تعمل الدولة المصرية على تطوير منظومة التعليم، سواء التعليم الجامعي أو ما قبل الجامعي، لأهميته القصوى في حياة المواطنين خاصة الشباب، وتقليص نسبة الأمية في البلاد مما يعني زيادة الوعي الجماعي للشعب والمجتمع، حيث تزداد الحاجة إلى العلم والتعليم باستمرار خاصة مع التطور التكنولوجي والتقني الكبير والتحول الرقمي في كل المجالات حول العالم.
موضوعات مقترحة
اهتمام رئاسي بقضية التعليم
وأكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال اجتماع بالأمس مع الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء، والدكتور رضا حجازي وزير التربية والتعليم، بمتابعته تطوير منظومة التعليم في مصر بمختلف محاورها الرئيسية ، موجها بمواصلة التركيز على تطوير الكوادر البشرية ومنظومة المعلمين، وذلك في إطار التوجه الإستراتيجي للدولة بالاهتمام بالتعليم بعناصره كافة، وخاصة العنصر البشري، وإيلائه الأهمية التي تليق به باعتباره أساس بناء الشخصية وتكوين الإنسان، مما يتطلب منظومة رفيعة المستوى للانتقاء والتأهيل، تقوم على معايير الموضوعية والتجرّد، والكفاءة والتميز، والجدية والتفوق العلمي والشخصي والنفسي، وبما يدعم كذلك جهود إصلاح الجهاز الإداري للدولة، ويسهم في تطوير مستوى الخدمات العامة المقدمة للمواطنين.
ويعد الحوار الوطني فرصة حقيقية للتوافق الشعبي على الرؤى الممكنة والبدائل الأقرب للواقع، للتغلب على تحديات التعليم، فهو منبر جامع يمكن من خلاله تقديم تقييم موضوعي لمشروع إصلاح التعليم وتحقيق سبل الارتقاء بالتعليم وتطويره وإصلاح المنظومة برمتها مع تحسين أوضاع المعلمين وهيئات التدريس.
توصيات الحوار الوطني بتطوير التعليم
وأصدر الحوار الوطني 17 توصية بشأن قضية التعليم الجامعي وقبل جامعي، ومنها، السماح للمجتمع المدني في الاشتراك في العملية التعليمية في المناطق الجغرافية التي تحتاج لذلك بالضوابط والمناهج التي تضعها الدولة التي تكفلها الدولة، وإعادة توجيه مجموع المبالغ التي يتم تحصيلها لصالح خدمات التعليم لقضايا مُلحة، مثل تعيين معلمين جدد والمساهمة في تحسين العملية التعليمية.
ومن ضمن التوصيات أيضا، التوسع في تدريس مناهج التربية القومية والأخلاق في أنماط التعليم المختلفة في مصر، والتأكد من تناسب المناهج الدراسية وعدد أيام الدراسية، لاختصار المناهج أو زيادة عدد أيام الدراسية، والنظر في تطبيق والتوسع في مرحلة رياض الأطفال التجريبي دون اشتراط أن يكون ذلك ضمن المدارس التجريبية فقط، والتوسع في توأمة المدارس الحكومية والدولية، لسد الفجوة بين مخرجات التعليم العام والخاص،
وكذلك عقد مؤتمر سنوي للتعليم، لبحث واستعراض سبل الشراكة والتعاون والترابط بين القطاعات الثلاثة (حكومي، خاص، مجتمع مدني)، وذلك للوصول لطرق مبتكرة لتمويل التعليم، تحديد مستجدات سوق العمل وما ينبغي أن يقابلها في المناهج والمحتوى المقدم للطلاب، تدريب وتأهيل المعلمين للتنمية المهنية الشاملة والمستدامة المخططة للمعلمين، وذلك بإعادة هيكلة وتطوير خطط التدريب بحيث لا تقتصر على المهارات التربوية والأكاديمية فقط، وذلك بالاعتماد والشراكات مع مؤسسات جديدة تشمل القطاعات الثلاث.
الارتقاء بمستوى المعلمين
ويعتبر الارتقاء بمستوى المعلمين وتطويرهم هو عامل أساسي في تحسين جودة التعليم وضمان توفير تجربة تعليمية متميزة للطلاب، بحسب ما أكده الدكتور حسن شحاته الخبير التربوي، لأن المعلم هو عامل رئيسي في عملية نقل المعرفة وتوجيه الطلاب، وبالتالي يجب أن يكون لديه المعرفة والمهارات اللازمة لتلبية احتياجات الطلاب ومواكبة التطورات في المجتمع والتكنولوجيا.
ومع التقدم المستمر في مجالات التعليم والتكنولوجيا، يصبح من الضروري تدريب المعلمين بشكل مستمر ليكونوا على دراية بأحدث المناهج وأفضل الأساليب التعليمية، ويؤكد "شحاتة"، أنه يجب أن يكون التدريب متعدد الجوانب ويشمل استخدام التكنولوجيا في التعليم، وتطوير مهارات التفكير النقدي وحل المشكلات، وتعزيز قدرات الطلاب على التعلم الذاتي.
ويوضح الخبير التربوي، أنه يجب توفير بيئة تعليمية تشجع على التفكير الإبداعي والابتكار؛ حيث يمكن للمعلم أن يلعب دورًا محوريًا في توجيه ودعم هذه العمليات، يمكن للمعلم أن يلعب دور الموجه والمستشار والمحفز لدى الطلاب لاستكشاف أفق جديد وتطوير مهاراتهم الإبداعية، فالاستثمار في تطوير المعلمين ليس فقط يؤثر إيجابيًا على جودة التعليم وأداء الطلاب، بل يسهم أيضًا في بناء جيل من الشباب المتميزين والمبدعين، الذين يمكنهم تحقيق التنمية والابتكار في مجتمعهم والمساهمة في تطور الأمة بشكل عام.
أهمية تطوير منظومة التعليم
ويعد تطوير منظومة التعليم جزءًا حيويًا من تحقيق التقدم والنجاح في أي دولة، وذلك من خلال تحسين وتطوير المناهج الدراسية وبنية النظام التعليمي، يمكن للدولة تلبية متطلبات العصر الحديث وتجهيز الطلاب بالمهارات والمعرفة التي يحتاجونها لمستقبلهم.
وتطوير المناهج الدراسية يتضمن تحديث المحتوى الدراسي ليكون أكثر توافقًا مع التقنيات والتطورات الجديدة في مختلف المجالات، كما يتطلب توجيه الاهتمام لتعزيز مهارات التفكير النقدي والإبداع والتحليل لدى الطلاب، وذلك يتم عند تدريب معلمين يمثلون القيادة والإدارة في البيئة التعليمية.
أهمية توصيات الحوار الوطني لإصلاح التعليم
ومن ضمن توصيات الحوار الوطني، استحداث مسارات تعليمية جديدة للتعليم الثانوي، بالإضافة إلى المسارات القائمة حاليًا، ويكون الالتحاق بها وفقًا للميول والمهارات والقدرات وغير معتمد على مجموع الدرجات فقط، وكذلك تعديل آليات الالتحاق بالجامعات "التنسيق" بما يتناسب مع كل المسارات، ,تدريس مواد جديدة مثل ريادة الأعمال والتفكير الإبداعي ونماذج المحاكاة وممارسة الأنشطة من اللاصيفية خلال مرحلة التعليم الابتدائي، وتوسيع دائرة التعاون بين مبادرات وزارة الشباب والرياضة ووزارة الاتصالات و وزارة التربية والتعليم حتى تتم استفادة جميع منهم في تلك المرحلة التعليمية.
كما وصى الحوار الوطني، بتعميم تجربة مجلس الأباء وساعات تطوع أولياء الأمور وفق تخصصاتهم في مدارس أبنائهم بعدد ساعات محددة للتطوع سنويًا، ووضع خطه واضحة لمشاركة الكليات الفنية والمتخصصة بالجامعات المصرية للمساهمة في تدريب الفنيين والتقنيين بالمدارس والمعاهد الفنية ومشاركة مشروعات التخرج معهم كل حسب التخصص، حسب الإمكانات المتاحة والمعامل، وحسب التوزيع الجغرافي، وإصدار رحضة مزاولة عمل لخريجي المدارس الفنية، توفر لهم بعض الامتيازات في الالتحاق بالوظائف، ومستوى الرواتب، وغيرها.
كيف يمكن النهوض بالتعليم في مصر؟
ويحتاج التعليم بعض السياسات للإصلاح والارتقاء للنهوض بمستوى التعليم في مصر، وهناك 4 محاور يجب توفرهم، وهي: إتاحة فرصة متكافئة للجميع في سن التعليم مع استهداف المناطق الفقيرة كأولوية أولى، مع تحسين جودة الخدمة التعليمية، وإصلاح المدارس عن طريق حل مشكلة الكثافات في الفصول، حيث يترتب عليها مشكلات مجتمعية.
أزمة كثافة الفصول
وتعتبر كثافة الفصول من أهم المشاكل في النظام التعليمي التي يجب حلها أولا، مع تدعيم البنية المؤسسية وخاصة في المدارس الفنية، وبناء قدرة العاملين بالتعليم على تطبيق اللامركزية على وجه يضمن الحوكمة الرشيدة، ووضع إستراتيجية جديدة لاكتشاف ورعاية الطلاب الموهوبين باعتبارهم القاطرة الحقيقية للنهوض بشخصية الإنسان.
عودة الاهتمام بـ"التربية" في المدارس
وفي ظل التطوير الكبير بكل مفاصل التعليم، لابد من تحسين تدريبات المعلمين، بحسب النائبة راجية الفقي عضو لجنة التعليم والبحث العلمي بمجلس الشيوخ، وتطوير مهارات التدريس والتفاعل مع الطلاب داخل الفصل، بما يتواكب مع المناهج الجديدة وتطوير أنظمة التقييم، وأيضًا عمل مدونة سلوكية بين الطالب والمعلم والمدرسة تحكم العلاقة بين كل الأطراف وتسمح بالتفاعل داخلها بما يحقق مصالح التطوير.
ومن الضروري الاهتمام بتربية الطلاب في المؤسسات التعليمية كما كانت في الماضي، فيجب أن نعود للتربية بجانب التعليم، وتعليم القيم، وتصميم أنشطة تعلم الأخلاق وتنمي الشخصية السوية لوقف الممارسات الشاذة عن المجتمع المصري.
وتوضح "الفقي" أن الحوار الوطني يعد أحد الآليات الجادة للاستماع لجميع الآراء، لكونه طاولة واحدة تضم جميع فئات المجتمع المصري، والموضوعات الأساسية في الحوار الوطني هي الموضوعات المتعلقة بالشأن الاقتصادي والغلاء والتضخم والأمن الغذائي والدين العام وعجز الموازنة، إلى جانب موضوعات خاصة بالصحة والتعليم باعتبارها موضوعات ذات أولوية.