لا نقول صفقة، أو مؤامرة، فنحن في عالم لم يعد يعترف بالصفقات، كما أنني من المؤمنين بأن المؤامرة لا تنتصر دائمًا، إلا إذا صدقتها، لكني أقول إن العالم سيتغير، وإن التاريخ قادم في منطقتنا لا محالة، وإن المستقبل يحمل مؤشرات إيجابية، يجب أن نعظمها ونتطلع لحلول قضايانا، وأزماتنا الأحدث، التي أصبحت هي الأخرى عميقة ومؤثرة.
ولنبدأ بأهم القضايا قاطبة، وسوف تظل عناصر قوتها لا تنضب، الفلسطينيون وفصائلهم، يجتمعون في أحدث وأهم مدينة مصرية جديدة العلمين، من الجيل الرابع للمدن الحديثة، على ساحل المتوسط، وقد وصلت الفصائل كلها.
وصل الرئيس المخضرم، محمود عباس، الرئيس الفلسطينى، إلى مصر، واستقبله الرئيس عبدالفتاح السيسي، بشموخ مصر وعزتها، وإصرارها على الحق الفلسطيني في كل مراحله، ورعت مصر اجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية، ولأول مرة منذ سنوات، نرى الفلسطينيين يملكون رؤية جديدة للمستقبل، حملت رسالة للمجتمع الدولي وللعالم كله، الفلسطينيون يقولون بوضوح لا مواربة فيه، إنهم يسعون إلى إستراتيجية متكاملة محورها يقوم على ثلاثة بنود، الأول أنها تملك شرعية دولية في منظمة التحرير الفلسطينية، يعترف بها العالم، والثانى أننا اخترنا جميعًا خيار المقاومة الشعبية السلمية، وثالثًا سلطة واحدة وسلاح واحد.
الله على هذا التماسك وهذه الروعة والوضوح، إذا تمكنوا من تنفيذها، مع التفكير الجماعي المشترك، واتخاذ القرارات الاستثنائية في هذه المرحلة الجديدة للشعب الفلسطيني، كلمات لم نعهدها على لسان هنية، نريد مجلسًا وطنيًا جديدًا على أساس انتخابات - رئاسية وتشريعية - تجرى في كل فلسطين، في مدينة القدس، حيث المرابطون، وفي غزة وفي الضفة الغربية والمخيمات، حيث يربض المقاومون والمنتفضون من الشعب الفلسطينى.
هذا على الجانب الفلسطيني، أما الجانب الإسرائيلي، فهو الآخر في تغييرات قد لا يصدقها عقل، على أيدي المتطرفين الذين سيطروا على حكومة نيتانياهو الجديدة منذ انتخابها نهاية عام 2022.
ماذا سيحدث؟ يبدو لنا أن قواعد اللعبة القديمة لم تعد ممكنة، وأن الدور على لعبة جديدة، كيان يرحل ويسقط بفعل سيطرته على الفلسطينيين، وعدم الاعتراف بحقوقهم لأكثر من 7 عقود، ويمين متطرف يظهر وأمامه مجتمع دولي أو عالمي لن يقبله بأي حال من الأحوال، ومنطقة أعلنت بوضوح شروطها للتعايش مع إسرائيل وقبولها في المنطقة، هل نحن أمام قضبان جديدة لقطار قادم يزيح من أمامه اللاعبين الآخرين، ويفتح آفاقًا جديدة للشرق الأوسط؟ إذا نظرتم بعمق ستجدون بداية جديدة، وأن المتغيرات قادمة، فقد أصبحت تكلفة إسرائيل القديمة مرهقة لا يحتملها، ويريد المجتمع الدولي أن يتركها للمنطقة، إنها مرحلة حساسة.
هل الأجيال الجديدة، التي تحكم في منطقة الشرق الأوسط، قادرة على المرحلة الجديدة، أعتقد أن هذا سيحدث، لأن منطقتنا أصبحت أكثر عنادًا وستأخذ حقوقها أولًا بأول، ولا أخاف على العقل العربي الراهن من صراعه مع العقل الإسرائيلي الراهن.