<p dir="RTL"> يقع مسجد سارية الجبل بالقسم الشمالي الشرقي من قلعة الجبل (قلعة صلاح الدين الأيوبي) بالقاهرة، وكان موقع هذا المسجد في الأصل مسجد فاطمي، وهو مسجد أبو منصور قسطه.</p> <p dir="RTL"> بدوه يقول الباحث الأثري الدكتور إبراهيم عبد الفتاح حسن علي في تصريح لـ"بوابة الأهرام" إن المؤرخ المقريزي ذكر في خططه أنه كان يوجد بموضع القلعة قبل بنائها عدة مساجد، منها مسجد أبو منصور قسطة الذي كان غلاماً أرمينياً من غلمان المُظفر شاهنشاه بن أمير الجيوش بدر الجمالي، وكان والياً على الإسكندرية سنة 535هـ.</p> <p dir="RTL"></p> <p dir="RTL">ويضيف عبد الوهاب، أنه يوجد بحجرة الدفن الواقعة في الركن الشمالي لحرم المسجد سلم هابط يؤدي إلى حجرة دفن أعلى بابها مثبت عليها لوح رخامي به اسمه وتاريخ بناء المسجد بالخط الكوفي البسيط، ويُقرأ: "بسم الله الرحمن الرحيم فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ۙ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ ۗ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ .. أنشأ هذا المسجد المبارك الأمير المرتضى المنصور مجد الخلافة عمدة الإمامة فخر الدين عمدة المجاهدين ذي الفضيلتين خالصة أمير المؤمنين أبي منصور قسطة، وذلك في رجب من شهور سنة خمس وثلثين وخمس مائة<span dir="LTR">" </span>.</p> <p dir="RTL">أنشأ مسجد سارية الجبل هذا، سليمان باشا الخادم سنة (935هـ/1528م) طبقاً للنقش التأسيسي للمسجد الموجود أعلى الباب الموصل من المسجد إلى الحرم، والمُنفذ بخط الثلث.</p> <p dir="RTL"></p> <p dir="RTL">وسُليمان باشا الخادم هو أحد رجالات الدولة العثمانية في عهد السلطان سُليمان الثاني القانوني (926-974هـ/1520-1566م)، تولى ولاية مصر مرتين، الأولى في الفترة من سنة (931هـ/1525م) حتى سنة (941هـ/1535م) بنى فيها مسجده بالقلعة، والمرة الثانية كانت في الفترة من سنة (943ه/ ـ1536م) إلى سنة (945هـ/1538م)، وقد شيد عدد من المُنشآت منها مسجداً وتكية بقوصون، ومسجداً ببولاق وضريحاً للشيخ سعود المجذوب، ووكالة ضخمة.</p> <p dir="RTL">ويوضح الباحث إبراهيم عبد الفتاح، أنه أول المساجد التي أُنشئت في مصر على الطراز العثماني، حيث ينتمي هذا المسجد إلى الطراز التُركي أو العُثماني أحد طُرز عمارة المساجد الأثرية، والذي يتمثل جوهر تخطيطه في أن المسجد أو الجامع يتكون من قسمين، أحدهما مُغطى ويُمثل المسجد نفسه والآخر مكشوف، وهو ما يُعرف اصطلاحاً باسم "الحرم"، وتخطيط المسجد على هييئة حرف<span dir="LTR"> (T) </span>ويتقدمه حرم بدلاً من الرواق أو السقيفة، وهو النموذج الوحيد الباقي في القاهرة وِفْقَ هذا التخطيط<span dir="LTR">. </span></p> <p dir="RTL"><span dir="LTR"></span></p> <p dir="RTL">والمسجد مغطى بقبة وثلاثة أنصاف قباب مُقامة على مُثلثات كروية، زخرفت بزخارف نباتية وهندسية وكتابية غاية في الإتقان، يوجد بالمسجد منبر رخامي بديع الصُنع، تظهر في ملامح العثماني بوضوح، ودكة مبلغ، وللمسجد مئذنة مُشيدة بالحجر الفص النحيت على الطراز العثماني تقع بين الحرم والجزء المُغَطَى، وهي اسطوانية الشكلل يتخللها شرفتان ترتكز على ثلاثة صفوف من المقرنصات وتنتهي بقمة مخروطية الشكل تشبه سِن القلم الرصاص. وملحق بالمسجد كُتاب (مكتب للأيتام)، ويُعد هذا الكُتاب من الأمثلة النادرة للكتاتيب المُستقلة في مصر.</p> <p dir="RTL">ويضيف عبدالفتاح ، أن محمد علي باشا (1805-1848م) صلى بهذا المسجد صلاة عيد الفطر المبارك في شوال 1244هـ/ إبريل 1829م، ما يعني أن هذا المسجد كان مستخدماً أيام حكم محمد علي وخلفائه وهو ما أشار إليه علي باشا مبارك في كتابه الخطط التوفيقية من أن المسجد في أيامه مقام الشعائر أيام على باشا له أوقافاً تصرف عليه.</p> <p dir="RTL"></p> <p dir="RTL">ويُذكر أن قد تمت أعمال ترميم لهذا المسجد في عهد سعيد باشا ابن محمد علي باشا (1854- 1863م) ، واستلزم ترميم المسجد آنذاك استحضار 620 قنطار جير بلدي وسلطاني، كما تم عمل ترميم للمسجد في عهد الملك فاروق الأول (1939-1952م.</p> <p dir="RTL">وافتتح، مساء أمس أحمد عيسي وزير السياحة والآثار، واللواء خالد عبد العال محافظ القاهرة، جامع سليمان باشا الخادم بقلعة صلاح الدين الأيوبي والمعروف باسم سارية الجبل، وذلك بعد الانتهاء من مشروع ترميمه، شملت أعمال الترميم يما استعرض د. مصطفى وزيري ، أمين المجلس الأعلى للآثار ، تاريخ الجامع وعمارته المتفردة، لافتا إلى أن العمل بالمشروع بدأ في عام 2018، واستغرق نحو 5 سنوات بتكلفة بلغت نحو 5 مليون جنيه، موضحًا أن جميع الأعمال تمت تحت إشراف قطاعي المشروعات والآثار الإسلامية والقبطية واليهودية بالمجلس الأعلى للآثار، والتي شملت أعمال الترميم المعماري والدقيق وإزالة التكلسات، والأتربة، والاتساخات وتقوية النقوش، وتقوية وعزل الأخشاب وعمل الصيانة اللازمة للرخام.</p> <p dir="RTL"></p> <p dir="RTL">وأكد د. مصطفى وزيري على أن افتتاح هذا المسجد يعد إضافة جديدة للأماكن الأثرية التي يمكن زيارتها بقلعة صلاح الدين الأيوبي، مما يعمل على زيادة الحركة السياحية داخلها<span dir="LTR">. </span>الجدير أن الترميم شمل التدعيم الإنشائي والترميم المعماري والدقيق، من أهمها معالجة واستكمال وتنظيف وعزل الواجهات الحجرية والمئذنة، والوحدات الزخرفية، والتكسيات الرخامية بجدران الجامع، بالإضافة إلى معالجة وتقوية طبقات الملاط بقباب الصحن المكشوف، ومعالجة الأحجار والقباب الأثرية بالضريح الملحق بالجامع، والوجهات الزخرفية، وكافة العناصر الخشبية.</p> <p dir="RTL"> كما تم ترميم سقيفة الكُتاب المزخرفة والدكة أعلي السقيفة، وعمل طبقات العزل والحماية للطبق الخشبي المزخرف بالمواد المعروفة عالميا في أسس الترميم، فضلًا عن أعمال تركيب البلاطات الخزفية لجميع قباب الجامع وعددها 23 قبة والتي تم تدعيمها لحمايتها قبل التركيب البلاطات الخزفية، فضلا عن الانتهاء من أعمال تطوير شبكة الإضاءة الداخلية للجامع والكتاب ، وقد شملت الأعمال كذلك ترميم الضريح من الداخل والخارج وترميم الزخارف اللونية بالقباب الداخلية وأيضا ترميم الواجهات وتنظيفها من الاتساخات المتراكمة علي الأحجار وترميم الرخام المتواجد بالصحن وبيت الصلاة والمنبر الرخامي الفريد من نوعه<span dir="LTR">.</span></p> <p dir="RTL"><span dir="LTR"> </span> </p>