Close ad

"كامب ديفيد" يقوض فرص استئناف القمم الثلاثية

14-8-2023 | 11:33

في تحول لافت، وفيما تجري الاستعدادات لعقد "قمة سنوية منتظمة"، بين كوريا الجنوبية واليابان والولايات المتحدة، يوم الجمعة المقبل بـ"كامب ديفيد"، تراجعت التوقعات بإمكانية استئناف عقد القمم الثلاثية بين سول وطوكيو وبكين في 2023.

فارق شاسع بين القمتين، من حيث الهدف وبنود جدول الأعمال، وقد جرت بالنهر مياه (عكرة) كثيرة، وطرأت تطورات إقليمية ودولية خطيرة، منذ آخر انعقاد للقمم الثلاثية بين سول وطوكيو وبكين، بمدينة "شينج دو" الصينية (ديسمبر 2019) وبعد أن شهدت 8 جولات، منذ انطلاقها بمدينة فوكوؤكا اليابانية في عام 2008.

بداية، وبسبب تداعيات جائحة كورونا والخلافات بين سول وطوكيو، جرى تعليق القمم الثلاثية، وعندما بدت ملامح التحسن في العلاقات بين كوريا الجنوبية- الدولة المستضيفة لقمة هذا العام- واليابان، صرح مسئول بالمكتب الرئاسي في سول بأن استئناف عقد القمم الثلاثية يتوقف على بكين "وسول لن تستجدي الصين لعقدها".

الانفراج الأخير في العلاقات بين سول وطوكيو، بتشجيع ورعاية أمريكية ملموسة، تزامن مع بروز حالة من الجفاء "المكبوتة" في علاقة العاصمتين مع بكين، لأسباب بعضها ثنائي وإقليمي ولعوامل سياسية وأمنية خارجية، طرأت على خارطة الأحداث الدولية، دفعت كوريا الجنوبية واليابان -بقوة-للاصطفاف لجوار واشنطن.

للدلالة على مدى ما وصلت إليه حالة الجفاء بين بكين وطوكيو، وبمناسبة حلول الذكرى الخامسة والأربعين لتوقيع معاهدة السلام والصداقة يوم أمس الأول -السبت- ذكرت الخارجية الصينية أن العلاقات بين العاصمتين تمر بمرحلة حرجة.

ومع وضع مشكلة جزيرة تايوان، وجزر أخرى، متنازع عليها بين البلدين، في الاعتبار، على الأرجح، أعرب بيان منسوب للخارجية في بكين عن "أمل الصين في أن تعمل مع اليابان لدعم الأساس السياسي، وإزالة الحواجز وأسباب التشتت".

تلخيصا لحالة الجفاء التي تبدد ما كان قد صدر من إشارات إيجابية لاستئناف القمم الثلاثية المعلقة بين سول وطوكيو وبكين، ذكرت صحيفة "جلوبال تايمز" الصينية أن "الحكومة الكورية الجنوبية أصبحت أكثر ارتباطا بالولايات المتحدة، وباتت كوريا الجنوبية وكأنها تفقد استقلاليتها، وأن التحالف العسكري الثلاثي بين سول وطوكيو وواشنطن، سيكون خطرا كبيرا على الأمن والاقتصاد في المنطقة".

تفسير صحيفة "جلوبال تايمز" لحالة الجفاء بين بكين وكل من سول وطوكيو، يتطابق مع أخر تصريح لوزير الخارجية الصيني، وانج  يي، وجاء فيه: "واشنطن تجبر دولا أخرى على الانخراط في السياسة الحمائية الأحادية ضد الصين، ومثل هذه الأعمال تثبت أن الولايات المتحدة أكبر عامل مزعزع للاستقرار في العالم". 

بحساب المنطق، لا يمكن لأحد من المراقبين توجيه اللوم إلى سول وطوكيو، بسبب اندفاعهما -غير المحدود- في توثيق علاقتي تحالفهما الإستراتيجي مع واشنطن، وكلتا العاصمتين -سول وطوكيو- لديهما من التهديدات الأمنية –المداهمة- ما يكفي. 

كوريا الجنوبية باتت مهددة، وجوديا، بسبب تحذير الشطر الكوري الشمالي لها، بمحوها من على الخريطة، باستخدام كل إمكانات بيونج يانج، من ترسانة نووية وصاروخية، ولم تبد بكين - حسب تقديرات سول- القدر الكافي لكبح جماح الزعيم الكوري، كيم جونج إيل، وإعادته إلى مائدة التفاوض والانصياع للمقررات الدولية.

التهديد النووي والصاروخي -الوجودي نفسه- بات جليا وواضح المعالم، أمام متخذ القرار الياباني، وازدادت درجة الغليان، بدخول كل من روسيا والصين على الخط. الأولى بتسخين موسكو التوتر مع طوكيو بجزر اليابان الشمالية المحتلة منذ انتهاء الحرب العالمية، والثانية بدعوى تزايد أطماع الصين بالمحيطين الهادئ والهندي.

لهذه الأسباب وغيرها من التهديدات، بات لجوء سول وطوكيو للردع الأمريكي حتميا وليس خيارا، يفرضه الواقع الأمني المستجد، ودرجة التحالف فيما بينهم. 

من هنا أيضًا، تتجه أنظار العالم إلى مطالعة نص البيان المشترك لأول قمة ثلاثية، سنوية، منتظمة، بـ"كامب ديفيد" يوم الجمعة المقبل، بحضور قادة الولايات المتحدة واليابان وكوريا، بايدن وكيشيدا ويون. ولننتظر ونرى موقف القمة من، قضايا: برنامج كوريا الشمالية النووي، والدفاع السيبراني، والأمن الاقتصادي.

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: