المسيح وحواريوه .. عليهم السلام

27-8-2023 | 16:06
الأهرام المسائي نقلاً عن

 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم": "مَا مِنْ نَبِىٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ فِى أُمَّةٍ قَبْلِى إِلاَّ كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابٌ يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ"والحواريون هم الذين أخلصوا في حب أنبيائهم وخلصوا من كل عيب.

  • وقد أطلق القرآن كلمة الحواريين عادة علي أصحاب المسيح، حتى اشتهرت بأصحابه المخلصين له الذين آووه ونصروه وتحملوا العناء والعذاب معه.
  • وقد مدح القرآن حواري المسيح وتحدث عن حواراتهم ونقاشاتهم معه: "قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ "أي مستسلمون لله وأمره""وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا" وأثبت نصرتهم لله ولرسوله المسيح" قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ" وروي القرآن طلب الحواريين للمائدة مفصلاً ذلك.
  • والمؤسف أن أكثر المسلمين والمسيحيين لا يعلمون شيئاً عن حواري الرسل عامة وحواري المسيح خاصة، ومن لا يقرأ تاريخ الأنبياء وحواريهم فلن يعلم عن تاريخ الصلاح والتقوى شيئاً، فكما اصطفي الله الرسل اصطفي لهم حوارييهم وأتباعهم وأنصارهم المقربين فهم حملة الرسالة والمبلغون عن الرسل وشموع الهداية بعدهم.
  • وقد بدأ المسيح بأربعة من الحواريين بعد موت أول حواري له وهو "يوحنا" في حياته وهم سمعان ويطلق عليه بطرس وشقيقه أندراوس، يعقوب بن زبدي، وشقيقه يوحنا، ثم اكتمل عقد الحواريين بثمانية آخرين وهم فيلبس، برثولماوس، توما، متي العشار، يعقوب بن حلفي، لباوس الملقب تداوس، سمعان القانوني، يهوذا الاسخريوطي الذي يذكر أنه أسلمه للرومان.
  • وقد وضع المسيح عليه السلام عدة شروط قاسية لاختيار هذه الصفوة ومنها:
  • 1-  أن يكون المسيح أحب إليه من أي أحد حتى من نفسه، فقد قال لهم المسيح وهو يختارهم من بين الجموع الغفيرة التي سارت خلفه"إن كان أحد يأتي إليَّ ويحب أباه وأمه وامرأته وأولاده وإخوته وأخواته حتى نفسه أيضاً فلا يقدر أن يكون لي تلميذاً"، وهذا الشرط وجد في القرآن في قوله تعالي" قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ.. إلخ" وفي الحديث "أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما".
  • 2- أن يكونوا مستعدين للموت في سبيل عقيدتهم وهي تشبه قولة المعاصرين "يحمل كفنه علي يديه".
  • 3- أن يتحمل تبعات الرسالة حتى النهاية وأن يصمد للاضطهاد والتعذيب وقد ضرب المسيح عليه السلام لهم مثلين في ذلك لا يتسع المقام لهما، ويعقب بقوله "فكل من لا يترك جميع أمواله لا يقدر أن يكون تلميذاً لي".
  • وقد غير المسيح أسماء بعض الحواريين بعد أن قبلهم، وقد منح المسيح بعض هؤلاء الحواريين جزءًا مما منحه الله من شفاء المرضى.
  • ولعل قسوة هذه الشروط ودقتها تعود إلي أن هؤلاء سيشاركونه في شفاء المرضى وعلاجهم مجاناً، فضلاً عن تبليغ الرسالة وذلك كله لوجه الله، فإذا تقاطر المحبون فضلاً عن المرضى عليهم لا يطمع أحد بعد ذلك في دنياهم ولا يطلب منهم شيئاً تطبيقاً لمبدأ كل الأنبياء والرسل مع أقوامهم "قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا".
  • وهذا المبدأ من أهم مبادئ النبوة ذكره القرآن مع كل الأنبياء بلا استثناء، ولك أن تتصور طبيباً يعالج أخطر الأمراض مجاناً فضلاً عن تبليغه لرسالة السماء فتأمل كم الإغراءات التي ستقدم له، وكم الصمود النفسي والإيماني الذي يحتاجه للوقوف في وجه هذه الإغراءات وصدها بقوة وعزيمة ولذلك يقال دوماً للرسل وحواريهم "خذ ما آتتيك بقوة"، " خُذُواْ مَآ ءَاتَيْنَٰكُم بِقُوَّةٍۢ ".
  • وقد ورد في الإنجيل"وكان يسوع يطوف المدن والقرى يعلم في مجامعها ويبشر بالملكوت ويشفي كل مرض وضعف في الشعب" فتقاطر الناس والمرضى عليه بالعشرات والمئات لما رأوا من المعجزات"وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِ اللَّهِ".
  • وقد بدأ المسيح بأربعة من الحواريين ولما تقاطر الناس والمرضى عليه احتاج لزيادة حوارييه، حيث قال: "الحصاد كثير ولكن الفعلة قليلون فاطلبوا من رب الحصاد أن يرسل فعلة إلي حصاده" فاستجاب الله له وأرسل له ثمانية من الحواريين.
  • وقد أوصى المسيح حوارييه بوصايا كثيرة أهمها الذهاب إلي مدن وقري اليهود فقط دون الأخرى "اذهبوا إلي خراف بني إسرائيل الضالة" وأمرهم أن يقولوا لهم أنه "قد اقترب ملكوت السموات، اشفوا المرضى وأقيموا الموتى، وأخرجوا الشياطين مجاناً، وكما أخذتم مجاناً أعطوا مجاناً، لا تقتنوا ذهباً ولا فضة، ولا ثوبين، وحين تدخلون البيت سلموا، ومن لا يقبلكم ولا يسمع كلامكم فاخرجوا من ذلك البيت، أنا أرسلكم كغنم وسط ذئاب فكونوا حكماء، وبسطاء، احذروا من الناس لأنهم سيسلمونكم إلي مجامعهم يجلدونكم، وتساقون أمام ولاة وملوك من أجلي، فمتى أسلموكم فلا تهتموا كيف أو بما تتكلمون، لأنكم تعطون في تلك الساعة ما تتكلمون به، وسيسلم الأخ أخاه إلي الموت، والأب ولده، وتكونون مبغضين من الجميع من أجلي، ومتى طردوكم في هذه المدينة فاهربوا إلي الأخرى.
  • فضلا عن وصايا تربوية"ليس التلميذ أفضل من المعلم ولا العبد أفضل من سيده، الذي أقوله لكم في الظلمة قولوه في النور، والذي تسمعونه في الأذن نادوا به علي السطوح، من أحب أباه وأمه أكثر مني فلا يستحقني، ومن أضاع حياته من أجلي يجدها".
  • أما موعظة الجبل فلم تكن للحواريين خاصة بل كانت لأمته عامة حيث اجتمع له فيها المئات من الخواص والعوام.
  • حواري الرسل هم أهل العزمات والقلوب النقية التي لا تعرف إلا الله، ولا تنظر للحطام، سلام علي الحواريين في كل عصر.
كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة