هل من الطبيعى أن نستمر فى أخذ التطعيم؟.. الفتور يهدد لقاح كورونا

6-9-2023 | 19:05
هل من الطبيعى أن نستمر فى أخذ التطعيم؟ الفتور يهدد لقاح كورونالقاح كورونا
إيمان عمر الفاروق
الأهرام العربي نقلاً عن

عبارة قصيرة «مثير للاهتمام» وصف لافت للنظر وكاشف، علقت به منظمة الصحة العالمية على المتحور الجديد لفيروس كورونا المعروف باسم «إيريس». وعلى الفور بدأت مراسم حالة الذعر، وإعادة إنتاج الهلع اللازم لمواجهة “الكساد”، الذى تعانى منه صناعة اللقاحات منذ انتهاء حالة الطوارئ العالمية، وعودة الحياة إلى طبيعتها.

وعاد الحديث عن تطوير نسخ جديدة من لقاحات كورونا، وطرحها بالخريف المقبل، وسط مخاوف من أن تواجه بنوع من «الفتور» فلابد أن تستمر طاحونة اللقاحات، لإنقاذ أباطرتها بعد أن أضحوا مثل «عزيز قوم ذل». وقد وصف مصنعو اللقاح عام 2023 بأنه عام انتقالى، وتأمل أن يعود الانتعاش إلى أسواقها، بعدما عانت من ظاهرة «انحدار براءة الاختراع» وانزلقت دون استعداد مسبق، وكأن كورونا يجب ألا يختفى أو لابد من تنشيط جينات القلق وإيقاظها من مرقدها ثانية!

ما أعراض المتحور الجديد؟ ماذا تعرف عنه؟ ما طرق الوقاية والعلاج؟ هل المتحور الجديد أكثر انتشارا من سابقيه؟ الفرق بين متحور إيريس وأعراض الحساسية الصدرية؟ دول عربية تطالب بإيضاحات حيال المتحور الجديد، والرئيس الأمريكى بايدن، طلب تمويلا للقاح الجديد بعد ما تفشى فى الولايات المتحدة الأمريكية، وغيرها من العناوين التى تغرق المنصات الإخبارية، وتؤكد حقيقة واحدة «عودة الوباء إلى الواجهة».

برغم أنه من الثابت علميا أن السلالات الجديدة من فيروس كورونا والمتحورات غالبا ما تكون أضعف، وبرغم تأكيد خبراء الصحة والأطباء، أن المتحور إيريس “لا يمثل تهديدا وإن كان سريع الانتشار” وتلك أخبار جيدة. وبرغم تكيف العالم مع مرحلة ما بعد إجراءات العزل وعودة مياه الحياة إلى الجريان فى الأنهار بجميع روافدها الاقتصادية والتجارية والتعليمية، فإن أرباب صناعة اللقاحات يواصلون دق طبول الرعب والترويج للقاحاتهم، وزف أنبائهم السارة بفاعليتها لمواجهة المتحور الجديد. فقد وجدوا ضالتهم المنشودة فى المتحور الجديد أثناء رحلة البحث عن منتج يعيد إليهم مجدهم الهارب بعد أفول خطر كورونا، فكان لابد لعجلة اللقاحات من وقود، يعيد الدوران إلى تروسها .

“يتعين على مسئولى الصحة العامة إقناع الرأى العام الأمريكى، أن فيروس كورونا لم ينته بعد، وأنه لا يزال يشكل خطرا، إذا كانوا يريدون رؤية غالبية البالغين يحصلون على اللقاحات السنوية”. تصريح مباشر دون مواربة لآشيلى كيرزينجر مدير منهجة المسح بمؤسسة Kaiser Family foundation - وهى منظمة غير ربحية بالولايات المتحدة الأمريكية- وذلك نقلا عن حديثها لإحدى وكالات الأنباء. وأضافت، “أنهم يخوضون حربا لمواجهة تراجع القلق حيال فيروس كورونا، فضلا عن الشكوك حول فاعلية اللقاح الجديد”. كما أشارت أحد التقارير الصحفية، إلى أن خبراء ومحللين فى مجال الصحة العامة، يتوقعون أن يتم استقبال اللقاح الجديد المقرر أن يتم إطلاقه قريبا بالخريف بفتور، حتى إذا استدعت بعض حالات الإصابة بالمتحور الجديد المكوث بالمستشفيات!

ويأمل بعض خبراء الصحة العامة أن يرحب الأمريكيون باللقاح الجديد، كما يرحبون بلقاح الإنفلونزا، لكن الطلب على اللقاحات، انخفض بشكل حاد منذ 2021 عندما أصبح متاحا لأول مرة، وتلقى أكثر من 240 مليون شخص بالولايات المتحدة الأمريكية أو 73 % من السكان جرعة واحدة على الأقل فى خريف 2022، وهو الوقت الذى كان فيه معظم الناس قد أصيبوا بفيروس كوفيد أو تلقوا اللقاح. والسبب الرئيسى لتجنب أغلب الأشخاص الجرعات السنوية للقاح، هو اعتقادهم أن لديهم حماية من الفيروس بفعل الجرعات الأولى أو العدوى السابقة.

وبرغم ارتفاع أسهم شركات اللقاحات أخيرا بعد البشرى السارة التى زفتها إحدى هذه الشركات بفاعلية لقاحها الجديد لمكافحة المتحور الجديد، والتوقعات بقفزة جديدة للأرباح عقب الخسائر التى لحقت بهذا القطاع فى الفترة الماضية، فقد قلص صانعو لقاحات كوفيد-19 توقعاتهم لحملة التطعيم فى خريف هذا العام، حيث حذرت إحدى أكبر الشركات لتصنيع اللقاحات، من أنها قد تحتاج إلى خفض عدد موظفيها إذا لم يكن أداء حملة التطعيمات جيدا، واعترفت شركة أخرى فى نفس المجال، أن الطلب على اللقاحات قد يصل إلى 50 مليون جرعة فقط.

وفى العام الماضى تجاوزت مبيعات لقاح شركتين فقط 56 مليار دولار فى جميع أنحاء العالم، ويتوقع محللون أن يبلغ حجم المبيعات هذا العام نحو 20 مليار دولار. وبإلقاء نظرة على ما حدث الشتاء الماضى تقودنا إلى سقف توقعات أقل.

وقالت مديرة مركز السيطرة على الأمراض ماندى كوهين، أخيرا فى بث صوتى لها، إنها تتوقع طرح اللقاح فى الأسبوع الثالث أو الرابع من شهر سبتمبر الجارى، حيث إنها لا تزال بحاجة إلى ترخيص من هيئة الغذاء والدواء. وحثت الشعب الأمريكى، أن ينظر إلى هذا اللقاح كإجراء سنوى لحماية أنفسهم أسوة بلقاح الإنفلونزا.

براءات الاختراع

لا يخفى على أحد أن جائحة كورونا، خلفت خسائر بشرية واقتصادية غير مسبوقة، ولكن تربع على قمة هرم الرابحين أباطرة اللقاح، وتصدرت أسماء جديدة قائمة أغنياء العالم، لكن سرعان ما تهاوت الأسهم وانزلقت تلك الشركات على منحدر تراجع الوباء، وبلغ الأمر حد الحديث عن مذبحة لتقليص عدد العمالة بعمالقة تلك الصناعة ونجومها.إنها قصة صعود وهبوط ذات فصول درامية بالغة الإثارة والتأثير العالمى.
واليوم، أصبحت شركات الأدوية التى حققت المليارات على خلفية بيع لقاحات كورونا على مدار العامين الماضيين، تواجه منحدرا حادا بالغ التهديد والخطورة وضغوطا من المستثمرين، لإنفاق مكاسبها غير المتوقعة بشكل أكثر رشدا وإدارتها بحكمة، وذلك بعد ما حققت وفق أغلب التقديرات إيرادات بنحو 100 مليار دولار عام 2022 كعائدات بيع لقاح كورونا.

وكانت التقديرات فى مطلع العام الجارى قبل ظهور المتحور الجديد، تشير إلى أن هذه المبيعات قد تنخفض بنحو الثلثين هذا العام، بسبب تراكم المخزون من منتجاتها فى جميع أنحاء العالم.هذا بالإضافة إلى أن المناعة المكتسبة لأغلب سكان العالم نتيجة ارتفاع معدلات التطعيم والإصابات السابقة، تعنى أن الطلب على اللقاح قد ينخفض مستقبلا.

وقد اعتادت مثل تلك الشركات على مواجهة الانخفاض الحاد فى الإيرادات، الذى يعرف اصطلاحا باسم “منحدر براءات الاختراع”، وهى ظاهرة تحدث عندما تنتهى الحقوق المقررة حصرا على الأدوية ذات المبيعات الكبيرة، ويتحرك المنافسون، ولكنهم فى العادة يضعون إستراتيجية لمواجهة مثل تلك التقلبات لسنوات.والتدفق المفاجئ للإيرادات يجب أن يحفز الشركات على إبرام الصفقات مع شركاء جدد.

وأبرمت إحدى الشركات صفقات بقيمة 10 مليارات دولار، لبناء محفظتها، لكن وفق بعض الخبراء كانت بحاجة إلى القيام بشىء أكبر وأكثر تأثيرا! ومن نافلة القول إنها كانت أكبر مستفيد من الوباء ماليا؛ حيث حققت إيرادات تزيد على 56 مليار دولار عام 2022 . وقالت الشركة مطلع العام الجارى، إنها تتوقع أن تنخفض الإيرادات إلى نحو 21.5 مليار دولار فى عام 2023 على الرغم من أن بعض المحللين يعتقدون أن التوقعات مفرطة فى التفاؤل.

وقال كريس شوت -المحلل بجيه بى مورجان-فى مذكرة بحثية: “مازلنا متشككين فى أن الإيرادات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا ستنمو فى عام 2024 وما بعده” واللافت للنظر بهذا الحديث، عبارة “وما بعده” فهل من المألوف، والطبيعى أن تستمر مبيعات اللقاح إلى الأبد؟ وأضاف أن معدلات التطعيم قد تنخفض بشكل أكبر من الإقبال الضعيف الذى شهدته الجرعات المعززة فى عام 2022.

وتتوقع شركة أخرى لتصنيع لقاحات كورونا أيضا، أن تنخفض إيرادات عام 2023 بشكل حاد، حيث حققت فى عام 2022 نحو 18.4 مليار دولار. ويتوقع محللون أن تواصل الهبوط فى نهاية 2023، لتسجل نحو 7 مليارات دولار.

وينتقد البعض أداء هذه الشركة، ويشعرون بالإحباط نظرا لأنها لم تستثمر كامل نفوذها بشكل أكثر فاعلية، للاستعداد لمواجهة انخفاض إيرادات وأرباح عامى 2023 و2024، وحاليا تقوم الشركة بتطوير لقاحات أخرى أيضا، منها لقاح مضاد للإنفلونزا وتنفق الشركة على التجارب السريرية للقاحات المحتملة. وفى محاولة منها لتجاوز محنة تراجع إيرادات بيع اللقاح، باتت تحقق تقدما مع الصيدليات والمستشفيات والأجهزة الحكومية بشأن عقود اللقاحات للخريف.

وفيما مثل ضربة قاضية لشركات اللقاح بنهاية عام 2021 إعلان إحدى شركات الأدوية عن دواء لعلاج فيروس كورونا، حيث تراجعت أسهمها حينذاك بشكل كبير، وهو الدواء الذى وصف بأنه سيغير قواعد اللعبة، وإدارة العلاجات السريرية الخاصة بفيروس كورونا حينها.

وبالطبع، فإن جميع التوقعات والتقديرات الخاصة بأسعار الأسهم والأرباح والإيرادات، قد تبدلت وبدأت تقفز من جديد، بعد ظهور المتحور إيريس المعروف بمتحور EG 5، وهو أمر معتاد فى أعقاب ظهور سلالات، أو متحورات جديدة، كما جرى مع أقرانه السابقين، مثل أوميكرون واللاحقين، الذين سيمثلون حصان طروادة، لإعادة الشباب، لأسواق اللقاح.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: