البريكس BRICS هو اختصار لتحالف اقتصادي تجاري يضم كلا من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا.
ومن المتوقع أنه بحلول عام 2050، ستهيمن اقتصادات BRICS الخمسة على الاقتصاد العالمي.
وأضيفت جنوب إفريقيا إلى قائمة دول الأعضاء في البريك BRIC في عام 2010 لتصبح البريكس BRICS. حيث تعمل دول البريكس كمنظمة واسعة تسعى إلى تعزيز التعاون الاقتصادي بين الدول الأعضاء وزيادة مكانتها الاقتصادية والسياسية في العالم.
كانت الفكرة وراء البريكس، هي أن اقتصادات الدول ستهيمن بشكل جماعي على النمو العالمي بحلول عام 2050.
فقدمت دول البريكس مصدرًا للتوسع الأجنبي للشركات داخل المجموعة بالإضافة إلي عوائد قوية للمستثمرين المؤسسين.
وتسعى المنظمة إلى تعميق التعاون الاقتصادي بين الدول الأعضاء والوقوف على النقيض ومنع سيطرة القوة الاقتصادية الغربية والتي هيمنت على الاقتصادي العالمي لعقود طويلة.. وفي عام 2023، تمت دعوة المملكة العربية السعودية وإيران وإثيوبيا والإمارات العربية المتحدة ومصر والأرجنتين للانضمام إلى البريكس.
تم تصنيف البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا من بين أسرع اقتصادات الأسواق الناشئة نمواً في العالم لسنوات، وذلك بفضل انخفاض تكاليف العمالة، والتركيبة السكانية الملائمة، والموارد الطبيعية الوفيرة، وفي وقت ازدهار سوق السلع على المستوى العالمي.
ومن المهم أن نلاحظ أن فرضية أن هذه الدول ستصبح تحالفًا سياسيًا (مثل الاتحاد الأوروبي) أو حتى رابطة تجارية رسمية، لم تكن في الحسبان عند بداية إنشاء مجموعة البريك في 2001، وبدلاً من ذلك، كان تصور الخبراء أن هذه المجموعة من الدول لديها القدرة على تشكيل كتلة اقتصادية قوية وفق توقعات كانت متفائلة وتعتمد على افتراضات سياسية مهمة.
ومع ذلك، كان المعنى الضمني هو أن القوة الاقتصادية من شأنها أن تجلب السلطة السياسية، وبالفعل كان زعماء دول البريكس يحضرون بانتظام مؤتمرات القمة معًا، وكثيرًا ما يتصرفون بالتنسيق مع مصالح بعضهم البعض.
في عام 2001، أشار الخبراء إلى أنه في حين كان من المتوقع أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 1.7% في عام 2002، ومن المتوقع أن تنمو دول البريكس بسرعة أكبر من مجموعة الدول السبع G-7، وهي تمثل الاقتصادات السبعة الأكثر تقدمًا في العالم.
وتعتبر مجموعة السبع (G-7) منظمة حكومية دولية، تتكون من أكبر الاقتصادات المتقدمة في العالم: فرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا. حيث يجتمع قادة حكومات هذه البلدان بشكل دوري لمعالجة القضايا الاقتصادية والنقدية الدولية، حيث يتولى كل عضو في هذه المجموعة الرئاسة على أساس التناوب.
ووفقًا لدول البريكس، يمثل الناتج المحلي الإجمالي لدولها 31.5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، مقارنة بـ 30.7% لدول مجموعة السبع، حيث إنه بحلول عام 2050، من الممكن أن تنمو مجموعة البريكس إلى حجم أكبر من مجموعة السبع، وبالتالي فإن أكبر الاقتصادات في العالم سوف تبدو مختلفة بشكل جذري في غضون ثلاثة عقود من الزمن، وهذا يعني أن القوى الاقتصادية العالمية الأكبر لن تظل هي الأغنى، حسب دخل الفرد.
لقد تباطأ النمو في اقتصادات مجموعة البريكس بعد الأزمة المالية العالمية وانهيار أسعار النفط والذي بدأ في عام 2014. وبحلول عام 2015، لم يعد اختصار مجموعة البريكس يبدو وكأنه مكان استثماري جذاب، وأغلقت الصناديق الموجهة إلى هذه الاقتصادات أو اندمجت مع بلدان أخرى.
فقد قام بنك جولدمان ساكس بدمج صندوقه الاستثماري لمجموعة البريكس، والذي كان يركز على توليد العائدات من هذه الاقتصادات، مع صندوق أسهم الأسواق الناشئة الأوسع.
وخسر الصندوق 88% من أصوله منذ الذروة التي بلغها في 2010، وفي ملف قدمته هيئة الأوراق المالية والبورصة، ذكر بنك جولدمان ساكس أنه لا يتوقع "نموًا كبيرًا للأصول في المستقبل المنظور" في صندوق البريكس. ووفقًا لتقرير بلومبرج، فقد الصندوق 21٪ في خمس سنوات.
وفي عام 2007، نشر جولد مان تقريراً آخر بعنوان "BRICs وما بعدها"، والذي ركز على إمكانات النمو في BRIC، والأثر البيئي لهذه الاقتصادات المتنامية، واستدامة صعودها.
وحدد التقرير أيضًا مصطلح "الـ 11 التالي"، وهو مصطلح يشير إلى 11 اقتصادًا ناشئًا، فيما يتعلق بدول البريك، بالإضافة إلى صعود الأسواق العالمية الجديدة. فما هي الــــ 11 اقتصاد التي يشير إليها التقرير؟ الدول الإحدى عشرة التالية، والمعروفة أيضًا باسم N-11، التي من المتوقع أن تصبح أكبر الاقتصادات في العالم في القرن الحادي والعشرين، بعد دول البريكس.
تم اختيار N-11 من قبل مجموعة جولدمان ساكس في ورقة بحثية عام 2005 تستكشف إمكانات BRIC وN-11. والدول الإحدى عشرة التالية هي كوريا الجنوبية، والمكسيك، وبنجلاديش، ومصر، وإندونيسيا، وإيران، ونيجيريا، وباكستان، والفلبين، وتركيا، وفيتنام.
فنظرة على مجموعة الدول الـ11" قدمت فكرة وجود مجموعة أكبر من الدول التي من المرجح أن تتطور على مسار أبطأ من مجموعة البريكس، ولكن لا يزال من الممكن أن تصبح قوى عالمية.
حيث تعمل مجموعة البريكس كتجمع غير رسمي للدول التي تجتمع سنويًا في اتفاقية البريكس، إذ يسعى الأعضاء ورؤساء الدول إلى تعزيز التعاون الاقتصادي بين الدول. ويتولى رئيس دولة عضو منصب رئيس المجموعة، بالتناوب مرة واحدة في السنة. وتعتبر المجموعة نفسها معارضة للنظام العالمي التقليدي الذي يقوده الغرب، حيث ترى العديد من الدول الأعضاء في المنظمة وسيلة لتعزيز نفوذها في جميع أنحاء العالم.
ومع ذلك، فإن العديد من الدول تختلف حول العوامل الأساسية، مثل الشفافية والنهج المتوازن في تطورها، والتي قد تعيق نمو المجموعة. ونظرًا للقوة الاقتصادية لهذه الدول، فضلاً عن فكرة الانفصال عن الغرب إلى حد ما، تدعي البريكس أن أكثر من 40 دولة تسعى للانضمام إلى المجموعة.
وفي عام 2023 ومنذ أيام قليلة، تمت الدعوة والإعلان عن دول إضافية للانضمام إلي مجموعة البريكس.
هذه الدول هي المملكة العربية السعودية وإيران وإثيوبيا والإمارات العربية المتحدة ومصر والأرجنتين. فقد تم إنشاء البريكس من قبل جولدمان ساكس كتجمع تحليلي لدول الأسواق الناشئة التي شهدت نموا اقتصاديا قويا وهي على وشك السيطرة على الاقتصاد العالمي بحلول عام 2050، وتعمل هذه الدول الآن كمنظمة واسعة، تسعى إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية مع بعضها البعض.
وتكمن الأهداف الأساسية لمجموعة البريكس في التعاون والتنمية والتأثير في الشؤون الدولية.
وتشمل الأهداف التعاون الاقتصادي، وتمويل التنمية، والتنسيق السياسي، والتبادلات الاجتماعية والثقافية، والتكنولوجيا والابتكار، والتنمية المستدامة، والسلام والأمن. ولكن الهدف العملي الجوهري لهذه المجموعة يتركز في كونها مجموعة غير رسمية من دول الأسواق الناشئة التي تسعى إلى إقامة علاقات أعمق بين دولها والتعاون في التوسع الاقتصادي، بما في ذلك التجارة.
وتعمل هذه الدول بشكل متوازن ضد النفوذ الغربي التقليدي، حيث تسعى إلى الاعتماد على بعضها البعض من أجل تزايد نفوذها في العالم.
ماذا يعني انضمام مصر وخمس دول أخرى لمجموعة البريكس؟
دعت مجموعة الدول الخمس للاقتصادات الناشئة المعروفة باسم البريكس، والتي تعتبر نفسها بمثابة ثقل موازن للغرب، ستة دول أخرى للانضمام - معظمها من الشرق الأوسط - خلال قمتها في جوهانسبرج هذا الأسبوع.
وتضمنت اختيارات الأعضاء الحاليين - البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا - بعض المفاجآت، وكان أكبرها إضافة إيران، التي انضمت إلى ثلاث دول شرق أوسطية أخرى: المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، ومصر، واستكملت الأرجنتين وإثيوبيا قائمة الدول الستة المرشحة للانضمام، في حين أن إندونيسيا، التي كان يعتقد أنها من بين أكبر المرشحين للانضمام، لم تدخل في القائمة.
وكان التوسع بمثابة انتصار للزعيم الصيني شي جين بينج، الذي أيد بقوة الإضافة السريعة لأعضاء جدد، لكن قيل إن رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يشعر بالقلق إزاء إضافة دول قريبة من بكين؛ حيث توجد هناك نزاعات حدودية بين الهند والصين، ويميل كل منهما إلى اعتبار الآخر خصماً محتملاً.
وبحسب بيانات البنك الدولي ستضيف الدول الست الجديدة 3.24 تريليون دولار إلى اقتصادات مجموعة "بريكس"، التي تضم روسيا والبرازيل والهند والصين وجنوب إفريقيا، إضافة إلى امتلاك الدول الجديدة ثروات باطنية ضخمة مثل النفط والغاز، الأمر الذي سيعزز دور ومكانة "بريكس" في الاقتصاد العالمي.
وكمؤشر على القدرات الاقتصادية لمجموعة "بريكس" تفوقت دول المجموعة حتى قبل الإعلان عن انضمام دول جديدة على القوى السبع الأكثر تقدما في العالم، وبحسب تقارير إعلامية توفر "بريكس" 31.5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي مقابل 30.7% للقوى السبع الأكثر تقدما. وتتقدم مجموعة "بريكس" على دول مجموعة السبع الكبار ليس فقط من الناحية الاقتصادية، ولكن من الناحية الديموغرافية، حيث يعيش 800 مليون شخص في دول مجموعة السبع مقابل 3.2 مليار في دول "بريكس .وتشكل مساحة دول "بريكس" ربع مساحة اليابسة، وعدد سكانها 40% من سكان الأرض، وتضم اقتصادات صاعدة تنافس اقتصادات الغرب.
الفوائد التي قد تحصل عليها مصر من الانضمام لمجموعة البريكس
وسط تحديات اقتصادية كبيرة، من المتوقع أن تكتسب مصر العديد من المزايا من الانضمام إلى الكتلة. وتأمل مصر بانضمامها لمجموعة البريكس عقد صفقاتها التجارية بالعملة المحلية، كما تأمل في جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية من الدول الأعضاء بمجموعة البريكس وخاصة مع أزمة سعر صرف الدولار الأمريكي. فيما يلي أربعة فوائد رئيسية:
1. فطم الاقتصاد المصري عن الارتباط الأزلي بالدولار
وتطمح دول البريكس إلى إنشاء عملة بديلة للتجارة العالمية، من المحتمل أن تكون مدعومة بالذهب، لتقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي لتسعير السلع الأساسية في الأسواق العالمية، وفقًا للموقع الإلكتروني للكتلة.
إن خلع الدولار يمكن أن يفيد دولاً مثل مصر، التي واجهت نقصاً حاداً في الدولار الأمريكي لمدة عام ونصف تقريباً، ومن خلال اعتماد عملة بديلة، يمكن لمصر أن تعالج الفجوة التمويلية التي تقدر بنحو 17 مليار دولار والمتوقعة في الاستمرار حتى عام 2026.
2. جذب استثمارات أجنبية جديدة
ومن الممكن أن تفتح العضوية في مجموعة البريكس الأبواب أمام استثمارات كبيرة في الاقتصاد المصري.
فقد كشفت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (CAPMAS) عن ارتفاع استثمارات دول البريكس في مصر من 610.9 مليون دولار في العام المالي 2020/2021 إلى 891.2 مليون دولار في 2021/2022، بنسبة زيادة 45.9%. فقد انضمت مصر إلى بنك التنمية الجديد لمجموعة البريكس (NDB) في مارس. حيث تأسست هذه المؤسسة في عام 2015 من قبل دول البريكس، وهو بمثابة بنك تنمية متعدد الأطراف يهدف إلى تعبئة الموارد لمشاريع البنية التحتية والتنمية المستدامة داخل البريكس وفي الأسواق الناشئة والبلدان النامية الأخرى (EMDCs).
حيث تخطط دول البريكس لتطوير بنك التنمية الجديد كبديل للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، ودعم الدول الأعضاء من خلال ترتيب احتياطي الطوارئ، وهو إطار لتوفير سيولة إضافية ومزايا أخرى لدول البريكس خلال الأزمات الاقتصادية. وفي ديسمبر، دخلت مصر في برنامج قرض بقيمة 3 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي لتخفيف الأزمة الاقتصادية الراهنة وتداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية.
ومع ذلك، فإن صفقة قرض صندوق النقد الدولي تواجه حاليًا تحديات، نظرًا لأن المراجعة الأولى، التي كان من المقرر أن تكتمل بحلول 15 مارس، لم يتم إجراؤها بعد. ويعمل وجود مصر في بنك التنمية الجديد على تعزيز اتفاقيات التبادل التجاري مع دول البريكس، في حين أن انضمام مصر إلى بنك التنمية الجديد سيساعد في تقليل الطلب المرتفع بشكل مفرط على الدولار الأمريكي لتزويد واردات البلاد.
3. تعزيز التجارة المتبادلة بين دول المجموعة
تتمتع مصر بحجم كبير من التجارة مع أعضاء مجموعة البريكس، وخاصة روسيا والصين والهند. ومع اقتصادها النامي، تستطيع مصر توسيع صادراتها إلى هذه البلدان، مع الاستفادة من الاتفاقيات التجارية مثل السوق المشتركة للجنوب (ميركوسور)، لتصبح مركزا يربط إفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية.
فقد ارتفع حجم التبادل التجاري بين مصر ودول البريكس إلى 31.2 مليار دولار عام 2022، مقارنة بـ 28.3 مليار دولار عام 2021؛ بنمو 10.5 بالمئة.
وفي بعد آخر، فإن توسع علاقات مصر الإستراتيجية مع روسيا والصين والبرازيل وجنوب أفريقيا والهند وزيادة المشروعات والاستثمارات المشتركة بين الجانبين، يعد من الدوافع للمشاركة الرسمية في البريكس. وقد أدت العلاقات الاقتصادية الوثيقة بين أعضاء البريكس مع مجلس التعاون الخليجي، والتقلبات في العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة ومصر، إلى زيادة رغبة القاهرة في الانضمام إلى البريكس. كما تعد الاستفادة من خبرات ومساعدات دول البريكس جزءًا مهمًا آخر من الحوافز والفرص المتاحة لمصر. ففي العقد الماضي نجحت الهند في مضاعفة نصيب الفرد في ناتجها المحلي الإجمالي تقريباً، وتعمل الصين بسرعة على تعزيز دورها الاقتصادي العالمي. ويمكن لمصر أن تحصل على آثار إيجابية من تجربة الهند المتسارعة في شكل البريكس أو تسهيل عملية جذب الاستثمار الأجنبي إلى مصر ومواصلة تعزيز التنمية الاقتصادية الوطنية.
إن الاستثمار الأجنبي المباشر وقيمة التجارة الثنائية بين دول البريكس والدول الإفريقية آخذة في النمو، وتريد مصر الاستفادة الكاملة من هذه الفرصة.
علاوة على ذلك، منذ بداية عام 2023، تخطط جنوب إفريقيا، في موقع القيادة لمجموعة دول البريكس، لتعزيز مصالح أفريقيا والشراكة مع اللاعبين الرئيسيين. وكلاهما عضو في اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية (AfCFTA) التي تشمل جميع الدول الإفريقية باستثناء إريتريا، وتخفض التعريفات الجمركية بين البلدان الإفريقية بنسبة 96٪ على جميع المنتجات إلى الصفر.
4. تأمين واردات مصر من السلع الإستراتيجية
وناقشت مصر وروسيا والهند في السابق تداول القمح والأرز، إلى جانب سلع إستراتيجية أخرى، بالجنيه المصري والروبل والروبية. ومن خلال الانضمام إلى مجموعة البريكس، يمكن أن تؤتي هذه المحادثات ثمارها. ومن المتوقع أن تستورد مصر 12 مليون طن من القمح خلال السنة المالية الحالية 2023/24 التي بدأت في الأول من يوليو، وفقا لتقرير لمنظمة الأغذية والزراعة الصادر الشهر الماضي. واستنادا إلى بيانات وزارة التموين، تستورد البلاد 60 بالمئة من احتياجاتها الغذائية الأساسية من الخارج.
انضمام مصر لمجموعة البريكس: التحديات والآفاق
تشمل التحديات الاقتصادية التي تواجهها مصر، ضعف العملة الوطنية، بما في ذلك انخفاض قيمة الجنيه المصري بنسبة 50% العام الماضي، وارتفاع معدلات التضخم (تصل إلى 40% في عام 2022)، وزيادة الدين الخارجي لمصر بنسبة 13% إلى 163 مليار دولار، وقد أدى سحب حوالي 20 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية وانخفاض الاستثمار الأجنبي المباشر إلى تدهور الاقتصاد المصري في عام 2022. وتضررت البلاد بشكل كبير بسبب سياسات الاتحاد الأوروبي التي تشكلت نتيجة للصراع في أوكرانيا. والتي شهدت ارتفاع أسعار الطاقة بشكل كبير وامتصاص الاتحاد الأوروبي بدلاً من ذلك محصول الحبوب في أوكرانيا (الذي يتم بيعه عادة لمصر وآسيا). ونظرًا لأن الخبز هو الغذاء المصري المستقر، فقد أدى ذلك إلى نقص خطير في الغذاء في جميع أنحاء البلاد لعدة أشهر. وهذا بدوره يؤدي إلى منظور مفرط في التشاؤم بشأن الالتزام المستقبلي للاتحاد الأوروبي كشريك تجاري لتقاسم المنتجات في أوقات الضغوط العالمية.
ومع ذلك، فإن نظرة المؤسسات الدولية الإيجابية إلى المؤشرات الاقتصادية لمصر، والنظرة الواضحة، وزيادة الصادرات والاستثمارات الأجنبية، وزيادة معدل النمو إلى 5.3% عام 2023/2024، وخطط خفض الديون الخارجية تظل أهدافاً متفائلة، كما تمثل الإرادة السياسية للرئيس عبد الفتاح السيسي مؤشراً مهماً علي قدرة صانع السياسة المصري في تحجيم المشكلات الناشئة وبناء قدرات اقتصادية تمكن الوطن من عبور هذه الأزمة الاقتصادية ذات الجذور العالمية والتي أصابت معظم اقتصادات العالم بأزمات فريدة وصعبة.
لكن يجب الحذر فقد يمكن لتحديات مثل إدارة حجم الديون الخارجية، واختلال التوازن الهيكلي في الاقتصاد المصري، أن تقلل من حوافز أعضاء البريكس للاندماج الكامل مع مصر.
ويشير بعض النقاد إلى أن مجموعة البريكس لم تحقق بشكل فعال أي أهداف محددة، وأن هناك القليل من المنطق الاقتصادي في توسيع البريكس، وإضافة أعضاء جدد إليها.
ولكن يجب القول إن فرص الانضمام إلى البريكس بالنسبة لمصر هي أكثر من مجرد التحديات، ومن المتوقع أن ينمو تفاعل مصر مع مجموعة البريكس. ولكن على صانع السياسة الاقتصادية المصرية تحريك الأولويات المصرية للاقتصاد في ضوء الفرص المتاحة من هذا التكتل الاقتصادي الفريد والمتوقع أن يكون الأكبر عالميا بحلول عام 2025م. ولا يجب ان تنجرف هذه السياسة نحو الرفض أو المقاطعة الكاملة للاقتصاد الغربي والذي لا يزال يتمتع بخصائص مفيدة للحالة المصرية وخاصة في المجال العلمي والتكنولوجي، وكسوق واعدة للكثير من المنتجات المصرية وخاصة السياحة.
وفي النهاية، فإن عضوية مصر في البريكس إلى حد ما يمكن أن تقلل من مشاكل مثل زيادة معدلات الفقر، (أكثر من 30 مليون مصري يعيشون تحت خط الفقر)، والافتقار شبه الكامل إلى التنمية الشاملة، والتوازن السلبي للنقد الأجنبي ومخاطر الديون. فقد حصلت مصر على ما يزيد عن 120 مليار دولار من القروض الأجنبية منذ يوليو 2013. إلا أن مصر وهي الدولة الأكثر اكتظاظًا بالسكان في المنطقة، والتي يبلغ عدد سكانها 105 ملايين نسمة، تستطيع من خلال سياسة اقتصادية جديدة ومتوازنة مستفيدة من هذه العضوية الجديدة لمجموعة البريكس أن تلعب دوراً متزايداً في اقتصاد شمال إفريقيا، بل في الشرق الأوسط أجمع، وعلي الحكومة أن تدخل هذه المرحلة الجديدة بفكر مختلف يعظم الاستفادة من الفرص الناشئة ويجنب مصر المخاطر الناشئة من تغيير توازنات القوى الاقتصادية.
بمعنى أن الانضمام إلى تحالف الاقتصادات الناشئة مثل "البريكس" هو بالضبط ما تأمل مصر في تحقيقه، وفي خضم الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية، تتطلع مصر إلى تعزيز عملتها الوطنية، ويمكن لمجموعة البريكس دعمها في تحقيق هذا الهدف، وانضمام مصر إلى هذا التحالف من شأنه أن يساعد مصر على التغلب على المشاكل الاقتصادية الحالية، ممثلة في ارتفاع الأسعار ومعدلات التضخم والنقص الحاد في الدولار، ومشكلة الديون الخارجية، وتحسين كفاءة الصادرات المصرية وتقليل فاتورة الواردات.
* عميد كلية التجارة جامعة القاهرة