العقار معروض للبيع.. نظرًا لسوء الجيرة؛ كانت عبارة لافتة تمامًا للنظر؛ لاسيما أنها غير مألوفة؛ هذا من جانب أما الجانب الآخر؛ فهي تؤدى قطعًا لبخس ثمن العقار؛ فما هو المغزى؟
دارت الأيام؛ وإذ بي أشاهد تلك العبارة اللافتة مرة أخرى على أحد العقارات؛ ولحسن الحظ؛ كنت أعرف أحد القريبين من مالك العقار؛ وعند سؤاله عن سبب تلك العبارة.
كانت الإجابة صادمة؛ حيث أكد لي أن جاره الأقرب سيئ السلوك بشكل غير محتمل؛ وأنه لأمانة العرض قرر أن يذكر ذلك السوء على الملأ ليعرف المشترى من يقيم بجواره؛ كما أنه من المؤكد أيضا أن ثمن العقار سيقل بشكل ملموس.
لكن ذلك لم يكن يزعج كاتب العبارة؛ بقدر ما كان يرجو أن يكون أمينا في العرض؛ حتى يعي المشتري الجديد؛ حجم المأساة التي سيواجهها مع الجار السيئ.
أتذكر أنه في أحد الأيام؛ قرأت في الأثر الطيب عن عرض أحد الناس بيته للبيع؛ وكتب عبارة أنه جاره أحد صحابة الرسول سيدنا محمد "صلى الله عليه و سلم" وذلك ليُعلي من ثمن بيع البيت.
أما اليوم فعلاقات الجيرة باتت شائكة وغير جديرة بالاهتمام من عدد لا بأس به؛ ولا أعلم لماذا ضرب الفتور تلك العلاقة الثمينة والمهمة؛ فالجار أقرب للجار من أهله وناسه؛ ومع ذلك بتنا نشاهد بعض ما يؤثم تلك العلاقة.
ليس فقط علاقات جيرة السكن؛ ولكن علاقات جيرة أخرى؛ مثل جيرة ركن السيارات؛ سيارة تركن صف أول بكامل الانضباط؛ فحينما يعود مالكها ليتحرك بها؛ يجد من يغلق عليه مساره؛ دون أي اهتمام؛ وعليه أن ينتظر قدومه ليتحرك؛ وعندما يأتي؛ لا يعتذر؛ وكأن ما فعله أمرا عاديا!!
حينما تستقل المواصلات العامة؛ وتجلس في مقعد؛ ويجلس بجوارك شخص آخر؛ غالبا تجده لا يبالي بجلسته؛ فلا يعير جلستك أي اهتمام؛ ومن ثم تكون اللامبالاة عنوان الرفقة حتى تنتهي جلسة الجوار؛ والعكس هو الاستثناء.
وإليكم أمثلة مختلفة؛ مثل ما يحدث من تجاور في مقاعد السينما؛ أحيانا كنت تجد ملحوظة في طريقة التعامل مع المجاورين في المقاعد؛ الآن أضحى الأمر معتاداً؛ وباتت الغلظة عادة؛ والعكس استثناء؛ دون فهم السبب؛ وبات الذهاب إلى السينما للاستمتاع بمشاهدة ما تعرضه يتطلب الذهاب لأماكن معينة ذات كلفة كبيرة!!
إذن إنه الفتور؛ الذي يعقبه الحدة.. إلخ.
حتى السير في الشوارع أمسى غير يسير؛ وباتت رويدا رويدا تظهر عادات جديدة؛ تقوم على الرعونة؛ دون اكتراث للسيارات المجاورة؛ دون فهم السبب.
مع أن يسر الحال يقتضى التيسير على الناس مع مراعاة القواعد؛ كل ذلك يجعل الطرق آمنة وهادئة؛ ومن ثم يصبح السير في الطرق ممتعًا؛ وتضحى علاقات الناس؛ خاصة المتجاورين صحية ومعتدلة.
لكن السؤال المحير تماما؛ هو لماذا هذه اللامبالاة في علاقات الجيرة؛ ومتى تنتهي؛ وتعود للجيرة جمالها وبريقها ورونقها؟
[email protected]