على وقع تحديات كبرى، تعصف بالعديد من دول العالم، وأزمات تنسف مقدرات شعوب كثيرة، تأتي اجتماعات البنك الآسيوي للاستثمار هذا الشهر بشرم الشيخ ولأول مرة في مصر لتحمل رسائل عدة، ودلالات كثيرة، وإشارات قوية على دور مصري متنامي في إفريقيا، إذ تكتسب هذه الاجتماعات التي تعقد بمشاركة ٣ آلاف من الشخصيات الاقتصادية المؤثرة دوليًا في البنية التحتية بينهم ١٠٦ وزراء مالية ورؤساء بنوك مركزية، لترسم مستقبلا جديدا للتنمية في القارة الإفريقية وفي القلب منها مصر التي تستعد لهذا التجمع الأضخم من خبراء العالم بخطة عمل تسعى من خلالها لاستقطاب رؤوس الأموال الأجنبية للاستثمار على أرض مصر خاصة في مجال البنية التحتية ولعل الجهود المكثفة التي تقوم بها وزارة المالية بقيادة الدكتور محمد معيط للإعداد الجيد لهذه الاجتماعات ستمثل ركيزة أساسية في مناقشة الملفات المطروحة أمام هذه الاجتماعات ليس بالنسبة لمصر فحسب؛ بل لإفريقيا التي تعد مصر صوتا لها في الاجتماعات.
وتسعى مصر في هذا الشأن إلى الاستفادة من توجه البنك الآسيوي لتخصيص 50 % من استثماراته للعمل المناخي بحلول عام ٢٠٢٥، فى دعم خطط التحول الأخضر التوسع في المشروعات الذكية والصديقة للبيئة في مصر وإفريقيا، إذ يوفر البنك تمويلات ميسرة ومنخفضة التكلفة لمشروعات الطاقة المتجددة والنقل منخفض الكربون وقطاع المياه والصرف الصحي ومكافحة التلوث وتعزيز خدمات النظام البيئي، على نحو يسهم في توسيع التمويل المالي الإفريقي للمشروعات الخضراء، وتحقيق المستهدفات الاقتصادية والتنموية القارية خاصة في ظل ما تعانيه القارة من تبعات بيئية واقتصادية واجتماعية لظاهرة التغيرات المناخية.
المؤكد أن اجتماعات البنك الآسيوي في مصر تمثل حدثًا اقتصاديًا كبيرًا يستحق الاهتمام نظرًا لكون هذه المؤسسة الكبيرة تلعب دورًا مهمًا في التمويل ودفع الاستثمار ومصر في الوقت الحالي الذي تمر فيه بمرحلة بناء وتنمية شاملة في حاجة إلى المزيد من التمويلات التي تدعم وتيرة تنفيذ المشروعات ولعل البنك الآسيوي يمكن أن يكون آلية فعالة لإقامة شراكات بين مصر وإفريقيا أو بين إفريقيا وآسيا في مجالات تنموية واسعة خصوصا في البنية التحتية والاقتصاد الأخضر.
اجتماعات البنك الآسيوي هي فرصة ذهبية توفرها الدولة لدعم القطاع الخاص المصري الذي يجب أن يستغلها في إقامة شراكات مع البنك واستغلال التمويل الميسر الذي يوفره البنك لتمويل المشروعات لعل الحوار الذي ستنظمه وزار المالية بين ممثلي البنك ومجتمع الأعمال في مصر خلال أيام ضمن ترتيبات المؤتمر يمثل فرصة لبلورة رؤية مشتركة للتعاون المستقبلي مع البنك في مختلف القطاعات التنموية، المهم أن يكون القطاع الخاص المصري مستعدًا بالأفكار والمشروعات والدراسات للدخول بقوة وجدية في مثل هذه الشراكات.
الخلاصة أن مصر تمر بمرحلة مهمة ومبشرة ورغم ما نشهده من تحديات وصعوبات إلا أن الأمل في الغد المشرق لازال هو الرهان الرابح، فمصر أرض الفرص وأرض الخير لن تضام في يوم ما ربما تتعثر لكن سرعان ما تتجاوز التحديات والعثرات، وحين تأتي مؤسسة تمويلية كبرى مثل البنك الآسيوي وتختار مصر لعقد اجتماع البنك بحضور هذا الحشد الكبير فإن ذلك يأتي إيمانا بدور مصر و قيادتها ودورها ومحوريتها في إفريقيا ما تملكه من فرص استثمارية كبرى تؤهلها أن تكون شريكا موثوقا فيه للبنك وتشجعه على توسيع استثماراته ليس في مصر فحسب بل في إفريقيا.. فتلك هي الحقيقة الدقيقة؛ لأن الاقتصاد و"البزنيس" لا تحركه العواطف والمشاعر بل الفرص والمكاسب.
[email protected]