بين أشباه الأبطال وأشباه النساء

15-8-2023 | 16:21

ما ظنك بطفل عمره تسع سنوات يحاول الانتحار؟ والسبب لعبة على الإنترنت أمرته بالتخلص من حياته، وبجانبه طفل في نفس السن يلعب لعبة على تليفونه، تخيل أنه يعيش قصة حب مع فتاة افتراضية، وما قولك في طفل لا يحترم كبيرًا؟ إنهم أشباه الأطفال، فقد عهدنا الطفل الذي يحمل براءة الطفولة والفطرة النقية.

وكما ينتشر بيننا أشباه الأطفال، تزحف علينا أشباه التدين، ويتطابق مدّعي التدين بمن يصنع ذهبًا مسخًا من الصفيح، وصار ينهال علينا الذهب الصيني، وهو عبارة عن معدن رديء عليه طلاء من ماء الذهب، وانتقلت عدوى "الذهب العيرة" إلى صناعة أشباه الأحجار الكريمة، وتعكف على صناعتها شركات عالمية كبرى، تدر عليها أرباحًا طائلة.

ويبدو أن "الذهب العيرة" طال كذلك الأبطال، وفقس أشباه أبطال، وكم من شخص يزعم أنه بطل مغوار، وحين تستدعي المواقف مناصرته للضعيف، يراوغ كالثعلب، ويحاكيهم في المراوغة والنفاق مشايخ الفتنة والإرهاب، فلا بأس أن يدخلوا المساجد وأيديهم تغش في الميزان، ويحضروا حلقات الذكر وبأيديهم يبطشون، ويركعوا وقلوبهم تتأجج طمعًا وحقدًا.

وأُعلنت هذا العام نتيجة السنة الأولى من الجامعة في بعض كليات الطب عن رسوب عدد كبير من متفوقي الثانوية العامة من العام الماضي، ولا نستغرب أن نجد أمثالهم في كليات أخرى، وهم نموذج صغير من آلاف أشباه المتعلمين المنتشرين بين صفوف المهن والوظائف.

ويعتقد الأشباه أن ليس لهم نظير، ويمتلكون كل مقومات الكمال لا نقص فيهم، وأشباه العلماء لديهم يقين أنهم منارة للعلم وأصحاب مرجعية ثقافية، ومن المبكيات تفاجأ بتقلدهم مكانة الأستاذ، ويجلسون يلقنون دروسًا عقيمة كاذبة لأبناء تغيب عنهم المعلومات.
ومن الجنون رؤية أنصاف الرجال تستأسد على البعض، يتحصنون بمناصبهم أو بأموالهم، ويرادفهم في أوصافهم أشباه الرجال، وأبلغ سمة فيهم عشقهم للكذب، ويستحلون المال الحرام، ويتلذذون بسرقة جهد الآخرين، وتعرفهم من خوضهم في أعراض الغير وقذفهم بالباطل.

وهل من الإنصاف أن يخلع البعض على جنود الاحتلال الإسرائيلي لقب رجال، برغم أنهم على مسمع ومرأى من الجميع ينتهكون حقوق أهل الأرض العزل، وحالهم لا يختلف كثيرًا عن الإرهابيين، الذين يرفضون العيش بين الرجال، ويخرج من تحت ثنايا أشباه الرجال أشخاص أشباه الكبار، أفعالهم تناظر سلوك الصغار، لا يحترمون كلمة، ولا يوفون بوعد ولا بعهد، وفي النهاية تئن المجتمعات من انحراف الأبناء، والمقصد من الأبناء هنا الشباب والفتيات.

والرجل هو من ذكره القرآن الكريم صاحب مروءة لا يخاف لومة الجبناء، كما ذكره الله تعالى في واقعتين، الأولى في سورة (القصص)؛ جاء رجل لنجدة سيدنا موسي عليه السلام، وذلك في قوله تعالى: ﴿وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ قَالَ يَا مُوسَىٰ إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ﴾، وجاء الرجل الثاني في سورة (يس) لنصرة الرسل الثلاثة، وذلك في قوله تعالى: (وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى).

وليس النساء بمنأى عن الأشباه، وأشباه النساء يرفعن أصواتهن على الرجال، ويتبجحن بالسوء، وينافسن أنصاف الرجال في العنف والاحتيال والنصب، ويكيدون المكائد بأقرانهن للإطاحة بهن؛ سواء من يجاورنهن في العمل أو في الدراسة، ولا يرون عيبًا في الترخص لكسب المزيد من المال.

القول الوجيز في وصف كل هؤلاء الأشباه "هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ"، هم كالسوس يأكلون منسأة المجتمعات، ويسارعون بانهيارها، وهم كالعفن يفسد التربة الخصبة، وأنهم كالإعصار الذي يأكل الأخضر واليابس، فكن على حذر منهم.

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة