أزمة غذاء عالمية

27-7-2023 | 19:02

مر أكثر من مائة يوم على حرب السودان، توقفت لغة السياسة وأصبحت لغة السلاح هي السائدة بينهم، يعيش السودان أخطر الأزمات الطاحنة التي تهدد وجوده في العصر الحديث. 

كان السودان مرشحًا عربيًا وعالميًا ليكون بديلًا لتوفير الغذاء القادم من أوروبا أو آسيا لدول إفريقيا والدول العربية والشرق الأوسط.

كثير من رجال الأعمال العرب، خصوصًا في الخليج العربي، وجدوا ضالتهم في السودان، ليذهبوا هناك وينتجوا الغذاء والقمح والخضر والفاكهة لإفريقيا والشرق الأوسط. 

الحرب كانت الفيتو أو الكلمة السحرية التي أوقفت هذا الأمل المشروع للعرب والسودانيين.

لا صوت يعلو فوق صوت السلاح وقعقعة المدافع، السودانيون اليوم لا يفكرون في الحياة، ولكن يفكرون في البقاء.

كانت الحوارات والمنتدى في جدة ودول جوار السودان في القاهرة تتطلع لوقف الحرب، حتى نفكر في بناء السودان الجديد، وإنقاذ مستقبل السودانيين، ونعرف جيدًا أن انهيار السودان له عواقب وخيمة ليس على السودان وحده، لكن على العرب جميعًا، لا نريد أن نكرر أزمة فلسطين فى المنطقة العربية! لا نريد أن نكرر أزمة سوريا في المنطقة العربية والعالم. 

اللاجئون الفلسطينيون والسوريون أصبحوا ظاهرة عالمية اليوم، ولم تحل مشاكلهم، كذلك اللاجئون السودانيون في دول الجوار في العالم، أصبحوا بالملايين، العقل والحكمة والدور العربى الفاعل يجب ألا تتوقف لحل الأزمة السودانية.

أزمة الغذاء العالمية التي تلوح في الأفق تغذيها الحرب الأوكرانية - الروسية، البلدان بالنسبة للعالم مركز لإنتاج الحبوب والأسمدة، ولك أن تدرك المغزى بين الاثنين، نحن نحتاج الأسمدة لإنتاج هذا الغذاء، القمح أو رغيف العيش أصبح طموحًا للكثيرين في عالم اليوم، الحرب تهدد الإنتاج، هذا ما يحدث فعلًا في البلدين، لكن ما زاد من حدة هذه الحرب، ما يحدث على البحر الأسود، فقد أصبح مسرحًا جديدًا لمنع الغذاء والقمح والحبوب فى العالم عن المحتاجين له في الدول الغنية والفقيرة. 

التغيرات المناخية ونقص المياه كأنها لم تفعل مفعولها فى نقص هذه السلع الحيوية للعالم، فجاءت الحرب لتزيد الطين بلة على العالم، وجاءت روسيا الباحثة عن تصدير حبوبها وأسمدتها للعالم، لكي تلغي اتفاقية الحبوب، لتعقد الأمور على نفسها وعلى أوكرانيا، وعلى العالم الذى يبحث عن رغيف العيش في عالم صعب، أصبح فيه القمح سلاحًا فاعلًا في الحرب الأوكرانية - الروسية، يستخدم لبث الرعب ليس بين المتحاربين، لكن في العالم في الأسواق الباحثة عن استقرار تلك السلعة الحيوية لحياة الناس في كل دول العالم، خصوصًا من يعتمدون على أكل العيش وهم كثيرون حول العالم.

الهند أوقفت تصدير الأرز، حتى تجنب بلادها نقص الغذاء، وهي الدولة الأكثر سكانًا في العالم الآن. 

الأمم المتحدة ترى أن استمرار هذه الأزمة بلا حل سيؤدي إلى خطر المجاعة، وأن إصرار طرفي الصراع وحلفائهما على إدخال هذه السلع وعدم تجديد اتفاقية الحبوب التي نجحت في العام الماضي في تخفيف حدة الأزمة، سيجعل هذا العام قاسيًا على العالم، ما لم تتقدم الدول النامية بمشروع قرار فى الأمم المتحدة حول الأمن الغذائي العالمي.

إن خطر خروج القمح الروسي والأوكراني من الأسواق العالمية هذا العام يجدد المخاوف، ويرفع درجة استعداد العالم إلى المجاعة ونقص الحبوب، إلى الدرجة القصوى، وسيزيد الاحتمالات بالتوترات العالمية وحروب الغذاء في عالمنا، خصوصا أن التغيرات المناخية والحروب الإنسانية، «خفضت ما بين 30 و40٪ حسب التقارير ودمرت الفيضانات آلاف الأفدنة والهكتارات من الأراضي الزراعية.

هل كانت أزمة أوكرانيا والحرب الروسية هناك إنذارًا للعالم بوقف الحروب والصراعات والتعاون في الأزمات المناخية، وكان تفجر الحرب الأهلية في السودان رسالة أن هذا لم يحدث.

يبدو أننا نعيش في عالم مجنون يبحث عن الانتحار.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: