«كلمة أنا بحبك عقد» جملة قالها الراحل أحمد زكي في فيلم «اضحك الصورة تطلع حلوة»، وزاد عليها في المشهد نفسه «اللمسة عقد.. النظرة عقد، الوعد بالجواز أكبر عقد»، ولأن القصة كانت بين ابنته في الفيلم منى زكي وزميلها في الجامعة الذي لعب دوره كريم عبد العزيز، فكرنا في أيامنا هذه ماذا يعرف الشباب في الجامعة عن الحب والزواج؟ هل ما زالوا يصدقون أن الزواج هو النهايات السعيدة لقصص الحب تمامًا كما يحدث في قصص الأفلام والروايات، أم أن الأمور تغيرت ونظرتهم أيضا؟ هل يظل الحب كما هو مهما تبدلت العصور وتحدياتها؟ هل ما زالت كلمة أحبك عقدا؟ جولة أخذتها نصف الدنيا في عقول شباب الجامعة لتسألهم عن الحب والزواج.. وأكدت أغلب الإجابات أنه ربما يتغير كل شيء.. إلا الحب.
موضوعات مقترحة
الحب المستحيل
فكرت أن أضع علامات استفهامي في أول الرحلة عن الشباب قبل البنات، فكل شيء يبدأ وينتهي عندهم، منهم تنطلق كلمة بحبك، وعندهم تنتهي الحكايات إما بطلب الزواج أو الانسحاب، وكانت البداية عند «مازن» – 20 سنة- والذي فاجأني الحقيقة برأيه وهو يذكرني بمشهد في فيلم جاءنا البيان التالي عندما قال أحمد صيام: «مافيش فايدة مافيش حب مافيش جواز»، قبل أن ألتقط أنفاسي من جديد، يحكي مازن: «بالنسبة لي الحب كان شيئا مستحيلا، والمسئولية شيء صعب وثقيل، وأنا كرجل في ظل تلك الظروف الاقتصادية التي نعيشها، أصبحت المسؤولية أكثر صعوبة، زمان كانوا يقولون: إن الرجل هو الذي يمكنه فتح بيت، الآن هذا الرجل بطل من أبطال الحرب من كثرة ما يمر به من ظروف وتحديات، وكنت رغم ذلك أخشى الاقتراب من الحب والمسؤولية لأنني كنت مقتنعا بأنني غير قادر عليهما، حتى رأيتها، ورأيت طريقة تفكيرها ووجدتني بكل تلقائية مهتما ومتابعا ومركزا في أدق تفاصيلها، لم أكل أتخيل أنني سأقبل بفكرة المسؤولية بسببها، بعدما كنت أكرهها، لكنها غيرت كل شيء، من نظرة ثم ابتسامة وضحكة وإعجاب اعترفت لها بكل شيء، وأتمنى أن ينتهي الأمر بيننا بالزواج والحياة السعيدة؛ لأنني وجدت الزوجة الصالحة الحمد لله».
سألت مازن، وبما أنك وجدت الحب، فكيف تراه إذًا؟ قال: «الحب أن يصير الاثنان واحدا في كل شيء، وأن نحل مشكلاتنا بأنفسنا ولأنفسنا، دون تدخل أي طرف، وأن يكون بيننا ود واهتمام طوال الوقت، ونعدي لبعض عشان الدنيا تمشي».
الحب وهم
أما عند عمر – 21 سنة – فكان الكلام عن الحب مختلفا، يحكي عمر ويقول عن الحب: «هبدأ كلامي عن الحب بكلمة واحدة، الحب ده وهم ، الطرفين عايشين وهم، مجرد شعور كل طرف يتبادله مع الطرف الثاني لتلبيه مشاعر يفتقدها وسط أهله أو صحابه، في رأيي أفشل العلاقات في الدنيا الجواز عن طريق الحب، لأنه ببساطة الطرفين كل واحد فيهم شايف قبل العلاقة إن مفيش منه في الدنيا، (وكلام ملووش أي تلاتين لازمة)، لكن بعد الجواز يتغير وتظهر المشكلات كما هي بصورتها الكاملة والواضحة، وتتحول المشكلات إلى زهق، وليس معنى هذا أنني أستهتر بفكرة الزواج، ولكنني حاليا لست مقنتعا به».
لا للحب في الجامعة
إسماعيل 19 عاما الحب بالنسبة له يعني الزواج، وطالما أنه لن يمكنه تحقيق ذلك أثناء دراسته، فتأجيل الفكرة برمتها إلى ما بعد الدراسة أنسب وأوقع، إذًا فالنتيجة محسومة عند إسماعيل، لا فرصة للحب في الجامعة، والسبب حسب كلامه: «لا يوجد حب إلا بزواج، أما غير ذلك فلا أحب أن أعلق أحدا بي وفي الآخر لا نصبح مع بعضنا لأي سبب خارج عن إرادتنا، وفي الجامعة يفكر الشاب في تفاصيل كثيرة، وتشغلنا أفكار مثل الدراسة والنجاح، وفي الوقت نفسه توفير مصاريفنا والبحث عن شغل مناسب حتى أثناء الدراسة، والمفروض أننا مع تلك التفاصيل نركز في حب وارتباط ، فكيف نحقق كل ذلك؟».
حب من دون توافق فكري
أو اجتماعي.. حب أناني
وكان لابد من تدخل عنصر اللطف وهن البنات ألطف الكائنات كما أخبرنا عم صلاح جاهين، وسألناهن عن الحب والزواج وعن النهايات السعيدة أيضا.. فقالت مثلا شهد – 20 سنة –: إن الحب يكون أحيانا نعمة، وفي أحيان أخرى يكون نقمة، ويتوقف هذا على اختياراتنا، وتكمل الكلام: «هناك بنات كثيرات يفهمن معنى الحب بشكل خاطئ، ويمشين وراء مشاعرهن دون أي تفكير عقلاني لما سيحدث بعد ذلك، أستعجب من اللاتي لا يفكرن في التوافق الفكري أو الاجتماعي، وأعتبرهن في الحقيقة شخصيات أنانيات لأنهن لا يخترن شخصا فقط في حياتهن، هن يخترن أيضا أبا لأولادهن، بنات كثيرات لا يفكرن في هذا الأمر، ويدركنه بعد فوات الأوان، يبعدن الحب عن المنطق، وهذا أكبر خطأ، صحيح الحب جميل، «لكن لوحده عمره ما كان كفاية» ينقصه جوانب كثيرة لاكتماله، كجانب السن مثلا، يعني كل ما كان الطرفان أصغر كانت العلاقة غير متزنة وغير ناضجة كفاية».
شهد بدا عليها كثير من التعقُّل في أفكارها، وبالتالي كانت نظرتها للحب لو فكرت في الارتباط بالتعقُّل نفسه، فقالت عن ذلك: «عن نفسي في الارتباط أنا شايفة في جوانب كتير مهمة يمكن أهم من الحب كالتوافق والتفاهم والحنية والدين، بمعنى أن يتقى الشخص الله فيّ وفي حياتنا، وكذلك الجانب المادي مهم جدا لكي نستطيع تكوين أسرة سوية ونعيش حياة متوازنة».
وسأفكر كثيرا هل هذا هو الشخص الذي أرغب في أن يكون أبا لأولادي أم لا؟ والحب في المطلق يظهر أحسن ما فينا، فلن أدخل في علاقة تأخذ من طاقتي ومجهودي، والأهم لابد للشخص من أن يكون طموحا ومكتفيا بنفسه».
«الجواز مش هابي إند»
أما عن النهايات السعيدة فقالت: «بالنسبة لي الجواز مش Happy ending للأسف لأن معدلات الطلاق كبيرة، وفي أغلب القصص يتغير الشريكان بعد الزواج».
نادية 20 سنة ليست مقتنعة هي الأخرى بالهابي إند، فتقول: «الحب بالنسبة لى يتلخص في الاهتمام والحنان، وللأسف هو مسؤولية كبيرة، ممكن أن تكون كبيرة عليَّ لأنني لا أحب تحمل المسئولية، لكن الأكيد لو ظهر الذي يستحق حبي فسأتحمل المسئولية من أجله، لكن ومع ذلك وبكل صراحة لست مؤمنة بالـ happy ending لأن كل النماذج التي قابلتني أخيرا، تخبرني للأسف بأن الزواج ليس الحل الأمثل الآن، وفي النهاية الحب يعتمد على الرجل، هل هو أمين عليكِ وعلى قدر كلمته؟ ورجل يُعتمد عليه ولا ملهوش لازمة؟ كل هذا تحددينه بنفسك باختيارك شريك حياتك وباختيارك أبا أولادك».
الزواج رائع
سارة 20 سنة كان رأيها أن الاحترام والتقدير والاهتمام أشياء تأتي قبل الحب، أو ربما يحدث بسببها الحب، أما الحب نفسه فهو مشاعر تحلم بها كغيرها من الفتيات، الأهم لها أن لا يحمل هذا الحب أي نوع من الكذب مهما كان، فهو واحد من مدمرات أي علاقة، تحكي سارة عن أحلامها في الحب وتقول: «الحب أن أهرب إلى الطرف الثاني وأحكي له ما لا يمكنني البوح به مع شخص غيره، هو الوحيد الذي يمكنني أن أكمل معه بقية حياتي، أما الزواج فهو الصورة المنطقية الوحيدة للحب، سُنة الحياة، فإحساس الوحدة صعب، وفكرة أن أعيش حياتي دون أطفال إحساس أصعب أكيد، لكن بالتأكيد لن أقبل بأي زواج، فالزواج بالـتأكيد رائع لكنه مسؤولية كبيرة لابد من أن يكون لدى الطرفين خلفية عن الحياة الزوجية والأطفال، لابد أن يقرآ أيضا عن كل ما يتعلق بتلك الحياة، لأن الحياة اختلفت عن زمان وأصبحت أكثر صعوبة، وبالمناسبة ليس الرجل وحده مسئولا عن إنجاح الحياة الزوجية، نحن أيضا البنات علينا دور كبير، فالعلاقة الزوجية تكمل بسبب قوة صبرنا».
عوامل إنجاح الحب الخمسة
أما مريم 20 سنة فقسمت عوامل نجاح الحب بالنسبة لها إلى خمس نقاط مهمة: أولها التفاهم الفكري والعقلي، وكيف يتعامل وقت المشكلات والضغوط، وهل يفكر قبل التصرف أم يتعامل بعشوائية؟ التفاهم سينتج عنه علاقة ناجحة بين طرفين ناضجين قادرين على أن يستوعبا أنهما ليسا أطفالا «يهزروا يومين وبعد كده هيزهقوا».
أما ثانيًا فيأتي الاهتمام بكل صغيرة وكبيرة في حياة الطرفين، وثالثا: يأتي الصبر، فلو كان الطرفان صبورين وقادرين على تحمل مشكلات بعضهما وحلها فستنجح العلاقة بلا شك، رابعا: ألا يتعامل الرجل بأنه سي السيد، وأن كلامه لا راد له، لابد من أن يكون هناك تفاهم والرأي الأصلح والأصح هو الأبقى، والعامل الخامس في رأي مريم لإنجاح الحب هو القدرة على التغيير؛ لأن كل طرف أكيد لديه عيوب، فلو كل طرف قرر أن يتغير إلى الأحسن ستكون علامة صحية لإنجاح العلاقة بينهما».
أما مواصفات الرجل كما تتمناه مريم فلابد أن يكون حنونا، يحتوي شريكته ويحترمها، ويشعرها بأنها تملأ قلبه وعينه ويزيد من ثقتها في نفسها.
أما الزواج حسب نظرة مريم فهو ليس كما يظهر في الأفلام والمسلسلات، بل مسئولية رهيبة ورغبة وقدرة من الطرفين على أن يعيشا أسوياء وأصحاء نفسيًّا ومبسوطين وراضيَيْن ومقتنعَيْن بأن لكل مشكلة حلا، وأن الهروب ليس أحد حلولها.