على عتبات القدر

11-8-2023 | 21:49

هناك بعض العلاقات الاجتماعية التي تربط بيننا وبين الآخرين، وهي علاقات يصعب علينا وصفها أو تحديدها أو وضعها داخل إطار يحجمها أو يقلل من قيمتها.

إننا نرى هذا جليًا حين يطلب منا البعض إطلاق اسم معين على علاقة من ذلك النوع فنتوقف ونتعثر ونحن نبحث عن مسمى ملائم لها.

نحن نشعر بالقلق في أثناء البحث عن وصف دقيق لهذا الخليط الفريد من المشاعر الإنسانية. تعجز ألسنتنا عن وصف هذا المزيج النادر من التوحد قي الرؤى والأفكار والثقافات والاهتمامات التي جمعت بيننا وبين من يشبهوننا.

أقدارنا تدفع بنا لتضعنا على أولى خطوات طريقنا. تختار لنا من تكتمل بصورهم صورنا، نرى فيهم أنصافا من أهل وبعضا من أصدقاء. هم باعثو الأمل ومانحو الأمان. إنهم يطرقون أبواب القلوب فتُفتح لهم فيسكنوها دون انتظار.

هم يحصدون زهورنا اليانعة وقتما يريدون؛ لأنها لم تكن لتنبت إلا من فيض غرسهم الطيب في أرضنا. سطع البدر فى سمائنا زمنًا طويلًا وهم من أتوا به بمثابة هدية لنا.

كلنا نحتاج إلى من يسمعنا جيدا، يناقشنا، يحاورنا، يدرك طبيعتنا ويعاملنا برقي ولا يطمع في نصيب أكبر مما نمنحه له من محبة أو اهتمام.

 تبدو القصة أمامي مثل وثيقة إنسانية رسمية وقع عليها هذان الطرفان، والتزم كل منهما بما جاء فيها من التسامح والتماس الأعذار، وأن يخفف ولا يوجع، وأن يعطي ولا يمنع، وأن ينصح ولا يأمر. وعندما يضعان توقيعهما على تلك الوثيقة سيكون كل منهما مطالبا بالعمل بها محققًا مختلف بنودها. وبالضمير وباسم الإنسانية ستُحسم كل المواقف الناشئة عنها في لحظتها. 

ليست أحلاما وليست أوهاما. فهذا موجود، ومتاح، لكن متى؟ لاأدري! فلكل منا دور ينتظره على عتبات القدر حيث يبتهل راجيًا تحقيق الأمل. إنهم ليسوا بعيدين عنا، ولا يسكنون عالمًا غير عالمنا، فهم بيننا يعيشون في هذا العالم شديد القسوة، يبحثون عنا، ويحلمون بالعثور علينا متطلعين للتقرب منا. ستراهم وسط الزحام يبحثون عن أشباه لهم وسط اخفاقاتهم المتعددة الناتجة عن اجتماعهم بطريق الخطأ مع هؤلاء الغرباء عنهم المختلفين عن طبيعتهم.

إنهم في حاجة دائمة إلى من يدلهم على الطريق الصحيح المناسب لهم. خطواتهم البطيئة تؤخرهم، وعالمنا المتسارع لا يرحمهم. دعونا نبحث معًا عنهم، دعونا لا نفرط فيهم. باركوا جهودهم للبحث عنا واستقبلوهم بالترحاب. انفضوا عنهم غبار الرحلة وأجلسوهم بالقرب منكم.

تذكروا أن السعادة لن تكتمل إلا بوجودهم، فوجود شخص واحد يفهمنا أفضل من عالم بأكمله لا يحسن قراءتنا في مختلف أحوالنا.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: