Close ad
3-9-2023 | 16:16

لم تحظ شجرة على الكوكب بمثل ما حظيت به "شجرة الزيتون"، فهي تتمتع بمكانة وأهمية  صحية، وغذائية، وطبية، واقتصادية، واجتماعية، وثقافية، بل وإنسانية أيضًا، فالحديث عن مكانتها وفوائدها الجمة في الدنيا يحتاج إلى موسوعات علمية تضاف إلى الموسوعات التاريخية التي تتخصص في ثمارها وأخرى في شجرتها، وقبل كل ذلك، فإنها فازت بمباركة من الله، سبحانه.

فقد ذكرها المولى، عز وجل، في كتابه الكريم في 6 مواضع، تصدرها وصف نور زيت ثمارها، ليقترب من وصف القرآن لنور وجه الله الكريم: "اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ".."النور- 35".

في عام  2018" تردد أن وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" أجرت بحوثًا عن شجرة الزيتون، سعيًا لتحليل النور الذي يشع منها، ومدى تأثيره على كوكب الأرض، وقالت الوكالة، إن هناك خرائط وبيانات جمعتها الأقمار الصناعية، حيث تستقبل النباتات ضوء الشمس، وتقوم بعملية البناء الضوئي "الكلوروفيل" ليتحول مع المادة الخضراء إلى مركبات غذائية تساعد على نموها، حيث تضيء بنورها الفلورسنتي "الوهاج" وجه الكوكب، وهي ظاهرة أطلق عليها العلماء "الإضاءة الفلورسنتية" لا ترى بالعين المجردة، ولكن بأجهزة خاصة ترصدها من الفضاء، وهذا يفسر ظهور الأرض كأنها لؤلؤة في الفضاء، كما جاء في الذكر الحكيم.

وجاء ذكر شجرة الزيتون في الكتب المقدسة والحضارات القديمة، وتردد أنها أول شجرة على الأرض بعد الطوفان، وغصن الزيتون رمز السلام في العالم أجمع، اعتمدته الأمم المتحدة رمزًا لشعارها ليحيط غصنا الزيتون الكرة الأرضية شوقًا للسلام المرتقب على الكوكب.

إذا كانت التحولات المناخية قد أثرت بشكل أو بآخر على البشر والشجر والحجر، إلا أن تأثيرها كان مباشرًا وقويًا على أشجار الزيتون، وخاصة في منطقة المتوسط، وهي البيئة الأكثر ملاءمة لكثافة إنتاجها، وتجسد هذا التأثير المفرط لتغيرات المناخ، في اندلاع حرائق الغابات، وتوالي موجات السقيع، وتدفق الأعاصير والفيضانات والجفاف في حوض المتوسط وخاصة إسبانيا وإيطاليا واليونان وتركيا، نتج عنه تراجع محصول ثمار الزيتون بشكل حاد في هذه الدول الشهيرة بزراعته.

هذه التحولات والظواهر المناخية، لم تنجُ منها محاصيل الزيتون في الدول العربية، جنوب وشرق المتوسط، بلا استثناء، في المغرب، والجزائر، وتونس، وليبيا، ومصر، وكذلك في سوريا، ولبنان، وفلسطين المحتلة، والأردن، مما أدى إلى زيادة الطلب العالمي على زيت الزيتون فضلا عن ارتفاع أسعارها إلى الضعف.

وبالرغم من قوة هذه الشجرة، وتحملها الجفاف، فضلا عن احتياجها إلى القليل من مياه الري، إلا أن حدة وتوالي المتغيرات المناخية، تجعل من استنباط سلالات جديدة أكثر مقاومة للعوامل المناخية والبيئية ضرورة عاجلة لإعادة التوازن إلى هذا المحصول الذهبي وهو بمثابة "الذهب الأخضر".

ودائمًا كانت أغصان الزيتون رمزًا للسلام والصمود والمقاومة، وفي سيناء التي كانت شهيرة بمزارع الزيتون، وبعد سنوات في مواجهة الإرهاب، تعرضت خلالها زراعة أشجار الزيتون لتراجع كبير، بعدما تسببت العناصر الإرهابية فى اقتلاع مساحات كبيرة من مزارع الزيتون وتجريف الأراضي وقطع إمدادات الكهرباء عن آبار المياه، التي يعتمد عليها المزارعون لري محاصيلهم، فإنه تجري حاليًا برامج للتوسع فى زراعة أشجار الزيتون هناك، بزراعة مليون شجرة جديدة.

وخيرًا فعل "مركز بحوث الصحراء"، الذي قام بتوزيع 50 ألف شتلة زيتون على المزارعين بالمجان فى قرى المثلث الأخضر بمركز بئر العبد، وعلى تجمعات مركز الشيخ زويد، ومركزى نخل والحسنة بوسط سيناء، كما تسعى محافظة شمال سيناء لتعويضها، بزيادة رقعة الأراضي الزراعية، سيكون لأشجار الزيتون نصيب لابأس به منها.

ولأن التحديات غير تقليدية في سيناء، فلابد من حلول غير تقليدية، فهناك مطلب لأهالي سيناء وخاصة المزارعين على أرضها، وهو الاهتمام بمساعدتهم في حفر الآبار واستخراج مياه الري باستخدام "الطاقة الشمسية"، وهي التحدي الأكبر للتنمية الحقيقية هناك، حيث الري بالآبار بواسطة هذه الطاقة الجديد والمتجددة، هو الحاسم للتعجيل والإسراع في تطبيق مراحل التنمية المستهدفة والمستدامة هناك.

[email protected]           

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: