Close ad

القبة الحرارية تُحاصر المزارعين.. تأثيرات سلبية على محاصيل غذائية مهمة وخبراء يقترحون هذه الحلول

24-7-2023 | 23:05
القبة الحرارية تُحاصر المزارعين تأثيرات سلبية على محاصيل غذائية مهمة وخبراء يقترحون هذه الحلولتأثير درجات الحرارة على المحاصيل
إيمان البدري

مع ظهور التحديات التي تواجهنا الآن في ارتفاع درجات الحرارة الناتجة عن ظاهرة النينو، يكون من الضروري زيادة استعدادنا لها، خاصة أن ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف أصبحت متكررة وفي ازدياد؛ مما يتطلب وجود حماية.

موضوعات مقترحة

ووفقا للدكتور محمد عبد ربه مدير المعمل المركزي للمناخ الزراعي بمركز البحوث الزراعية، أكد أن موجات الطقس الشاردة الآن أصبحت أحد معالم الطقس في البلدان بمختلف الأقاليم المناخية الزراعية؛ مما يستلزم عمل تطبيقات زراعية مناسبة تتماشى مع تلك المتغيرات، ولعل أبرز الأمثلة على ذلك هو محصول المانجو الذي يتضرر بصورة متكررة سنويًا بالمناطق المختلفة؛ مما يستلزم العمل على حماية تلك المحاصيل من خلال العديد من العمليات الزراعية المناسبة، ويعتبر إقامة مصدات الرياح المناسبة من الأمور المهمة لحماية المزرعة، وللأسف العديد من المزارعين لا يهتم بهذه الجزئية ولا يعطيها حقها عند إنشاء المزرعة مع أنها من الأمور الأساسية لحماية المحصول، وبالتالي فإن هناك جهدًا كبيرًا على المزارعين المصريين من خلال تعرضه بصورة قاسية إلى خسارة المحصول.  

وأضاف الدكتور محمد عبد ربه، مدير المعمل المركزي للمناخ الزراعي بمركز البحوث الزراعية، أن هناك العديد من وسائل الحماية المختلفة للمحاصيل مثل زراعة الصنف المناسب بالمكان المناسب في الوقت المناسب لتلافي التأثيرات المتوقعة للمناخ، ومنها زيادة أعداد الحشرات وزيادة شدة الإصابة، وبالتالي يستوجب تلك الزراعة مبكرًا أو متأخرًا عن المواعيد التي اعتدنا عليها لتجنب الإصابة الشديدة وقلة المحصول.

الدكتور محمد عبدربه

وتتجه بعض الدراسات إلى زراعة أصول متحملة ظروف الإجهاد البيئي مما يساعد النباتات على تحمل مثل هذه الظروف؛ حيث بدأ العديد من المستثمرين إلى إنتاج شتلات الخضر مطعومة لزيادة معدلات النمو من ناحية وتحمل الظروف الملوحية والكائنات الممرضة بالتربة.

وأكد أنه من خلال دراسات ومتابعة لإنتاج محصول المانجو وجد أن المزارع القريبة من ساحل البحر المتوسط ومثال على ذلك منطقة إدكو ورشيد ومطوبس وغيرها هي أقل المناطق المتضررة من ظروف الطقس السيئ، وكانت أعلى خسارة للمحصول بمنطقة صعيد مصر، خصوصًا خلال العاصفة الترابية الأخيرة التي أدت إلى تساقط جزء كبير من ثمار المانجو.

وفي مناقشة مع أحد المزارعين الذين قاموا بتغطية المانجو بالشبك أكد أن تغطية المانجو بالشبك يعتبر مثل التكييف لنباتات المانجو؛ مما يقلل تأثيرات المناخ السيئ، كما أنه يقلل من لسعة الشمس ويسرع من معدلات النمو خلال السنوات الأولى من عمر النبات، وبالتالي سرعة الحصول على عائد مناسب لتغطية تكاليف التغطية، وليست التغطية هي الحل الوحيد، لكن اختيار الموقع المناسب والصنف المناسب وإقامة مصدات رياح أصبحت من الأولويات في الزراعة؛ حيث إن كل تلك العوامل تساعد على سرعة معدلات النمو والحصول على عائد مجز يُمكّن المزارع من مواصلة الإنتاج. والعمل بمجال الزراعة هو عمل ربحي بمعنى أن المزارع الذي يربح يستمر ويتوسع في زراعته، ومن يخسر يخرج من المجال وهذا ما لا نريده جميعًا.

المحاصيل تتعرض للإجهاد الحراري

وأضاف الدكتور محمد عبد ربه أننا في مصر نمر بموجة حارة رطبة، أي وجود رطوبة نسبية مرتفعة، ويوجد فرق بين درجة الحرارة المحسوسة ودرجة الحرارة الحقيقية، فكلما ارتفعت الرطوبة نجد فرقًا بين درجة الحرارة المحسوسة والحقيقية حوالي خمس درجات مئوية، نحن كبشر نشعر بها وكأنها درجات حرارة مرتفعة جدا، ولكنها ليست بهذا الارتفاع ولكن نشعر بها بسبب درجة الرطوبة المرتفعة، ولكن النبات يتأثر بما حوله في البيئة التي من ضمنها المناخ الذي يؤثر تأثيرا سلبيا شديدا على النباتات، وبسببها يتعرض النبات إلى ما يعرف بالإجهاد الحراري، أي يعاني النبات من ظروف بيئية صعبة، وهذه الظروف تؤثر على النبات تأثيرا سلبيا فتخفض من إنتاجه، ومن أجل ذلك توجد حزمة من التوصيات تصدر من وزارة الزراعة ومن مركز البحوث الزراعية متعلقة بالتصرف مع المحاصيل عند ارتفاع درجات الحرارة.

توصيات وزارة الزراعة ومركز البحوث الزراعية لحماية المحاصيل

وفي سياق متصل، أضاف الدكتور محمد عبد ربه، أنه لمواجهة ارتفاع درجات الحرارة على المحاصيل، ضرورة الانتظام في عملية الري مع تقريب الري بين كل فترة والأخرى، فبدلا من الري خلال 10 أيام يتم تقريبها وتخفيضها إلى خمسة أو 6 أيام فقط، بهدف حماية النبات في حال تعرضه لدرجات الحرارة المرتفعة وللجفاف، أما في حالة إذا تم الري في فترات متقاربة سيسمح ذلك بوجود كميات مياه تكفيه، هنا لن يتأثر النبات بنفس التأثير الذي يتأثر به النبات العطشان، وهذا هو الهدف أننا نقلل من التأثيرات السيئة لدرجة الحرارة المرتفعة.

كما أن التأثيرات السلبية في مصر العليا مثل قنا ستكون أكبر؛ لذلك كنا ننصح المزارعين في هذه المناطق أن يعمدوا إلى تبكير العروة الصيفية أي يزرع في أوقات مبكرة لإنقاذ المحصول قبل ارتفاع درجات الحرارة، أما بالنسبة للفاكهة مثل المانجو ستكون التأثيرات عليها منخفضة لأن معظم المزارعين تقوم الآن بجمع المانجو وهذا لم يعد عليه أي ضرر نظرا لانتهاء الموسم، بالتالي التأثيرات عليها لن تكون تأثيرات قوية ولا تخيف.

ولكن ستحدث هذه التأثيرات في العام القادم وتكون على محصول الموالح الذي ما زال على الشجر، وقد تتأثر البعض نتيجة أن المحصول ما زال في مرحلة النمو وما زال على الشجرة، وهناك احتمال لوجود تساقط لبعض الثمار من الموالح لكن محصول المانجو هذا العام تخطى هذه التأثيرات.

ويمكن أن تحدث تأثيرات سلبية أيضا على الطماطم وهذا ما نلاحظه من خلال انخفاض أو زيادة أسعار المحصول، فإذا كانت أسعار الطماطم معتدلة فهذا يعني أنه حدث تأثير ضعيف على الطماطم، ورغم أن أسعار الطماطم من المتوقع أن ترتفع خلال شهر أغسطس لأن النباتات لن تستطيع أن تستمر بنفس القوة التي توجد عليها الآن، وبالتالي ستنخفض الإنتاجية نوعا ما عن الإنتاجية الموجودة حاليا في هذا الموسم.

حلول لمنع تأثيرات الحرارة على المحاصيل

 وقدم الدكتور محمد عبد ربه طرقا تحمي من تأثير درجات الحرارة على المحاصيل، من خلال أن نحسن من إدارة الري، مع رش بعض المركبات مثل سيليكات البوتاسيوم التي تقلل من الإجهاد على النباتات، ومن يتمكن من المزارعين بعمل تظليل النباتات بقش الأرز من خلال أي طريقة فعليه أن يفعل بحيث يخفف بعض الشيء من ارتفاع درجات الحرارة وتأثيراتها على النباتات.

ومن ذكاء المزارع أنه يقوم في وسط محصول الطماطم بزراعة محصول الذرة الذي يكون طويلا فيصبح مظلة على بعض نباتات الطماطم يقلل الإجهاد الذي تتعرض له، فالمزارع لديه الخبرة لحماية الزرع، ويعرف متى يقوم بالزرع في أوقات تكون فيها التأثيرات ضعيفة.

 وذكر أن الأرصاد أعلنت عن ظاهرة النينو والتي بدأت تظهر تأثيراتها الآن في الهند وباكستان من خلال حدوث فيضانات أدت إلى حدوث انهيارات بسبب هذا المناخ الحار ولكن يوجد أماكن أخرى بها أمطار فهذه من ضمن الظواهر الناتجة عن النينو، ونحن أيضا تأثرنا في مصر علما بأن الزراعة في مصر تعتمد على زراعة مروية وهذا يعني أن التأثيرات مهما كانت عالية في ارتفاع درجة الحرارة إلا أنها تعتبر إلى حد ما محدودة لأنه لا يوجد لدينا جفاف، لماذا لا يوجد جفاف؟ لأن لدينا نهر النيل.

لكن توجد دول تعتمد على الأمطار فإذا صاحبها مناخ مثل المناخ الحار الحالي وصاحبه جفاف فهذا معناه هلاك المزروعات وهذا ما حدث في دول كثيرة في أوروبا في العام الماضي، أنه حدث جفاف للمزروعات وهلكت محاصيل كثيرة؛ مما أثر تأثيرا مباشرا على أسعار الحبوب على مستوى العالم أجمع، لكننا في مصر نعتبر من الدول التي تعتمد على الري في الزراعة، ونستطيع أن نتحكم في هذا الارتفاع بزيادة كمية المياه في الري فمهما توجد تأثيرات المناخ فلن نصل لمحصول صفر أبدا لأن المياه تحل المشكلة.

مصر سباقة بإنشاء صوب زراعية تقاوم الحرارة

وأضاف الدكتور محمد عبد ربه، أنه بالنسبة لمحاصيل الخضر كانت مصر من الدول السباقة في تقديم خطوة استباقية تتمثل في إقامة 100 ألف فدان من الصوب وهو مشروع أطلقه عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية في 2016 وهو المشروع القومي لإنشاء 100 ألف فدان صوب، والصوب تصلح في الحر من خلال تغطية الصوب بشبك يقلل من درجة الحرارة، وبالتالي تجعل النباتات تقاوم بشكل أكبر، خاصة أن إنتاجية الصوب تكون أعلى من الإنتاجية خارجها.

وبذلك تكون الدولة قد سبقت بتقديم واجبها في مواجهة ارتفاع الحرارة من خلال إنشاء الصوب، خاصة أن بعض الصوب تكون مكيفة وبذلك نتمكن من التحكم في درجات الحرارة والإنتاج بصورة جيدة.

 أصناف تتحمل الإجهاد الحراري

 وقال أيضا: توجد أصناف تم إنتاجها داخل مركز البحوث الزراعية، هذه الأصناف تتحمل الإجهاد وتعطي إنتاجية أعلى ورغم أن المناخ تأثر ولكن الإنتاجية لن تتأثر تأثيرا كبيرا وهذا الإنتاج من الأصناف مستمرين في إنتاجه منذ 40 عاما سابقة والدليل أننا منذ 40 عاما كنا ننتج من فدان القمح 8 إردبات، ولكن الآن ننتج 18 إردبا والسبب هو إنتاج أصناف أفضل وذلك في كثير من المحاصيل.

وقد كنا من فترة نقوم بنصح الفلاح خاصة في المناطق العليا أنه يزرع في وقت مبكر اتقاء لدرجات الحرارة المرتفعة، والمزارع في منطقة مصر العليا على علم أن درجات الحرارة لديهم مرتفعة؛ لذلك يقوم بزراعة الذرة الرفيعة المعروفة لديهم العويجة، وهي تتحمل ارتفاع درجات الحرارة بشكل كبير وتتحمل الإجهاد البيئي عن الذرة الشامية، كما أن الذرة الرفيعة تستخدم في علف الحيوانات وهي جيدة جدا ولذلك نقوم بتوصيل المزارع ببرامج إرشادية، كما نجد أنه وفي المقابل الذرة الشامية لا تتأثر بشكل كبير بارتفاع درجة الحرارة لأن ارتفاع درجة الحرارة في الدلتا ليست ارتفاعا كبيرا جدا.

ويكمل، أنه نظرا أننا الآن نواجه أحد مظاهر التغيرات المناخية المعروفة بالموجات الحرارية الشاردة أو المتطرفة وأصبحت تتكرر وبشكل أقرب وبصورة أشد بعد ارتفاع درجات الحرارة التي تؤثر على شتى النواحي؛ لذلك نقدم برامج توعية وحقول إرشادية حيث يوجد أكثر من 10 آلاف حقل إرشادي تقدمه وزارة الزراعة ومركز البحوث الزراعية، يتم من خلاله توزيع الأصناف الجديدة ونعرض على المزارعين لأن المزارع لا يقتنع إلا بعد أن يرى بعينه النوع الجديد من الأصناف التي تزرع في الحقول الإرشادية والتي تتم تحت معاملات جيدة تساعد المزارع على تطبيقها والتنفيذ مثلها.

زيادة إنتاجية القطن في ظل ارتفاع درجات الحرارة

من جانبه قال الدكتور محمد عبد الهادي، أستاذ المحاصيل بكلية الزراعة جامعة عين شمس، إن زيادة نسبة ثاني أكسيد الكربون في الجو أدت إلى ارتفاع درجات الحرارة ولكنها قد تفيد في زيادة إنتاجية محصول القطن، وسيكون تأثير درجات الحرارة ذات تأثير مباشر على النبات نفسه وبعضها سيؤدي إلى حدوث جفاف أو سيول في مناطق أخرى كتأثير جانبي لارتفاع درجات الحرارة.

الدكتور محمد عبدالهادي

طرق التغلب على ارتفاع درجات الحرارة

 وأضاف الدكتور محمد عبد الهادي، أنه من الضروري الانتباه لاتباع طرق للتغلب على ارتفاع درجات الحرارة، ومنها إعادة تقييم مواعيد الزراعة للمحاصيل بهدف الزراعة في أوقات أقل تأثرا بالتغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة.

أيضا إعادة تقييم العمليات الزراعية وإعادة الخدمة بما يخفف من تأثير ارتفاع درجات الحرارة على المحاصيل المختلفة مثل برامج التسميد والري ومكافحة الحشائش مع استمرار استنباط أكثر تحملا للتغيرات المناخية.

وعلى نطاق محاصيل الفاكهة تتأثر جميعها بشكل كبير بارتفاع درجات الحرارة بشكل سلبي، أما المحاصيل الحقلية هي أقل تأثرا بالتغيرات المناخية من أشجار الفاكهة.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة