باربي وطيور الظلام من جديد

24-8-2023 | 17:36

هل شهدتم فيلم «باربي» الأمريكي. العروسة الصغيرة التي احتفل بها العالم طويلا، أصبحت فيلمًا. الدمية الجميلة حولتها السينما الأمريكية إلى فيلم يتحرك.

«باربي» كنت تشتريها لابنتك أو حفيدتك في أي مطار تمر به لتخلب بها خيالها، وتعيش معها لحظات. أطفالنا تغذوا على باربي طويلا ونسوا قصص طفولتهم البريئة في بلداننا؛ لأنها لم تجد المؤلف الذي يجسدها ويحولها إلى لعبة أو فيلم أو صورة لتخلد في العالم الجديد أي في السينما والتليفزيون مثل باربي.

فيلم باربي الجديد تخطى عتبة المليار دولار، ويثير جدلا حول العالم. فمنذ أكثر من ثلاثة أعوام، لم يدخل فيلم أمريكي هذه الدائرة عندما امتنع الناس خوفًا وحذرًا من الكورونا وأشقائها عن السينما، تحسبًا للجائحة التي اجتاحت الدنيا وغيرت المعادلات الاقتصادية والسياسية حول العالم. وجعلت مطارات أوروبا وأمريكا المزدحمة دومًا مدنًا للأشباح، نسى العالم فورا وجرى وراء باربى. بعد سنوات التوقف والحرمان القليلة، عالم صغير تحركه مدينة هوليوود بإبداعها وأفلامها، ويتكلمون عن أن الدنيا سوف تتغير، فلننتظر ونرى التغيير بديلا عن الحديث عن الأحلام والمتغيرات.

والمتابع اليقظ لفن السينما يتذكر أن هناك 5 أفلام في العالم غيرت وجه السينما:

- “سبايدر مان” لا عودة للديار - سوبر ماريو - العالم الجوراسي (الهيمنة) - آفاتار طريق الماء.

هذه الأفلام حققت إيرادات غير مسبوقة، دول كثيرة في إفريقيا وآسيا لا تحققها طوال العام، تخطت المليار دولار، كلها على نفس منوال باربي البطلة الجديدة، وكلنا نتساءل هل حضرتم الفيلم “كلنا ننقد الفيلم” ونصرح باربي لا تمثلنا، وكأننا جميعًا لم نر أطفالنا يلعبون بها ويجرون حولها.

الدمية الجديدة قدمتها السينما الأمريكية بمظهر غير مثالي، تطوف بالعالم ليس لها مكان تذهب إليه.

هذه القضية الجديدة، هذه الأيقونة وعالمها عبر الأجيال تحولت من قصة مضحكة وعاطفية ومسلية، ليضحك معها العالم على اللون الوردي، إلى تساؤل أمام الجميع، الطوابير الطويلة حول دور السينما، المشاهد المتكررة لم تلفت خيال البعض في بلداننا لكيفية التعامل مع فيلم بهذا المستوى، ولم يملكوا ملكة أن الأفلام عادت من جديد للازدهار في عالم مختلف، بل إنها سوف تهزم المنصات عبر الإنترنت التي كانت بديلا عنها في فترة الكورونا، كان علينا في كل مدننا أن نفتح دور السينما لنعرف ماذا يدور هناك، لنرى العالم الجديد ولا نخاف منه، لكن بلداننا حولت باربي إلى مخاوف وإلى مادة للخلاف الثقافي، حول ثقافة الشرق وثقافة الغرب من جديد، وهو مجرد فيلم.

الدينيون أمسكوا بتلابيب باربي وكأنها ضالتهم المفقودة.

باربي قضية فيلم أم قضية دين؟! تحولت إلى مادة للخلاف الطائفي والانقسام المجتمعي في بلدان أخرى، حتى إن السياسيين ووزراء الثقافة يدخلون في مواجهة بين البلدان التي سمحت بالفيلم.
من سمح بدخوله ومن تردد ومن منعه ونحن مع من؟!

نحن أهل الشرق حماة المدن والحياة والأديان لا نقبل بالثقافة التي لا تناسبنا، ولن تعيش بيننا ولن نقبلها، وستموت في بلداننا حتى أبناؤنا الذين يعيشون في أوروبا وأمريكا وغيرها، سيحمون أولادهم منها، ولن يسمحوا لها أن تنبت أو تعيش بينهم. 

لكننا يجب أن نكون جزءًا من العصر، وهذا العالم المتغير، وأن نسهم في ضخ الأفكار الجديدة، وأن نهتف للحياة حبًا ومشاركة وشوقًا، ولا نخاف منها، إن الأمل في السياسيين والمثقفين أن يقودوا تغييرًا حقيقيًا وجديدًا يسعى إلى الأمل، والتغيير والتطور في مجتمعاتنا.

إن التربية الثقافية والأخلاقية ألا نسمح للذين يركبون قطارات الأديان أن يبعثوا فينا الخوف من جديد. وعدم المقدرة على مجابهة العصر الذي نعيشه بكل الألوان، من يخاف من فيلم أو صورة لا يستحق أن يكون بيننا، لأن من يمنع فكرة أو فيلمًا لا يساعد على تربية الأجيال الجديدة وتحصينها بالمستقبل، سوف نشاهد باربي، وسوف تنتشر بيننا إذا منعت من دور السينما في إحدى البلدان التي تقع أسيرة ستبحث عنها على الإنترنت وغيره، هذا زمن جديد ومختلف يجب أن نعيشه، وأن نواجه طيور الظلام وحماة الفضيلة الكاذبة.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة