في بلدنا فقط؛ يمكن أن تجد ملايين تحولوا في لحظة معينة لخبراء في مجال ما؛ دون سابق إنذار أو توضيح يمهد لذلك.
فعلى سبيل المثال؛ عند حدوث أزمة في مجال الرياضة؛ كخروج غير متوقع لمنتخبنا الوطني في كرة القدم؛ من بطولة ما؛ في دورها الأول؛ تجد على الفور ملايين الآراء والتحليلات المفسرة لذلك الخروج المفاجئ؛ بل وتجد منها ما يؤهل لعدم تكرار تلك الكارثة على حد زعم البعض.
والأمر مرتهن بمقدمات؛ بكل تأكيد أدت إلى ما شاهدناه من نتائج؛ ولكن الخبراء كانوا يستمتعون بما يشاهدون؛ وتتحقق نتائج مرضية؛ فلا تهم طريقة الأداء الآن؛ هكذا الحال في مجالات أخرى متعددة؛ سريعًا ما تجد مئات وأحيانا آلافًا يعددون ويفسرون ويدعون أنهم يمتلكون المعرفة الكاملة ببواطن الأمور؛ ومن ثم لابد من السير وفق رؤاهم.
هل ينتهي الأمر هنا؛ لا؛ لابد أن تكتمل فصول القصة؛ حتى نصل لنهايتها؛ لاسيما أن القصة مشوقة؛ ومن المؤكد أنها؛ ستجذب الملايين من المشاهدين؛ لتحقق مشاهدات ضخمة؛ وهنا يظهر الخبير المفُوه؛ بملبس فضفاض؛ وتعلو وجهه ابتسامة العالم ببواطن الأمور؛ والواعي بكواليسها؛ دون غيره؛ وأحيانًا يتصادف أن يصدق في معلومة؛ فينبري يقول ويكرر أنه صاحب السبق والتميز؛ وصدقًا؛ الحقيقة خلاف ذلك على الإطلاق.
نعم تمر البلاد بأزمة اقتصادية كبيرة؛ الصغير والكبير على علم كامل بتلك الأزمة؛ ويعيشون تفاصيلها لحظة بلحظة؛ منهم من يكافح في صمت؛ ومنهم يتلمس الحل وفق طرح رؤية.
إلا أن الأزمة تزداد تداعياتها؛ ونحن بلا وعي نساعد على ذلك.
خذ عندك؛ أحد الخبراء و لا أعرف مجال دراسته يبرر زيادات الأسعار؛ كما يؤكد أنها ستستمر؛ ويراهن على ذلك.
أما المبرر؛ فهو تسعير المنتجات وفق قيمة الجنيه مقابل الدولار؛ وفي بعض الأحيان يطلق سعرًا لحظيًا وفق توقع سعر الدولار بعد ستة أشهر؛ ويدعو التجار بشكل ضمني ليحذوا حذوه. حرصا على تجارتهم؛ دون أي اكتراث للسلم والأمن الاجتماعي للبلد!
وهذا من شأنه أن يفسر لماذا ترتفع الأسعار بشكل غير منطقي؛ أو مبرر؛ فمثلا أسعار الخضراوات والفاكهة؛ والتي يتم إنتاجها محلياً؛ ما علاقتها بارتفاع الدولار؟
ستجد من ينبري سريعًا؛ مبررًا و مدافعًا عن ذلك الارتفاع؛ من خلال أن هناك زيادات في أسعار السلع كلها بشكل عام؛ ومن ثم ينعكس ذلك بالتبعية على أسعار بقية السلع؛ حتى لو كانت الخضراوات والفاكهة.
فتكتشف أن الواقع عبارة عن ضغوط يمارسها الناس على بعضهم البعض لتحقيق أرباح تمكنهم من مواجهة أعباء الحياة؛ وهناك من يبرر تلك الضغوط؛ دون أن نلقي اللوم على أحد بعينه؛ المهم أن نضغط ثم نضغط من أجل تحقيق أرباح.
وفي النهاية الكل يشكو من ارتفاع الأسعار؛ كأنها أزمة سقطت من السماء؛ دون أن يزيد من لهيبها أحد!!
وفي الحقيقة؛ لو التزم كل إنسان بإطاره الخاص؛ مجاهدًا إنجاز عمله المطلوب منه وفق محدداته المسبقة؛ دون أن يبين أنه الخبير الكبير فيدلي بآراء من شأنها إلقاء الزيت على النار؛ من المؤكد أننا سنحقق نجاحات تنعكس بدورها على الوطن والمواطن.
،،، والله من وراء القصد
[email protected]