هُوَ المَوتُ فَاِختَر ماعَلا لَكَ ذِكرُهُ... فَلَم يَمُتِ الإِنسانُ ماحَيِيَ الذِكرُ
(ﺃﺒو ﻓﺭﺍﺱ ﺍﻟﺤﻤﺩﺍﻨﻲ)
هي ذكرى ثورة 23 يوليو 1952 التي تحتفل بها مصر في هذه الأيام، ثورة 23 يوليو 1952 التي أخرجت الاستعمار الإنجليزي من الأراضي المصرية، وهى التي حاربت مختلف اشكال الاستعمار في القارة الإفريقية وفى الشرق الأوسط فكثير من الأجيال الحالية- الغارقة في مواقع السوشيال ميديا- لا تعرف أن الدول الاستعمارية الغربية كانت تحتل معظم دول القارة الإفريقية والشرق الأوسط وصنعت هذه الدول حضارتها وصناعتها وتقدمها وازدهارها من خيرات الدول الإفريقية ومختلف الدول التي خضعت للاستعمار، سواء في إفريقيا أو الشرق الأوسط أو آسيا..
وجاءت ثورة 23 يوليو 1952 وتحرك أبناء الشعب المصري من ضباط القوات المسلحة والتف الشعب حول أبنائه لتحقيق حلم الاستقلال الذى قدم أبناء مصر الكثير من التضحيات للحصول عليه منذ عام 1919وما أعقبها من سنوات في نضال سياسي وثوري لتحقيق حلم الاستقلال..
3 يوليو 1952 أسست للجمهورية الأولى بعد إسقاط النظام الملكي لأسرة محمد على ولم يكن حلم الجمهورية هو حلم سياسي فحسب؛ بل كان حلما تنمويا وشعبيا وأولى خطواته كانت إعادة توزيع الأراضي الزراعية فيما سمى بقوانين الإصلاح الزراعي والتي صدرت في عام الثورة.. هذه الأراضي الزراعية والتي كان قد صادرها محمد علي فى بداية حكمه من المماليك ومن كبار المصريين وأعاد توزيعها هو وأبناؤه فيما يسمى بالإقطاعيات ومن هنا جاء مصطلح (القضاء على الإقطاع).. فهذه الاقطاعيات التي منحها محمد علي وأبناؤه لكبار قادته والمقربين من حاشيتهم، مع مرور الزمن تحولت إلى أملاك خاصة تقدر بآلاف الأفدنة، فى حين كان الفلاح المصري هو الزارع الحقيقي للأرض يعانى أشد المعاناة في ظروف قاسية، لا تعليم ولا صحة..
فكانت 23 يوليو ثورة سياسية واجتماعية لم تؤثر فى مصر فحسب؛ بل امتدت آثارها إلى محيطنا الإفريقي والعربي.
وفى كلمة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي احتفالا بـ 23 يوليو أكد فيها بعد أن قدم التهنئة للشعب المصرى بالذكرى الحادية والسبعين لثورة الثالث والعشرين من يوليو المجيدة، وقال إننا نتذكر اليوم كفاح أجيال من شعبنا نظرت ذات يوم إلى المستقبل فأرادته حرًا كريمًا لمصر وأبنائها، تطلعت إلى التخلص من الاستعمار والسيطرة الأجنبية، وقدمت من أجل ذلك تضحيات هائلة حتى توجت ثورة يوليو الخالدة، تلك المسيرة الممتدة تبلورت خلالها الوطنية المصرية، واشتد عودها لتقف على قدمين ثابتتين، مطالبة الاستعمار «بأن يحمل عصاه على كاهله ويرحل»؛ كما ردد الزعيم جمال عبدالناصر قائد الثورة الذى نتوجه إليه بتحية إجلال وتقدير. ونتقدم أيضًا بتحية اعتزاز للرئيس محمد نجيب الذى تصدر المسئولية في لحظة دقيقة من عمر الوطن وللرئيس البطل محمد أنور السادات الذى أدى الأمانة فى الحرب والسلام ودفع حياته ثمنًا غاليًا لكرامة مصر ومستقبلها.
وأكد الرئيس في كلمته أن ثورة يوليو أسست الجمهورية الأولى منذ سبعين عامًا ومضت في طريقها تبنى «مصر جديدة» في زمنها ويعلو شأنها شرقًا وغربًا، لتصبح مصدر إلهام للتحرر الوطني في جميع أنحاء العالم، كما قطعت شوطًا مهمًا لتمكين قطاعات من أبناء شعبنا من الفلاحين والعمال وإعطائهم ما طال انتظارهم واشتياقهم له، فقد حققت الثورة إنجازات عظيمة في كثير من الأحيان وتعثرت مسيرتها فى أوقات أخرى.
وبعد سبعين عامًا على تأسيس الجمهورية ومع تغير طبيعة الزمن وتحدياته واجتياز الوطن لأحداث تاريخية كبرى خلال السنوات من 2011 إلى 2014 وفترة عصيبة من الفوضى وعدم الاستقرار هددت وجود الدولة ذاته ومقدرات شعب مصر، كان لزامًا أن نفكر بجدية في المستقبل وفى الجمهورية الجديدة التي تمثل التطور التاريخي لمسيرتنا الوطنية كأمة عظيمة آن لها أن تستعيد مكانتها المستحقة بين الأمم.
ثم تطرق إلى واقعنا الحالي، مشيرًا إلى أن أسس وقيم الجمهورية الجديدة تبنى على سابقتها، ولا تهدمها تضيف إليها ولا تنتقص منها، تقوم على أولوية الحفاظ على الوطن وحمايته؛ وسط واقع دولي وإقليمي، يتزايد تعقيده واضطرابه على نحو غير مسبوق ووحدة الجبهة الداخلية؛ بالنظر إلى طبيعة التهديدات التي أصبح جزء كبير منها يستهدف الداخل حصرًا.
إن الجمهورية الجديدة هي نتاج لمرحلة غير مسبوقة في تاريخ مصر، من الصعاب والتحديات أدرك المصريون خلالها وتأكدوا بعين اليقين أن الوطن. الآمن المستقر يعلو ولا يعلى عليه.
كما أن التطوير والتحديث الاجتماعي والاقتصادي أصبح ضرورة للحياة والمستقبل وليس ترفا ورفاهية؛ إن واقعنا الديموغرافي والاقتصادي يحتم علينا ألا نتحدث فقط عن التنمية بالمفهوم التقليدي، وإنما عن الانطلاق بمعدلات نمو مرتفعة ومتلاحقة وتنمية مستدامة متسارعة حتى تصبح الإنجازات الاستثنائية عادتنا الطبيعية، إن الجمهورية الجديدة تسعى لتوفير فرص متكافئة للعمل والحياة الكريمة لهذا الجيل، والأجيال القادمة وبناء القدرة الوطنية في جميع المجالات لتصل مصر إلى الموضع، الذى يطمح إليه شعبها.
مؤكدًا أن تحقيق كل ما سبق، والحفاظ عليه وتنميته يتطلب بالتوازي مع مسيرة البناء والتعمير تطوير الخصائص الإنسانية في مجتمعنا، بناء الإنسان المصري والارتقاء بأحواله تعليميًا وصحيًا وثقافيًا وهو ما يتطلب قدرًا ضخمًا من العمل والكفاح في إطار مجتمعي متكامل يقوم على التوازن الدقيق بين الحقوق والواجبات.
ومخاطبًا الشعب المصري في ختام كلمته قائلا: نعلم أن شعبنا العظيم تحمل الكثير وضرب المثل في الصبر والصمود أمام أزمات عديدة.
ونطمئنكم أن الدولة تبذل أقصى ما في الجهد والطاقة بلا كلل لتوفير فرص عمل جديدة ومتميزة وزيادة الدخل للمواطنين وإقامة مسارات جديدة لتطور ونمو الاقتصاد، بما يتواكب مع العصر ومع طموحات أبناء الشعب.. نطمئنكم أن جميع الأصوات الجادة مسموعة لما يحقق صالح الوطن، ويسهم في بناء المستقبل والواقع الجديد الذى نطمح إليه ونعمل من أجله مخلصين النية لله والوطن.
كلمة السيد الرئيس جاءت جامعه شاملة ربطت بين تأسيس الجمهورية بعد ثورة 23 يوليو 1952، وكيف أن الجمهورية الجديدة أساسها مستمد وممتد ومكمل من الجمهورية الأولى، وتكاد تكون الأهداف واحدة؛ وهى تحقيق مستقبل أفضل لهذا الوطن، وتحقيق العدالة بين أبنائه، ووضع مصر فى موقعها الطبيعي بين الأمم..
ولم تغفل كلمته أيضاً التحديات التي واجهت وتواجه الشعب المصري منذ جمهوريته الأولى وحتى اليوم، وإن اختلفت مسميات هذه التحديات، فقد كانت فى الماضي تستهدف الوطن وحدوده وأراضيه واليوم تستهدف الشعب ووعيه.. ورغم هذه التحديات الداخلية والخارجية، فقد استطاع الشعب أن يعبرها بصبره وصموده وقوته ووحدته.
وإن شاء الله قادرن على عبور أي تحديات تواجه مصر.. فمصر هي الهدف وهى الأساس.
من الجمهورية الأولى وإلى الجمهورية الجديدة.
ولله الأمر من قبل ومن بعد
فكل عام وشعب مصر بكل خير
حفظ الله مصر وحفظ شعبها
وجيشها وقائدها..