- 50 مليار دولار حتى 2037 من أجل حماية كل قطرة مياه
- تبطين 20 ألف كيلو متر من الترع لتقليل فاقد المياه وضمان وصولها لنهايات الترع
تسعى الدولة المصرية متمثلة فى وزارة الرى ووزارة الزراعة، فى تطوير أساليب الرى الحديثة، حيث تبنت الدولة استراتيجية كبيرة لتطوير وتحديث نظم الرى فى مصر، خاصة فى ظل الظروف المائية الصعبة التى نمر بها، مما أثر بالسلب على المحاصيل الزراعية بصفة عامة والمحاصيل الزراعية الصيفية بصفة خاصة، حيث تبنت الحكومة برنامجاً متكاملاً للحفاظ على المخزون المائى، بعد أن أصبحت قضية الأمن المائى الشغل الشاغل للكثير من شعوب العالم.
ولمعرفة المزيد حول الملف التقت "الأهرام الزراعى" بالدكتور هانى رياض، أستاذ مساعد بقسم الرى والهيدروليكا - هندسة عين شمس وخبير قطاع المياه بالغرفة الألمانية.. وإلى نص الحوار:
هل تعانى مصر من نقص حاد فى الموارد المائية؟
نعم، مصر تعانى من فقر مائى حاد، حيث إن نصيب الفرد من المياه المتجددة وصل إلى 550 متراً مكعباً فى السنة، أى أنه اقترب إلى الفقر المائى المطلق، وفقاً لمنظمة الأمم المتحدة والمقدر بـ 500 متر، بعد أن كان نصيب الفرد فى مصر أكثر من 2750 متراً مكعباً فى عام 1950، وهذا النقص الحاد يرجع إلى الزيادة السكانية الرهيبة والتى تزداد عاماً بعد آخر، فى حين أن الموارد المائية المتجددة نهر النيل والأمطار والسيول والمياه الجوفية تكاد تكون ثابتة، بل ومعرضة للتناقص، وذلك بسبب التغيرات المناخية وزيادة درجة حرارة الأرض، التى تؤدى إلى زيادة معدلات البخر و ذوبان الثلوج، الذى يؤدى إلى ارتفاع منسوب البحر، والذى بدوره يؤدى إلى زيادة ملوحة المياه الجوفية والتربة فى الدلتا.
كيف تغطى الدولة المصرية العجز فى الموارد المائية؟
من المهم معرفة أنه يوجد عجز سنوى بين الموارد المائية المتاحة فى مصر، والتى تقدر بنحو 65 مليار متر مكعب والمطلوب تقريباً يقدر بنحو 114 ملياراً، أى أنه يوجد عجز سنوى بنحو 49 مليار متر مكعب؛ لذلك تقوم الدولة المصرية بتغطية نحو 15مليار متر مكعب منها عن طريق توفير مصادر مياه غير تقليدية، مثل إعادة استخدام مياه الصرف الصحى والزراعى المعالج.
وتستخدم مياه الصرف الصحى المعالج فى رى الغابات الشجرية، كما تتم تغطية جزء آخر بتحلية مياه البحر فى المدن الساحلية، وجزء بحصاد مياه الأمطار بإنشاء شبكات خاصة بها، وحصاد مياه السيول بإنشاء السدود، أما باقى العجز المائى وهو 34 مليار متر مكعب يتم توفيره عن طريق استيراد المحاصيل، والتى كان من المفترض أن تتم زراعتها بهذه المياه لتغطية الاحتياج المحلى.
ماهى خطط مصر فى مجال الرى الحديث؟
تعد الزراعة أكثر قطاع استهلاك للمياه فى مصر، حيث تستهلك أكثر من 78 % من الموارد المتاحة، ومع ذلك مازال أكثر من 90 % من الأراضى المزروعة، يتم ريها باستخدام الرى بالغمر، وهو ما دفع الدولة لإطلاق مبادرات للتشجيع على التحول إلى أنظمة الرى الحديثة، وإلزام المزارعين بها فى الأراضى الجديدة، لذا يوفر البنك الزراعى المصرى قروضاً ميسرة طويلة الأمد لهذا الغرض، وحرصت مصر على رصد ميزانية ضخمة لتبطين 20 ألف كيلو متر من الترع؛ لضمان وصول مياه الرى للنهايات ولتحسين كفاءة منظومة الرى، علاوة على مشاريع الصوب الزراعية التى توفر نحو 15 إلى 20 % من المياه، يجدر بنا الإشارة هنا إلى أن استخدام الرى الحديث فى الأراضى القديمة، تحديداً فى أراضى الدلتا تحتاج إلى دراسات خاصة لكل منطقة، وهذا ما نقوم به بالفعل فى قسم الرى والهيدروليكا بجامعة عين شمس كلية هندسة قسم الهيدروليكا.
ما هو الفارق بين الرى بالتنقيط والرى بالرش؟
الرى بالتنقيط كفاءته تصل إلى أكثر من 90 % أى الذى يتم فقده من الماء 10 % من المياه المستخدمة فى الرى، بينما كفاءة الرى بالرش تتجاوز 75 %، وتحديد تقنية الرى تختلف حسب نوع التربة والمحصول والعوامل المناخية مثل سرعة الرياح والحرارة، حيث يفضل استخدام هذه التقنيات فى الأراضى الرملية، ويفضل الرى بالتنقيط فى بساتين الأشجار مثل الفاكهة.
ماهى أبرز المشاريع التنموية للحفاظ على الموارد المائية؟
من أعظم المشاريع التى قامت بتنفيذها الدولة المصرية مؤخراً هى مشروع محطة بحر البقر لمعالجة مياه الصرف الزراعى بشرق الدلتا،
بقدرة 5.6 مليون متر مكعب فى اليوم، لرى ما يقرب من 400 ألف فدان فى شمال سيناء ومحطة معالجة الدلتا الجديدة لمعالجة مياه الصرف الزراعى من وسط وغرب الدلتا بقدرة 7.5 مليون متر مكعب فى اليوم، لرى 500 ألف فدان (مرحلة أولى).. هذه المشاريع تعد الأكبر فى العالم، وقد حصلت بالفعل محطة بحر البقر على 3 شهادات من موسوعة جينيس للأرقام القياسية،
هذه المحطات لم تكتف فقط بإعادة استخدام مياه الصرف المعالج فى رى الأراضى الزراعية الجديدة، بل أنقذت البحيرات الشمالية، بالأخص بحيرتىْ المنزلة ومريوط من التلوث الهائل سنوياً بسبب صرف هذه المياه بهما؛ فى هذه البحيرات عادت لها الحياة من جديد وتم تطهيرها؛ وجعلها بيئة صحية للاستثمار فى المزارع السمكية لتسديد الاحتياج المحلى من الأسماك؛ وهنا يجب أن أوضح شيئاً فى غاية الأهمية؛ إن مياه الصرف الزراعى المعالج يتم خلطها جزئياً من مياه النيل، لتقليل نسبة الملوحة لتصبح صالحة لزراعة محاصيل متنوعة، مثل: القمح والفواكه والخضراوات، ولتقليل الاعتماد على الاستيراد ولتوفير عملات أجنبية.
الدولة المصرية لديها طموح كبير فى زراعة الصحراء، فهل تستطيع التعامل مع محدودية الموارد المائية؟
مصر لديها خطط طموحة لاستصلاح أكثر من 2.5 مليون فدان، أى أكثر من 20 % من المساحة المزروعة حالياً، فى خلال السنوات القليلة القادمة لذا تم تقدير ميزانية مشاريع التنمية فى إدارة الموارد المائية لما يقرب من 50 مليار دولار أمريكى حتى عام 2037، وهذا ما تقوم به الدولة الآن من الاستفادة بكل قطرة مياه داخل أراضيها، لذا وضعت الوزارات خططاً استراتيجية لتوفير المياه بإقامة مشاريع تنموية، لتوفير مصادر غير تقليدية مثل المعالجة والتحلية، وتقليل فواقد شبكات نقل المياه داخل المدن القديمة، بتجديد المواسير القديمة والمتهالكة، وتركيب أنظمة وأجهزة متابعة لخفض الفواقد من الشبكة، والتى وصلت إلى 30 %، علاوة على استخدام المياه الجوفية مع المياه المعالجة فى استصلاح الأراضى الجديدة مثل مشاريع مستقبل مصر، تحيا مصر، توشكى، شرق العوينات.. وأخيراً توعية الناس بأهمية الحفاظ على مواردنا الطبيعية فى المدارس والجامعات ودور العبادة، وغيرها من الأماكن التى لها تأثير على المواطنين.
الكثير يرى مبالغة فى الحديث عن وسائل الرى الحديث.. ماهو رأيكم؟
بالتأكيد هو لا يرى الصورة كاملة، فطرق الرى الحديث لها أهمية كبيرة، لما توفره من كميات كبيرة من المياه، ونوجه بضرورة عمل سيستم الرى بشكل كبير على زيادة الإنتاجية، ويحقق الاكتفاء الذاتى إلى جانب زيادة الصادرات الزراعية للخارج، خاصة وأن هناك مساحات أراضى زراعية لم تتم زراعتها حتى الآن، بسبب مشاكل المياه، ولا ننسى توقيع مصر ثلاثة اتفاقيات دولية مع هولندا واليابان والفاو، لدعم المزارعين فى تطبيق المنظومة.