لعبة السياسة والاقتصاد.. و"بريكس"!

30-8-2023 | 13:34

لا أخفي عليكم بأنني حاولت جاهدة أن أبتعد بكم عن الحديث في/وعن عالم السياسة ـ لنلتقط الأنفاس اللاهثة في الصراع الأبدي مع الموجات المتلاحقة في بحر الحياة ــ فوجدتني غارقة حتى أذناي في بحر السياسة وأحلام السياسيين وتطلعاتهم؛ ولأصُب جُل توجهي واهتمامي بهذا الحدث الجديد والفريد على صعيد الاقتصاد المصري.. والعالمي!

هذا الحدث الفريد الذي جاء في ظل التحديات الاقتصادية الآنية التي تواجهها مصر؛ وجاء الإعلان عنه بمثابة نقطة ضوء تلقاها المصريون بترحيب وتفاؤل كبير، وقد أعرب عنه الرئيس عبدالفتاح السيسي في بيان له عن ترحيبه بدعوة مصر للانضمام إلى عضوية مجموعة "بريكس"؛ بقوله: "أثمِّـن إعلان مجموعة بريكس دعوة مصر للانضمام لعضويتها اعتبارًا من أول يناير 2024؛ ونتطلع للتعاون والتنسيق مع المجموعة خلال الفترة المقبلة لتحقيق أهداف تدعيم التعاون الاقتصادي؛ والعمل الجاد على إعلاء صوت دول الجنوب إزاء مختلف القضايا والمشكلات والتحديات التنموية بما يدعم حقوق ومصالح الدول النامية".

وعند الخبراء، اختيار البريكس مصر عضوًا دائمًا بها هو اعتراف ضمنى من كبرى الدول داخل البريكس بقوة مصر اقتصاديًا وسياسيًا؛ وبما تمتلكه من مقومات تنموية شاملة؛ وبعدها إفريقيًا الذي لا يستهان به، فضلاً عن بعدها العربي بالمنطقة؛ وسوف يعمل الانضمام إلى تيسير حركات التجارة البينية بين مصر ودول الصين والهند وروسيا باعتبارها دولاً صناعية كبرى وتربطها بمصر علاقات اقتصاديه قوية وحجم تجاري بيني معتبر بعيدًا عن الدولار وأزماته؛ مستخدمة مع ذلك صيغة نقدية مناسبة بينهم.

وللقارئ الحق في أن يعلم بعض المعلومات والبيانات؛ عن هذه المجموعة وأهدافها وتوجهاتها؛ والعائد الإيجابي على مجموعة تلك الدول.

وبإطلالة عن منطوق كلمة "بريكس" أو بالإنجليزية BRICS؛ فهو مختصر الأحرف الأولى باللغة الإنجليزية المكونة لأسماء الدول المشاركة في هذا التجمع الاقتصادي وهي حاليًا: 
 ‏: البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا؛ وكان هذا التجمع يدعى سابقاً "بريك" BRIC قبل انضمام جنوب إفريقيا إلى المجموعة عام 2010، ليضاف المسمَّى الحرف (S) الخاص باسمها ويصبح اسم المجموعة "بريكس". ومن المقترح تعديل الاسم ليصبح "بريكس بلس" (BRICS Plus)‏ بعد إعلان الرئيس الجنوب الإفريقي في 24 أغسطس 2023 خلال قمة البريكس المنعقدة في بلده عن قبول انضمام ست دول جديدة للبريكس وهي: السعودية، الإمارات، مصر، الأرجنتين، إثيوبيا، إيران، وذلك اعتبارًا من مطلع العام 2024.

ويجيب أهل الاختصاص وأصحاب القرار ـ في عبارة مختصرة مفيدة ــ عن تساؤلات رجل الشارع في مصر عن : ما هي أهداف مجموعة بريكس؟ فيقولون : هو محاولة التقليل من ضغوط العملات الأجنبية على الدول الأعضاء ومساندة تلك الدول في الأزمات الاقتصادية.

ولحرصي الشديد على زيادة الثفافة المعرفية في عالم الاقتصاد؛ ولتوصيل المعلومات الكافية لرجل الشارع في مصر والعالم العربي؛ فإنني أضع نصب عينيه ـ بتصرف ــ الأهداف الرئيسة الأخرى للمجموعة؛ ورغبة القوى الخمس الناشئة في تعزيز مكانتها على مستوى العالم من خلال التعاون النشط فيما بينها، وذلك من خلال:

* السعي إلى تحقيق نمو اقتصادي شامل بهدف القضاء على الفقر ومعالجة البطالة وتعزيز الاندماج الاقتصادي والاجتماعي.

* توحيد الجهود لضمان تحسين نوعية النمو عن طريق تشجيع التنمية الاقتصادية المبتكرة القائمة على التكنولوجيا المتقدمة وتنمية المهارات.

* السعي إلى زيادة المشاركة والتعاون مع البلدان غير الأعضاء في مجموعة بريكس.

* تعزيز الأمن والسلام من أجل نمو اقتصادي واستقرار سياسي ومجتمعي.

* العمل مع المجتمع الدولي للحفاظ على استقرار النظم التجارية متعددة الأطراف وتحسين التجارة الدولية وبيئة الاستثمار.

* السعي إلى تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية المتعلقة بالتنمية المستدامة، وكذا الاتفاقات البيئية متعددة الأطراف.

* التنسيق والتعاون بين دول المجموعة في مجال ترشيد استخدام الطاقة من أجل مكافحة التغيرات المناخية.

* تقديم المساعدة الإنسانية والحد من مخاطر الكوارث الطبيعية؛ وهذا يشمل معالجة قضايا المجتمع.. مثل الأمن الغذائي العالمي.

* التعاون بين دول بريكس في العلوم والتعليم والمشاركة في البحوث الأساسية والتطور التكنولوجي المتقدم.

والخاصة.. أن تحقيق هذه الأهداف من شأنه أن يعطي زخمًا جديدًا للتعاون الاقتصادي على مستوى العالم.

وتقول ــ بتصرف ـ مراكز المعلومات: إن انضمام مصر لـ"بريكس"، يعد تأكيدًا على متانة العلاقات الاقتصادية والسياسية الجيدة بين مصر ودول التكتل؛ وعلى مكانتها الاقتصادية والجيوسياسية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؛ وأن التقارب مع المجموعة يساعد في الترويج للإصلاحات التي شهدتها البيئة المصرية الاقتصادية والاستثمارية في السنوات الأخيرة؛ وتعول على أن ترفع من فرص مصر لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية.

والآن.. لعلنا نجد في شهادة مصادر المعلومات وأجهزة الرصد لحركة دوران عجلة الاقتصاد؛ أبلغ الرد بالدلائل والمشاهدات على جحافل المتربصين للنيل من تلك المكتسبات القومية التي تحققها القيادة الوطنية المصرية المخلصة؛ وأبلغ رد على المشككين في الخطوات المستمرة الدءوب لتعديل وتقويم المسار الاقتصادي؛ هذا الاقتصاد الذي اعترته المصاعب في بعض السنوات العجاف التي مرت على مصرنا المحروسة؛ واستطاعت القيادة المصرية الحكيمة؛ القيام بالمحاولات الجادة لتعديل المسار الاقتصادي؛ من أجل الحفاظ على الاستمرارية في الريادة؛ كما كانت مصر في كل العصور القديمة والحديثة.

وأخيرًا.. حاولت أن ابتعد بكم عن مزالق أحاديث السياسة؛ ولكنني اكتشفت بالدليل القاطع أن نجاحات السياسة تكمُن في نجاحات الخطوات الاقتصادية المدروسة لصالح المواطن الذي يحميه ويسهر على مصالحه أبناء القوات المسلحة البررة؛ ولعلي أخالف قول السياسي الداهية "ونستون تشرشل" حين قال: "إن نفوذ الدول يقاس بمسافة نيران مدافعها"؛ فأقول ـ من وجهة نظري ــ : إن نفوذ الدول يقاس أيضًا بمتانة الحصون الاقتصادية المدروسة لصالح المواطن ورفاهيته المنشودة!

وتحيا مصر....

* أستاذ اللغويات والتأليف والكتابة الإبداعية بأكاديمية الفنون ورئيس قسم الإنتاج الإبداعي الأسبق وعضو اتحاد كتاب مصر

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة