الحلم مازال قائمًا والأمل في لحظات المخاض، الانتظار لن يطول مهما غشت الإخفاقات بظلالها الكئيبة أرجاء هذا الكون الفسيح بتخاذله وبتكرار نوبات فشله في مواجهة مشكلاته والسعي لحلها، سيرسل الله يومًا ما إلينا بالرحمات بالبركات بشحنات من هدوء بال وصلاح حال، سيحدث هذا إن أقدمنا على تطبيق ما أمرنا الله به من أقوال وأفعال لنبرهن بها لأنفسنا وللجميع على توافر حسن الظن بالله مالك الملك رب هذا الكون والقادر عليه.
سيزول عنا إحساس الغربة النفسية التي تتحكم بنا وتسوقنا أمامها كالأطفال، ستزول الإحباطات وتحل محلها شحنات من نور تفوق تصورنا تفوق كل خيال، فالقاعدة تقول أن دوام الحال من المحال، دعونا نلتفت نحو أنفسنا قليلًا وننصب ميزان العدل من قبل أن ينصب لنا، تعالوا نعيد على مسامعنا تلك الآية الكريمة التي يقول الله تعالى فيها :"{إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ}.
تعالوا نجعل من تلك الآية إشارة بدء لنا، بداية سابقة لكل خطوة من خطوات طريق عمرنا تعالوا نعود لخالقنا ليرشدنا ويوجهنا نحو الطريق المستقيم الذي يرتضيه لنا.
تعالوا نتوجه معًا أكثر نحو الأعماق نبحث جيدًا عن رصيد الإيمان بداخلنا نتساءل ونلح على أنفسنا في السؤال هل ما لدينا من مخزون الأقوال والأعمال الصالحات يكفينا حقًا لكي ننال رضا الرحمن، وهل نحن نستحق كل الرحمات التي نرجوها لأنفسنا! أم أننا مازالنا في حاجة إلى أن ننهل أكثر وأكثر من نهر الإيمان من دون جدال من دون تكبر أو عناد، هل مالدينا يكفي حقًا لنطمئن به أم أننا مازلنا نحتاج للتقرب إلى الله بالمزيد والمزيد من الطاعات لتصحيح المسار.
فلننظر معًا صوب السماء ونكرر هذا الفعل بانتظام علينا أن نتطلع إليها ونترك أرواحنا تسبح في فضائها البعيد ونقر بأنفسنا بأن الذي رفعها بلا عمد قادر على رفع الهموم عنا وإن كانت في حجم وثقل الجبال، إنه القادر برحمته على محو أنين سنوات الشكوى التي التفت حول صدورنا بإحكام، إنه القادر على تجفيف تلك الدمعات الساكنات التي اختبأت وسجنت بداخلنا لسنوات.
إن مشكلتنا الحقيقية باتت تكمن في أننا لم نعد نرى في كل محنة تمر بنا سوى سيئها فقط نسىينا أو تناسينا أن الصبر عليها له النصيب الأكبر من عظيم الأجر والثواب، الصبر هو أول مفاتيح الخير الذي سيمكننا من العبور بسلام نحو طريق النور، الطريق الوحيد الآمن والموثوق به، لكننا لم ندرك بعد عظمة خالقنا الذي بيده وحده تسير كل الأمور، إنه الله القادر على محو ما يؤلمنا في كل زمان ومكان، القادر على تبديله وتحويله إلى سعادة تسكن قلوبنا وتفيض على غيرنا بالخير والعطاء، فالرضا بالقدر خيره وشره هو أحد شروط نجاح هذه الصفقة وهو الدليل على تمام الإيمان.