2.5 مليون مولود كل عام.. مصر تُواجه تحديات الزيادة السكانية.. وأستاذ شريعة: فهم خاطئ لأحاديث النسل

6-9-2023 | 18:00
 مليون مولود كل عام مصر تُواجه تحديات الزيادة السكانية وأستاذ شريعة فهم خاطئ لأحاديث النسلالقاهرة
داليا عطية

بينما تشهد مصر المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية، بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي، والمقرر أن تستمر فعالياته من 5 - 8 سبتمبر الجاري، قال مسئولون بوزارة الصحة، ومجلس النواب، إن مصر تجدد التزاماتها الدولية تجاه القضايا السكانية، وتؤكد جهودها المبذولة في تحقيق الاستفادة القصوى من عائدها الديموغرافي، مؤكدين في حديثهم لـ"بوابة الأهرام"، أن المؤتمر جامع عبر منصّته خبراء متخصصين، وباحثين، وممارسين، لتبادل الخبرات، ومناقشة العلاقات المتغيرة والمتداخلة بين الصحة والسكان والتنمية.

موضوعات مقترحة

ويعكس المؤتمر اهتمام الدولة المصرية بملف السكان ، ووضع خطط واقعية للارتقاء بجودة حياة الإنسان، ومن المتوقع أن ينتج عنه توصيات وقرارات هدفها تحسين جودة حياة المواطن المصري، من خلال الاهتمام بالرعاية الصحية والاجتماعية.

الإستراتيجية الوطنية للسكان والتنمية ٢٠٢٣ / ٢٠٣٠

وأطلقت مصر الإستراتيجية الوطنية للسكان والتنمية ٢٠٢٣ / ٢٠٣٠ بحضور وزير الصحة والسكان، والتي قال عنها وزير الصحة والسكان، الدكتور خالد عبدالغفار، إنها أهمية قصوى لمعالجة القضية السكانية، التي تمس الحاضر والمستقبل لدول وشعوب العالم.

وزارة الصحة

وأشار الوزير ــ خلال كلمته في المؤتمر العالمي للصحة والسكان والتنمية ٢٠٢٣ تحت عنوان «سكان أصحاء من أجل تنمية مستدامة» وبمشاركة أكثر من ٨ آلاف شخص من مصر والعالم ــ إلى أن مشكلة الزيادة السكانية التي تواجهها الدولة المصرية هي التحدي الأكبر الذي يواجه العمل الوطني في الحاضر والمستقبل، إذ إنها تعرقل عجلة النمو الاقتصادي، وتلتهم كل عوائد التنمية؛ مما يؤثر على مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين، ومستوى معيشتهم، مما يحتم علينا العمل على تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي، والنمو السكاني، بما يضمن تحقيق الرفاه للجميع.

الزيادة السكانية

يقول الدكتور أشرف حاتم، رئيس لجنة الصحة بمجلس النواب، ووزير الصحة الأسبق، نحن لا نقول للناس توقفوا عن الإنجاب، وإنما نقول لهم إن الدولة تريد مهلة زمنية حتى تتمكن من تحسين الخصائص السكانية.

ويضيف في حديثه لـ"بوابة الأهرام"، أن تحسين الخصائص السكانية يعني توفير الخدمات الصحية والتعليمية والغذائية وغيرها من الخدمات المجانية التي توفرها الدولة للمواطنين لافتًا إلى أن المواليد في مصر تزداد بمعدل 2.5 مليون مولود في العام الواحد.

2.5 مليون مولود كل عام

ويتابع رئيس لجنة الصحة بمجلس النواب، أن هذه الزيادة 2.5 مولود كل عام، بحاجة إلى زيادة تقابلها في المدارس والمستشفيات والبنية التحتية التي من شأنها توفير كل أنواع الرعاية بمختلف المجالات لهؤلاء المواليد الجدد.

تحديات القضية السكانية

لكن، بحسب الدكتور أشرف حاتم، تواجه الدولة تحديات كثيرة في مواجهة القضية السكانية، أثقلها هو عدم وجود إمكانية مالية تقابل الزيادة السنوية للمواليد 2.5 مليون مولود سنويا، وتوفر بنية تحتية لإتاحة تساعد في توفير الخدمات المجانية لهؤلاء المواليد.

عشوائية الإنجاب

ويضيف رئيس لجنة الصحة بمجلس النواب، إلى هذه التحديات، وجود بعض المفاهيم لدى الكثير من السكان، وخاصة في المناطق الأكثر فقرًا والمناطق التي لا يوجد بها تعليم جامعي، إذ يدعمون فكرة الإنجاب بكثرة وعشوائية دون تخطيط لمستقبل الأطفال صحيا وعلميا وقدراتهم المالية نحو هذا المستقبل.

الوعي بالصحة الإنجابية

ويرى الدكتور أشرف حاتم، أن تعزيز الوعي بالصحة الإنجابية يتطلب تثقيف الأم بضرورة وجود فترة زمنية لا تقل عن عامين بين الحمل والحمل الآخر حتى يتسنى لها في هذه الفترة استعادة صحتها ويتسنى للطفل أن يتكون جسمانيا ونفسيا وذهنيا، قائلًا:" مسئولية الوعي تتطلب دور جماعي لكل من وزارة الصحة ووزارة الأوقاف عبر المساجد والكنائس ووزارة الثقافة عبر النوادي ومراكز الشباب وأيضًا المؤسسات الإعلامية بمختلف أشكالها".

معالجة الزيادة السكانية

ويرى الدكتور عمرو حسن، مستشار وزير الصحة والسكان لشئون السكان وتنمية الأسرة، أن آليات معالجة مشكلة الزيادة السكانية، تتمثل في تنظيم النسل، مع استثمار هذه القدرات الهائلة من المواطنين.

زواج القاصرات والعمالة المبكرة

ويقول لـ"بوابة الأهرام"، إن الزيادة السكانية بحاجة إلى برنامج إستراتيجي لرفع الوعي بالصحة الإنجابية، ومخاطر الحمل المبكر، لافتًا في ذلك إلى زواج القاصرات، إضافة إلى رفع الوعي بمخاطر العمالة المبكرة التي قال إن كثيرا من المواطنين في أماكن معينة، يتعاملون مع زيادة النسل على أنه زيادة في الرزق.

حقوق الطفل

وتابع الدكتور عمرو حسن، قائلا إن بعض الأهالي تدفع بالأبناء إلى سوق العمل في سن مبكرة، كمصدر للرزق، وهو ما يتسبب في زيادة الإنجاب، فضلًا عن الخطر الأكبر وهو انتهاك حقوق هذا الطفل الذي يفقد براءته وحقوقه من تعليم ورعاية جيدة من قِبَل أسرته عندما تدفع به هذه الأسرة إلى العمل من أجل تحصيل المال.

استقلال المجلس القومي للسكان

ويدعم مستشار وزير الصحة والسكان لشئون السكان وتنمية الأسرة، استقلال المجلس القومي للسكان، عن وزارة الصحة والسكان، حتى يتسنى لهذا المجلس العمل على القضية السكانية التي تتطلب عدم تشتت المسئولين بين قضايا أخرى، باعتبارها إحدى أكبر القضايا التي تؤرق المجتمع المصري، إضافة إلى أن استقلالية المجلس القومي للسكان ستضمن مرونة أكثر من حيث المساحة الزمنية في اتخاذ القرار.

وهو ما تقرر في مؤتمر السكان حيث كلف الرئيس عبد الفتاح السيسي  مصطفي مدبولي رئيس الوزراء برئاسة المجلس القومي للسكان لحل مشكلة النمو السكاني، مؤكدا على أهمية دفع جهود المجلس القومي للسكان لمواجهة الزيادة السكانية.

وفي محاولة لتوضيح حجم الزيادة السكانية قال الدكتور عمرو حسن "في العام الماضي شهدت مصر ولادة 2 مليون مولود و183 ألف مولود"، مضيفًا: "هذا العدد يمثل عدد سكان بعض الدول المجاورة".

وليس من لديه ستة أطفال كمن لديه طفلان فقط، فعندما يتم توزيع دخل الأسرة الشهري على هذا العدد من الأبناء ستكون الرفاهية الأكثر للأسرة التي بها طفلين بينما ستفقد الأسرة التي بها ستة أطفال الكثير من احتياجاتها لأن الميزانية لا تسمح، لذلك تحتاج القضية السكانية جودة تدابير، ومواجهات محكمة، علمية، وطبية، ودعوية.

وفيما يتعلق بالجانب الدعوي، أو الديني، يقول الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، توقفت - للأسف - قوافل التوعية، في الريف، والصعيد، لأسباب لا أعلمها.

قوافل الوعي

يتابع أستاذ الشريعة الإسلامية حديثه لـ"بوابة الأهرام"، فيقول، كانت هناك قوافل تذهب إلى تجمعات الناس، يكون معها داعية إسلامي، وطبيب، وباحث اجتماعي، والحقيقة كانت هذه القوافل، إلي حد كبير، تؤتي ثمارها، كل يقوم بتوعية في مجال تخصصه، وهذا ما نفتقده الآن.

يضيف إلى ذلك، أستاذ الشريعة الإسلامية، أن البعض ينشرون أقوالًا منسوبة إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) دون أن يخبروا الناس بمعناها، لافتًا في ذلك إلى أحاديث تكثير النسل.

أحاديث النسل

يقول الدكتور أحمد كريمة، أحاديث تكثير النسل، على فرض صحتها سندا، لكن معانيها تحتاج إلى فهم عميق، ودقيق، وهذا لا يقم به إلا علماء الأزهر الشريف، لأن هذه الأخبار -على فرض صحتها - هل هي للإيجاب، أم للندب، أم للإرشاد ؟

يجيب أستاذ الشريعة الإسلامية، فيقول، إن أحاديث الإنجاب، والنسل، إنما هي للإرشاد، فيبقى الأمر على الإباحة، يعني النسل مباح، ثم هذا المباح من القواعد النورانية في الفقه الإسلامي (من حق ولي الأمر أن يُقيد المباح لمصلحة معتبرة).

سن تشريعات

يتابع الدكتور أحمد كريمة فيقول، في الدول ذات الكثافة السكانية العالية، مثل مصر، من حق ولي الأمر أن يسن تشريعا بأن الأسرة لا تزيد على 3 أولاد كحد أقصى، وهم الذين لهم مجانية التعليم، والمواد التموينية، وباقي الخدمات المجانية، من عداهم يتحمل الأب الأعباء بمفرده، دون أن تتحمل الدولة ذلك، هذا كله من باب السياسة الشرعية والمصلحة.

وفي أصول ومصادر التشريع الإسلامي، ما يعرف بالمصالح المرسلة ، هذه توكل إلى ولي الأمر فيما نحن بصدده أو من يفوضه – مثل وزارة الصحة – ثم يجب طبع مختصرات ورقية، والكترونية، للتعليق على هذه الأخبار والآثار التي يروضها أشياخ جهلاء، بحسب حديث الدكتور أحمد كريمة.

حقيقة أحاديث النسل

وشدد أستاذ الشريعة الإسلامية على ضرورة أن يفهم الناس أن مباهاة النبي (صلى الله عليه وسلم) بأمته يوم القيامة، إنما يباهي بأمة، أو بأناس، عاشوا في رجاحة عقل، وصحة بدن، وعلم، ومعرفة، وبمكارم أخلاق، لكن النبي لن يباهي بمن ينامون في الشوارع، والطرقات، ويسكنون المقابر، ويمارسون أعمال البلطجة، ويرتكبون جرائم الإرهاب، قائلًا:" هؤلاء شرعا وعقلا لم يباه بهم النبي".

تنظيم النسل فريضة واجبة

وعلى ضوء ذلك، يقول الدكتور أحمد كريمة، ينبغي على المؤسسات الأكاديمية، أي الجامعات، إنشاء وحدات توعية أسرية، وتكون ضمن الأنشطة البحثية للطلاب، وتسيير قوافل التوعية، ليس للمراكز الطبية فقط، ولكن للتجمعات، مثل المصانع، والشركات، والأندية الرياضية، وتعيين موجّه متخصص في الفقه الإسلامي، ومعه طبيب، وباحث اجتماعي، وعمل استنصار خطة خمسية، لا تعرف الكلل، ولا الملل، لأن الزيادة السكانية مَفسَده، والقاعدة الفقهية: دفع المفاسد مُقدّم على جلب المصالح، وأيضًا قاعدة: حيثما كانت المصلحة فثمّ شرع الله، قائلًا:" تنظيم النسل فريضة واجبة".

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة