نخيل البحيرة في مرمى السوسة الحمراء.. و«الزراعة» تتحرك

29-8-2023 | 13:18
نخيل البحيرة في مرمى السوسة الحمراء و;الزراعة; تتحركارشيفية
تحقيق: إمام الشفي
الأهرام التعاوني نقلاً عن

أثارت آفة سوسة الحمراء التى أسقطت عددا كبيرا من النخيل بمزارع رشيد وإدكو مؤخرا قلقا متزايدا لدى المزارعين الذين تعرضوا لخسائر فادحة حيث أوشكت أن تقضى على نحو ربع إنتاج التمور. الأمر دفع المنتجين لإبادة عدد غير قليل من الأشجار فى الوقت الذى استنفد فيه المزارعون كافة السبل لمكافحتها ولم يفلح سعيهم لاحتواء تلك الحشرة الشرهة رغم الجهود التى تبذلها وزرة الزراعة فى مكافحة الآفات والحشرات.

موضوعات مقترحة


وأكد حمادة الشيخ من مزارعى النخيل برشيد أن سوسة النخيل التى ظهرت فى بعض مزارع إدكو ورشيد وكفر الدوار أخذت تنخر بقوة وبسرعة الريح لتدمر كثير من النخل ولا يستطيع المزارع ذو الامكانيات المحدودة مكافحتها، موضحًا أن الأمر يحتاج إلى فرق متكاملة لديها معدات زراعية متطورة ومبيدات عالية الجودة.


وأشار إلى أن بعض مزارعى النخيل وقفوا عاجزين أمام تغلغلها وتدميرها قطاعا من الحقول خاصة بعد تدهور محصول البلح خاصة « الزغلول « وهو ما يهدد ثروة إدكو ورشيد الشهيرة عالميا بجميع أنواع التمور فى غضون سنوات قليلة مقبلة ما لم يتم السيطرة عليها وتضافر كافة الجهود لمكافحتها والوقاية منها فى أسرع وقت على اعتبار أنه المحصول الرئيسى ومصدر الرزق الوحيد للكثيرين.


وشكا خميس اللبان من كبار مزارعى البلح برشيد من خطورة سوسة النخيل الحمراء التى ظهرت قبل 19 عاما فى رشيد وإدكو وتكرار عودتها إلى ضرب النخيل المعالج خصوصا ما تقل أعمار شجره عن 16 عاما فسرعان ما توسعت لتبسط سيطرتها على مراكز عديدة بالمحافظة، موضحا أنها التهمت أكثر من 20 نخلة من مزرعته ومازالت تنهش بالنخيل.


وحذر من الغزو اللامحدود لهذا الوباء الذى أصاب العديد من البساتين حيث أن كثيرا من المزارعين لا يعلموا بإصابة بساتينهم إلا بعد أن تنهش تلك الآفة بأشجارها ويتهاوى معظمها وتتلف ثمارها. فيما طالب محمد القط من صاحب مزرعة نخيل بالبحيرة بإنشاء صندوق لمكافحة النخيل بهدف الكشف المبكر عن أى اصابة بالحشرة والتى تعد أخطر الآفات التى تفتك بهذا المحصول المهم فى إدكو ورشيد, كما طالب من جهاز الخدمة الوطنية بالقوات المسلحة دعم المحافظة بأجهزة للكشف المبكر عن هذه السوسة لتوزيعها على الادارات الزراعية حتى يمكن تلافى ضياع ثروة زراعية وخسارة اقتصادية تقدر بالملايين.


وأفاد المهندس محمد حسنى الدقلة عضو مجلس إدارة الجمعية المركزية بالبحيرة بأن تتغذى يرقات السوسة الحمراء على الألياف اللينة لأشجار النخيل وتنخر فى عمق جذوعها فتقضى عليها فيضطر الزراع إلى قطعها الأمر الذى يجهز على مورد رزقهم إذ أن هذه الحشرة هاجمت محصول البلح خاصة فى رشيد وإدكو وكفر الدوار وأحدثت تآكلا فى الثمار وفشلت كافة محاولات المكافحة محذرا من المخاطر التى تحدقها الحشرة بمحصول التمور، منوها بأن هناك حاجة ملحة وماسة لمنع انتشارها وإيجاد حلول سريعة لمواجهة المشكلة وحماية مزارع النخيل من التلف خشية تراجع إنتاج محصول التمور هذا الموسم.


أما الدكتورة سناء عبدالله مسعود باحث أول بالمعمل المركزى للمبيدات، فأكدت أن سوسة النخيل الحمراء من أخطر الحشرات التى تتلف أشجار النخيل بأنواعها بما فى ذلك نخيل الزيت ونخيل الزينة ونخيل جوز الهند ونخيل التمر ويعتقد أن موطنها الاصلى فى الهند.


وقالت: غالبا ما تصيب حشرة سوسة النخيل الحمراء الفسائل ومختلف أصناف اشجار النخيل التى يقل عمرها 14عاما سواء كانت مؤنثة او مذكرة حيث تتركز الإصابة فى الجزء من النخلة من سطح الأرض وحتى ارتفاع حوالى ثلاثة أمتار من سطح الأرض. ولفتت أن هذه الحشرة تنتشر فى العديد من الدول العالم وكثيرا من الدول العربية ومن أهمها الإمارات والمملكة العربية السعودية وقطر والكويت وسلطنة عمان ومملكة البحرين والاردن وفلسطين وسوريا مصر.


وتابعت الدكتورة سناء: مصر تحتل صدارة العالم فى إنتاج التمور برصيد 1.7 مليون طن من 15 مليون نخلة تنتشر فى محافظات الجمهورية وفق أطلس نخيل البلح والتمور الصادر بالتعاون مع «منظمة الأغذية والزراعة» بالأمم المتحدة (الفاو) فى 2019 بينما تأتى محافظة الوادى الجديد الأولى بين محافظات الجمهورية فى الإنتاج، بـ13 نوعا بواقع نحو 3 ملايين نخلة مثمرة، مضيفة أن السوسة الحمراء غزت الوادى الجديد للمرة الأولى عام 2005 وبالتحديد في: «بئر البلد ودير البلد بالفرافرة ثم اكتشفت للمرة الثانية فى العام 2008 بمركز الخارجة فى منطقة طريخة والخارجة 1 ومنطقة نخيل عين أبوصالح» واستمر تواجدها حتى اليوم ما هدد إنتاجا يمثل 20% من المساحة المزروعة فى المحافظة، ونحو 90% من مصدر دخل أبنائها ينشط هذا النوع من الحشرات فى فصل الخريف تزامنا مع الممارسات الزراعية التى يتبعها المزارعون فى أعقاب موسم حصاد البلح خلال شهرى أكتوبر ونوفمبر من كل عام بما تشمله من أعمال النظافة الميكانيكية أو (التقليم) التى تنتج عنها مواد عضوية تخرج من النخيل تجذب الحشرة التى تتغذى عليها ما يهدد بتدمير النخلة المصابة فى فترة تتراوح بين 2-6 أشهر. وبخصوص دورة حياة الحشرة، لفتت إلى أن سوسة النخيل لها مابين 3 إلى 4 أجيال متداخلة فى السنة تبلغ مدة الجيل من 2 إلى 5 أشهرحيث تضع أنثى الحشرة البيض فرديا داخل حفر تصنعها بواسطة خرطومها فى أنسجة النخلة أو داخل الجروح الميكانيكية أو أماكن التقليم أو الجروح وتضع الأنثى خلال فترة حياتها عددا من البيض يتراوح بين 70 إلى 362 بيضة يفقس البيض بعد فترة حضانة تتراوح بين 3-7 أيام وتخرج منه يرقات تحفر أنفاقها مباشرة داخل أنسجة الجذع وتتغذى بشراهة وينتج عن ذلك تهتك الأنسجة الداخلية ويبدأ خروج سائل هلامى كريه الرائحة ويتجمع على جذع النخلة(والذى يعتبر أحد مظاهر الإصابة الخارجية المهمة). وعند اكتمال اليرقات تبدأ فى عمل شرنقة من ألياف النخيل لتتحول إلى عذراء داخلها. تبلغ مدة طور العذراء حوالى 15 يوما تتحول بعدها إلى حشرة كاملة.


وفي اتجاه موازٍ، يشدد الدكتور علاء الدين حسين رشدى الأستاذ بكلية الزراعة جامعة دمنهور على أهمية مكافحة الحشرة وذلك من خلال عدم الإسراف فى الرى والتسميد النتروجينى لأنه يساعد على زيادة معدل الإصابة. ويفضل تقليم اشجار النخيل خلال شهر يناير مع ترك مسافة 15-20 سم من قواعد الجريد لعمل تاج لنخلة لتلاشى ظاهرة التهدل التى تزيد نسبة الإصابات بسوسة النخيل الحمراء بجانب رش أو تعفير مكان فصل الفسائل بعد التقليع مباشرة ومع غمر الفسائل فى محلول المبيد للمدة 15 إلى 20 دقيقة لوقاية من سوسة النخيل الحمراء وفى حالة وجود افرازات يتم عمل من 5-7 ثقوب حول موضع الإصابة وفى ثقب الإفراز بزاوية مائلة على ارتفاع 15-20سم من مكان الإفراز باستخدام مثقاب أو مسمار طوله من 40-50 سم او شنيور ثم تملأ الثقوب بمحلول المبيد وتسد بواسطة الأسمنت أو الليف كذلك يرش مكان الإصابة ويلاحظ بعد ذلك جفاف الإفراز بعد 15 الى 21 ما يدل على نجاح عملية المكافحة وفى حالة استمرار الإفراز يتم اعادة حقن مرة اخرى مع تغير مكان الثقوب.


وفى حالة الإصابة الشديدة ووجود فراغ ناتج عن الإصابة، نصح الدكتور علاء رشدى باستخدام أقراص فوسفيد الألمنيوم بحيث يتم تنظيف مكان الإصابة ووضع 5-7 أقراص بالداخل على حامل جاف ويسد الثقب أو الفجوة بالأسمنت لمنع الغاز الناتج من التسرب للخارج بجانب إزالة النخيل المصاب بشدة: حيث يتم عمل حفرة تحت سطح الأرض على عمق 1-1.5 متر ويدفن بها النخيل المصاب ويتم سكب علية محلول خليط من الكيروسين والمبيد بمعدل 3سم مبيد لكل لتر كيروسين.


وكذلك استخدام تركيزات موصى بها من المبيدات وعدم استخدام تركيزات كبيرة حتى لا تؤثر على نمو النخيل كذلك استخدام طريقة العلاج المناسبة على حسب مكان الإصابة ودرجتها ويفضل أيضا ترقيم المزارع لسهولة الفحص والوصول الى النخيل المصاب والمعالج بسهولة ومتابعته وإجراء الفحص الدورى المنتظم على الاقل مرة كل شهر لسهولة اكتشاف الإصابة مبكرا كما تعطى طريقة العلاج نتائج جيدة بالإضافة إلى الرش الدورى أن تم عملية رش الشجرة بطريقة الغمر من القمة للقاعدة هى أفضل الطرق حيث تتشبع الألياف المحيطة بالنخلة ويفضل الرش خلال ذورة النشاط للحشرة الكاملة فى شهرى مارس ونوفمبر.


وفي السياق نفسه، نوه الدكتور محمد الشيخ أستاذ أمراض النبات بكلية الزراعة جامعة دمنهور بأن الأبحاث حول آفة سوسة النخيل الحمراء فى تطور مستمر لأن هذه الآفة الخطيرة لديها قدرة كبيرة على مقاومة كافة أنواع المبيدات ويمكنها الطيران لمسافات طويلة وأن خطورة هذه الحشرة تكمن فى طور اليرقة موضحا أن جزء كبير من الأزمة يتمثل فى صعوبة الكشف عن سوسة النخيل الحمراء فى مراحل الإصابة المبكرة بسبب عدم وجود الكثير من العلامات الخارجية المرئية على النخيل حيث أن أكثر من 57 % من دورة حياة هذه الآفة مخفية عن الأنظار وبالنسبة للنخيل شديد الارتفاع يصعب الكشف عن الإصابة فى تاج النخلة وبمجرد إصابة الشجرة بالعدوى يكون الأوان لإنقاذها قد فات.


وقال الشيخ: فصيلة سوسة النخيل الحمراء من رتبة غمدية الأجنحة تصيب هذه الحشرة نباتات الفصيلة النخلية وهى تشكل خطورة كبيرة تهدد زراعة النخيل لما لها قوة تدميرية على جميع نخيل التمور مبينا أن الهند هى تعد الموطن الأصلى لهذه الآفة وتنتشر الإصابة بها بشكل رئيسى فى بلدان جنوبى آسيا مثل الهند وباكستان وبنجلادش، محذرا من خطورة هذه الآفة الخطيرة حيث أنها نها تهدد هذا المحصول الهام داعيا إلى اتخاذ إجراءات طارئة للحد من انتشار هذه الحشرة التى تسبب أضرارا كبيرة للمحصول ووضع الخطط اللازمة للسيطرة عليها والحد منها وفى الوقت نفسه ضرورة تكثيف جهود وزارة الزراعة فى المبيدات الحشرية.
فيما أكد البرلمانى محمد الحوفى عضو مجلس النواب أهمية أشجار النخيل التى تمثل مظهرا حضاريا وجماليا لمدينتى رشيد وإدكو بالإضافة إلى أهميتها الاقتصادية والتى تمثل مصدرا هاما من مصادر الدخل القومى ورغم ذلك يسبب هذا القاتل الغامض خسائر اقتصادية تقدر بملايين الدولارات سنويا من خلال ضياع الإنتاج أو تكاليف المقاومة مشيرا إلى أن منظمة الأغذية والزراعة «الفاو» وحدت الجهود وأقامت فكرة المدارس الحقلية خصيصا لمقاومة واستئصال سوسة النخيل وذلك بعقد ورش عمل إقليمية يحضرها خبراء ومتخصصين من الدول التى تعانى من الخطورة الشديدة لهذه الحشرة لتدريب المعنيين لتعزيز مشاركة المزارعين فى التوصل لحلول مبتكرة لمقاومة واحتواء هذه الحشرة اللعينة بالإضافة إلى البرنامج الذى وضعته منظمة الفاو لإدارة ملف سوسة النخيل الحمراء من أجل تحسين مراقبة انتشارها.


أما المهندس موفق سارى وكيل وزارة الزراعة بالبحيرة، فأوضح أن المحافظة أطلقت حملة فورية لمواجهة حشرة سوسة النخيل من خلال اللجان الفنية المتخصصة بمديرية الزراعة التى قامت بعمل مسح شامل لأكثر من مليون ونصف المليون نخلة منتشرة بقرى ومدن المحافظة منها مليون فقط بمركزى إدكو ورشيد وتمكنت الفرق مؤخرا من علاج نحو ألف ونصف الألف شجرة بعد تحديد البؤر المصابة، فضلا عن الرش الوقائى لأكثر من ألفى شجرة سليمة بمناطق الاصابة بما يعنى ضربات استباقية للحشرة قبل أو عند بداية ظهورها خاصة فى الأماكن التى سبق للحشرة الظهور فيها.


ولفت سارى أنه يتم تدريب المزارعين وتزويدهم بالوسائل والطرق اللازمة للمكافحة لسرعة احتوائها والحد من انتشارها مجددا حيث طورت المديرية برنامجا للقضاء على هذه الآفة مناشدا المزارعين بسرعة الإبلاغ عن الحشرة حين رصد تواجدها فى الحال.


ويقول المهندس محمد تركى مدير عام التعاون الزراعى بالبحيرة إن هناك فرق مختصة للمرور الدورى على جميع مراكز المحافظة لمتابعة تنفيذ أعمال مكافحة سوسة أشجار النخيل ورصدها على الطبيعة وذلك فى إطار تكليفات السيد القصير وزير الزراعة واستصلاح الأراضى والمهندس موفق سارى وكيل وزارة الزراعة بالمحافظة لمتابعة الإصابة بسوسة النخيل الحمراء فى الحقول وعلاج النخيل المصاب فى كل خاصة مركزى رشيد وإدكو للحد من منها وزيادة الإنتاجية بجانب استخدام أجهزة الحقن الهيدروليكى ومتابعة التخلص من بقايا النخيل المصاب بالطرق الفنية مرجعا وجود عمليات التهديل التى تزيد من نسبة الإصابات القمية نتيجة خطا فى عملية التقليم لذلك اهتمت الحملات بالعمليات البستانية لأهميتها فى خفض الإصابة.


وأكد المهندس ناجى السيد حسن نقيب الزراعيين بالبحيرة أنه تم وضع خطة شاملة لمواجهة السوسة للحفاظ على أشجار النخيل فى المركزين وفحص أشجار النخيل على الطبيعة بمدينة رشيد وتحديد أماكن الإصابة بالأمراض والآفات التى تصيبها وخاصة مرض سوسة النخيل وكذلك تحديد طرق التعامل مع أمراض الجوافة بالمنطقة وتشخيصها وتعميم توصيات تلك اللجنة على باقى مدن ومراكز المحافظة كما تم الاتفاق على عمل ندوات توعية وتكثيف عمل قسم الرعاية البستانية بالإدارات الزراعية برشيد وإدكو وكفر الدوار والمحمودية لتوعية الأهالى بطرق التعامل مع أمراض النخيل وطرق السيطرة على الآفات وخاصة سوسة النخيل ومنع تكرار الإصابة بها.
بدوره يوضح الدكتور محمد شاور مدير عام الإدارة الزراعية بالمحمودية أن أجهزة الزراعة تقوم بالدفع بفرق متخصصة فى مكافحة آفة سوسة النخيل لدعم أصحاب المزارع على إحتوائها من خلال استخدام المبيدات حيث تتولى هذه الفرق عملية توعية وإرشاد الزراع وعمال البساتين إلى طرق التعرف على الإصابة لمحاولة إنقاذ النخيل المصاب فى وقت مبكر.

 

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: