الابتسامة الأمريكية تتفوق

22-8-2023 | 16:03

"شيء لا يصدقه عقل" مراكز تدريب على الابتسامة، تكلفة الحصة الواحدة تبلغ 55 دولارًا، ويوم وراء يوم الطوابير تتزاحم أمام مراكز صناعة الابتسامة في اليابان، والسبب أن وباء كوفيد 19 أضاع الابتسامة المحدودة على وجوه اليابانيين، وأنستهم الكمامة الضحكة الحلوة لمدة أربعة أعوام، ومن المثير تيبس عضلات وجوههم على الابتسام، ويتملكهم الخوف لو حاولوا رسم ابتسامة زائفة، فقد تكشف خداعهم، بالإضافة إلى أنهم شعب جاد وصارم في معظم أوقاته، ويبتسم في أمور محددة، والغريب أن اليابانيين يؤمنون بمثلهم الشعبي: "الأقوى هو من يبتسم".

وتولد عن الكمامة مشاعر سلبية مختلفة لدى جميع سكان الأرض في الفترة السابقة، ما زال البعض لا يستغني عنها حتى الآن، ولذا أٌطلق عليها متلازمة الكمامة، وسبق الصينيون اليابانيون منذ عام 2014 في التدريب على الابتسامة، ولا داعي للدهشة.. فهذه الشعوب نشأت على الحياة الجادة، وأفرزت قسوة في القلوب على مدار الأعوام، وكان ذلك دافعًا لهم لإزالة هذا المفهوم الراسخ، ولو شكليًا، ولهذا اضطر مسئولو الحزب الشيوعي الصيني فرض تدريب العاملين بقطاع السياحة في الفنادق والمطاعم على الابتسامة، بعدما لاحظ المسئولون الصينيون أنه كلما أصبحت الوجوه أكثر تبسمًا - لاسيما أمام الأجانب - ارتفعت نسبة وفود السائحين الزائرين للصين.

وتعقد حكومة كوريا الجنوبية هي الأخرى دورات تدريبية للممرضات على الابتسامة في أثناء استقبال المرضى، بغرض تخفيف الألم على المرضى، ولكي تبعث فيهم الأمل بالشفاء، واستغلت شركات ممارسات بعض الدول لإحياء الابتسامة، وكذلك ما تراقبه من زيادة في نسبة حالات الاكتئاب على مستوى العالم بشكل ملحوظ، صنعت تلك الشركات جهازًا لتمرين الوجه على الابتسامة، ويساعد عضلات الفم على الابتسامة بسهولة، وحاليًا تعرضه في الأسواق عبر منصات التسويق.

يختلف الوضع البائس للابتسامة في دول شرق آسيا عنه في أمريكا، بفضل شهرة الأمريكيين أنهم أكثر الشعوب ابتسامًا، ويكمن السر في وجود جنسيات مختلفة ومهاجرين بأعداد كبيرة في أمريكا، لا تربطهم سوى لغة الابتسامة، وتعود وجهة نظر الشعوب الآسيوية في عبوس وجوههم إلى اعتقادهم أن الشخص المبتسم أقل ذكاء وأقل جدية، وروسيا والهند تلحق في ركابهم.

وتطمأنت دراسة حديثة الوجوه المبتسمة، أعدت الدراسة جامعة جورج مايسون، وكشفت أن ثقافات الشعوب هي المسئولة عن تشكيل العواطف والمشاعر، وافترضت إذا عاش الناس وسط ثقافة تغلب عليها الشعور بالتفاؤل تنعكس تلقائيًا على وجوههم، بشرط توافر عامل السعي والعمل بتفكير إيجابي، وهو ما يفرز في النهاية شخصًا سويًا نفسيًا وعقليًا، يبتسم لا يعبس.

وأضافت الدراسة أن من أهم أسباب سعادة الطبقة الوسطى الأمريكية أنها تشعر بالرخاء الاقتصادي، وتفرض على أبنائها التحكم في مشاعرهم كطريق لتحقيق النجاح، وتطالبهم في الوقت نفسه بالتفاؤل والإيجابية والاستبشار بالظروف الجديدة، ولذا أول من صمم أول ابتسامة كان شخصًا أمريكيًا، ورسمه كشعار لإحدى شركات التأمين في الولايات المتحدة، وهو الرسام الأمريكي "هارفي بيل" في عام 1963، وبعد وفاته أسس محبوه مؤسسة تحمل أسمه، وصارت الراعي الرسمي لليوم العالمي للابتسامة.

ويجهل الكثير أن الابتسامة بمثابة المفتاح السحري للقلوب، والدواء لإزالة التوتر، والوسيلة الصحيحة لنشر روح الود والدفء، والقوة التي تمنح البشرى لقلوب ترتقب الأمل، ولأن المبتسم هو الأقوى قال عبدالله بن الحارث رضي الله: "ما رأيتُ أحدًا أكثرَ تبسُّمًا من رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم"، كما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى التبسم، بل حث عليه وقال: (لا تحْقِرَنَّ من المعرُوفِ شيْئًا، ولوْ أنْ تلْقَى أخاكَ بوجْهٍ طلْقٍ).

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة