هل الطبيعة ضدنا، كان المغاربة يتساءلون؟ فجاءنا زلزال المغرب الطائش.
فى مراكش اهتزت المدينة القديمة العريقة، بتراثها تحت أقدام سكانها الذين خرجوا من بيوتهم وفي عقولهم قصص أغادير التى لم تمحها 7 عقود من الاختفاء.
إقليم الحوز، جنوب وسط المغرب، اهتزت الأرض تحت أقدام القرى والسكان، اختفت قرى بالكامل، ولم تصل إليها الإسعافات.
المشاهد فى بؤرة الزلزال مخيفة لن تمحى من ذاكرة أهلها، بل من كل من شاهدها، فما بالكم بأهل المعاناة الذين فقدوا أسرهم، والباقى منهم أو الناجى افترش الطرقات، بلا مأوى أو مستقبل، فالحاضر مخيف.
خافوا من الجبال التى تعايشوا معها سنوات بل كانوا يكسبون من طبيعتها الخلابة رزقهم كما من جمال الحياة في بلادهم.
اندفعت سيارات الإسعاف والجيش الملكى للإنقاذ، طابور من المسعفين يسارعون ليلبوا نداء مساعدة الأشقاء، يجرون وقلوبهم تنزف دما قبل الدموع.
جبال الأطلس التى تخلب اللب. وتشع الجمال فى كل من عرفها، أصبحت فجأة مخيفة، كانت ثابتة شامخة، فإذا هي تتحرك وتنثنى تحت أقدامهم تبلع البيوت، وتختفى الحياة، حيث يمتاز الحوز بطابعه الجبلى، إقليم مميز تشكل الجبال ثلاثة أرباع مساحته، يضم ثانى أعلى جبل فى إفريقيا، وهو أعلى قمة فى سلسلة جبال الأطلس، وهو جبل توبقال، المطل على مراكش العريقة، ويكسبها العراقة التاريخية، يا لها من مفارقة “الجبل المحبوب”، يقتل أهله ويهز الحياة تحت أقدامهم، فى حين أنه - كما يقول الخبراء - استطاع محاصرة شدة الزلزال الذى لم نعهده فى منطقتنا، التى وصلت إلى أكثر من 7 ريختر، أكل القرى القريبة منه، لكنه وقف حائط صد يحمى باقى مدن وقرى المغرب من أن يمتد إليها الزلزال أو الهزة الأرضية المخيفة والمرعبة.
نعم، قدر ولطف، هز زلزال المغرب ومراكش الحوز وتارو دانت، وباقى المناطق المتضررة القريبة من محيط تلك الهزة المرعبة.
مأساة الزلزال بطبيعتها المخيفة والمفاجئة تعتبر من أخطر المآسى التى تصيب البشرية وتؤثر فى كل الناس وتهز العالم، لأنها تحمل بصمات نهاية العالم ويوم القيامة، يتشارك فيها كل الناس، حتى الأعداء والمتربصون والمتعاركون، بعضهم يفتح الحدود وينحى الخلافات جانبا، ويبحث عن مساعدة المنكوبين والتخفيف من هول المأساة عليهم.
المغاربة من شعوبنا العربية المحبوبة بطبيعتها، مسالمون يبحثون عن مصالح الجميع، ما يجمعهم مع أشقائهم العرب في المشرق والمغرب واحد، المحبة فهم شعب نادر محب ومسالم، كانت كارثتهم مؤثرة فى كل العرب، وفي العالم الخارجي، في أمريكا وأوروبا، لم يتخلف أحد عن تقديم المساعدة، بل توفير مساكن إيواء لمن فقدوا بيوتهم.
زلزال المغرب يحمل فى طياته تعاونا عالميا مؤثرا، فهو مأساة أثرت فى الجميع، والكل يتطلع للتخفيف من آثارها المفزعة على المغرب ككل، وعلى الضحايا وأسرهم خاصة.
وهذا يذكرنا بأهالينا فى سوريا وتركيا بعد الزلزال الذي هز البلدين، وخلف تدميرا للمدن وآلاف الضحايا والمصابين.
التعاون الذى يجرى بعد الكوارث الطبيعية يدعونا إلى أن نطمح ونتطلع أن يكون عملية مستمرة في الحياة الإنسانية، وسلوكا بشريا مستمرا سمته التعاون الخلاق الإنسانى، لنحمي الإنسان فى كل مكان من هذه المخاوف التي تصيب البشرية.
ما الفرق بين الزلزال فى سوريا وفى المغرب وفي تركيا، الإنسان واحد، والتعاطف واحد.
الزلزال تأتي بها الطبيعة، وهو شيء خارق لا نستطيع أن نتنبأ به، ويصيبنا بالخوف والهلع، لكننا نستطيع التخفيف من آثاره بالتعاون والتعاضد الإنساني، وكذلك بالعلم والتخطيط، ففى اليابان واجهوا الزلزال، وبنوا المدن، وعاشوا فى حزام الزلازل، لكن العمل جعل تأثيرها التدميري محدودا، وتحدث الهزات الأرضية وقد لا يشعر بها الإنسان.
منطقتنا العربية فى حاجة إلى أن تذهب إلى اليابان لتعرف كيف هزمت الزلزال، وحجموا من أضراره على شعوبهم، بل أصبح من الماضى بالنسبة لهم، وغير مؤثر إلى حد كبير.