سعدت الأسبوع الماضي بانعقاد صالون الحداد الثقافي الشهري تحت عنوان رجال الدولة في مواجهة الإرهاب منذ الستينيات حتى يومنا هذا؛ وشرفني بالحضور ضيوف شرف الصالون الثقافي الذين شهدوا أحداث الإرهاب منذ الستينيات والتي روى كواليسها اللواء فؤاد علام وحدثنا عن نشأة الجماعات الإرهابية وفكر جماعة الإخوان المتأسلمين؛ وحدثنا عن إرهاب فترة الثمانينيات سيادة اللواء ممدوح كدواني وسيادة اللواء يحيى كدواني والذين سردوا لنا أحداث إرهاب ١٩٨١، ومحاصرة الجماعات الإرهابية لمديرية الأمن؛ وتبادل الحضور الأسئلة التي كان محورها كيف يفكر الإخوان والجماعات الإرهابية ؟!
وتبادلت الرؤى والمناقشات؛ مما جعلتني استعرض أحداث فيلم الإرهابي؛ فاستطاع أن يجسد كيف تفكر الجماعات الإرهابية؛ فهناك عبارة ذُكرت في هذا الفيلم قالها عادل إمام وهو يجسد دور الإرهابي عندما خاطب وزير الداخلية بأنه كافر! فكان رده "في نظرهم الحكومة كافرة وكلنا كافرين"، كما وردت جملة أخرى قالها قيادي في جماعتهم: "أموالهم غنيمة ونسائهم جواري لنا"، فهم يجدون تحليلا وردا على كل ما يريدون تحليله ويناسب رغباتهم لذا دائمًا ما يرددون جملة: " لا تجادل ولا تناقش وإلا وقعت في المحظور"؛ لأن هؤلاء الشباب إن فكروا وجادلوا فيما يوجه إليهم من تعليمات وأوامر لِما فعلوها!
ولأن المحظور في نظرهم ما خالف عقيدتهم وفكرهم!، كما وردت جملة أخرى موجهة للإرهابي: "مين عينك مسئول"، فنسوا هؤلاء أن الله سبحانه وتعالى خاطب أشرف خلق الله سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام: "مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٍ"، "لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ"، فالمخرج أراد أن يوصل رسالة من خلال ذلك الفيلم والتي تم إيضاحها في نهاية الفيلم، فالضحايا دائمًا يستقطبوهم هؤلاء الجماعة الإرهابية باسم الدين! فالقيادات تأخذ التمويل من الخارج ويستغلون هؤلاء الشباب المنحدر معهم بأسم الدين لتنفيذ أغراضهم الدنيئة ويذهبون هم ضحية مزاعم هؤلاء الكاذبة.
فالإرهاب نشأ وتولد من فكرة أدت إلى ولادة عدة أفكار! والإرهاب موجود منذ قديم الزمان! منذ قتل هابيل لقابيل! وليس بشيء جديد! فالإرهاب أساسه ناتج من فكرة سواء أكانت دينية أم محاربة فكر عقائدي! أم انتقام! فإذا نظرنا للإرهاب المتواجد بجميع الدول سنجد مرجعه فكرة فمنهم من يقاتل من أجل فكر عقائدي ودفاعًا عن الدين ومنهم من يقاتل نتيجة عدائه لدولة أخرى وكذلك تتعدد أسباب ودوافع الإرهاب! ثم تتحول تلك الفكرة إلى عقيدة وواجب الدفاع عنها ومحاربة كل من يخالف عقيدتهم! فيتحول ذلك الإرهاب الفكري إلى نوع آخر من الإرهاب وهو الإرهاب الإلكتروني مرورًا بالإرهاب النفسي! ذلك الإرهاب الذي بات يهدد كل دول العالم ! فالكل مشغول بمحاربة ما يسمى بالإرهاب الأسود الذي يعتمد على القتال بالأسلحة! وغافلون عن أساس انتشار ذلك النوع من الإرهاب بل هو أساس تواجد الإرهاب الأسود!
فالإرهابيون يجتمعون ويخططون عبر الحاسب الآلي ينشرون الشائعات ويؤثرون في أفكار الجميع ويُدّخلون في معتقدات البعض أفكار غريبة ويزداد عددهم يومًا تلو الآخر! بل ولا يتوقف الأمر عند ذلك بل يتعلمون فنون الحرب ويجذبون لديهم العديد ! فمن الممكن أن نكون جميعًا مشتركين في ذلك النوع من الإرهاب بدون أن نشعر! وتكمن خطورة ذلك النوع من الإرهاب في إختفاء معالم الجريمة وعدم معرفة الجناة، فما يجمع الجناة الحاسب الآلي، فمن الممكن أن يتم الإعداد للجريمة في بلد والتخطيط في بلد آخر وتنفيذ الجريمة في بلد آخر! مما يجعل من الصعب الكشف عن الجريمة والقبض على مرتكبيها، فنحن مشغولون بمحاربة الإرهاب الأسود وغافلون عن سبب انتشار الإرهاب الأسود ألا وهو الفكر المتمثل في الإرهاب الفكري وأيضأ الإرهاب الإلكتروني الذي ساهم وساعد الإرهابيين بشكل كبير في تنفيذ جرائمهم في منتهى الدقة وأيضًا من السهل تجميعهم وتعليمهم فنون القتال بمنتهي السهولة؛ فللقضاء على الإرهاب يجب تكاتف جميع الجهات الأمنية وأيضاً جميع مؤسسات الدولة.