لا أتخيل وسط الأزمة الاقتصادية التى يعيشها العالم والواقع المؤلم لزيادة الأسعار.. أن يشهد سوق انتقالات اللاعبين فى مصر أرقامًا فلكية بالملايين بالجنيه والدولار لا تتناسب والظروف الاقتصادية للأندية التى يعانى أغلبها أزمات من ضعف الإمكانات.. الكرة الأوروبية التى نحاول السير على خطاها ونتحدث عن انتقالات لاعبيها ليل نهار.. لها سياستها الخاصة فى البيع والشراء وتخضع لقانون اللعب المالى النظيف الذى يُلزم الأندية بتحقيق عوائد مالية تصرف من خلالها على شراء صفقاتها.. الوضع بالنسبة للكرة المصرية مختلف فهناك أندية لا تملك عوائد مالية وتصرف ملايين على شراء الصفقات وتتعاقد مع مدربين برواتب خيالية لا تتناسب مع طموحاتهم فى المنافسة أو المشاركة فى بطولات قارية تحقق عوائد لما يتم صرفه.
ناديان فقط هما الأهلى والزمالك وانضم لهما فى الموسمين الماضيين بيراميدز يحققون عوائد مالية كبيرة نسبيًا سواء من المشاركات فى البطولات الأفريقية أو البث الفضائى وكعكة الإعلانات التى غالبًا تصب لنادٍ واحد فقط هو الأهلى صاحب الحظوظ الأكبر فى الاستحواذ على عقود التسويق نتيجة لدوام مشاركته فى البطولات الأفريقية وكأس العالم للأندية وتحقيقه بطولات أفريقية ومحلية وامتلاكه قاعدة جماهيرية هى الأكثر تفاعلاً على السوشيال ميديا ليس محليًا فقط ولكن عالميًا أيضًا.
عملية شراء اللاعبين فى كل أندية العالم تخضع لأسس ومعايير تختلف تمامًا عما تقوم به الأندية المصرية.. فهناك متابعة جيدة ورصد لفترات طويلة قد تصل إلى موسم كامل لأى لاعب يفكر النادى فى شرائه وتُقدم تقارير للمدير الفنى بحالته البدنية والفنية وحياته الشخصية والذى يحدد أولاً وقبل كل شىء طلباته وفقًا للرؤية الفنية والبدائل المطروحة وقيمة الصفقة ومقارنتها بباقى المعروضين لنفس المركز الذى يخضع فى النهاية لفكر وطريقة اللعب التى يحددها مدرب الفريق وليس مسئول أو عضو مجلس إدارة.
أما فى الأندية المصرية فمازال يحكم أداءنا الفكر القديم والحكم على اللاعب من خلال وصف الوكيل وشريط الفيديو المجهز الذى تحول إلى سى دى أو فلاشة عليها عدد من اللقطات تم اختيارها بعناية للاعب المرشح البعض منها فى مرحلة الناشئين.
والغريب أن ما يطلبه اللاعب يكون بالملايين والأمثلة كثيرة والقائمة طويلة والخسائر لا تعد.. وهناك لاعبون تشتريهم إدارات الأندية لحرمان المنافس من الاستفادة الفنية منهم رغم أنهم لا يدخلون ضمن احتياجات الفريق وتدفع فيهم مبالغ خيالية والمحصلة فى النهاية خسائر بالملايين ومواهب على دكة البدلاء.
سياسة البيع والشراء للأندية المصرية البعض منها يدخل ضمن الطرائف والعجائب وتحكمها فى أحيان كثيرة أمور بعيدة تمامًا عن الفنيات.. وبات من النادر أن تجد فريقًا تخضع اختياراته للاعبين لرأى الجهاز الفنى أو لجنة الكرة إلا فى فريق واحد ومؤخرًا فقط هو الأهلى نتيجة لإصرار السويسرى مارسيل كولر المدير الفنى على تطبيق ما تفعله أندية أوروبا وإشرافه على متابعة العناصر المرشحة للانضمام للفريق ورفضه أى لاعب لا يضيف للفريق أو يميزه عن الموجودين.
إصرار كولر على التدخل فى الصفقات واختيار اللاعبين جاء أولاً نتيجة لمعرفته باحتياجات الفريق ومواصفات خاصة وضعها فى المطلوبين.. وثانيًا ضمان عدم تكرار ما حدث فى الموسم الماضى بشراء الثلاثى برونو سافيو البرازيلى وشادى حسين ومصطفى سعد الشهير بميسى دون تحقيق أدنى استفادة منهم وتم الاستغناء عنهم فى بداية الميركاتو الحالى وهو ما ترك وراءه خسائر بالملايين مثلما حدث للثلاثى السابق والتر بواليا وأليو بادجى وميكيسونى.
نفس الشىء حدث فى الزمالك لصفقات محلية وأفريقية كان آخرها البنينى سامسون والمغربى زكريا الوردى ومواطنة بلحاج الذى تمت استعارته من فريق أسوان ولم يلعب مع الأبيض سوى عدد محدود من الدقائق وغيرهم طابور طويل من الصفقات الفاشلة تكلفت الملايين ولم تفد الفريق بأى شىء.
الصفقات الفاشلة لم تتوقف خسائرها عند حدود ضياع أموال التعاقد وعدم الاستفادة الفنية من اللاعبين لكنها امتدت فى عدد من الأندية كالزمالك وفاركو والإسماعيلى إلى إيقاف للقيد بسبب عدم الخبرة وسوء إدارة ملف الصفقات مما ترتب عليه غرامات وأزمات ضاعفت من المقابل المادى لهؤلاء اللاعبين وحمّلت الأندية فوق طاقتها من الديون.