الرقمي والبيئي.. حالة مصرية.. "1 - 2"

17-9-2023 | 13:58

حظي القطاع الرقمي والقطاع البيئي في مصر بتميز غير مسبوق، مقارنة بباقي القطاعات في الدولة، وبمكانة رائدة عربيا وإقليميا لم يصل إليها أحد، "رقميا"، فقد أنشئت أول وزارة للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في العالم العربي والإقليمي عام 1999 بالقاهرة، بهدف تنمية المجتمع المعلوماتي في مصر، وتشجيع نمو قطاع قوي قادر على المنافسة، والانتقال من الخدمات المحلية إلى آفاق التصدير، و"بيئيا"، فقد شهدت بداية عام 1994، إصدار أول قانون يهتم بالشأن البيئي، الحديث نسبيا، سواء على المستوى العربي والمحيط الإقليمي.

فقد شهدت التسعينيات، انتعاش القطاع الرقمي، محققا طفرات في الداخل والخارج، ومازال، أما الحالة البيئة فقد ولدت من رحم الحالة المصرية القديمة، والتي غمرت الكوكب بسخائها المشهود لكل ما يحمل روحا، وما زالت تتدفق منها المبادرات والبرامج والمنتديات.

من بين أهم المبادرات، ومن "العاصمة الجديدة – New Capital" أطلقت الدولة، الثلاثاء الماضي، "منتدى الاستثمار البيئي والمناخي الأول" برعاية رئيس الجمهورية، وحرص د. مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء على افتتاحه، منبها إلى أهمية تعزيز المسار الوطني نحو التحول الأخضر، وتوسيع دور القطاع الخاص في الاستثمارات الخضراء، وزيادة المكون الأخضر في الموازنة العامة للدولة بهدف الوصول إلى عام 2030، لكي تتحول معه كافة المشروعات بنسبة 100% خضراء.

وإذا كان المنتدى، هو أحد نتائج قمة المناخ "cop27 "، لتحصد مصر ثمار جهودها الجادة في المسألة البيئية والمتواصلة على المستوى الوطني والإقليمي والدولي، فقد شهدت بدايته، تكامل الحالة الرقمية مع الحالة البيئية، بإطلاق "منصة مصر الرقمية المتكاملة"، لتقدم المنصة بيانات السوق والدراسات المعنية بالمناخ والبيئة، باللغتين العربية والإنجليزية، حيث توفر دراسات الجدوى الاقتصادية المبدئية والفرص الاستثمارية الواعدة في إدارة المخلفات، والطاقة المستدامة، والسياحة البيئية، والصناعات القائمة على أساس حيوي، والزراعة وإنتاج الغذاء، كما تحتوي على معلومات عن التسهيلات المالية الخضراء، وقناة تواصل مباشر مع وزارة البيئة ووحدة الاستثمار البيئي والمناخي "CLEIU"، لتمكين المستثمرين، وكافة الجهات من تلقي وتوجيه الدعم والخدمات، لخدمة رجال الأعمال، والمطورين، والممولين، والمستثمرين، والمؤسسات المعنية في الداخل والخارج.

تنبع أهمية المنتدى، في شراكته مع منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية "يونيدو"، عبر مشروع "النمو الأخضر الشامل في مصر"، وتموله الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون، لتحقيق التنمية الصناعية الشاملة والمستدامة في مصر والانتقال إلى اقتصاد دائري أخضر وشامل، عبر استحداث فرص الأعمال الخضراء، وتحقيق الاستدامة البيئية.

اهتمت الدولة بدعم إنشاء هذا الكيان المؤسسي البيئي الجديد "المنتدى"، بمشاركة حشد من الوزراء والخبراء، وزيرة البيئة د. ياسمين فؤاد، ود.هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، ود. محمد معيط وزير المالية، بمشاركة سفيرة سويسرا بالقاهرة آيفون باومان، ومسئولين ورؤساء هيئات وشركات وبنوك ومصارف محلية ودولية.

وحقق المنتدى، في نسخته الأولى، العديد من المكاسب التنموية والبيئية والصناعية والتمويلية، بدءًا من تشبيك كافة الأطراف الرسمية والأهلية المعنية بالتنمية والبيئة، كما جمع أطراف العمل البيئي المستدام، الخبراء مع أصحاب المشروعات، مع جهات التمويل وهي المصارف والبنوك المتخصصة، مرورًا بتأسيس لقاعدة وأرضية متخصصة، لتشكل ورشة عمل سنوية، تهدف إلى رفع مستوى الوعي الاستثماري لدى صغار المستثمرين، وأيضا كبارهم، وتحريض مستثمرين محتملين على الدخول إلى آفاق الاستثمار البيئي والمناخي، الذي من المرتقب، أن يصبح المبتدأ والخبر لمجتمع الأعمال والاستثمار، في ظل "دراما" التغيرات المناخية الحالية، والتي يتوالى ويتسارع عنفها وايقاعها بشكل غير مسبوق.

كان خبراء ومسئولو وزارة البيئة، بإشراف د.ياسمين فؤاد، وراء وأمام وبجانب الإعداد والتنفيذ لجلسات المنتدى الست، التي استهدفت التفتيش عن آفاق وأفكار وبرامج جديدة، وخطط ذكية لتقريب العمل البيئي والمناخي لرجال الأعمال، وتحويل التحديات التقليدية في العمل البيئي إلى فرص على الأرض، والتركيز على الاقتصاد الأخضر الدوار في إطار إستراتيجية الدولة لاستدامة التنمية "رؤية مصر 2030"، وملاحقة المعوقات، التي واجهت  المستثمرين، وتسريع الاستثمارات في مجالات التكنولوجيا وتنمية القدرات، وبحث آليات التمويل الفنية والتشريعية لجذب المزيد من الاستثمارات المحلية والعالمية، بعد أن توصلت التقارير الدولية إلى أن فرص الاستثمارات للقطاع الخاص في مجال تغير المناخ تقترب من 28 مليار دولار حتى عام 2030.

وتكتسب البيئة وقضاياها كل يوم، أرضا جديدة، وفضاءً أرحب، ومدارًا أوسع، فلم تعد خيارًا يمكن تحريكه أو تأجيله، بقدر ما هو واقع ملح يتماس مع يوميات الناس والكائنات والطبيعة، ما يتطلب معالجتها والتفاعل معها في الحال وبلا تأجيل، واستمرار المثابرة بحثا عن فرص الاستثمار المستقبلية الواعدة، وأخرى تحت التطوير من قبل المطورين الرواد والشركات الصغيرة والناشئة، ومن أجل ذلك، أنشأت وزارة البيئة "وحدة الاستثمار البيئي والمناخي" بمقرها بالعاصمة الجديدة.

حفل المنتدى الأول بعرض العديد من قصص النجاح للشركات والمشروعات المحفزة لتنمية مستدامة، عبر جلسته العامة "نظرة عامة على فرص الاستثمار الرئيسية في المناخ والبيئة في مصر"، والثانية بعنوان: "استثمارات المناخ والبيئة"، فضلا عن الجلسة الأخيرة للمنتدى حول "السياحة البيئية والاقتصاد الإحيائي كأحد مجالات الاستثمار البيئي والمناخي"، ويستحق هذا النوع من السياحة، أن يخصص له حديث الأسبوع المقبل بإذن الله.

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: