رياح التغيرات المناخية والسياسة الزراعية المصرية

3-9-2023 | 17:21
رياح التغيرات المناخية والسياسة الزراعية المصريةالتغييرات المناخية
أحمد عابد
بوابة الأهرام الزراعي نقلاً عن

 

الحرائق التى نشاهدها فى مكان وارتفاع درجات الحرارة غير المسبوق.. ماهى إلا نتاج التقلبات المناخية والتى يطلق عليها الجميع التغيرات المناخية والتى أصبحت واقعاً لا مفر منه ولا مهرب ومحسوس من الجميع. 

وفى هذا الصدد يوضح الدكتور إبراهيم درويش أستاذ المحاصيل ووكيل كلية الزراعة بجامعة المنوفية، أن لهذه التغيرات المناخية آثار جانبية على القطاع الزراعى والأمن الغذائى من خلال ارتفاع درجات الحرارة والجفاف تزداد الاحتياجات المائية للمحاصيل وتنتشر الآفات والأمراض التى لم تكن موجودة من قبل والتى أصبحت تهدد الأمن الغذائى وحياة الإنسان

ومن هنا تأتى ضرورة وضع سياسة زراعية جديدة تراعى هذه التغيرات والعمل على إعداد تركيب محصولى مختلف عن الحالى وتعديل مواعيد الزراعة بما يتناسب مع درجات الحرارة الحالية وإعادة توزيع المحاصيل على مناطق الجمهورية الزراعية داخل الدولة المصرية

والعمل بكل جدية على  تجديد التوصيات الفنية والمعاملات الزراعية التى تتناسب مع هذه التغيرات المناخية والتى على المزارعين تطبيقها على محاصيلهم لمجابهة الآثار الضارة لهذه التغيرات.

التطبيقية الجادة

ويضيف د. درويش قائلاً: وكل النقاط السابقة تستدعى زيادة البحوث العلمية الجادة والتطبيقية وعلى أرض الواقع، التى تهتم بمعالجة التغيرات المناخية والتكيف معها والحد من آثارها ومجابهة ماتحدثه من آثار ضارة بالمحاصيل الزراعية الاستراتيجية.. التى تعتبر عصب الأمن العذائى للدولة المصرية وبما تحدثه من أضرار على محاصيل الخضر أو الفاكهة والتى تعتبرها الدولة المصرية مصدراً من مصادر زيادة الدخل القومى من العملة الصعبة لأنها محاصيل تصنيعية وتصديرية.

ويوضح أن الإجهادات التى تتعرض لها المحاصيل قد تكون إجهادات منفردة أو إجهادات  مركبة أو متعددة.

فعندما تتعرض المحاصيل إلى إجهاد ارتفاع لدرجات الحرارة بصورة أكبر من الحرارة المناسبة، فهذا بالتأكيد يمثل إجهاداً على النبات  وهذا إجهاد فردى وإذا صاحب ذلك نقص المياه وتعطيش للنباتات، وبذلك يكون لدينا إجهادان على المحصول فى نفس التوقيت، وهنا تتفاقم المشكلة وفى حالة وجود مشكلة أخرى كالأرض الملحية فيكون  لدينا ثلاثة إجهادات مركبة، وبالتأكيد  ستؤدى إلى خسائر فادحة إذا لم تتم مجابهة هذه الإجهادات على وجه السرعة.. أو المعاملة بطريقة تعى حجم التحديات التى تفرضها هذه الإجهادات.

وتزداد الكارثة إذا تم استخدام المبيدات الكيماوية لمكافحة الآفات أو الحشائش فى ظل هذه الإجهادات، فنكون قد حكمنا بذلك على المحصول بالموت الكامل.

أهم الأضرار

ويحدد وكيل زراعة المنوفية أهم الأضرار التى تسببها الحرارة المرتفعة للنباتات فى النقاط التالية:

-  التأثير على التركيب المحصولى فمن المعلوم أن التركيب المحصولى لأى دولة تحدده عدة اعتبارات منها المساحة المزروعة - احتياجات الدولة - ظروف التربة والمنطقة التى يزرع بها المحصولطبيعة المناخ مدى توفر الموارد المائية التى تحقق تنفيذ التركيب المحصولى بفاعلية وتجعله أمراً واقعاً، فبارتفاع درجات الحرارة عن المعتاد سوف يؤثر بالتأكيد على التركيب المحصولى لأن درجات الحرارة المرتفعة تؤثر سلباً على كل العوامل السابقة.

-  زيادة الاحتياجات المائية لكل محصول فى ظل محدودية الموارد المائية المصرية فارتفاع درجات الحرارة ستؤدى إلى زيادة الاحتياجات المائية والمقننات المائية وكميات المياه التى يحتاجها كل محصول على حدة، وبالتأكيد ستختلف بالزيادة عن الكميات السابقة.. وهذا يجعل المزارع يحتاج إلى زيادة كمية المياه فى الرية الواحدة، وأيضاً زيادة  عدد الريات عن المعتاد على فترات متقاربة، الأمر الذى يجب عليه أن توفر وزارة الرى كميات من المياه إضافية تضخها فى القنوات المائية، مما يؤثر بالسلب على الموارد المائية المصرية فى ظل محدودية الموارد.

-  تأثير ارتفاع درجات الحرارة على المحاصيل الزراعية، سوف يختلف فى تأثيرها الضار من محصول إلى آخر، وذلك حسب المجموع الخضرى له ومدى غضاضته وعمر المحصول وعدد مرات الرى، ويزداد التأثير الضار كلما زاد المجموع الخضرى، وعند زيادة التسميد الأزوتى عن الحد اللازم  أو التسميد غير المتوازن.

ويكون التأثير أكثر ضرراً عند زيادة التسميد الأزوتى  فى ظل نقص المياه أو التعطيش.

-  يزداد الضرر أيضاً عند ارتفاع درجات الحرارة ونقص المياه، خاصة فى مراحل التزهير والتلقيح والإخصاب والعقد ومرحلة امتلاء الحبوب لأن ارتفاع درجات الحرارة، مع نقص المحتوى المائى فى النباتات سوف يؤدى إلى خلل  فى  جميع العمليات الحيوية والفسيولوجية الداخلية وعدم اتزان فى كل وظائفه بما فيها فتح وغلق الثغور مما يؤثر على امتصاص الماء والعناصر الغذائية.

-  يظهر الضرر بوضوح إذا كان هناك تذبذب فى درجات الحرارة، مما يفقد النبات استقراره ويؤثر على امتصاص المياه من التربة، بما فيها من عناصر غذائية وتوزيعها داخل النبات، كما تؤثر على عمليات النتح والتمثيل الضوئى وتؤدى إلى زيادة الاحتياجات المائية للنباتات.

  - تؤثر درجات الحرارة المرتفعة بصورة مباشرة على المياسم وحبوب اللقاح سواء بموتها أو لزوجتها أو فشلها فى اختراق المياسم والإخصاب مما سيقل العقد فى الأزهار وتظهر الحبوب الفارغة مثل الأرز أو تغيب الحبوب مثل الذرة الشامية فعند  غياب الحبوب فى الكوز  يطلق عليه سنة العجوزة.

-  تؤدى  الحرارة المرتفعة فى محاصيل الخضر والفاكهة إلى تساقط أزهارها أو تظهر على أوراقها علامات التهدل وذبولها لزيادة بعض الهرمونات النباتية وانخفاض المحتوى المائى للأوراق والخلايا، مما ينعكس بالسلب على  إنتاجية هذه المحاصيل.

ويشير الدكتور إبراهيم درويش وكيل كلية الزراعة بجامعة المنوفية، إلى أهم التوصيات التى يجب الالتفات إليها فى الوقت الحالى :

-  توجيه البحوث العلمية لمجابهة التأثيرات المناخية الضارة.

-  زيادة الاهتمام ببرامج تربية الأصناف المتحملة للإجهادات البيئية مثل  (الحرارة العالية - أو المنخفضة - نقص المياه- الملوحة).

-  التوصية بزراعة واعتماد الأصناف الواسعة القاعدة الوراثية فهى أفضل من الأصناف ضيقة القاعدة الوراثية خاصة عند التوسع فى زراعة أصناف الهجن من الذرة الشامية فى المشروعات القومية الكبرى.

-  الاهتمام بالتسميد المتوازن، وتطبيق المعادلات السماوية لكل محصول على حدة وعدم الإسراف فى التسميد الأزوتى خاصة عند ارتفاع درجات الحرارة ونقص المياه.

-  يراعى تجنب استخدام المبيدات وقت الظهيرة أو عند نقص المياه حتى لانزيد الضغوطات الإجهادية على النباتات.

-  الاهتمام بإجراء عمليات الرى المتتالية  وتقصير الفترة الزمنية بين الريات لتوفير الرطوبة الأرضية اللازمة للمحصول ولتخفيف آثار  الإجهاد الحرارى تخفيف تركيز الأملاح حول جذور النباتات إذا كانت التربة ملحية - العمل على  تدعيم النباتات بالعناصر الغذائية الصغرى  خاصة أن التربة المصرية أصبحت فقيرة فى تلك العناصر مثل الحديد والزنك والبورون والمنجنيز.

-  الرش بسليكات البوتاسيوم وممكن استخدام الخل والليمون وكل ذلك بهدف مساعدة النباتات على مجابهة ارتفاع درجات الحرارة والقيام بالتمثيل الضوئى فى أقل كمية ممكنة ومتاحة  من المحتوى المائى.

-  يفضل أن يكون الرى وجميع العمليات التى تجرى على النباتات فى الصباح الباكر أو قبل الغروب لأنها الفترة التى تقوم فيها النباتات بجميع العمليات الحيوية لها بصورة طبيعية بعيداً عن الإجهادات.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة