ماذا تفعل عندما يحاول زميلك في العمل تخريب حياتك المهنية؟! السيد علي كان أحد محترفي تكنولوجيا المعلومات بأحد المؤسسات الخاصة العريقة ويبلغ من العمر 45 عامًا. كان زميله في العمل حسونة أفندى على استعداد للحصول على الترقية بدلا منه نكاية فيه ولكنه أقل منه كفاءة.
بالنسبة لعلي مكان العمل كان مكانًا مرغوبًا فيه، وكان ينتظر ترقية تصل براتبه السنوي لأكثر من 500 ألف جنيه. وكان هو الأجدر والمرشح للترقية لهذه المنصب المرموق.
ولكن ماذا حدث؟
علي لم يحصل على الترقية!! ماذا حدث؟ يا للهول بدأ علي في الانهيار قبل الحصول على الترقية. لماذا؟ بدأ زميله في العمل حسونة أفندي في زرع الأشياء والأكاذيب والمكائد في رأس علي مستغلا قربه منه (بيسموها الوشاية)، مثل "اعتقد أن المدير يقول عليك كذا"، أو "سمعت أحدهم يقول ذلك بشأنك. "بدأ علي، وهو رجل غير آمن (أي قليل الثقة بنفسه) كما انه مضطرب الشخصية، في الانهيار. ففكر جاهدا في ترك العمل وبدأ عمليا في البحث عن وظيفة جديدة حاليًا.
ما هى القصة وراء هذا الموقف البسيط المتكرر في حياة كل شخص داخل مكان العمل؟ وما هو السر في ذلك؟ وكيف نتعامل مع ظاهرة زملاء العمل الذين يستهدفون إنهاء حياتنا المهنية؟!
فى البداية يجب أن تعلم صديقي القارئ أولا أنه في مكان العمل، ستصادف الأشياء الجيدة والسيئة والقبيحة، وعليك أن تعتاد ذلك فهذا جزء من منظومة الحياة البشرية وجزء رئيس من ثقافة البشر أينما نذهب فالبشر هم البشر. لكن عليك أن تعلم يقينا أن بعض زملاء العمل جيدون حقًا ويمكنك الاعتماد عليهم في جميع الأوقات، وبعضهم سيئ، مما يعني أنهم لا يعرفون ماذا يفعلون ويرتكبون أخطاء، والبعض الآخر قبيح، مما يعني أنهم يحاولون الإيقاع بك.
يجب أن تعلم صديقي القارئ إننا لا نتحدث عن زميل في العمل ينسب إليه الفضل في عملك أو ينفرك أحيانًا في المكتب.
التخريب الوظيفي هو ظاهرة مختلفة تمامًا، ومتجذرة بشكل عام في مدرسة الميكافيلية أو الانتقام أو الحقد. يقول البعض إن النوايا الكامنة قد تكون خبيثة وخطيرة للغاية.
يمكن القول أنه إذا كان أحد الزملاء يحجب باستمرار معلومات مهمة عنك، أو ينشر أفكارك الخاصة في الاجتماعات، أو يبث شائعات عنك، أو يرفض المساعدة أو تقديم المشورة، أو يحاول أن يجعلك تبدو سيئًا أمام رئيسك في العمل — على الفور ينتابك شعور مفاده "هناك شيء قبيح يحدث".
علامات التخريب الأخرى التي قد تحدث لك قد تكون في شكل عدم حصولك علي ترقية أو القيام بمسئوليات وظيفية منطقية كان يجب أن تحصل عليها؛ أو قد تواجه بسلوك بارد أو مكروه من الإدارة؛ كالشعور بالاغتراب المفاجئ وغير المبرر من قبل زملاء العمل أو من أفراد معينين أو حتى من مجموعات منهم بأكملها؛ أو التعرض لسلوك غير لطيف وغير مبرر والغريب والمستمر من شخص كان في السابق منعزلاً أو متناقضًا أو حتى عدوانيًا تجاهك، فكل هذه الظواهر السلوكية في مكان العمل تعتبر أشكالا مختلفة لهدف واحد وهو تدميرك مهنيا.
والسؤال هنا: لماذا يحاول زميلك في العمل إغراق حياتك المهنية؟
قد يرجع السبب الأول إلى أن معظم أماكن العمل حول العالم مازالت تثمن الإنجاز الفردي فوق أي شيء آخر. الشخص الذي يحصل على المكافأة هو دائمًا الشخص الذي يحصل على أفضل النتائج لنفسه، وليس الشخص الذي يبذل قصارى جهده لمساعدة الآخرين. هذا يشجع المنافسة ويجعل الناس يحاولون كبح الآخرين.
قد يحاول الآخرون إغراق وظيفة زميل في العمل لأنهم يشعرون بالتهديد. فقد يكون السبب هو أنك تخيفهم من مواهبك الخاصة والمميزة. لذا قد يرغبون في شغل وظيفتك بشكل كامل، وجعلك تبدو سيئًا أمام رئيسك في العمل الذى قد يسمح لهم بوضع أقدامهم في الباب أى أنه مستعد لسماع رواياتهم.
والسبب الأكثر خطورة ونحذر منه بشدة هو أنه إذا كان شخص ما يكافح في العمل ويشعر بعدم الأمان في وظيفته، فقد يتفاعل ويتبنى سلوكهم أيضًا من خلال محاولته الإنتقام وإسقاط الآخرين كرد فعل مباشر لما يشعر به من إحباط.
وأخيرًا، لدينا أناس لئيمو الروح وليس لديهم أي تعاطف، وبالتالي ليس لديهم أي مانع بشأن تخريب الحياة المهنية لزميل لهم في العمل إذا كان ذلك سيعزز أجندتهم الخاصة والخبيثة.
لكن ابشروا ولحسن الحظ ، هذا ليس شائعًا في معظم أماكن العمل.
يعتقد علماء النفس أن التخريب المبلغ عنه هو أقل كثيرا من ظواهر أخرى كالتبريرات المتكررة والأعذار أو عمليات الإعاقة الذاتية أو الإنكار الصريح لأوجه القصور والضعف- بمعنى كل واحد يسعى إلى إخفاء أخطائه وعيوبه. لذا حماية احترامنا لذاتنا يجب أن تكون أولوية قصوى على مستوى اللاوعي. فيدور الصراع المعرفي حول الإخفاقات الشخصية، وغالبًا ما يكون من الأجدر إلقاء اللوم للنفس بدلا من البحث عن هدف آمن لمعاتبه. واعتقادى كخبير في هذا المجال أنه استثناء عندما يبذل شخص ما قصارى جهده لإغراق حياتك المهنية. لكن لسوء الحظ، يحدث التخريب دائما تجاه الأفراد المطمئنين الذين يعملون بجد ويفكرون في الأفضل مقارنة بالآخرين وهم الخبثاء فارغي العقل وضعاف الأداء أو المخربين.
والسؤال هنا: ماذا تفعل عندما يحاول زميل في العمل تخريب حياتك المهنية؟
إذا كنت تشك في أن زميلًا ما يحاول إغراق حياتك المهنية، فإليك بعض النصائح عليك القيام بها للتغلب على هذه الظاهرة:
(1) لا تفترض النوايا السيئة دائما.
أعتقد أننا يجب أن نكون حذرين للغاية وألا نفترض أبدًا النوايا السيئة من البداية. "إذا كان زميل العمل هذا يتجاهلك، فقد يكون قد قام بعمل تخريبى ضدك ولا يريد مواجهتك – ولكن هناك احتمال آخر أنه ربما يكون مشغولًا حقًا أو يمر بيوم سيئ.
لذا امنح الناس فائدة الشك. إذا افترضنا جميعًا عدم الثقة بالآخرين، فسينتهي بنا الأمر إلى خلق ثقافة أعمال تعيسة بشكل بائس. يجب أن تكون متأكدًا تمامًا من أن زميلك يحاول الإضرار بحياتك المهنية قبل المضي قدمًا في هذا الإفتراض والبناء عليه.
(2) كن يقظا.
إذا حدثت أشياء مثيرة للفضول في العمل - مثلما لم تحصل على تلك الزيادة التي وعدت بها أو بدأ الزملاء في التصرف بشكل مختلف من حولك - فسترغب في التفكير فيما إذا كان هناك شخص ما ينتقم منك (أو وظيفتك).
علينا أن نعلم بأن التخريب هو عادة منهجية واستراتيجية محسوبة من قبل البعض.فالقيل والقال مثلا قد تصبح السلاح المفضل للمخرب. لسوء الحظ ، بسبب العقود الاجتماعية غير المكتوبة في مكان العمل، عادة ما يكون الأشخاص الذين يدورون حول القيل والقال هم آخر من يسمعها. لذلك إذا كان التخريب على عتبة داركم ولم تكن تبحث عنه بنشاط ، فيمكنك بسهولة تفويته. أفضل طريقة لعلاج هذا هو ضبط الرادار الخاص بك لإشارات الثرثرة التي تتمحور حولك بإتقان.
(3) مطلوب الثقة في زميل العمل.... يعنى خليك حسن النية!
يا صديقي القارئ لهذا المقال عليك التحدث إلى بعض زملاء العمل الذين تثق بهم ولا حرج في ذلك مطلقا. ولا تحاول تشويه سمعة زميلك في العمل الذي تعتقد أنه يحاول الإضرار بحياتك المهنية، اشرح لهم بهدوء كيف ترى الأشياء واسأل عن رأيهم لزرع الثقة تدريجيا. وغالبا سيشعروا بغرابة من تصرفك ولكن لابأس توكل علي الله وكن حسن الظن بالآخرين الي أن يثبت العكس. وعليك ان تعلم أن "امتلاك أذن موضوعية أمر حيوي هنا للنجاح المهني المستدام."
(4) الاعتداد على تدوين الملاحظات.
عليك أن تحتفظ بملاحظاتك حول ما يحدث حتى تكون الأمور واضحة، في حال انتهى بك الأمر إلى التحدث إلى رئيسك في العمل أو حتي مدير الموارد البشرية بمؤسستك حول الموقف فإن حفظ هذه الملاحظات حتما سيقوي من موقفك وهذا يعني ان حجتك مدعومة بالأدلة مثلا تجميع رسائل البريد الإلكتروني ذات الصلة بقضيتك قد يكون دليلا جيدا علي هذه الأمر .
(5) عليك بمواجهة الجاني.
مواجهة الجاني. إنه بمجرد اكتشافك أنك هدف، اعتبر نفسك محذرًا واتخذ إجراءات للتخفيف من أي أضرار. واحدة من أفضل الطرق لحماية نفسك هو التشكر. الشعور بالذنب والتعاطف هي محفزات قوية والطريقة الأكثر مباشرة لاستخراجها هي من خلال مصادقة المخرب والحصول على مكان لك داخل معسكرهم. في حين أن هذا قد يبدو ظاهريًا، إلا أن بعض أقوى الدول في العالم تستخدم هذه الطريقة بالذات للتسلل والتغلب على العدو. على حد تعبير مايكل كورليوني، "اجعل أصدقاءك قريبين وأعدائك أقرب."
ونقترح أن تقول شيئًا مثل: "لقد لاحظت أنه عندما أرسل إليك بريدًا إلكترونيًا بطلب المساعدة، فأنت لا ترد أبدًا. أيضًا، في اجتماعات القسم لدينا أنت تنتقد أفكاري بشدة. لقد جعلني أشعر بالسوء . يمكن أن نتحدث عن هذا؟".
(6) لا تخرب المخرب.
إذا كنت تشك في أن شخصًا ما يحاول تخريب حياتك المهنية، فكن الشخص الأكبر. لا تكن ذلك الشخص الذي يخرب الآخرين. اجعل من أولوياتك أن تكون متواجدًا مع زملائك في العمل، وأن تكون دائمًا على استعداد للمساعدة، وتقديم المشورة ومساعدتهم على أداء عمل أفضل والحصول على مزيد من المتعة في العمل - بغض النظر عن طريقة معاملتهم لك. إذا اتخذنا جميعًا هذا الموقف ، فسننشئ شركات أكثر سعادة وربحية. تخيل عزيزي القارئ!!
(7) خذها إلى مديرك أو مدير قسم الموارد البشرية.
إذا فشل كل شيء آخر ولم تتمكن من حل المشكلة بنفسك، اصطحبها قضيتك إلى مديرك أو مدير قسم الموارد البشرية.
(8) احتفظ بخياراتك مفتوحة.
إذا كان الموقف سامًا ولا يتحسن، وبه من الخبث ما به، فربما لا يجب أن تكون في هذا المكان. الحقية المؤكدة من فكر إدارة المواهب هو أن الشخص الذكي يتمتع دائمًا بسيرة ذاتية محدثة ويتواصل دائمًا للعثور على وظائف أفضل وبالتالي لن يكون صعبا عليه الحصول علي فرصة عمل أفضل في بيئة عمل مشجعة و أكثر ملائمة.
وخلاصة القول:
حتما في حياتك أيها القارئ ستواجه أناسا يجتهدون ليلا ونهارا لتخريب حياتك المهنية وقد يتبعون الكثير من الإستراتيجيات الخفية والمعلنة لوقف نجاحك بل قد يمتد الأمر لإحباطك نفسيا والضغط عليك لترك مكان العمل أو إنكار ترقية مستحقة لك. وعلي الجانب الأخر ستجد زملاء لك في العمل يدفعونك بصورة إيجابية نحو النجاح عليك ان تقترب منهم لانهم يشكلون الحافز لك على الاستمرار وعدم السقوط في بئر الإحباط. وأخيرًا عليك اتباع ثمانية إستراتيجيات لتجنب تخريب مهنتك أو مكانتك بأيدك وتحقق أهداف الخبثاء فعليك ان تفترض الثقة بمن حولك إلى أن يثبت العكس، وعليك أن تكون يقظا لما يحاق لك، وابتعد عن النوايا السيئة، وعليك تدوين ما يحدث لك في مكان العمل لتقوية حجة اذا لزم الأمر عرض قضيتك على رئيسك في العمل، وعليك بمواجهة المخرب ولكن لا تتخذ أسلوبه في التخريب كوسيلة للانتقام لأنه عندئذ ستكون مثله وتفقد قضيتك وصلابة موقفك، احيانا رفع المظلمة إلى رئيسك ان كان عادلا سيكون مفتاحًا جيدًا لحمايتك من المخربين.
وأخيرا، إذا لم تنجح في وقفهم بعد كل هذه الإستراتيجيات يتبقى لك اختيار أخير وهو البحث عن عمل آخر في مكان أكثر مناسبة لك يتميز بمناخ عمل صحى محفز على الإبداع والإنتاجية.
* عميد تجارة القاهرة