل العسل أهم تلك الحشرات الملقحة، كما يتمتع نحل العسل الأوروبىApis mellifera   بخصائص فريدة تمكنه من إجراء دور المراقبة البيئية باعتباره الملقِّح الرئيسى لمعظم المحاصيل الزراعية، حيث تتعرض الشغالات السارحة للملوثات فى مواقع التلقيح أو أثناء الطيران من وإلى الخلية، وبالتالى يمكن الاعتماد على نحل العسل لمراقبة تغيرات البيئة، حيث إن قياس بقايا هذه المواد سواء فى منتجات النحل أو فى جسم النحل نفسه، مما يوفر معلومات عن تشبع البيئة بهذه المواد ومدى تعرض الملقحات الأخرى فى النظام البيئى لها.

ولمعرفة المزيد عن كيفية تأقلم النحل مع التغيرات المناخية الواقعى حالياً كان لـ"الأهرام الزراعى" هذا التحقيق..

بداية يشير الدكتور حاتم شرف الدين أستاذ مساعد تربية النحل بكلية زراعة جامعة القاهرة، إلى أن التغيرات المناخية الرئيسية التى نعيشها حالياً تشمل ارتفاع درجات الحرارة، هطول أمطار، العواصف، الفيضانات، الجفاف.. وهو ما أدى إلى التأثيرات التالية: انخفاض إنتاجية المحاصيل الاستراتيجية والإنتاج الزراعى ـ انتشار الأمراض والأوبئة فى النباتات والحيوانات - انخفاض إنتاجية الثروة الحيوانية والسمكية وزيادة تكلفة الإنتاج - انخفاض خصوبة التربة - زيادة الطلب على الموارد المائية نتيجة ارتفاع درجة الحرارة - زيادة الطلب على الموارد المائية نتيجة ارتفاع درجة الحرارة، بالإضافة إلى تفاقم معدلات الجفاف والتصحر.

المسئول الحقيقى

وعن  المسئول الحقيقى لتلوث البيئة الحاصل وما تبعه من تغيرات مناخية يقول د. حاتم: أثبتت التقارير البيئية الموثقة أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تساهم بنحو 7 % فقط من إجمالى انبعاثات غاز ثانى أكسيد الكربون، وكذلك تساهم الدول العربية كلها بنحو 5 %  فقط فى حين يبلغ مجموع انبعاثات ثلاث دول وهى الصين والهند والولايات المتحدة نحو نصف انبعاثات العالم.

ميكانيكية التأثير

وعن كيفية تأثير تغير المناخ على النحل، يوضح أستاذ مساعد النحل أنه منذ عام 1995 والعالم يشهد معدلات فقد عالية فى طوائف النحل، والسبب فى ذلك طبقاً للأبحاث العلمية مجموعة من العوامل المتداخلة مثل المبيدات الحشرية والقائمة الطويلة لأمراض نحل العسل، بالإضافة للبيئة المحيطة بالنحل والإجهاد، وتغير المناخ، حيث إن تغير المناخ له تأثير قوى على كل العوامل السابقة، ويظهر التأثير الرئيسى لتغير المناخ على نحل العسل فى إعادة توزيع أنواع النباتات التى يعتمد عليها النحل فى الغذاء، كما أن لتغيير روائح النباتات تأثيراً كبيراً، حيث يتمتع النحل بقدرة خاصة على تخزين روائح النباتات فى ذاكرته والاستفادة منها فى بحثه عن الغذاء، فى الآونة الأخيرة، أدى تغير المناخ إلى تغيير النباتات لرائحتها، والسبب فى ذلك هو أن التغيرات فى الظروف البيئية (مثل نقص المياه أو الحرارة الشديدة) تؤدى إلى تعرض النباتات للإجهاد.. وبالتالى، تطلق النباتات مركبات دفاعية لحمايتهم من الأذى.. هذه المركبات هى التى تغير رائحة هذه النباتات، مما يجعل من الصعب على النحل التعرف على النباتات من أجل جمع الغذاء، ومن ثم يؤدى نقص الغذاء إلى فقدان خلايا النحل.

ويؤدى تغير المناخ أيضاً إلى عدم تزامن فترة التزهير مع نشاط النحل، مما تكون له عواقب وخيمة على النظام البيئى، حيث يؤدى إلى انخفاض إنتاج البذور فى النباتات، علاوة على ذلك، يتسبب عدم التطابق فى انخفاض عدد النحل حيث لا يتمكن من الحصول على الغذاء من النباتات.

ويكون النحل أيضاً عُرضة لبعض أنواع طفيليات الأمعاء، خاصة النيوزيما والحلم التى تنمو فى درجات الحرارة الدافئة، ومن الآثار الصارخة لتغير المناخ زيادة درجات الحرارة وقلة مواسم البرودة، تعنى درجات الحرارة والرطوبة المرتفعة أن النحل أكثر عرضة للإصابة بالأمراض والطفيليات الآن مما كان عليه من قبل بسبب تغير المناخ، حيث إن تغير المناخ أدى لزيادة انتشار بعض الآفات مبكراً عن موعدها.

الأنواع الغريبة

ويؤكد د. حاتم أن تغير المناخ أدى إلى ظهور نوع جديد من النحل غريب عن البيئة المصرية، وهو نوع النحل القزم المنتشر فى بلاد الخليج، ولكن مع تغيرات المناخ هاجر إلى مصر وانتشر بدرجة كبيرة فى مناطق شرق مصر حتى وصل لمناطق العاشر من رمضان والتجمع، وهذا النوع من النحل برى لا يمكن استئناسه ولا إنتاج العسل منه ولكنه ذو دور هام فى تلقيح النباتات.

كما يؤدى  تغير المناخ إلى هجرة النحل من مختلف الأنواع والأجناس لأماكن جديدة، وتعرضه لمسببات مرضية لا يستطيع مواجهتها، كما حدث مع نحل العسل الغربى والفاروا. وبالتالى يحدث تغييرات فى التوزيع الجغرافى للأمراض التى يعتمد وجودها على العوامل المناخية.

 ويستطرد فى كلامه قائلاً: وتغيير التوزيع الجغرافى للنحل هو أحد نواتج التغيرات المناخية فوفقاً لتوقعات تغير المناخ، ستصبح المناطق الصحراوية أكثر جفافاً، ونظراً لأن الواحات أماكن معزولة ولا تساعد على الهجرة لمسافات طويلة فسيؤدى ذلك إلى اختفاء الواحات وبالتبعية نحل العسل.

ومن ضمن نتائج التغيرات المناخية: تغيير مدة دورة الحياة فالنحل يضبط سلوكه وفقًا لظروف الطقس، فكل سلالة من نحل العسل تختلف مدة تطورها وعند حدوث تغير فى المناخ أو انتقال السلالة من منطقة جغرافية إلى أخرى قد تتغير مدة دورة الحياة.

ويضيف قائلاً: ومن ضمن التأثيرات السلبية لتغير المناخ على النحل: تغير تركيب الغذاء فتحت ظروف الجفاف فإن أزهار اللافندر لا تنتج رحيقاً ويقل إنتاجها لحبوب اللقاح وتقل جودتها الغذائية، مما يؤدى لضعف جهاز المناعة للنحل ويقلل من عمره، والعكس فإن هطول الأمطار على أزهار الأكاسيا تخفف تركيز رحيقها كثيراً وتصبح غير جاذبة للنحل.

وأيضا خفض الخصوبة فتغير درجات الحرارة يؤثر سلباً على التنظيم الحرارى لطوائف النحل خاصة الذكور والملكات بالطوائف الصغيرة، حيث يتأثر تكوين الحيوانات المنوية وحيويتها  وخصوبة الملكات، وكذلك عند تعرض الملكات لدرجات حرارة منخفضة، فإنها تعانى من انخفاض خصوبتها.

ويشدد د. حاتم شرف الدين على أنه عند حدوث تغيرات المناخ، فإن الأفضلية تكون دائماً للسلالات المحلية التى تتكيف بشكل أفضل مع الظروف البيئية، لذلك يجب التمييز بين السلالات المحلية والسلالات المستوردة التى يختارها مربى النحل لإنتاجها الأعلى والاتجاه لتحسين السلالات المحلية.
 

مقترحات وحلول

ويحدد د. شرف الدين فى النقاط التالية بعض الحلول لمواجهة التأثيرات السلبية لتغير المناخ على نحل العسل ليستطيع الاستمرار بدوره كحشرة ملقحة تلعب دوراً هاماً فى زيادة الدخل القومى وتلقيح أكثر من 85 % من المحاصيل المزروعة فى البلاد وزيادة إنتاجيتها سواء كانت محاصيل حقلية أو خضرية أو بساتين فاكهة

وأهم هذه الحلول هى :

     - الاهتمام بزراعة النباتات الهامشية مثل نبات الجاتروفا حيث يوجد أكثر من 160 ألف فدان فى مصر مناسبة لزراعة الجاتروفا وتصل النباتات لأقصى نضج فى العام السادس، ويتخطى ربح الفدان 18500 جنيه سنوياً ويتم استخدام أوراقه فى تصنيع الوقود الحيوى، كما يتم استخدام الزيت المستخرج من البذور فى مكافحة طفيل الفاروا. وكذلك يقوم النحل بجمع الرحيق وإنتاج العسل منه.

     -  الاهتمام بزراعة الأشجار الخشبية إذ يمكن لشجرة واحدة إنتاج 25 كجم من الأكسجين سنوياً فضلاً عن امتصاصها لغاز ثانى أكسيد الكربون وأفضل الأشجار الخشبية فى امتصاص هذا الغاز هى الأكاسيا والجميز والبلوط.

-  التحول إلى محاصيل أخرى، وتغيير مواعيد الزراعية وفقاً للتغيرات المناخية.

 - إعادة توزيع خريطة النحالة فى مشاريع التوسع الأفقى.

 -  تعزيز نظم الإنذار المبكر والتنبؤ بالمناخ الموسمى للحد من المخاطر.

 -حماية للنحل من التعرض لدرجات الحرارة العالية والعواصف.

نزعة طبيعية

ويحدثنا خبير النحل الدكتور ضياء الدين يوسف بالإدارة المركزية لإنتاج التقاوى، عن أهم الشروط الواجب توافرها فى النحال الناجح فيجب أن تكون لديه نزعة طبيعية للتعامل مع النحل ولا توجد لديه حساسية من لسعات النحل ولديه خبرة كافية فى عمليات تربية النحل المختلفة، أما اختيار سلالة النحل التى سوف تربى فى المنحل فيعتمد على الموقع، فإن كان الموقع معزولاً يمكن اختيار سلالة نقية بشرط عدم وجود مناحل أخرى فى دائرة نصف قطرها 15 كم.

عدوانية النحل

وعن الموقع الجيد لإنشاء المنحل يقول د. ضياء هناك بعض الاشتراطات لاختيار الموقع المناسب للمنحل وهى:

-  توافر مصادر الرحيق وحبوب اللقاح فلابد من توافر مصادر الرحيق وحبوب اللقاح حول المنحل مثل البرسيم والحمضيات والقطن والموز والفول والسمسم، أكثر المحاصيل الفائضة شيوعاً فى مصر هى البرسيم والحمضيات والقطن، ولابد من توافر محصوليْن على الأقل من محاصيل الفيض حول المنحل وفى حالة عدم توافر ذلك، على النحال استخدام النحالة المرتحلة.

-  أن يكون بعيد عن الطرق الرئيسية حيث إن الطرق الرئيسية تتسبب فى عدوانية النحل وتلوث العسل بالمعادن الثقيلة، ولكن يجب أن يكون للمنحل طريق جانبى يسهل الوصول إليه.

-  أن يكون أيضاً بعيداً عن الدواجن والماشية فرائحة كلاهما مسئولة عن عدوانية النحل، وإذا تعذر ذلك فعلى الأقل يتم بناء المنحل فى الجانب الشمالى (عادة ما تأتى الرياح فى مصر من الشمال).

-  يكون بعيداً عن النخيل إذ تجذب أشجار النخيل الدبابير الشرقية التى تتغذى على النحل والحضنة والعسل، ويمكن اعتباره من أخطر الآفات التى تهاجم نحل العسل.

ويتابع حديثه قائلاً وبعد اختيار الموقع المناسب للمنحل يتم تجهيزه حيث يجب تقسيم الحقل إلى مصاطب وأحواض ووضع خلايا النحل على المصاطب أو الأرض المرتفعة لمنع تغلغل المياه وتقليل الرطوبة، وبالتالى الأمراض الفطرية ولا بد من زراعة النباتات المزهرة السنوية التى تزيد من نشاط النحل مثل لسان الثور والذى يُطلق عليه أيضًا خبز النحل، كما يجب زراعة مصدات الرياح فى الجانب الشمالى أو الغربى أو كليهما، وكذلك زراعة الأشجار المتساقطة الأوراق لمنع حرارة الشمس خلال فصل الصيف وأخيراً بناء مساحة تخزين للأدوات واستخدامها أثناء حصاد العسل.

ويوضح أنه يوجد نظامان رئيسيان لتوزيع خلايا النحل :

نظام فردى وفيه يوجد فاصل 0.5 متر بين كل خلية وأخرى، وهذا النظام يزيد من سهولة الفحص ويمنع حدوث سرقة النحل والنحل التائه

النظام المتجمع وفيه تكون  كل 3 - 4 خلايا مستقرّة متجاورة والتى تحصل على مساحة أقل، ولكنها تزيد من صعوبة الفحص، وتزيد من نسبة النحل السارق والتائه.

أهمية كبرى

 ويشدد دكتور ضياء الدين على الأهمية  الاقتصادية الكبيرة  للنحل التى تنعكس على المزارع والنحال بالدرجة الأولى وعلى الاقتصاد الوطنى بالدرجة الثانية، وتتلخص هذه الأهمية فى منتجاته المختلفة من ناحية مثل إنتاج العسل الذى يُعتبر العسل أول مادة سكرية عرفها الإنسان، ويقوم النحل بتصنيعه من رحيق الأزهار، وهناك شمع العسل وهى المادة التى يفرزها النحل لبناء الأقراص الشمعية وتغطية عيون العسل والحضنة، ويستخدم الشمع فى صناعة مستحضرات التجميل والأساسات الشمعية كما يستخدم كمادة علاجية.

ويوجد أيضاً الغذاء الملكى وهو إفراز لبنى غدى من رأس ويُستخدم فى تغذية اليرقات الصغيرة للنحل وفى تغذية الملكات، ولهذه المادة أهمية للإنسان حيث تقوم بتتنشيط الجهاز المناعى للجسم، كما تقوم بتنشيط الذاكرة كما أنها تحتوى على مضادات الأكسدة، ويساعد على تخفيض نسبة الكولسترول والسكر فى الدم.

وأيضاً سُم النحل وهو عبارة عن خليط من البروتينات والببتيدات تقوم الشغالات بإفرازه كوسيلة للدفاع عن نفسها أو طائفتها، وهى مادة يستخدمها الإنسان فى الوقت الحالى كمادة علاجية لكثير من الأمراض.

وهناك حبوب اللقاح وهى عبارة عن الجاميطات المذكرة للنباتات الزهرية، والتى يقوم النحل بجمعها كمصدر بروتينى لتغذية أفراد الطائفة، كما يلعب دوراً أساسياً فى إنتاج الغذاء الملكى هذا وتستخدم حبوب اللقاح كمادة غذائية وعلاجية هامة للإنسان.

وأخيرا البروبوليس وهو عبارة عن مادة صمغية يجمعها النحل من البراعم الورقية أو إفرازات القلف لبعض الأشجار، حيث يقوم بخلطها باللعاب لتتكون هذه المادة فى النهاية، هذه المادة يستخدمها النحل أساساً فى تعقيم العيون السداسية من الداخل وفى سد الفتحات غير الطبيعية الموجودة فى الخلية، أما بالنسبة للإنسان فيُستخدم كمحفز لزيادة المناعة وكعامل مضاد لتكوين الخلايا السرطانية، بالإضافة إلى أنه مضاد للالتهابات البكتيرية والفيروسية والفطرية.

ويتابع حديثه قائلاً: أما على الجانب الآخر فهناك أهمية أخرى للنحل لا تقل أهمية عن كونه مصدراً لهذه المنتجات بل تتفوق عليها فى كثير من الحالات ألا وهى أن نحل العسل من أفضل الحشرات الملقحة لأزهار النباتات نتيجة لتنقلها من زهرة إلى أخرى أثناء التغذية على حبوب اللقاح والرحيق، واللذان يمثلان المصدريْن الغذائييْن الرئيسييْن لنحل العسل، مما يساعد على حدوث التلقيح الخلطى للأزهار عن طريق نقل حبوب اللقاح من زهرة إلى أخرى وزيادة كمية المحصول سواء من الثمار أو من البذور، هذا وتزداد القيمة المادية للتلقيح الخلطى، وذلك عن بيع بعض المنتجات كالشمع والعسل إلى نحو 20 مرة، وقد وجد أن 80 % من الأزهار التى تُلقح بالحشرات يتم تلقيحها بالنحل، كما وجد أن نحو 50 محصولاً تعتمد اعتماداً شبه كلى على نحل العسل وأن زيادة إنتاجها يرجع إلى تلقيح نحل العسل لأزهارها، وإذا تمت زيادة وتوفير العدد اللازم من الطوائف النحل لتلقيح محاصيلنا الزراعية لتحققت زيادة كبيرة فى الإنتاج الزراعى.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة