المحبة صورة من صور القوة الناعمة

20-8-2023 | 16:06
الأهرام المسائي نقلاً عن
بين شاعر وصف الحب بأقوى العبارات والمعاني، وبين مشاعر تجسدت في أبهى الصور والصفات، يظل الحب لغزًا بين الناس وبعضهم البعض، ولكن يظل أصدق تعبير وصف الحب هو مقولة جلال الدين الرومي "بالرغم من أن الحب لا يمكن تفسيره إلا أنه يفسر كل شيء"!
استغل تلك المساحة لنشر الحب بين الناس، بعد أن طغت المادة عليهم وأصبحت الحياة تلهيهم، كل فرد يبحث عن مصلحة شخصية دون النظر للآخر، فالحب شعور جميل يعتري الإنسان يجعله يشعر بأنه مُحب للحياة متسامح، لديه شغف بالحياة وبالمستقبل.
 ولكن هل يستمر الحب؟ إجابة هذا السؤال جعلتني أفكر كثيرًا: هل الحب وحده يكفي وأكاد أن أجزم بالطبع لا! فالحب مشاعر جميلة لا يستطيع أحد تفسيرها إلا صاحبها، ولكن الأقوى من الحب هو الشعور بالثقة والآمان! علماء النفس قالوا إن الحب يبدأ من العقل وليس القلب وهذا حقيقي ، فعندما يحب أحد شخصية ما هو يعتقد أنه أحبها قلب، ولكن في الحقيقة بدون أن يشعر أحبها عقل، قد يتعامل شخصان مع بعضهما البعض بدون نية الحب، ثم عقب فترة يشعر كلاهما أنه أحب الآخر، ولكن كيف يتآتى ذلك؟ أو قد لا يدرك الشخص وهو في علاقة أنه أحب الآخر إلا بعد الفراق؟ فالحب الحقيقي يأتي من خلال عدة مراحل وليس ما يطلق عليه الحب من أول نظرة! ففي الحقيقة هو إعجاب من أول نظرة وليس حبا! لذا الكثير يعيشون قصص حب تتجاوز السنوات، ثم يصطدم كلاهما في الآخر وتنقلب إلى عداوة أو كره في الكثير من الأحيان! والسبب راجع إلى أن الحب الحقيقي يأتي من خلال:
أولًا الشعور بالارتياح والقبول وهذه المرحلة أهم مرحلة بل بها تأتي المراحل الأخرى، القبول والارتياح بمثابة شخص طرق على الباب، وتم فتح الباب له ثم تأتي المرحلة الثانية وهي مرحلة التعمق في شخصية من أمامك من الباطن وليس الظاهر! فالكثير يدّعون أنهم على معرفة تامة بشخصية من أمامهم ثم سرعان ما يدركون أنهم لا يعرفون هذه الشخصية قط! فالمعرفة تأتي من الروح أي معرفة الشخص من الداخل ولا أقصد النوايا بل أقصد الشعور بالشخص، وهذا الشعور لن يأتي إلا بالتعمق، ثم تأتي المرحلة الثالثة تلقائيًا وهي مرحلة الثقة والأمان وهي أهم وأخطر مرحلة فيها تكتمل القصة أو تنتهي بلا رجعة! فالثقة أشبه بالسلاح الذي يحمله الشخص وقد أعطاه لك فإما أن تكون جديرًا بتلك الثقة أو تصويب السلاح في وجه صاحبه! فالثقة كالرصاصة إن خرجت لا تعود وصعب عودة الثقة في شخص بعد فقدانها! أما الأمان فهو شعور أقوى من الحب! الحب من الممكن أن يكون فيه فرصة ثانية أما الثقة والأمان فليس لهم فرصة ثانية!
فلا تبحثوا عن الحب الأفلاطوني، ولكن ابحثوا عن الراحة والأمان والثقة والاحتواء والاحترام والاهتمام والتقدير وقتها ستصنعوا الحب الأفلاطوني الذي يبحث عنه الجميع ولا يجدونه إلا في الأفلام والمسلسلات! ولنجاح أي علاقة ما بين أي اثنين لابد من دراسة عميقة، وهدف تلك الدراسة حتى يتوصل كلا الطرفان إلى كيفية إسعاد كلاهما للآخر، ولن تتأتى الدراسة إلا من خلال المعرفة الحقيقية لشخصيتهما وطباعهما وروحهما، ويتم ذلك من خلال رؤيتهما لبعض، وليس كما يحدث في يومنا هذا الاكتفاء بوسائل التواصل التي لا تعبر إلا عن القليل، فنظرة واحدة قد تختصر الكثير من المكالمات والرسائل!

الكثيرون يحتفلون بالحب ويرددونه ولكن القليل فقط من يعيّ معنى الحب، ذلك الشعور الذي يجمع بين روحين في زواج أو علاقات إنسانية، الحب سلام وليس بحرب كما يحدث اليوم، فنشاهد البعض يستحي أن يعبر عن حبه لزوجته في المقابل يستطيع أن يُعلن كراهيته لها والصراخ في وجهها أمام الجميع! لذا أصبح الحب في السر والحرب في العلن!

وأختم مقالي بمقولة قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية خلال تشريفه صالون الحداد الثقافي «إن غابت المحبة ظهر الضعف؛ المحبة صورة من صور القوة الناعمة».

 
كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة