هل إلغاء مكتب التنسيق واستحداث طرق جديدة للالتحاق بالجامعات حل لإصلاح التعليم؟.. سؤال يراود الكثير من الطلاب وأولياء الأمور الذين يرون أن مشكلة التعليم ورعب الثانوية العامة يمكن أن تحل بسهولة في حال إلغاء مكتب التنسيق، فالكثير من دول العالم تجعل دخول الجامعة بناء على اختبارات إضافية، فأيهما أفضل التنسيق أم القدرات، الإجابة نوضحها في السطور التالية.
موضوعات مقترحة
يخوض الطلاب حاليا تنسيق الثانوية العامة، للالتحاق بالكليات في الجامعات الحكومية أو الأهلية أو الخاصة، ومن المقرر بدء التسجيل في المرحلة الأولى للتنسيق من يوم السبت المقبل الموافق 5 أغسطس، ويستمر تسجيل الرغبات بتنسيق الجامعات حتى يوم الأربعاء الموافق أغسطس.
تاريخ مكتب التنسيق
وقد لا يعرف الكثيرون متى تحديدا بدأ العمل بمكتب تنسيق الجامعات، الذي يتحكم منذ عقود طويلة في مصائر ملايين الطلاب حتى الآن، فيعود إنشاء هذا المكتب عندما جاء طه حسين وزيرا للمعارف عام 1950، وبدأ يفكر في تجميع المدارس العالية الموجودة لعمل جامعة فاروق وهي جامعة عين شمس حاليا، وبدأ لأول مرة التفكير بعد 3 كليات طب و3 كليات حقوق و3 تجارة وهكذا.
وقام طه حسين، بتشكيل لجنة من 3 أو 4 من أساتذة في كل جامعة من هذه الجامعات، واحد من الكليات العلمية وآخر من الكليات الأدبية النظرية وواحد بوجه عام، وقام بتسمية المجلس باسم مجلس التنسيق بين الجامعات عام 1950-1951، وهذا هو أول مجلس تنسيق في مصر، ومن ثم قرر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر مجانية التعليم كله بما فيه التعليم الجامعي، وبالتالي أصبح لدينا أعداد كبيرة من الطلاب طالما الجامعة أصبحت مجانية، وأصبحت هناك ضرورة ملحة للتنسيق بين الطلاب في دخول الجامعات.
وتأسس مكتب التنسيق في العام الداسي 1961-1962، واتخذ معيارا وحيدا مطلقا هو المجموع على اعتبار أنه يضمن العدالة المطلقة لكل هذه الكليات، ما عدا بعض الكليات ذات الطبيعة الخاصة مثل كليات الفنون التي تحتاج اختبار قدرات.
جدل حول إلغاء نظام التنسيق
واختلفت الآراء ما بين إلغاء التنسيق واستمراره، فرأى عدد من الخبراء، ضرروة إلغاء التنسيق والعمل بنظام القدرات لأنه يساعد في دراسة الطلاب ما يحبون ويلبي رغباته في الإبداع وهذا ما تعمل به الدول الأجنبية، فيما يرى البعض الآخر أن نظام التنسيق هوالأكثر عدلا وموضوعية وأكثر أمانا ومنطقية للطلاب خاصة الذين لا يمتلكون أي وساطة.
ماذا لو تم إلغاء نظام التنسيق؟
يرى الدكتور وائل كامل الأستاذ الجامعي بجامعة حلوان، أن إلغاء نظام التنسيق يساهم في دراسة كل طالب ما يحب ويلبي رغباته في الإبداع، لأن نظام التنسيق يقتل الإبداع ويفرض على كل طالب دراسة تخصص لا يريده بسبب مجموعه في الثانوية العامة، ولكن لابد من تطبيق نظام يحقق الشفافية بعيد عن الوساطة، وأن يكون بضوابط لا تضع الطالب تحت أي تصرف بشري حتى لا تسيء للعملية التعليمية والجامعات المصرية.
الدكتور عبدالعظيم الجمال
ويعتبر التقديم المباشر للجامعات هو الأفضل والطبيعي في العالم، بحسب الأستاذ الجامعي بجامعة حلوان، لأن الطالب يلتحق بالجامعة التي يريد الدراسة بها أفضل من التنسيق، وهذا ما تعمل به الدول الأجنبية، فهناك الكثير من التخصصات وتعمل بنظام القدرات ومن حق الطالب التقديم أكثر من مرة لأنها تتيح تعدد الفرص دون أي تدخلات بشرية في الاختبارت.
ويؤكد "كامل"، أن إلغاء نظام التنسيق هو الحل الأمثل لإصلاح التعليم الجامعي، وأفضل من نظام التنسيق دون أي تدخل بشري، ويتم اختبار الطلاب لتحديد قدراتهم في الالتحاق للكليات.
نظام التنسيق أم القدرات
واختلف معه الدكتور عبدالعظيم الجمال أستاذ المناعة والميكروبيولوجي بجامعة قناة السويس، حيث تعجب كثيرا من الآراء التي تنادي بإلغاء نظام التنسيق واستبداله باختبارات القدرات للانتقال من الثانوية العامة إلى المرحلة الجامعية، فنظام التنسيق هو الأكثر عدلا وموضوعية، وأكثر أمانا ومنطقية للطلاب الذين لا يمتلكون وساطة.
واستخدام نظام القدرات بدلا من مكاتب التنسيق يفتح الباب على مصراعيه للواسطة والمحسوبية، بحسب الدكتور عبدالعظيم الجمال، حيث أكد أنه كلما زادت نسبة العامل البشري والأهواء الشخصية في اتخاذ القرار، زاد الظلم وزادت الأخطاء، وقامت بعض الكليات مؤخرا بإلغاء اختبارات القدرات للالتحاق بها لتلافي أي أخطاء من الممكن أن تحدث وإلغاء العامل البشري.
وتكمن أهمية التعليم الجامعي في كونه المساهم الأول في إعداد الشخص لاقتحام سوق العمل من خلال الارتقاء بمستوى مهارته وكفاءته وإمداده بالخبرة اللازمة لبدء مسيرته المهنية أيا كان مجال تخصصه، وبطبيعة الحال فإنه كلما كانت الأسباب المستخدمة في العملية أكثر تطورا، ساهم ذلك في الارتقاء بقدرات الطالب ودرجة كفاءته، وبالتالي منحه فرصة أكبر للتميز عند بدء مسيرته المهنية.
وأضاف أستاذ المناعة بجامعة قناة السويس، تتعالى الأصوات لتطوير منظومة التعليم في مصر، لأن التعليم والبحث العلمي هما مفتاح النجاح والتقدم للدول والشعوب، ولابد من تقديم أطروحات لتطوير نظام التنسيق ومكاتبه لتلافي أي أخطاء قد حدثت بالماضي.
التنسيق جواز المرور العادل للطلاب
ويرى "الجمال"، أن نظام التنسيق الحالي يعد أكثر عدلا ومنطقية كمعيار صحيح لانتقال الطلاب من المرحلة الثانوية إلى المرحلة الجامعية مقارنة بنظام اختبارات القدرات، وأفضل ما فيه هو الشفافية والمعايير الواضحة والعدل في تطبيقه بدون أي تدخل بشري أو واسطة أو محسوبية.
واستبدال نظام التنسيق الحالي بالقدرات سيرسخ للتمييز والوساطة وتدخل الأهواء الشخصية وتقسيم المواطنين إلى طبقات، قد يضيع معها حلم كل طالب متفوق خرج من طبقة كادحة، لذا يرى أستاذ المناعة بجامعة قناة السويس، أن مقترحات إلغاء التنسيق يدمر منظومة التعليم في مصر، ولابد أن يصبح التعليم والبحث العلمي مشروعا قوميا تلتف حوله الدولة والشعب، فهو طوق النجاة وسر تقدم الأمم والشعوب.
إلغاء نظام التنسيق أمر "كارثي"
ويرى الدكتور كمال مغيث الباحث القومي للبحوث التربوية، أن مكتب التنسيق ليس معيارا عادلا لقبول بالجامعات، حيث يقتصر فقط على المجموع، في حين أن بعض الطلاب الذين يحصلون على المجموع العالي غير مؤهلين للالتحاق بالكليات التي يصنفها مكتب التنسيق ككليات قمة، وفي نفس الوقت فإن إلغاء التنسيق يعد كارثة بكل المقاييس لما يترتب عليه من مشكلات لن تستطيع الدولة مواجهتها.
ويؤكد "مغيث"، أن حالة عدم الاحتكام لمجموع الثانوية العامة، ستزيد نسبة الغش بالامتحانات، حيث سيسعى الطالب للنجاح بأي شكل دون المذاكرة فالمهم أن ينتهوا من مرحلة الثانوية العامة، وسيترتب على ذلك خلو المدارس من الطلاب، ومجهودات الوزارة لإعادتهم لن تفلح حينها.
الحل البديل لإلغاء نظام التنسيق
والحل يكمن في دمج نظام القدرات مع نظام التنسيق، بحيث يتم تحديد شريحة من المجموع للالتحاق بكلية معينة، كأن يتم تحديد شريحة تبدأ بمجموع 95% وحتى 100% للالتحاق بكلية الطب، وبعد قبول الطلاب بالكلية يتم اختبار قدراتهم لتصفيتهم، أو تحدد الكلية كتابًا معينًا يدرسه الطلاب الراغبين في الالتحاق بالكلية في المرحلة الثانوية، ويلتحقون بالكلية على أساس النجاح في امتحان في هذا الكتاب، إلى جانب المجموع الكلي للثانوية الذي يقع ضمن الشريحة المذكورة.