فَلا تَحتَقِر عالَماً أَنتَ فيهِ.. وَلا تَجحَدِ الآخَرَ المُنتَظَر
وَخُذ لَكَ زادَينِ مِن سيرَةٍ.. وَمِن عَمَلٍ صالِحٍ يُدَّخَر
وَكُن فى الطَريقِ عَفيفَ الخُطا.. شَريفَ السَماعِ كَريمَ النَظَر
وَكُن رَجُلاً إِن أَتَوا بَعدَهُ.. يَقولونَ مَرَّ وَهَذا الأَثَر
(أحمد شوقى)
الفلاح المصرى والذى من المقرر أن نحتفل بعيده فى التاسع من شهر سبتمبر كل عام، وهى ذكرى إصدار قوانين الإصلاح الزراعى عام 1952.
الفلاح فى مصر عاشق الأرض، والمُدافع عنها من يوم مولده إلى يوم وفاته، هو صانع الحضارة المصرية القديمة، فحضارتنا المصرية لم تكن لتقوم لولا استقرار المصرى القديم حول نهر النيل، واحترافه الزراعة، ومع احترافه الزراعة صنع أدواتها، واحتفى بالنيل وقدسه، بل ونقش على جدران معابده قصة عشقه للزراعة، بكل أشكالها وتقديسه لنهر النيل، حتى إنه يقدم أسباب خلوده أنه لم يلوث النهر أو يتعدى عليه.
وعلى مدار تاريخ مصر القديم والمعاصر.. ظل الفلاح هو صانع الحضارة، ولِمَ لا ومصر دولة زراعية فى الأساس، ولم يكن صانعاً للحضارة فقط، بل كان العمود الفقرى للجيش المصرى من بدايات نشأة الجيش المصرى فى مصر القديمة، وحتى يومنا هذا، ومع بدء حفر قناة السويس فى 1859 لم يجدوا سوى الفلاح المصرى، ليقوم بحفر قناة السويس ليقدم ما يزيد على 150 ألف شهيد، لإتمام حفر القناة فى نشأتها الأولى.
وإلى اليوم مازال الفلاح فى مصر يعمل وينتج فى أحلك الظروف (حروب، غضب طبيعة، أوبئة، ثورات)، ويقدم ما تجود به الأرض عن طيب خاطر لمصر وأبنائها.
فلم نجد يوماً مظاهرة فئوية للفلاح فى مصر يطلب مزايا إضافية، ولم نجد يوماً فلاحاً أضرب عن العمل لتحسين بيئة العمل.. فرغم ما مر بمصر خاصة بعد 2011 من مظاهرات وإضرابات واعتصامات فئوية مختلفة المطالب لم يكن من بينها يوماً ما.. الفلاح.
ورغم هذا ما زال البعض ينظر نظرة متعالية إلى الفلاح، والبعض الآخر يستغل الفلاح ويشترى إنتاجه بأبخس الأسعار ويبيعها بأعلى الأسعار، وبعض ثالث يدعى أنه صوت الفلاح والفلاح منه براء.. خاصة فى ظل غياب صوت الفلاح الحقيقى.
رغم أن الفلاح فى مصر من أعلى الفئات المشاركة فى كل الاستحقاقات الدستورية والانتخابية المختلفة.
ودليلى على ما أقول.. هو أن قانون إنشاء نقابة الفلاحين لم يخرج حتى الآن إلى النور، مما ترك مساحة للبعض ويستغلوها ويتم إنشاء نقابات تدعى أنها للفلاحين.
وللأسف بعض مؤسسات الدولة تقوم بدعوة ما يسمى نقباء الفلاحين إلى مؤتمرات وحلقات نقاشية، وهذا ما شاهدته فى المجلس القومى لحقوق الإنسان، مما يعطى شرعية لهذة النقابات.. ويبقى السؤال قائماً لماذا لم يخرج قانون نقابة الفلاحين إلى النور؟! وغيرها يستهين بعقلية الفلاح مستهيناً ومقللاً منه.
فضلاً عن أن الأعمال الدرامية مازالت تصدر صورة نمطية للفلاح فى مصر.. صورة من عصور سابقة.. تصور الفلاح على أنه ذلك الفقير ذو الجلباب المتهالك، الذى مازال يركب حماراً هزيلاً.. وهذه الصورة لا تمثل حقيقة الفلاح اليوم فى الريف المصرى.
فالفلاح اليوم: متعلم، ومثقف، وقارئ جيد للأحداث، بل ومدقق جيد لها، وأغلب الفلاحين اليوم أصحاب مؤهلات علمية مختلفة الدرجات، بل إن كثيراً منهم يعملون اليوم أكثر من مهنة فى الصباح.. إما محاسب، أو مدرس.. ومتابع لأرضه ومحصوله بعد ذلك.
الفلاح ظل سنوات عديدة فى قريته، والتى لم تشهد أى حراك تنموى فعال طوال عقود طويلة من الزمن.. إلا مع حكم السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي، عندما أخذ قراراً بتطوير وتنمية كل القرى المصرية وتوابعها فى المشروع العملاق حياة كريمة..
هذا المشروع الذى أنصف الفلاح فى مصر من سنوات التجاهل والنسيان، أنصف الفلاح وقدم له ما يستحقه من حقوق إنسانية مختلفة، فاليوم ومن خلال مشروع حياة كريمة، يجد الفلاح تطويراً شاملاً فى قريته من البنية التحيتة من مياه شرب، وصرف صحى، ويتم تطوير الوحدات الصحية والوحدات الاجتماعية ومراكز الشباب والمدارس، بل والوحدات الزراعية والبيطرية.
قدم الرئيس مشروع حياة كريمة للفلاح فى مصر، فى ظل ظروف اقتصادية صعبة لا تمر على مصر، فحسب بل تمر بالعالم أجمع، وأصر على تنفيذه رغم التحديات الهائلة التى تواجه مصر، بل حريص كل الحرص على المتابعة الدقيقة لمراحل تنفيذ هذا المشروع، ومشاركة الفلاحين فى افتتاحه فى أكثر من موقع، فى صعيد مصر وفى الدلتا.
قدم الرئيس مشروع حياة كريمة للفلاح، ليكون نقطة انطلاق للفلاح والقرية المصرية إلى المستقبل.
وَللهِ الأمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ.
حَفِظَ اللهُ مِصْرَ وَحَفِظَ شَعْبَهَا وَجَيْشَهَا وَقَائِدَهَا..