Close ad

إفريقيا والمناخ

6-9-2023 | 15:22

وسط توترات وصراعات وحروب أهلية وانتشار لأصوات البنادق في الشوارع اعتادت عليها القارة الإفريقية منذ سنوات طويلة جاءت القمة الإفريقية الأولى للمناخ في العاصمة الكينية نيروبي خلال الفترة من 4- 6 سبتمبر الحالي بحضور عدد من رؤساء ورؤساء حكومات دول القارة وبمشاركة مصرية بحضور الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء نائبًا عن الرئيس عبدالفتاح السيسي، بالإضافة إلى ممثلي المنظمات الإقليمية والدولية وفي مقدمتهم الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي لوضع رؤية مشتركة للقارة لمواجهة التحديات المناخية القادمة، والتحدث بصوت واحد في القمم الدولية المعنية بالمناخ والاقتصاد الأخضر. 

وعلى الرغم من غياب أي دور حقيقي للاتحاد الإفريقي في قضية التغيرات المناخية وتداعياتها المدمرة على القارة إلا أن الجهود التي تبذلها بعض الدول الإفريقية، وفي مقدمتها مصر للبحث عن سبل لتوفير التمويل المطلوب للدول الإفريقية؛ سواء من قبل الدول الصناعية الكبرى – المتسبب الرئيسي في الانبعاثات العالمية – أو من المنظمات الدولية المانحة مازالت لم تحقق الأهداف المرجوة منها بعد في ظل عدم التزام الدول الكبرى بتعهداتها المالية تجاه الدول النامية، وفي مقدمتها دول القارة - ٥٤ دولة - والتي تعد الأقلّ تسببًا بتغير المناخ، إذ تسهم بأقلّ من 4% من الانبعاثات العالمية إلّا أنها الأكثر تأثرًا بتداعياته، إذ تراجعت جودة أكثر من 700 مليون هكتار – الهكتار يعادل ٢.٤٧١١ فدان - من الأراضي الزراعية في جميع أنحاء القارة، وهذه المساحة تعادل ضعف مساحة الهند. إلي جانب خسارة القارة السمراء سنويًا نحو 4 ملايين هكتار الأراضي، وهو ما يعادل ١٠ ملايين فدان تقريبًا بالتزامن ذلك مع زيادة حالات الجفاف وانعدام الأمن الغذائي الذي يُجبر الكثير من السكان على الهجرة، ويُضعف التنوع البيولوجي، ويُؤثّر في الحياة وسُبل العيش. 

وبينما يتحدث العالم عن استخدامات الطاقة الجديدة والمتجددة فإننا نجد – وفقًا لتصريحات الرئيس الكيني وليام روتو خلال فعاليات القمة - أن إفريقيا التي تمتلك 60% من إمكانات الطاقة الشمسية في العالم، لا تزيد قدراتها في المجال عما هو متوافر في بلجيكا، التي يبلغ عدد سكانها ١١ مليون نسمة تقريبًا، بينما عدد سكان القارة ١.٣ مليار نسمة.

وفي السياق ذاته جاءت تصريحات أساف تزاكور، الباحث في مركز دراسة المخاطر الوجودية بجامعة كامبريدج، صادمة حيث قال إن "القارة، بشكل عام، في نقطة عمياء بشأن المخاطر المناخية". وأن القارة وفقًا لقاعدة بيانات المنظمة العالمية للأرصاد الجوية والتي تشكل أكبر من مساحة الصين والهند والولايات المتحدة مجتمعة مع ذلك، لا تملك سوى 37 منشأة رادارية لتتبع الطقس، بينما تمتلك أوروبا ٣٤٥ منشأة رادارية وأمريكا الشمالية ٢٩١، وبالتالي فإننا نتحدث عن تراجع كبير في إمكانيات القارة العلمية والمادية للتعامل مع التغيرات المناخية وتداعياتها الكارثية على دول القارة السمراء في ظل غياب واضح للدور الدولي لتقديم يد العون لدول القارة رغم الصراع السياسي والاقتصادي الدولي للتواجد في قلب القارة، ولكن بحثًا عن مصالح تسير في اتجاه واحد فقط.

وأعتقد أن مؤتمر المناخ الأول بالقارة – رغم كل التحديات – يمكن اعتباره نقطة ضوء في نفق مظلم طويل تسير في طرقاته دول القارة للبحث عن منقذ ووضع رؤية إفريقية موحدة للتحدث من خلالها أمام العالم في مؤتمر "كوب ٢٨" والمزمع عقده في نوفمبر المقبل في دولة الإمارات الشقيقة، والذي يعتبر امتدادًا لفعاليات وجهود مصر في مؤتمر "كوب ٢٧" لدعم دول القارة السمراء لمواجهة تداعيات التغيرات المناخية في كافة المجالات.

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة